النتائج 106 إلى 120 من 269
الموضوع: قرأت لك : الآداب الشرعية
- 08-05-2007, 09:52 PM #106
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( في استحباب الانبساط والمداعبة والمزاح مع الزوجة والولد ) .
قال في الفنون قال بعض المحققين يعني نفسه ما أدري ما أقول في هؤلاء المتشدقين في شريعة بما لا يقتضيه شرع ولا عقل يقبحون أكثر المباحات ويبجلون تاركها حتى تارك التأهل والنكاح , والعبرة في العقل والشرع إعطاء العقل حقه من التدبر , والتفكر , والاستدلال , والنظر , والوقار , والتمسك , وبالإعداد للعواقب : والاحتياط بطريقة هي العليا يخص بها الأعلى الأعز الأكرم , ومعلوم أنه قال { من كان له صبي فليتصاب له } .
وكان عليه السلام يرقص الحسن والحسين ويداعبهما وسابق عائشة , ويداري زوجاته إلى أن قال والعاقل إذا خلا بزوجاته وإمائه ترك العقل في زاوية كالشيخ الموقر وداعب ومازح وهازل ليعطي الزوجة والنفس حقهما , وإن خلا بأطفاله خرج في صورة طفل , ويهجر في ذلك الوقت . انتهى كلامه .
والخبر الأول لا يصح وكان عليه الصلاة والسلام يكون في بيته في مهنة أهله وغير ذلك من شدة تواضعه ومكارم أخلاقه وسيرته العالية صلى الله عليه وسلم بخلاف ما يفعله كثير من أصحاب النواميس والحمقى والمتكبرين مع اشتمال بعضهم مع ذلك على سوء قصد وجهل مفرط , فيتكبر على من خالف طريقته , ويصير عنده المعروف منكرا , والمنكر معروفا , فنسأل الله العظيم أن يهدينا والمسلمين الصراط المستقيم , صراط الذين أنعم عليهم غير المغصوب عليهم ولا الضالين .
- 09-05-2007, 10:05 AM #107
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( في تحسر الناس على ما فات من الدنيا دون ما حل بالدين ) .
قال في الفنون من عجيب ما نقدت من أحوال الناس كثرة ما ناحوا على خراب الديار , وموت الأقارب والأسلاف , والتحسر على الأرزاق بذم الزمان وأهله وذكر نكد العيش فيه , وقد رأوا من انهدام الإسلام , وشعث الأديان , وموت السنن , وظهور البدع , وارتكاب المعاصي وقض في الفارغ الذي لا يجدي , والقبيح الذي يوبق ويؤذي , فلا أجد منهم من ناح على دينه , ولا بكى على فارط عمره , ولا آسى على فائت دهره وما أرى لذلك سببا إلا قلة مبالاتهم بالأديان وعظم الدنيا في عيونهم ضد ما كان عليه السلف الصالح يرضون بالبلاغ وينوحون على الدين .
وفي الصحيحين عن أبي موسى قال : احترق بيت على أهله في المدينة من الليل فلما حدث علي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { إن هذه النار عدو لكم فإذا نمتم فأطفئوها عنكم } وجاءت فأرة تجر فتيلة فألقتها على الخمرة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا عليها فأحرقت مثل موضع الدرهم فقال { إذا نمتم فأطفئوا سرجكم فإن الشيطان يدل مثل هذه على هذا فتحرقكم } رواه أبو داود ثنا سليمان بن عبد الرحمن ثنا عمرو بن طلحة ثنا أسباط عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس أسباط هو ابن نصر روى له ولسماك مسلم وتكلم فيهما .
فإن خالف ولم يطفئ النار فهل يضمن ؟ لم أجد تصريحا بها , ويتوجه أن يضمن لتعديه بارتكاب المنهي عنه وقد يتوجه احتمال " لا يضمن " ; لأنها في ملكه وعادة أكثر الناس أو كثير منهم بقاؤها والغالب السلامة , لهذا لا يحرم استعمال الماء في إناء لم يغط مع احتمال التضرر بالواقع فيه لندرة ذلك وقلته ولهذا لا يحرم سلوك بر أو بحر مع احتمال التضرر ولا يعد مفرطا .
وفي مسلم عن جابر قال : { كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فاستسقى فقال رجل : يا رسول الله ألا نسقيك نبيذا فقال بلى فخرج الرجل يسعى فجاء بقدح نبيذ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا خمرته ولو تعرض عليه عودا قال فشرب } وظاهر كلامهم أنه لا يكره , وذكر ابن عقيل أن المذهب لا يكره الوضوء منه .
ثم ذكر خبر نزول الوباء فيه قال : فأخبر أنه ينزل الوباء ولا نعلم هل يختص الشرب أو يعم الاستعمال والشرب فكان تجنبه أولى فهذا من ابن عقيل يدل على كراهة شربه أو تحريمه .
وقال ابن حزم من أوقد نارا يصطلي أو يطبخ أو ترك سراجا ونام فوقع حريق أتلف ناسا وأموالا لم يضمن واحتج بما رواه عبد الرزاق وعبد الملك الصنعاني عن معمر عن همام عن أبي هريرة مرفوعا { النار جبار } رواه أبو داود ورواه النسائي عن أحمد بن سعيد عن عبد الرزاق وزاد { البئر جبار } .
