النتائج 151 إلى 165 من 269
الموضوع: قرأت لك : الآداب الشرعية
- 08-06-2007, 09:28 PM #151
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( في الطيرة والشؤم والتطير والتشاؤم والتفاؤل ) .
وذكر القاضي أبو يعلى في المعتمد في إبطال القول بالعدوى والطيرة في الأمراض وأصحاب العاهات روايتين ذكر رواية إسحاق بن بهلول المذكورة وقال وهذا صريح في إبطال القول بالعدوى ويجب أن تكون الطيرة كذلك ; إذ لا فرق اختارها القاضي , والثانية إثبات الطيرة .
قال أبو النضر إسماعيل بن ميمون العسكري كتبت إلى أبي عبد الله عن دار أردت شراءها فقال الناس إنها مشئومة فوقع في قلبي من قولهم فكتب إلي : اعلم أني نظرت في حديث الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { الشؤم في ثلاثة الفرس , والمرأة , والدار } هكذا قال سفيان وظاهر هذا أنه أخذ بظاهر الحديث في الطيرة ويجب أن تكون العدوى كذلك لأنها أبلغ من الطيرة , ثم احتج للأول بحديث { لا عدوى ولا طيرة ومن أعدى الأول ؟ } وهو في المسند , والصحيحين وغيرها من حديث أبي هريرة { ومن أرجعته الطيرة من حاجة فقد أشرك بالله } ولأن هذه الأشياء لا يتصور منها فعل فثبت أنه فعل الله إن شاء فعله مع ملابسة ذي الداء , والعاهة وإن شاء فعله منفردا عنه واحتج للثانية بقوله { فر من المجذوم } وحديث الطاعون وبقوله { الشؤم في ثلاثة } .
وبما روى أنس { أن رجلا قال يا رسول الله إنا نزلنا دارا كثر فيها عددنا وكثرت فيها أموالنا , ثم تحولنا عنها إلى أخرى فقلت فيها أموالنا وقل فيها عددنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذروها ذميمة } انتهى كلامه والخبر الأخير رواه أبو داود في باب الطيرة ثنا الحسن بن يحيى ثنا بشر بن عماد عن عكرمة عن عمار بن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس إسناده جيد وفي الموطأ عن يحيى بن سعيد مرسلا معناه .
وقال في النهاية أي : اتركوها مذمومة فعيلة بمعنى مفعولة وإنما أمرهم بالتحول عنها إبطالا لما وقع في نفوسهم من أن المكروه إنما أصابهم بسبب سكنى الدار فإذا تحولوا عنها انقطعت مادة ذلك الوهم وزال ما خامرهم من الشبهة .
وفي معنى الحديث الأخير ما قال أحمد ثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن يحيى بن عبد الله بن بحير أخبرني من سمع فروة بن مسيك المرادي قال { قلت : يا رسول الله إن عندنا أرضا يقال لها أرض أبين هي أرض ريفنا وميرتنا وإنها وبيئة , أو قال إن بها لوباء شديدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعها عنك فإن من القرف التلف } يحيى تفرد عنه معمر ووثقه ابن حبان ورواه عبد الله بن معاذ الصنعاني عن معمر عن يحيى عن فروة وعبد الله هذا ثقة عندهم وكان عبد الرزاق يكذبه .
وقال أبو زرعة هو أوثق من عبد الرزاق وروى أبو داود في الطب حديث عبد الرزاق ومراده أن هذا من باب الطب فلا معارضة لكنه جعل باب الطيرة في كتاب الطب قال ابن الجوزي القرف مداناة المرض وكل شيء قاربته فقد قارفته وكذا في النهاية : القرف ملابسة الداء ومداناة المرض , والتلف الهلاك
وليس هذا من باب العدوى وإنما هو من باب الطب فإن استصلاح الهواء من أعون الأشياء على صحة الأبدان , وفساد الهواء من أسرع الأشياء إلى الأسقام .
وعن أبي هريرة مرفوعا { ما طلع النجم صباحا قط وبقوم عاهة إلا رفعت عنهم أو خفت } رواه أحمد قالوا : المراد بالنجم الثريا وروى أحمد ثنا محمد بن جعفر ثنا عوف عن حبان أبي العلاء ثنا قطن بن قبيصة عن أبيه .
أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { إن العيافة , والطرق , والطيرة من الجبت } قال عوف العيافة زجر الطير , والطرق الخط يخط في الأرض , والجبت قال الحسن رنة الشيطان إسناد جيد ولأبي داود , والنسائي في المسند منه وقيل : الجبت ما عبد من دون الله وقيل : السحر وقيل : الكاهن .
- 12-06-2007, 08:19 AM #152
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل في المسند , والصحيحين وغيرها عنه عليه السلام قال : { لا هامة ولا صفر } زاد مسلم وغيره { ولا نوء ولا غول } فالهامة مفرد الهام وكان أهل الجاهلية يقولون ليس أحد يموت فيدفن إلا خرج من قبره هامة وكانت العرب تزعم أن عظام الميت تصير هامة فتطير وكانوا يقولون إن القتيل يخرج من هامته أي من رأسه هامة فلا تزال تقول اسقوني اسقوني حتى يؤخذ بثأره ويقتل قاتله .
وقوله " لا صفر " قيل : كانوا يتشاءمون بدخول صفر فقال عليه السلام { لا صفر } وقيل : كانت العرب تزعم أن في البطن حية تصيب الإنسان إذا جامع وتؤذيه وإنما تعدي فأبطله الشارع .