قال ابن حزم فوجب أن كل ما تلف بالنار هذه إلا نار اتفق الجميع على تضمين طارحها , فإن تعمد طرحها للإتلاف فتعمد , وإلا فلا فقاتل خطأ , وقد ذكر في المغني أنه إذا اقتنى طيرا فأرسله نهارا فلقط حبا لم يضمنه لأن العادة إرساله ويأتي ذلك بعد نحو كراسين في اقتناء الحيوان وقد ذكر ابن عقيل ما يؤخذ منه الضمان هنا فقال من أطلق كلبا عقورا أو دابة رفوسا أو عضوضا فأتلف شيئا ضمنه , وكذلك إن كان له طائر جارح كالصقر والبازي فأفسد طيور الناس وحيواناتهم ضمن .
ويستعمل عند الحريق دعاء الكرب وما كان عليه الصلاة والسلام يقوله إذا جذبه أمر { يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث } ودعوة ذي النون { لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين } ونحو ذلك .
- 09-05-2007, 10:17 AM #108
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( فيما يسن من الذكر عند النوم والاستيقاظ ) .
ويقول عند الصباح والمساء والنوم والانتباه ما ورد فمن ذلك عن البراء قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه نام على شقه الأيمن ثم قال : اللهم إني أسلمت نفسي إليك , ووجهت وجهي إليك , وفوضت أمري إليك , وألجأت ظهري إليك , رغبة ورهبة إليك , لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك , آمنت بكتابك الذي أنزلت , ونبيك الذي أرسلت } رواه البخاري . وعنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم { إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل وذكر نحوه وفيه واجعلهن آخر ما تقول } متفق عليه . وعن حذيفة رضي الله عنه قال { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من النوم وضع يده تحت خده ثم يقول اللهم باسمك أموت وأحيا وإذا استيقظ قال الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور } رواه البخاري , وعن حفصة رضي الله عنها { أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا أراد أن يرقد وضع يده اليمنى تحت خده ثم يقول : اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك } . حديث حسن رواه أبو داود والترمذي في اليوم والليلة , ولأحمد من حديث حذيفة والبراء معناه وكذا من حديث ابن مسعود .
وروى حديث حفصة وعنده ثلاث مرات . وللترمذي في حديث حذيفة ويضع يده تحت رأسه .
وقال في حديث البراء : كان يتوسد يمينه وعن أبي سعيد مرفوعا { من قال حين يأوي إلى فراشه أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاث مرات غفرت له ذنوبه وإن كانت عدد ورق الشجر , وإن كانت عدد رمل عالج , وإن كانت عدد أيام الدنيا } رواه أحمد والترمذي وقال : غريب . وعن ابن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع باسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده , ومن همزات الشياطين وأن يحضرون } وكان عبد الله بن عمرو يعلمها من بلغ من ولده , ومن كان صغيرا لا يعقل أن يحفظها كتبها له فعلقها عليه في عنقه . رواه أحمد والترمذي , وعنده " إذا فزع أحدكم من النوم فليقل " وذكره .
وقال حسن غريب وأبو داود لم يذكر " النوم " وعنده كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم من الفزع وذكره .
وقال أحمد حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن محمد بن يحيى بن حبان عن الوليد بن الوليد أنه قال يا رسول الله إني أجد وحشة فقال : " إذا أخذت مضجعك فقل أعوذ " وذكره كما تقدم وفي آخره " فإنه لا يضرك " وبالحري أن لا يقربك , الوليد هو ابن المغيرة المخزومي , إسناده ثقات ومحمد لم يسمع من الوليد . وعن بريدة قال : شكا خالد بن الوليد فقال يا رسول الله ما أنام الليل من الأرق قال { إذا أويت إلى فراشك فقل : اللهم رب السموات وما أظلت , ورب الأرضين وما أقلت , ورب الشياطين وما أضلت , كن لي جارا من خلقك كلهم جميعا أن يفرط علي أحد منهم أو يبغي علي , عز جارك وجل ثناؤك ولا إله غيرك ولا إله إلا أنت } فيه الحكم بن ظهير وليس بثقة عندهم وقال البخاري تركوه رواه الترمذي وقال : ليس إسناده بالقوي ويروى مرسلا , الأرق السهر .
وعن أبي سعيد رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى أنزلت المعوذتان , فلما أنزلت أخذ بهما وترك ما سواهما } رواه النسائي وابن ماجه والترمذي وقال حسن غريب . وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ألم تر آيات أنزلت الليلة لم ير مثلهن قط ؟ قل أعوذ برب الفلق , وقل أعوذ برب الناس } ير بضم الياء وفتح الراء . وعن القاسم بن محمد بن عبد الرحمن عن عقبة بن عامر قال : { كنت أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته في السفر فقال لي يا عقبة ألا أعلمك خير سورتين قرئتا ؟ فعلمني قل أعوذ برب الفلق , وقل أعوذ برب الناس قال فلم يرني سررت بهما جدا , فلما نزل لصلاة الصبح صلى بهما صلاة الصبح للناس فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة التفت إلي فقال يا عقبة رأيت } إسناده جيد رواه أبو داود والنسائي . وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { اقرأ يا جابر فقلت وما أقرأ بأبي وأمي قال : اقرأ : قل أعوذ برب الفلق , وقل أعوذ برب الناس فقرأتهما فقال اقرأ بهما فإنك لم تقرأ بمثلهما } رواه النسائي وابن حبان في صحيحه . وعن عقبة قال { قلت يا رسول الله أقرأ من سورة يوسف ومن سورة هود قال يا عقبة اقرأ ب أعوذ برب الفلق فإنك لن تقرأ بسورة أحب إلى الله منها , وأبلغ عنده منها فإن استطعت أن لا تفوتك فافعل } رواه الحاكم وقال : صحيح وأظن في النسائي بإسناد جيد . وعن عقبة مرفوعا { ما سأل سائل بمثلهما ولا استعاذ مستعيذ بمثلهما } رواه النسائي عن قتيبة عن الليث عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن عقبة , إسناد جيد وابن عجلان حديثه حسن .