وقال مالك كان أهل الجاهلية يحلون صفر عاما ويحرمونه عاما .
والنوء واحد الأنواء وهي ثمانية وعشرون منزلة وهي منازل القمر ومنه قوله تعالى { والقمر قدرناه منازل } . ويسقط في الغرب كل ثلاث عشرة ليلة منزلة مع طلوع الفجر , ويطلع أخرى مقابلها ذلك الوقت في الشرق فتنقضي جميعها مع انقضاء السنة وكانت العرب تزعم أن مع سقوط المنزلة وطلوع نظيرها يكون مطر فينسبونه إليها فيقولون مطرنا بنوء كذا , وإنما سمي نوءا لأنه إذا سقط الساقط منها بالغرب ناء الطالع بالشرق ينوء نوءا أي : نهض وطلع وقيل : أراد بالنوء الغروب وهو من الأضداد . فأما من جعل المطر من فعل الله تعالى وأراد بقوله مطرنا بنوء كذا أي : في نوء كذا أي : إن الله أجرى العادة بالمطر في هذا الوقت فلنا خلاف في تحريمه وكراهته .
والغول أحد الغيلان وهي جنس من الجن , والشياطين . كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة يتراءى للناس فيتغول تغولا أي : يتلون تلونا في صور شتى ويغولهم أي : يضلهم عن الطريق ويهلكهم , فنفاه الشارع وأبطله قيل هذا وقيل ليس نفيا لعين الغول ووجوده وإنما فيه إبطال زعم العرب وتلونه بالصور المختلفة واغتياله فيكون معنى " لا غول " لأنها لا تستطيع أن تضل أحدا ويشهد له الحديث الأخير { لا غول ولكن السعالي } . وهو في مسلم وغيره , والسعالي سحرة الجن لكن في الجن سحرة لهم تلبيس وتخييل ومنه الحديث { إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان } أي : ادفعوا شرها بذكر الله ومنه حديث أبي أيوب وأبي هريرة فجاءت الغول فكانت تأخذ التمر وهو مشهور .
وروى الخلال عن طاوس أن رجلا صحبه فصاح غراب فقال خير خير , فقال له طاوس وأي خير عند هذا وأي شر ؟ لا تصحبني .
- 15-06-2007, 09:08 PM #153
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( فيما ورد من الأخبار والآثار في الطاعون ) .
وإذا وقع الطاعون ببلد ولست فيه فلا تقدم عليه وإن كنت فيه فلا تخرج منه للخبر المشهور الصحيح في ذلك , ومرادهم في دخوله , والخروج منه لغير سبب بل فرارا وإلا لم يحرم , وجوز بعض العلماء القدوم عليه , والخروج منه فرارا , وقالوا : لم ينه عن ذلك مخافة أن يصيبه غير المقدر لكن مخافة الفتنة على الناس لئلا يظنوا أن هلاك القادم بقدومه وسلامة الفار بفراره وأن هذا من نحو النهي عن الطيرة , والقرب من المجذوم .
وذكره بعضهم إجماعا ولهذا روى أحمد , والبخاري ومسلم وغيرهم من حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه { إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه , وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه } ورووه أيضا من حديث أسامة وفي أوله فقال { رجس أو عذاب عذب به بعض الأمم بقي منه بقية يذهب المرة ويأتي الأخرى } . ولأحمد , والبخاري من حديث عائشة { إنه عذاب يبعثه الله على من يشاء , وإن الله جعله رحمة للمؤمنين ليس من أحد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابرا محتسبا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر شهيد } ولأحمد { لا تفنى أمتي إلا بالطعن , والطاعون قلنا : فما الطاعون قال غدة كغدة البعير , والفار منه كالفار من الزحف } وله من حديث أبي موسى { قيل : فما الطاعون قال : وخز أعدائكم من الجن } .
الوخز طعن ليس بنافذ . وله من حديث جابر { الفار منه كالفار من الزحف , والصابر فيه كالصابر في الزحف } وروي أيضا من حديث أنس { الطاعون شهادة لكل مسلم } .
ولما وقع الطاعون بالشام قال عمرو بن العاص إنه رجز , وفي رواية رجس ففروا منه في الشعاب , والأودية , فقال شرحبيل بن حسنة ولكنه رحمة ربكم ودعوة نبيكم ووفاة الصالحين فاجتمعوا ولا تتفرقوا عنه , فقال عمرو صدق , وبلغ معاذا قول عمرو فلم يصدقه وقال : بل هو شهادة ورحمة ودعوة نبيكم , اللهم أعط معاذا وأهله نصيبهم من رحمتك . وفي رواية أن أبا عبيدة قام خطيبا فقال أيها الناس إن هذا الوجع رحمة ربكم , ودعوة نبيكم , وموت الصالحين قبلكم , وإن أبا عبيدة يسأل الله تعالى أن يقسم له منه حظه , وماتا فيه رضي الله عنهما . قال أبو قلابة فعرفت الشهادة وعرفت الرحمة ولم أدر ما دعوة نبيكم حتى { أنبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو ذات ليلة يصلي ; إذ قال في دعائه فحمى إذا , أو طاعونا فقيل : له فقال : سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها , وسألته أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم فأعطانيها وسألته أن لا يلبسهم شيعا ولا يذيق بعضهم بأس بعض فأبى علي أو قال منعت فقلت حمى إذا , أو طاعونا } . وعن عامر بن قيس أخي أبي موسى الأشعري مرفوعا { اللهم اجعل فناء أمتي قتلا في سبيلك بالطعن , والطاعون } روى ذلك أحمد .