وقال عقبة { أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ المعوذات دبر كل صلاة } حديث حسن له طرق رواه أبو داود والترمذي وقال : غريب والنسائي في سننه , وفي اليوم والليلة . وعن عقبة قال { بينا أنا أسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الجحفة والأبواء إذ غشيتنا ريح وظلمة شديدة فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ ب أعوذ برب الفلق وأعوذ برب الناس ويقول : يا عقبة تعوذ بهما فما تعوذ متعوذ بمثلهما قال وسمعته يؤمنا بهما في الصلاة } رواه أبو داود من رواية ابن إسحاق . وعن أنس مرفوعا { إذا هاجت ريح مظلمة فعليكم بالتكبير فإنه يجلي العجاج الأسود } رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده من رواية عنبسة بن عبد الرحمن وهو متروك , وعن معاذ بن عبد الله بن حبيب عن أبيه قال { خرجنا في ليلة مطر وظلمة شديدة فطلبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي لنا فأدركناه فقال : قل فلم أقل شيئا ثم قال : قل فلم أقل شيئا فقال قل قلت يا رسول الله ما أقول قال : قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء } رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال حسن صحيح غريب من هذا الوجه . وعن سهل بن أبي صالح قال كان أبو صالح يأمرنا إذا أراد أحدنا أن ينام أن يضطجع على شقه الأيمن ثم يقول { اللهم رب السموات ورب الأرض ورب العرش العظيم , ربنا ورب كل شيء فالق الحب والنوى ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته , اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء , وأنت الآخر فليس بعدك شيء , وأنت الظاهر فليس فوقك شيء , وأنت الباطن فليس دونك شيء , اقض عنا الدين وأغننا من الفقر } وكان يروى ذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم . وعن أبي هريرة قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا أخذنا مضاجعنا أن نقول بمثله وقال من شر دابة أنت آخذ بناصيتها } وعنه قال { أتت فاطمة النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادما فقال : قولي اللهم رب السموات السبع وما أظللن } بمثل حديث سهل . وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إذا أوى أحدكم إلى فراشه فليأخذ داخلة إزاره فلينفض بها فراشه وليسم الله تعالى فإنه لا يدري ما خلفه بعده على فراشه فإذا أراد أن يضطجع فليضطجع على شقه الأيمن وليقل سبحانك اللهم ربي وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فاغفر لها , وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين وفي رواية فليقل باسمك ربي وضعت جنبي فإن أحييت نفسي فارحمها } . وعن أنس { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال : الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي } روى ذلك مسلم وروى البخاري خبر أبي هريرة الأخير وعنده " فلينفضه بضفة ثوبه ثلاث مرات وليقل باسمك ربي وضعت جنبي " ولم يقل " سبحانك " ولا قال " وليسم الله " .
وفي الصحيحين من حديث أبي مسعود البدري { الآيتان من آخر البقرة من قرأهما في ليلة كفتاه } قيل : من قيام الليل وقيل : من الطوارق وقيل : منهما . وعن عثمان رضي الله عنه مرفوعا { ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات فيضره شيء } رواه أبو داود والنسائي في اليوم والليلة وابن ماجه والترمذي وقال حسن غريب صحيح . وعنه عليه الصلاة والسلام قال { من قال إذا أصبح وإذا أمسى رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا إلا كان حقا على الله أن يرضيه } رواه أبو داود وابن ماجه وزاد : يوم القيامة , والترمذي وقال حسن غريب من حديث ثوبان كرواية أبي داود ولفظه : " من قال حين يمسي رضيت بالله ربا " وذكره ولأبي داود من حديث أبي سعيد من قال رضيت " وذكره وفيه " وجبت له الجنة وقال " رسولا " بدل " نبيا " . وعن عبد الله بن غنام البياضي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { من قال حين يصبح اللهم ما أصبح بي من نعمة فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد , ولك الشكر فقد أدى شكر يومه ومن قال مثل ذلك حين يمسي فقد أدى شكر ليلته } رواه أبو داود عن أحمد بن صالح عن يحيى بن حبان وإسماعيل بن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن ربيعة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عيينة قيل روى عنه أيضا محمد بن سعيد الطائفي فزالت الجهالة وليس بذاك المشهور ولم أجد فيه كلاما , وحديثه حسن إن شاء الله تعالى .
وروى حديثه هذا النسائي في اليوم والليلة والطبراني وغيرهما , وذكروا أن بعض الرواة رواه من حديث عبد الرحمن بن عيينة عن ابن عباس قال بعضهم وأخطأ , رواه سعيد بن أبي مريم عن سليمان بن بلال واختلف عليه فرواه عنه يحيى بن نافع المصري .
وقال عن ابن عباس وعنه رواه الطبراني ورواه يحيى بن أيوب العلاف عن ابن أبي مريم .
وقال ابن غنام ورواه ابن وهب عن سليمان بن بلال واختلف عليه فرواه عنه أحمد بن صالح وقال عن ابن غنام ورواه الطبراني عن رجل عنده .
ورواه يونس بن عبد الأعلى عنه . وقال عن ابن عباس ومن طريقه رواه الحافظ أيضا في المختارة ولفظه " اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك , لك الحمد , ولك الشكر فقد أدى شكر ذلك اليوم " وكذا رواه ابن حبان عن ابن قتيبة عن يزيد بن وهب عن ابن وهب والله أعلم .
وعن أنس رضي الله عنه مرفوعا { من قال حين يصبح أو يمسي : اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت , وأن محمدا عبدك ورسولك مرة أعتق الله ربعه من النار , ومن قالها مرتين أعتق الله نصفه من النار , ومن قالها ثلاثا أعتق الله ثلاثة أرباعه من النار , ومن قالها أربعا أعتقه الله من النار } رواه أبو داود . وعنه أيضا مرفوعا { من قال حين يصبح : اللهم أصبحنا نشهدك ونشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك , إلا غفر له ما أصاب في تلك الليلة من ذنب } رواه النسائي في اليوم والليلة والترمذي وقال غريب . { ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا مضطجعا في المسجد على بطنه فقال هذه ضجعة يبغضها الله } رواه أبو داود في الأدب بإسناد صحيح كذا قال بعضهم , وفي اسم هذا الصحابي واسم أبيه وحديثه اختلاف واضطراب , ولعله حديث حسن . وقد رواه أحمد والنسائي وابن ماجه وهو في الأطراف في حرف الطاء .
ورواه أحمد والترمذي من حديث أبي هريرة .
وروى ابن ماجه هذا المعنى من حديث أبي ذر وهو وهم , ومن رواية الوليد بن جميل عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة وفيه ضعف . وعن جابر بن سمرة قال { رأيت النبي صلى الله عليه وسلم متكئا على وسادة على يساره } رواه الترمذي وقال حسن غريب , ولم يذكر غير واحد عن يساره ولأبي داود عن بعض آل أم سلمة قال : { كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوا مما يوضع للإنسان في قبره وكان المسجد عند رأسه } .
وعن أبي هريرة مرفوعا { من قعد مقعدا لم يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة , ومن اضطجع مضطجعا لا يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة } رواه أبو داود بإسناد حسن . الترة بكسر التاء المثناة فوق وهي النقص وقيل التبعة .
ويزيل غمر يديه ويغسلهما من دهن ودسم ولزج قال أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من بات وفي يده غمر ولم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه } إسناد جيد رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وقال حسن غريب قال ابن الأثير : الغمر بالتحريك الدسم والزهومة من اللحم كالوضر من السمن .
ويكتحل قبل النوم بإثمد مروح ويوكي السقاء ويغطي الإناء أو يعرض عليه عودا أو نحوه ويغلق الباب ويطفئ السراج والخمير للأخبار في ذلك ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم { غطوا الإناء وأوكئوا السقاء فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء لا يمر بإناء لم يغط ولا سقاء لم يوك إلا وقع فيه من ذلك الوباء } .
وفي لفظ { أغلقوا أبوابكم وخمروا آنيتكم , وأطفئوا سرجكم , وأوكئوا أسقيتكم فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا ولا يكشف غطاء , ولا يحل وعاء , فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض على إنائه عودا ويذكر اسم الله فليفعل فإن الفويسقة تضرم البيت على أهله } .
وفي لفظ { لا ترسلوا فواشيكم وصبيانكم حتى تذهب فحمة العشاء فإن الشياطين تنبعث إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء } رواه أحمد ومسلم .
ولأحمد { أقلوا الخروج إذا هدأت الرجل فإن الله يبث في ليله من خلقه ما شاء وأجيفوا الأبواب واذكروا اسم الله عليها فإن الشيطان لا يفتح بابا أجيف , وذكر اسم الله عليه } .
وفي الصحيحين { فإذا ذهبت ساعة من العشاء فخلوهم وأغلق بابك واذكر اسم الله وأطف مصباحك واذكر اسم الله وأوك سقاءك واذكر اسم الله . وخمر إناءك واذكر اسم الله , ولو أن تعرض عليه شيئا } .
وفي رواية { وأطفئوا المصابيح فإن الفويسقة ربما جرت الفتيلة فأحرقت أهل البيت } ولأبي داود معناه وله أيضا { وكفوا صبيانكم عند العشاء وفي رواية عند المساء فإن للجن انتشارا وخطفة } رواه البخاري ولفظه " عند المساء " وذلك كله من حديث جابر
وفحمة العشاء هي إقبال الليل وأول سواده يقال للظلمة التي بين المغرب والعشاء الفحمة شبه سواده بالفحمة والفواشي جمع للفاشية وهي ما يرسل من الدواب في الرعي فتنتشر وتفشو .