- 16-06-2007, 09:21 PM #154
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( في شعور الأنفس بالبسط والقبض وتعليل ذلك وحكمته ) .
قال في الفنون جرى في مجلس مذاكرة فقال قائل : إني لا أجد في نفسي ضيقا وإن قصرت يدي بل طيب النفس كأني صاحب ذخيرة , فقال رئيس فاضل قد جرب الدهر وحنكته التجارب : هذه صفة إما رجل قد أعدت له الأيام سعادة شعرت نفسه بها لأن في النفوس الشريفة ما يشعر بالأمر قبل كونه , أو يكون ذلك ثقة بالله لكل حادث لعلمه أنه من عند حكيم لا يضع الشيء إلا في موضعه , فيستريح من تعب الاعتراض وعذاب التمني قال وبالضد من هذا إذا كان باكيا شاكيا حزينا لا لسبب , بل نعم الله عليه جمة .
فذلك شعور النفوس بما يئول حاله إليه , وهذا من جنس الفأل , والطيرة , والزجر , والهاتف , وذلك كله إنما هو اطلاع الله تعالى للنفوس على عقباها , ومن ذلك المنامات , فهذه شواهد الخير , والشر , وقديما رأينا المشايخ يقولون لا بد أن يكون مقدمة النحس وزوال السعادة كسوف البال , وتكاثف الهم وضيق الصدر وتغير الأخلاق قال الله تعالى : { ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } .
فجعل عنوان تغير النعم تغير النفوس لعادتهم من تنكدها . كذا ذكره ابن عقيل وليس بمتجه , ومعنى الآية أن المحرمات قد تكون سببا لزوال النعم , والله أعلم .
- 16-06-2007, 09:23 PM #155
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( في كراهة مجالسة المتلبسين بالمنكرات والسلام عليهم ) .
يكره لكل مسلم مكلف أن يجالس من يلعب بشطرنج أو نرد وأن يسلم عليه بل ينكر عليه ذلك ويهجره إن لم ينزجر عنهما . وحكى الشيخ تقي الدين أن أبا حنيفة وأحمد وغيرهما قالوا إنه لا يسلم على لاعب الشطرنج لأنه مظهر للمعصية وقال مالك وصاحبا أبي حنيفة يسلم عليه انتهى كلامه .
وقال أحمد في رواية ابن منصور فيمن يلعب بالشطرنج : ما هو أهل أن يسلم عليه , وهذا معنى كلام الشيخ عبد القادر وغيره وأنه لا يسلم على المتلبسين بالمعاصي قال الشيخ عبد القادر وإن سلموا هم عليه رد عليهم إلا أن يغلب على ظنه انزجارهم بتركه الرد عليهم فإذا لا يرد .
وقال أبو داود قلت لأحمد أمر بالقوم يتقاذفون أسلم عليهم قال : هؤلاء قوم سفهاء , والسلام اسم من أسماء الله تعالى قلت لأحمد أسلم على المخنث قال : لا أدري السلام اسم من أسماء الله عز وجل قال الشيخ تقي الدين فقد توقف في السلام على المخنث .
قال في الرعاية وغيرها ويكره أن يجالس دنيئا , أو سخيفا , أو فاسقا , أو مرائيا أو متهما في دينه أو عرضه .
ويكره أن يبيت أحد على سطح غير محجر أو محوط أو في بيت بلا باب وتقدم فيما يقوله عند الصباح قول أحمد أنه يكفي منه كمؤخرة الرحل .
- 17-06-2007, 04:13 PM #156
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل في مكروهات مختلفة لا يجمعها جنس ولا نوع يكره أن يأكل لحما نيئا أو غير نضيج أو طينا أو ترابا ذكره في الرعاية وغيرها قال أحمد أكره أكل الطين ولا يصح فيه حديث إلا أنه يضر بالبدن , وقد تقدم أن للأصحاب في الكراهة في كلام أحمد هل تحمل على التحريم , أو التنزيه على وجهين , وقطع ابن عقيل بكراهة أكل الطين إذا تحققنا ضرره ولا يكره لغير ذلك , وقطع في المغني بأكل ما كان يتداوى به منه كالطين الأرمني , أو كان شيئا يسيرا لا مضرة فيه ولا نفع لا يكره .
ويكره أن يحدث بمباضعة أهله وأن يجمع بين بنتي عمين أو بين بنتي خالين له أو لغيره , وعنه لا يكره الجمع بينهما .
ويكره الخيلاء والزهو في المشي بل يمشي قصدا كذا ذكر جماعة منهم ابن تميم وابن حمدان , وظاهر الأخبار تحريم ذلك . وذكر بعض العلماء أنه من الكبائر وهو ظاهر على قاعدة الإمام أحمد .
وروى هو وأبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة مرفوعا { قال الله تعالى الكبرياء ردائي , والعظمة إزاري فمن نازعني في واحد منهما قذفته في ناري } ولمسلم من حديث أبي هريرة وأبي سعيد { العز إزاره , والكبرياء رداؤه فمن نازعني شيئا منهما عذبته } ويأتي في اللباس أخبار في الكبر . وذكر ابن عقيل أنه يكره إلا بين الصفين .