ولأبي داود عن جابر مرفوعا , ومن غير حديث جابر مرسلا { أقلوا الخروج بعد هدء الرجل فإن لله دواب يبثهن في الأرض } وفي لفظ { فإن لله خلقا يبثهن في تلك الساعة } .
- 11-05-2007, 06:57 AM #109
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
قال بعضهم النوم حالة للبدن يتبعها غور الحرارة الغريزية والقوى إلى باطن البدن لطلب الراحة , والنوم الطبيعي إمساك القوى النفسانية عن أفعالها وهي قوى الحس والحركة الإرادية , ومتى أمسكت هذه القوى عن تحريك البدن استرخى واجتمعت الرطوبات والأبخرة التي كانت تتحلل وتتفرق بالحركة واليقظة في الدماغ الذي هو مبدأ هذه القوى فينحدر ويسترخي .
والنوم غير الطبيعي يكون لعرض أو مرض بأن تستولي الرطوبات على الدماغ استيلاء لا تقدر اليقظة على تفريقها أو تصمد أبخرة كثيرة رطبة كما يكون عقب الامتلاء من الطعام والشراب , فتثقل الدماغ وترخيه فينحدر ويقع إمساك القوى النفسانية عن أفعالها فيكون النوم , ومن فائدته أيضا هضم الغذاء ونضج الأخلاط لغور الحرارة الغريزية إلى باطن البدن ولهذا يبرد ظاهره ويحتاج إلى غطاء , وإنما كان عليه الصلاة والسلام ينام على الجانب الأيمن لئلا يستغرق في النوم لأن القلب في جهة اليسار فيعلق حينئذ فلا يستغرق , وإذا نام على اليسار استراح واستغرق .
وقد ذكر الأطباء أنه يحيط بالمعدة من الجانب الأيمن الكبد ومن الأيسر الطحال , وأن المعدة أميل إلى الجانب الأيسر قليلا , ولهذا قال الفقهاء يعتمد في قضاء حاجته على رجله اليسرى ; لأنه أسهل لخروج الخارج .
وقال بعضهم : أنفع النوم على الشق الأيمن ليستقر الطعام في المعدة لميل المعدة إلى الشق الأيسر ثم يتحول إلى الشق الأيسر قليلا يسرع الهضم بذلك لاشتمال الكبد على المعدة , ثم يستقر نومه على الشق الأيمن ليكون الغذاء أسرع انحدارا عن المعدة .
وكثرة النوم على الشق الأيسر مضر بالقلب بسبب ميل الأعضاء إليه فتصب إليه المواد , والنوم على القفا رديء يضر الإكثار منه بالبصر وبالمني وإن استلقى للراحة بلا نوم لم يضر . وأردأ من ذلك النوم منبطحا على وجهه . وسيقت الأخبار في ذلك فيحتمل أن يقال فيها كثرة فيحرم ذلك , ويحتمل أن يقال : يكره للكلام فيها .
قال أبقراط : نوم المريض على بطنه من غير عادة في صحته يدل على اختلاط عقل أو على ألم في نواحي البطن قال بعضهم ; لأنه خالف العادة إلى هيئة رديئة بلا سبب , وقد سبق حكم نوم النهار قبل آداب الأكل بعد فصول الطب .
آخر تعديل بواسطة أبو عبد الله ، 11-05-2007 الساعة 07:07 AM
- 11-05-2007, 06:58 AM #110
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
قال بعضهم النوم حالة للبدن يتبعها غور الحرارة الغريزية والقوى إلى باطن البدن لطلب الراحة , والنوم الطبيعي إمساك القوى النفسانية عن أفعالها وهي قوى الحس والحركة الإرادية , ومتى أمسكت هذه القوى عن تحريك البدن استرخى واجتمعت الرطوبات والأبخرة التي كانت تتحلل وتتفرق بالحركة واليقظة في الدماغ الذي هو مبدأ هذه القوى فينحدر ويسترخي .
والنوم غير الطبيعي يكون لعرض أو مرض بأن تستولي الرطوبات على الدماغ استيلاء لا تقدر اليقظة على تفريقها أو تصمد أبخرة كثيرة رطبة كما يكون عقب الامتلاء من الطعام والشراب , فتثقل الدماغ وترخيه فينحدر ويقع إمساك القوى النفسانية عن أفعالها فيكون النوم , ومن فائدته أيضا هضم الغذاء ونضج الأخلاط لغور الحرارة الغريزية إلى باطن البدن ولهذا يبرد ظاهره ويحتاج إلى غطاء , وإنما كان عليه الصلاة والسلام ينام على الجانب الأيمن لئلا يستغرق في النوم لأن القلب في جهة اليسار فيعلق حينئذ فلا يستغرق , وإذا نام على اليسار استراح واستغرق .
وقد ذكر الأطباء أنه يحيط بالمعدة من الجانب الأيمن الكبد ومن الأيسر الطحال , وأن المعدة أميل إلى الجانب الأيسر قليلا , ولهذا قال الفقهاء يعتمد في قضاء حاجته على رجله اليسرى ; لأنه أسهل لخروج الخارج .
وقال بعضهم : أنفع النوم على الشق الأيمن ليستقر الطعام في المعدة لميل المعدة إلى الشق الأيسر ثم يتحول إلى الشق الأيسر قليلا يسرع الهضم بذلك لاشتمال الكبد على المعدة , ثم يستقر نومه على الشق الأيمن ليكون الغذاء أسرع انحدارا عن المعدة .
وكثرة النوم على الشق الأيسر مضر بالقلب بسبب ميل الأعضاء إليه فتصب إليه المواد , والنوم على القفا رديء يضر الإكثار منه بالبصر وبالمني وإن استلقى للراحة بلا نوم لم يضر . وأردأ من ذلك النوم منبطحا على وجهه . وسيقت الأخبار في ذلك فيحتمل أن يقال فيها كثرة فيحرم ذلك , ويحتمل أن يقال : يكره للكلام فيها .
قال أبقراط : نوم المريض على بطنه من غير عادة في صحته يدل على اختلاط عقل أو على ألم في نواحي البطن قال بعضهم ; لأنه خالف العادة إلى هيئة رديئة بلا سبب , وقد سبق حكم نوم النهار قبل آداب الأكل بعد فصول الطب .
- 11-05-2007, 07:00 AM #111
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
وقال مهنا قلت لأبي عبد الله : ما تقول في الرجل ينام على سطح ليس بمحجر قال مكروه , ويجزئه الذراع مثل آخرة الرحل .
وروى أبو داود من حديث وعلة بن عبد الرحمن بن وثاب عن عبد الرحمن بن علي بن شيبان عن أبيه مرفوعا { من بات على ظهر بيت ليس به حجار فقد برئت منه الذمة } وعلة تفرد عن عمر بن جابر الحنفي ووثقه ابن حبان وهو حديث حسن .
قال في النهاية الحجار جمع حجر بالكسر وهو الحائط أو من الحجرة وهي حظيرة الإبل وحجرة الدار أي : أنه يحجر الإنسان النائم ويمنعه عن الوقوع , ويروى حجاب بالباء وهو كل مانع من السقوط ورواه الخطابي في معالم السنن حجا وقال ويروى بكسر الحاء وفتحها ومعناه فيهما معنى الستر فمن قال بالكسر شبه الستر على السطح المانع من السقوط بالعقل المانع من التعرض في الهلاك . ومن رواه بالفتح فقد ذهب إلى الناحية والطرف وأحجاء الشيء نواحيه واحدها حجا .
قال في النهاية إن لكل أحد من الله عهدا بالحفظ والكلاءة فإذا ألقى بيده إلى التهلكة أو فعل ما حرم عليه أو خلاف ما أمر به خذلته ذمة الله .
وسبق أن الإمام أحمد رحمه الله كره النوم على سطح ليس بمحجر وللأصحاب رحمهم الله خلاف في كراهته المطلقة هل هي للتحريم أو للتنزيه , وقد يقال هذه الكراهة للتنزيه ; لأن الغالب في هذا السلامة وما غلبت السلامة فيه لا يحرم فعله وكون النهي عنه للأدب واحتمال الأذى , ويتوجه قول ثالث وهو أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص وعاداتهم , وصغر الأسطحة , ووسعها نظرا إلى المعنى وعملا به , وقد يحتج للتحريم في الجملة بما رواه الإمام أحمد بإسناد ثقات عن أبي عمران الجوني حدثني بعض أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وغزونا نحو فارس فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من بات فوق بيت ليس له إجار فوقع فمات فقد برئت منه الذمة , ومن ركب البحر عند ارتجاجه فمات برئت منه الذمة } . وقد روى البخاري هذا الخبر في تاريخه من طرق في ترجمة زهير بن عبد الله , ومن المعلوم أن ركوب البحر في هذه الحال لا يجوز , وقد قرن الشارع بين الفعلين وبراءة الذمة من فاعلهما , وفي ركوب البحر وسلوك الطريق كلام في الفقه في كتاب الحج وغيره فليطلب هناك وقد سبق كلام ابن هبيرة في الأكل فوق الشبع .
- 11-05-2007, 07:01 AM #112
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله في الكلم الطيب والتكبير يطفئ الحريق وكذا رواه ابن المثنى وجماعة من رواية ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم وذلك لأن الشيطان خلق من النار , وطبعها طيش وفساد وكبرياء لله لا يقوم لها شيء , فالتكبير يهرب منه الشيطان ويقمعه وفعله فكذا النار وهذا مجرب شاهد وما سبق من قوله { خمر إناءك , ولو أن تعرض عليه شيئا } ظاهره التخيير وقد سبق من كلام الأصحاب ويتوجه أن ذلك عند عدم ما يخمره به لرواية مسلم السابقة { فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض على إنائه عودا } .
وحكمة وضع العود والله أعلم ليعتاد تخميره ولا ينساه وربما كان سببا لمنع دبيب بحياله أو بمروره عليه وسياق ما سبق من كلام الأصحاب رحمهم الله أن ذلك يخص الليل والنهار والمراد الغفلة عنها بنوم أو غيره والمراد أيضا إن خيف من بقائها , ولهذا قال ابن هبيرة في خبر أبي موسى إن النار يستحب إطفاؤها عند النوم ; لأنها عدو غير مزموم بزمام لا يؤمن لهبها في حالة نوم الإنسان , قال فأما إن جعل المصباح في شيء معلق أو على شيء لا يمكن الفواسق والهوام التسلق إليه فلا أرى بذلك بأسا , والله أعلم .