وقال الشيخ مجد الدين في أحكامه ( باب استحباب الخيلاء في الحرب ) ثم ذكر حديث جابر بن عتيك فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الخيلاء التي يحب الله اختيال الرجل بنفسه عند القتال واختياله عند الصدقة , والخيلاء التي يبغض الله اختيال الرجل في الفخر , والبغي } رواه أحمد وأبو داود والنسائي من رواية جابر بن عتيك وهو مجهول .
قال القاضي أبو يعلى رحمه الله : إذا مشيت فلا تلتفت فإنه ينسب فاعل ذلك إلى الحمق قال الشيخ عبد القادر رحمه الله يكره الصفير والتصفيق .
ويكره الاتكاء الذي يخرج به عن مستوى الجلوس لأنه تجبر وإهوان بالجلساء إلا مع العذر , ويكره مضغ العلق لأنه دناءة .
ويكره التشدق بالضحك والقهقهة ورفع الصوت في غير حاجة وينبغي أن يكون مشيه معتدلا لا يسارع إلى حد يصدم الناس ويتعب نفسه ولا يخطر بحيث يورثه العجب , ويكره في البكاء النحيب والتعداد , إلا أن يكون من خوف الله تعالى , والندم على ما فات من أوقاته ببطالاته , ويكره له كشف رأسه بين الناس وما ليس بعورة مما جرت العادة بستره انتهى كلامه .
ويحرم خروج المرأة من بيت زوجها بلا إذنه إلا لضرورة , أو واجب شرعي وأن تمنعه نفسها مع القدرة بلا عذر قال في الرعاية وأن تتزين لمحرم غيره , ويكره تطيبها لحضور مسجد أو غيره , وكلام بعضهم يقتضي التحريم للخبر الصحيح المشهور .
آخر تعديل بواسطة أبو عبد الله ، 17-06-2007 الساعة 04:15 PM
- 20-06-2007, 03:54 AM #157
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( ما يجب من الكف عن مساوي الناس وما ورد في حقوق الطريق ) .
يستحب الكف عن مساوئ الناس وعيوبهم كذا قالوا : والأولى يجب زاد في الرعاية التي يسترونها وعما يبدو منهم غفلة , أو غلبة من كشف عورة , أو خروج ريح , أو صوت ونحو ذلك . فإن كان ذلك في جماعة فالأولى للسامع أن يظهر طرشا أو غفلة , أو نوما , أو يتوضأ هو وغيره سترا لذلك .
ويكره الجلوس على الطرقات للحديث ونحوه لما فيه من التعرض للفتن , والأذى وفي الصحيحين أو أحدهما عنه عليه الصلاة والسلام { اجتنبوا مجالس الصعدات فقلنا إنما قعدنا لغير ما بأس قعدنا نتذاكر ونتحدث قال أما لا فأدوا الطريق حقه قالوا : وما حقها قال : غضوا البصر , وردوا السلام , وحسنوا الكلام } .
وفي رواية { غض البصر , وكف الأذى ورد السلام , والأمر بالمعروف , والنهي عن المنكر } وفي لفظ لأبي داود { وإرشاد السبيل } .
وفي لفظ له أيضا { وتغيثوا الملهوف وتهدوا الضال } وروى أحمد , والترمذي معنى ذلك , وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال { خير المجالس أوسعها } وقد رواه أبو داود في هذا الباب .
وفي الفنون أما الطريق الواسع فالمروءة , والنزاهة اجتناب الجلوس فيه فإن جلس كان عليه أن يؤدي حق الطريق , غض البصر , وإرشاد الضال ورد السلام وجمع اللقطة للتعريف , والأمر بالمعروف , والنهي عن المنكر , ومن جلس ولم يعط الطريق حقها فقد استهدف لأذية الناس قال وهذه الحقوق رأيتها في بعض الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم .
- 22-06-2007, 01:42 AM #158
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( في صيانة المسجد من الحرف والتكسب والترخص في الكتابة والتعليم ) .
ويسن أن يصان عن عمل صنعة نص عليه قال في المستوعب وغيره سواء كان الصانع يراعي المسجد بكنس أو رش ونحوه , أو لم يكن انتهى كلامه قال حرب سئل أحمد عن العمل في المسجد نحو الخياط وغيره يعمل ؟ فكأنه كرهه ليس بذاك الشديد .
وقال المروزي سألت أبا عبد الله عن الرجل يكتب بالأجر فيجلس في المسجد فقال أما الخياط وأشباهه فما يعجبني إنما بني المسجد ليذكر الله فيه وكره البيع , والشراء فيه وقال في رواية الأثرم ما يعجبني مثل الخياط , والإسكاف وما أشبهه وسهل في الكتابة فيه وقال وإن كان من غدوة إلى الليل , فليس هو كل يوم .
وقال القاضي سعد الدين الحراني من أصحابنا خص الكتابة لأنها نوع تحصيل للعلم في معنى الدراسة وهذا يوجب التقييد بما لا يكون تكسبا وإليه أشار بقوله فليس ذلك كل يوم انتهى كلامه . وظاهر ما نقل الأثرم التسهيل في الكتابة فيه مطلقا لما فيه من تحصيل العلم وتكثير كتبه وينبغي أن يخرج على هذا والذي قبله تعليم الصبيان الكتابة في المسجد بالأجرة وتعليمهم تبرعا جائز كتلقين القرآن وتعليم العلم وهذا كله بشرط أن لا يحصل ضرر بحبر وما أشبه ذلك , وفي نوادر ابن الصيرفي لا يجوز التعليم في المساجد .
وقال صالح لأبيه تكره الخياطين في المساجد قال إي لعمري شديدا , وكذا رواه ابن منصور , وهذا يقتضي التحريم ورواية حرب الكراهة فهاتان روايتان عن الإمام أحمد في تحريم الصنائع وكراهتها في المساجد وسيأتي في الفصل الثالث تحريم ذلك في كلام أبي عبد الله بن بطة .
وقال في رواية عبد الله لا ينبغي أن تتخذ المساجد حوانيت ولا مقيلا ولا مبيتا إنما بنيت للصلاة ولذكر الله وبالمنع قال الشافعي وإسحاق ويقتضيه مذهب مالك وغيره , وذكر ابن عقيل أنه يكره في المساجد العمل , والصنائع كالخياطة , والخرز , والحلج , والتجارة وما شاكل ذلك إذا كثر , ولا يكره ذلك إذا قل مثل رقع ثوبه أو خصف نعله .
وحكى صاحب الشفاء المالكي عن بعض مشايخه إنما يمنع في المسجد من عمل الصنائع التي يختص بنفعها آحاد الناس ولا يكتسب فيه ولا يتخذ المسجد , متجرا فأما الصنائع التي يشمل نفعها المسلمين في دينهم مما لا امتهان للمسجد في عمله فلا بأس به , وقد منع بعض العلماء من تعليم الصبيان في المسجد قال وحكى بعضهم خلافا في تعليم الصبيان فيها ويسن أن يصان عن صغير , أطلقوا العبارة , والمراد , والله أعلم إذا كان صغيرا لا يميز لغير مصلحة ولا فائدة , وعن مجنون حال جنونه .
- 23-06-2007, 04:01 PM #159
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( صيانة المسجد عن اللغط ورفع الصوت قيل إلا بعلم لا مراء فيه ) .
ويسن أن يصان عن لغط وكثرة حديث لاغ ورفع صوت بمكروه وظاهر هذا أنه لا يكره ذلك إذا كان مباحا , أو مستحبا وهذا مذهب أبي حنيفة , والشافعي رحمهم الله وقال في الغنية يكره إلا بذكر الله .
قال سفيان بن عيينة مررت بأبي حنيفة وهو مع أصحابه في المسجد وقد ارتفعت أصواتهم فقلت يا أبا حنيفة هذا في المسجد , والصوت لا ينبغي أن يرفع فيه فقال : دعهم لأنهم لا يفقهون إلا بهذا , وقيل : لأبي حنيفة في مسجد كذا حلقة يتناظرون في الفقه , فقال : لهم رأس فقالوا : لا قال : لا يفقهون أبدا . ومذهب مالك كراهة ذلك قال أشهب سئل مالك عن رفع الصوت في المسجد في العلم وغيره قال : لا خير في ذلك في العلم ولا في غيره ولقد أدركت الناس قديما يعيبون ذلك على من يكون في مجلسه ومن كان يكون ذلك في مجلسه كان يعتذر منه , وأنا أكره ذلك ولا أرى فيه خيرا روى ذلك ابن عبد البر .
وقال صاحب الشفا المالكي قال مالك وجماعة من العلماء يكره رفع الصوت في المسجد بالعلم وغيره وأجاز أبو حنيفة ومحمد بن مسلم من أصحاب مالك رفع الصوت فيه في العلم , والخصومة وغير ذلك مما يحتاج إليه الناس لأنه مجمعهم ولا بد لهم منه .
وقال ابن عقيل في الفصول آخر باب الجمعة ولا بأس بالمناظرة في مسائل الفقه , والاجتهاد في المساجد إذا كان القصد طلب الحق فإن كان مغالبة ومنافرة دخل في حيز الملاحاة , والجدال فيما لا يعني ولم يجز في المسجد وأما الملاحاة في غير العلوم فلا تجوز في المسجد لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ليلة القدر فخرج ليعلم الناس فتلاحى رجلان في المسجد فارتفعت أصواتهما فأنسيها فلو كان في الملاحاة خير لما كانت سببا لنسيانها ولأن الله تعالى صان الإحرام عن الجدال فقال { ولا جدال في الحج } .
وعن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة المؤمن { لمن ترك المراء وإن كان محقا } انتهى كلامه . وسبق هذا المعنى في أول الكتاب , وفي فصل أصحاب الحديث , والحث على العلم من فصول الأمر بالمعروف , وفي حسن الخلق نحو نصف الكتاب .
وقال ابن عقيل أيضا : " ويكره كثرة الحديث , واللغط في المساجد " .
وقال في الرعاية وغيرها : ويباح عقد النكاح فيه , والقضاء , والحكم فيه نص عليه , والمناظرة في الفقه وما يتعلق به وتعليم العلم وإنشاد شعر مباح فيه .
- 27-06-2007, 09:24 AM #160
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( صيانة المسجد عن الروائح الكريهة ومكث الجنب والحائض ) .
ويسن أن يصان عن رائحة كريهة من بصل وثوم وكراث ونحوها وفي تحريمه وجهان فإن دخله أخرج . ذكره غير واحد وهل يخرج وجوبا , أو استحبابا ؟ يخرج على وجهين وعلى قياسه إخراج الريح من دبره فيه وصرح الشافعية بأنه لا يحرم وعند الحنفية هو مكروه .
ويسن أن يصان عن حائض ونفساء مطلقا , والأولى أن يقال يجب صونه عن جلوسهما فيه ويسن صونه عن المرور وكذا الجنب بلا وضوء وفي جواز مبيت الجنب فيه مطلقا بلا ضرورة روايتان وقيل : يجوز إن كان مسافرا , أو مجتازا وإلا فلا كذا في الرعاية .