وقد قال أبو حميد الساعدي : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بقدح من لبن من النقيع ليس مخمرا فقال { ألا خمرته ولو أن تعرض عليه عودا } رواه البخاري ومسلم وزاد قال أبو حميد إنما أمرنا بالأسقية أن توكأ ليلا وبالأبواب . أن تغلق ليلا , والصحابي أعلم بما روى , وخالف في ذلك أبو زكريا النووي وادعى أن قول أبي حميد خلاف الظاهر فلا يحتج به , كذا قال لكن في رواية لمسلم من حديث جابر " فإن في السنة يوما " واللفظ السابق " فإن في السنة ليلة " فيعمل بهما والله أعلم والنقيع بالنون لا بالباء عند الأكثر , وهو موضع بوادي العقيق الذي حماه النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد قال الأصحاب : ويرخي الستر وينظر في وصيته وينفض فراشه وينام على جنبه الأيمن ويمناه تحت خده الأيمن , كذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجعل وجهه نحو القبلة ويقول ما ورد وقد سبق .
وذكر ابن أبي موسى في المسائل التي حلف عليها أحمد قال وسئل عن المرأة تستلقي على قفاها وتنام تكره ذلك ؟ قال إي والله , فقال له مهنا فإذا ماتت فكيف تصنعون في غسلها قال إنما كره أن تنام على قفاها في حياتها وليس ذلك في الموت قال جعفر سمعت أبا عبد الله وقيل له : يستحب أن لا ينام حتى يقرأ { الم تنزيل } السجدة و { تبارك } قال يستحب وروى أحمد والترمذي والخلال أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك من حديث جابر من رواية ليث .
وعن أبي العلاء بن الشخير عن الحنظلي عن شداد بن أوس رضي الله عنه مرفوعا { ما من رجل يأوي إلى فراشه فيقرأ سورة من كتاب الله إلا بعث الله إليه ملكا يحفظه من كل شيء يؤذيه حتى يهب متى هب } رواه أحمد والترمذي والنسائي في اليوم والليلة وقال عن رجلين من بني حنظلة وقد اشتهر عنه عليه الصلاة والسلام وصح عنه أنه كان ينام نصف الليل الأول ويقوم أول النصف الثاني يستاك ويتوضأ ويصلي ويدعو , فيستريح البدن بذلك النوم والرياضة والصلاة مع حصول الأجر الوافر , فالنوم المعتدل ممكن لتقوى الطبيعة من أفعالها , مريح للقوى النفسانية مكثر من جوهر حاملها , وينام على صفة ما سبق , ولا يباشر بجنبه الأرض ولا يتخذ الفرش المرتفعة .
- 11-05-2007, 07:15 AM #113
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( في آداب المشي مع الناس وآداب الصغير مع الكبير فيه وفي غيره ) .
قال ابن عقيل رحمه الله ومن مشى مع إنسان فإن كان أكبر منه وأعلم مشى عن يمينه يقيمه مقام الإمام في الصلاة وإذا كانا سواء استحب أن يخلي له عن يساره حتى لا يضيق عليه جهة البصاق والامتخاط ومقتضى كلامه استحباب مشي الجماعة خلف الكبير , وإن مشوا عن جانبيه فلا بأس كالإمام في الصلاة .
وفي مسلم في أول كتاب الإيمان قول يحيى بن يعمر أنه هو وحميد بن عبد الرحمن مشيا عن جانبي ابن عمر قال في شرح مسلم فيه تنبيه على مشي الجماعة مع فاضلهم وهو أنهم يكتنفونه ويحفون به .
وقال القاضي إذا مشيت مع من تعظمه أين تمشي منه قال لا أدري فقال عن يمينه تقيمه مقام الإمام في الصلاة وتخلي له الجانب الأيسر إذا أراد أن يستنثر أو يزيل أذى جعله في الجانب الأيسر .
وقال الشيخ عبد القادر رحمه الله : وإن كان دونه في المنزلة يجعله عن يمينه ويمشي عن يساره , وقد قيل المستحب المشي عن اليمين في الجملة ليخلي اليسار للبصاق وغيره انتهى كلامه .
وحكى عن الخلال أنه حكى في الأدب عن الإمام أحمد رضي الله عنه أن التابع يمشي عن يمين المتبوع .
وقال أبو داود في مسائله ( باب في الأدب ) قال رأيت أحمد جاءه ابن لمصعب بن الزبير فأراد أحمد أن يخرج من المسجد فقال لابن مصعب تقدم , فأبى وحلف ابن مصعب فتقدم أبو عبد الله بين يديه في المشي انتهى كلامه .
ويؤخذ من هذا أن الكبير إذا راعى الصغير , وتأدب معه يحسن ذلك منه , وأن الصغير إن شاء قبل ذلك ; لأنه امتثال , وإن شاء رده لأنه وقوف مع الأدب .
وفي الصحيحين عن عائشة { أن النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه أرسل إلى أبي بكر يصلي بالناس فأتاه الرسول فقال له ذلك فقال : يا عمر صل بالناس , فقال عمر , أنت أحق بذلك فصلى أبو بكر تلك الأيام وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج وأبو بكر يصلي بالناس فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه أن لا يتأخر } , وذكر الحديث ولم يتأخر ؟
وفي لفظ { مروا أبا بكر فليصل بالناس فقلت يا رسول الله : إن أبا بكر رجل رقيق إذا قرأ القرآن لا يملك دمعه فلو أمرت غير أبي بكر قال : والله ما بي إلا كراهية أن يتشاءم الناس بأول من يقوم في مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : فراجعته مرتين أو ثلاثا فقال : ليصل بالناس أبو بكر فإنكن صواحب يوسف } .