ويسن صونه عن نوم وعنه كثير وعنه إن اتخذه مبيتا , أو مقيلا كره مطلقا وإلا فلا يكره مطلقا , كذا أطلقوا العبارة وينبغي أن يخرج من هذا نوم المعتكف واستثناه في الغنية واستثنى الغريب أيضا وذكر في الشرح في أواخر باب الآذان أنه يباح النوم في المسجد ولم يفصل .
وقال القاضي سعد الدين الحراني من أصحابنا لا خلاف في جوازه للمعتكف وكذا ما لا يستدام كبيتوتة الضيف , والمريض , والمسافر وقيلولة المجتاز ونحو ذلك نص عليه في رواية غير واحد وما يستدام من النوم كنوم المقيم به فعن أحمد المنع منه كما مر من رواية صالح وابن منصور وأبي داود وحكى القاضي رواية بالجواز وهو قول الشافعي وجماعة قال وبهذا أقول .
- 30-06-2007, 01:04 PM #161
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( يصان المسجد عن كلام وشعر قبيح وغناء وصبي ومجنون , ويباح فيه اللعب بالسلاح ) .
ويسن صونه عن إنشاد شعر قبيح ومحرم وغناء وعمل سماع وإنشاد ضالة ونشدانها ويقول له سامعه : ولا وجدتها ولا ردها الله عليك ذكر ذلك في الرعاية ويستحب أن يقول لا ردها الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أو يقول : لا وجدت , إنما بنيت المساجد لما بنيت , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ويتوجه في نشد الضالة وهو طلبها وإنشادها وهو تعريفها ما في العقود من التحريم .
ولهذا قال في شرح مسلم إن النهي عنها يلحق به ما في معناه من العقود فدل على التسوية لكن مذهبه الكراهة وإذا حرم وجب إنكاره قال في الغنية لا بأس بإنشاد شعر خال من سخف وهجاء المسلمين , والأولى صيانتها إلا أن يكون من الزهديات فيجوز الإكثار إلا أن المساجد وضعت لذكر الله فينبغي أن تجل عن ذلك وفي الشرح يكره إنشاد الضالة في المسجد .
قال في الرعاية وعن نظر حرم الناس وعن إقامة حد وسل سيف ونحوه وذكر ابن عقيل في الفصول أنه لا يجوز إقامة الحدود في المساجد وقد قال أحمد في رواية ابن منصور لا تقام الحدود في المساجد .
وقال أبو عبد الله بن بطة رحمه الله ومن السنة ذكر الله وذكر العلم في المسجد وترك الخوض , والفضول وحديث الدنيا فيه فإن ذلك مكروه وقد رويت فيه أحاديث غليظة صعبة بطرق جياد صحاح ورجال ثقات منها ما روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { يكون في آخر الزمان قوم يجلسون في المساجد إمامهم الدنيا لا تجالسوهم فليس لله فيهم حاجة } . ومنها ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال { لا تقوم الساعة حتى يجلس الناس في المساجد ليس فيهم مؤمن حديثهم فيها الدنيا . } ومنها ما قاله الحسن : سيأتي على الناس زمان يجلسون في المساجد حلقا حلقا حديثهم الدنيا لا تجالسوهم فإن الله قد تركهم من يده .
فهذا كله من حديث الدنيا وأهلها في المسجد , والبيع , والشراء بالجدال , والخصومة وإنشاد الضوال وإنشاد الشعر الغزل ورفع الصوت وسل السيوف وكثرة اللغط ودخول الصبيان , والنساء , والمجانين , والجنب , والارتقاء بالمسجد واتخاذه للصنعة , والتجارة كالحانوت مكروه ذلك كله , والفاعل له آثم لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه وتغليظه على فاعله انتهى كلامه .
قال أحمد رحمه الله في رواية صالح وابن منصور وقد سئل يكره الكلام بعد ركعتي الفجر قال : يروى عن ابن مسعود أنه كرهه وقال في رواية أبي طالب يكره الكلام قبل الصلاة إنما هي ساعة تسبيح .
وقال مهنا سألت أبا عبد الله عن الكلام , والحديث قبل صلاة الفجر فكرهه وقال عمر : ننهى عنه , ونقل عنه الميموني قال كنا نتناظر في المسائل أنا وأبو عبد الله قبل صلاة الفجر ونقل عنه صالح أنه أجاز الكلام في قضاء الحاجة ليس الكلام الكثير قال القاضي فقد أجاز الكلام في الفقه وأجاز اليسير عند الحاجة .
{ ولعب الحبشة بدرقهم وحرابهم في المسجد يوم عيد وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يستر عائشة وهي تنظر إليهم وقال دونكم يا بني أرفدة } رواه أحمد , والبخاري ومسلم وغيرهم وبنو أرفدة جنس من الحبشة يرقصون بفتح الهمزة وسكون الراء ويقال : بفتح الفاء وكسرها أشهر قال في شرح مسلم فيه جواز اللعب بالسلاح ونحوه من آلات الحرب في المسجد ويلحق به ما في معناه من الأسباب المعينة على الجهاد وفيه بيان ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الرأفة , والرحمة وحسن الخلق , والمعاشرة بالمعروف . ولمسلم وغيره { جاء جيش يزفنون في يوم عيد في المسجد . }
يزفنون أي : يرقصون قال في شرح مسلم حمله العلماء على التوثب بسلاحهم ولعبهم بحرابهم على قريب من هيئة الراقص لأن معظم الروايات إنما فيها لعبهم بحرابهم فتناول هذه اللفظة ورواه أحمد وزاد قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ { لتعلم يهود أن في ديننا فسحة , أرسلت بحنيفية سمحة } ولأحمد بإسناد جيد عن أنس قال { لما كانت الحبشة يزفنون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرقصون ويقولون محمد عبد صالح فقال ما يقولون ؟ قالوا : يقولون محمد عبد صالح } .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال { بينا الحبشة يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بحرابهم إذ دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأهوى إلى الحصباء يحصبهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعهم يا عمر } قال في شرح مسلم وهو محمول على أنه ظن أن هذا لا يليق بالمسجد وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم به .
- 30-06-2007, 01:06 PM #162
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( في إنكار ما يعمل في المساجد والمقابر في إحياء ليالي المواسم والموالد ) .
قال أبو الوفاء بن عقيل رحمه الله تعالى أنا أبرأ إلى الله تعالى من جموع أهل وقتنا , في المساجد , والمشاهد ليالي يسمونها إحياء .
لعمري إنها لإحياء أهوائهم , وإيقاظ شهواتهم , جموع الرجال , والنساء مخارج , الأموال فيها من أفسد المقاصد وهو الرياء , والسمعة وما في خلال كل واحد من اللعب , والكذب , والغفلة , ما كان أحوج الجوامع أن تكون مظلمة من سرجهم , منزهة عن معاصيهم وفسقهم , مردان ونسوة , وفسق الرجل عندي من وزن في نفسه ثمن الشمعة فأخرج به دهنا وحطبا إلى بيوت الفقراء ووقف في زاوية بيت بعد إرضاء عائلته بالحقوق فكتب في المتهجدين صلى ركعتين بحزن ودعا لنفسه وأهله وجماعة المسلمين وبكر إلى معاشه لا إلى المقابر فترك المقابر في ذلك عبادة . يا هذا انظر إلى خروجك إلى المقابر كم بينه وبين ما وضعت له .
قال { تذكركم الآخرة } فأشغلك بتلمح الوجوه الناضرة في تلك الجموع لزرع اللذة في قلبك , والشهوة في نفسك من مطالعة العظام الناخرة يستدعى بها ذكر الآخرة كلا ما خرجت إلا متنزها , ولا عدت إلا متأثما , ولا فرق عندك بين القبور , والمساكن مع الفرجة لا أقل من أن تكون من المعاصي بين الجدران فأما أن تجعل المقابر , والمشاهد علة في الاشتهار فلا فعلى من فطن لقولي في رجب وأمثاله { فلا تظلموا فيهن أنفسكم } .
عز علي بقوم فأتتهم أيام المواسم التي يحظى فيها قوم بأنواع الأرباح , وليتهم خرجوا منها بالبطالة رأسا برأس ما قنعوا حتى جعلوها من السنة إلى السنة خلسا لاستيفاء اللذات واستلام الشهوات المحظورات ما بال الوجوه المصونة في جمادى هتكت في رجب بحجة الزيارات { أفحكم الجاهلية يبغون } { ما لكم لا ترجون لله وقارا } نوح .
وقال أترى بماذا تتحدث عنك سواري المسجد في الظلم , وأفنية القبور , والقباب , بالبكاء من خوف الوعيد , والتذكرة للآخرة ؟ بنظر العبرة إذا تحدثت عن أقوام ختموا في بيوتهم الختمات وصانوا الأهل اتباعا للنبي صلى الله عليه وسلم حيث { انسل من فراش عائشة رضي الله عنها إلى المسجد لا جموع ولا شموع ؟ طوبى لمن سمع هذا الحديث فانزوى إلى زاوية بيته فانتصب لقراءة جزء في ركعتين بتدبر وتفكر } فيالها من لحظة ما أصفاها من أكدار المخالطات وأقذار الرياء , غدا يرى أهل الجموع أن المساجد تلعنهم , والمشاهد , والمقابر تستغيث منهم .
يبكر أحدهم فيقول : أنا صائم , متى أفلح عرسك حتى يكون له صبحة ؟ قل لي يا من أحيا في الجامع بأي قلب رجعت ؟ مات والله قلبك , وعابت نفسك , ما أخوفني على من فعل هذا الفعل في هذه الليالي أن يخاف في مواطن الأمن , ويظمأ في مقامات الري انتهى كلامه . وإذا كان ذلك في زمنه فما ظنك بزمننا هذا الذي بينهما نحو ثلاثمائة سنة وما يجري بالشام ومصر , والعراق وغيرها من بلاد الإسلام في أيام المواسم من المنكرات فإنا لله وإنا إليه راجعون .
وفي صحيح البخاري من حديث أنس رضي الله عنه قال { لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه } سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم ويتوجه أن يقال إن علم أن ذلك سبب في حصول المحرم , والمنكر ولا بد حرم تعاطيه ودخوله وإن ظن ذلك كره , وقد يقال يحرم فإن ظن مع ذلك اشتماله على أنواع من الخير تزيد على نوع المكروه , أو تساويه فلا كراهة وبكل حال فالنوافل , والتطوعات خفية أولى في الجملة بلا إشكال وأسلم من الرياء , والسمعة , نسأل الله العفو , والمسامحة , والله تعالى أعلم .
- 30-06-2007, 01:09 PM #163
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ويكره إخراج حصاه وترابه للتبرك وغيره كذا قالوا : وفيه نظر , ويتوجه أن يقال , إما مرادهم بالكراهة التحريم , وإما مرادهم إخراج الشيء اليسير لا الكثير , قالوا : ويباح وضع حصى مكان غيره فيه .
- 30-06-2007, 01:11 PM #164
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل في صيانة المسجد عن كل حدث ونجس وإغلاق أبوابه لمنع المنكر فيه .
قال في المستوعب وغيره لا يجوز أن يغرس في المسجد شيء وللإمام قلع ما غرس فيه بعد إيقافه وهذا كله معنى كلام أحمد في رواية الفرج بن الصباح , وقطع في التلخيص بأنها تقلع كما لو غرست في أرض غصب وهو معنى كلامه في المحرر .
وذكر ابن أبي موسى وأبو الفرج في المبهج أنه يكره غرسها ولفظ أحمد في رواية الفرج بن الصباح : هذه غرست بغير حق والذي غرسها ظالم غرس فيما لا يملك . وسأله مثنى عن هذا قال مثنى : فلم يعجبه .
وقال في الرعاية الكبرى يسن أن يصان عن الزرع فيه , والغرس وأكل ثمره مجانا في الأشهر , وعن الجماع فيه , أو فوقه .
وقال ابن تميم يكره الجماع فوق المسجد والتمسح بحائطه والبول عليه نص عليه . وهذا النص في مسائل إسحاق بن إبراهيم , وذكر ابن عقيل في آخر الإجارة من الفصول أن أحمد قال أكره لمن بال أن يمسح ذكره بجدار المسجد قال , والمراد به الحظر ويحرم البول فيه , والقيء ونحوه .
وقال ابن عقيل يحتمل أن يباح الفصد في المسجد في طست لحديث المعتكفة المستحاضة انتهى ما ذكره وعلى قياسه إخراج كل نجاسة في إناء في المسجد , وإن بال خارجا عنه وجسده فيه دون ذكره كره وعنه يحرم .
ويباح غلق أبوابه لئلا يدخله من يكره دخوله إليه نص عليه وقتل البراغيث , والقمل فيه نص عليه وهذا ينبغي أن يقال : إنه مبني على طهارته كما هو ظاهر المذهب وينبغي أن يقيد بإخراجه لأن إلقاء ذلك في المسجد وبقاءه لا يجوز .
وفي المفيد من كتب الحنفية ويكره إغلاق باب المسجد ; لأن فيه منعا عن الصلاة وإنه لا يجوز للآية قال وقال مشايخنا لا بأس به في زماننا في غير أوان الصلاة لأنه يخاف على ما فيه من السرقة انتهى كلامه . وفي كراهة الوضوء فيه , والغسل روايتان . وحكى بعضهم بأنه لا يجوز ولعله على رواية أن المستعمل في رفع الحدث نجس , فإن كان فهو واضح .
- 30-06-2007, 01:13 PM #165
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( في الخلاف في دخول الكافر مساجد الحل , والتفصيل فيه ) .
وفي جواز دخول الكافر مساجد الحل بإذن مسلم لمصلحة روايتان قال في الرعاية الكبرى , والمنع مطلقا أظهر فإن جاز ففي جواز جلوسه فيه جنبا وجهان , وحكى بعض أصحابنا رواية الجواز من غير اشتراط إذن .
وقال في المستوعب هل يجوز لأهل الذمة دخول مساجد الحل على روايتين , وذكر في الشرح وغيره أنه هل يجوز دخولها بإذن مسلم على روايتين , وأن الصحيح من المذهب الجواز فظهر من هذا أنه هل يجوز لكافر دخول مساجد الحل ؟ فيه روايتان , ثم هل الخلاف في كل كافر أم في أهل الذمة فقط ؟ فيه طريقان .
وهل محل الخلاف مع إذن مسلم لمصلحة أو لا يعتبر , أو يعتبر إذن المسلم فقط ؟ فيه ثلاث طرق . ومذهب الشافعي جواز دخوله بإذن مسلم ومذهب مالك وغير واحد أنه لا يجوز مطلقا ومذهب أبي حنيفة أنه يجوز للكتابي دون غيره وليس لكافر دخول الحرمين لغير ضرورة قطع به ابن حامد وقدمه في الرعاية الكبرى وقيل يجوز .
قال القاضي في شرح المذهب وقد أومأ إليه في رواية الأثرم قال ابن تميم وحكى أكثر أصحابنا المنع من حرم مكة دون المدينة وقال في المستوعب لا يجوز لكافر دخول الحرم وكذا ذكر في الشرح وغيره .
المواضيع المتشابهه
-
تاثير المياة المعدنية على الاطفال رائع
By keeper207 in forum استراحة اعضاء المتداول العربيمشاركات: 1آخر مشاركة: 05-03-2010, 01:52 PM -
حافظو على تنظيف برادات المياة دوريا والا ........!؟
By jamal_2022 in forum استراحة اعضاء المتداول العربيمشاركات: 10آخر مشاركة: 16-02-2010, 01:45 AM -
أجمل ما قرأت ..... والله المستعان
By amr alaa in forum استراحة اعضاء المتداول العربيمشاركات: 4آخر مشاركة: 08-06-2009, 09:00 PM -
من أروع ما قرأت×××
By ليالينا in forum استراحة اعضاء المتداول العربيمشاركات: 5آخر مشاركة: 09-01-2007, 11:27 AM -
تربية الأولاد على الآداب الشرعية
By يورو2006 in forum استراحة اعضاء المتداول العربيمشاركات: 1آخر مشاركة: 13-09-2006, 08:22 PM