وفي لفظ { فلو أمرت عمر فقال : مروا أبا بكر فقلت لحفصة : قولي له . فقالت له . فقال : إنكن لأنتن صواحب يوسف مروا أبا بكر } وفي الصحيحين من حديث سهل بن سعد { أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب ليصلح بين عمرو بن عوف فجاء وأبو بكر يصلي بالناس فأشار إليه أن امكث مكانك فرفع أبو بكر يده فحمد الله وأثنى عليه ذلك ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى ثم انصرف فقال يا أبا بكر : ما منعك أن تثبت إذ أمرتك ؟ فقال أبو بكر : ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم } .
وفي ذلك فوائد جليلة منها قال في شرح مسلم عن الخبر الأول , فيه أن المفضول إذا عرض عليه الفاضل مرتبة لا يقبلها بل يدعها للفاضل إذا لم يمنع مانع .
وقال عن الخبر الثاني فيه أن التابع إذا أمره المتبوع بشيء وفهم منه إكرامه بذلك الشيء لا يتحتم الفعل وله أن يتركه , ولا يكون هذا مخالفة للأمر بل يكون أدبا وتواضعا وتحذقا في فهم المقاصد . وفيه ملازمة الأدب مع الكبار .
وقال الخلال في تقدمة الصغير بين يدي الكبير في المشي : أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال : رأيت أبا عبد الله يمشي بين يدي عمه فربما تقدم فيكون أمامه . أخبرنا عبد الله قال أبي : ما كان أعقل بشر بن المفضل ؟ كان بشر أسن من معاذ بن معاذ وكان بشر لا يخرج من المسجد حتى يخرج معاذ , إكراما منه لمعاذ .
قال ابن الجوزي رحمه الله وإذا أذن له ومعه من هو أكبر منه قدم الأكبر فقد روى ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { أمرني . جبريل عليه السلام أن أكبر } وقال : { قدموا الكبير } .
وقال مالك بن مغول : كنت أمشي مع طلحة بن مصرف فصرنا إلى مضيق فتقدمني ثم قال : لو كنت أعلم أنك أكبر مني بيوم ما تقدمتك
ورأى إبراهيم بن سعد الشباب قد تقدموا على المشايخ فقال ما أسوأ أدبكم لا أحدثكم سنة . فإن كان الأصغر أعلم فتقديمه أولى .
ثم روي بإسناد عن الحسن بن منصور قال : كنت مع يحيى بن يحيى وإسحاق بن راهويه يوما نعود مريضا فلما حاذينا الباب تأخر إسحاق وقال ليحيى تقدم أنت قال يا أبا زكريا أنت أكبر مني قال نعم أنا أكبر منك , وأنت أعلم فتقدم إسحاق انتهى كلام ابن الجوزي .
وهو يقتضي أن من له التقديم يتقدم عملا بالسنة وإن ذلك يحسن منه , وإن الأعلم يقدم مطلقا ولا اعتبار معه إلى سن ولا صلاح ولا شيء , وإن الأسن يقدم على الأدين والأورع كما هو ظاهر في المستوعب وغيره في الوليين في النكاح المتساويين في الدرجة , وقطع في الرعاية في النكاح بتقديم الأدين والأورع على الأسن , وهذا مثله فإن استوى اثنان في العلم والسن , فينبغي أن يقدم من له مزية بدين أو ورع أو نسب وما أشبه ذلك , وينبغي أن يعتبر في تقديم الأدين ثم الأعلم الطريقة الحسنة والسيرة الجميلة , وقد يتوجه أن يقال يقدم بعد الأعلم من يقدم في إمامة الصلاة على ما هو مذكور في الفقه .
وقد روى الشافعي عن ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن الزهري أن بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { قدموا قريشا ولا تقدموها وتعلموا منها ولا تعالموها أو تعلموها } شك ابن أبي فديك مرسل , ولقائل أن يقول المراد به الخلافة ولهذا في الصحيحين من حديث أبي هريرة { والناس تبع لقريش في هذا الشأن مسلمهم تبع لمسلمهم وكافرهم تبع لكافرهم } وذكر البيهقي للخبر الأول شواهد من طرق . وذكر ابن الجوزي بعد ذلك ما رواه أحمد بإسناده عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا } وسبق هذا الخبر في فصل القيام .
وروى ابن ماجه عن علي بن محمد عن وكيع عن سفيان عن الأسود بن قيس عن نبيح عن جابر رضي الله عنه قال { كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يمشون أمامه إذا خرج ويدعون ظهره للملائكة } إسناده حسن وروي أيضا معناه .
وروى أحمد خبر جابر المذكور أظنه عن وكيع وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : { ما رئي النبي صلى الله عليه وسلم يأكل متكئا ولا يطأ عقبه رجلان } إسناده جيد رواه أبو داود وابن ماجه وعن أبي أمامة الباهلي قال { مر النبي صلى الله عليه وسلم في يوم شديد الحر نحو بقيع الغرقد , وكان الناس يمشون خلفه فلما سمع صوت النعال جلس حتى قدمهم أمامه لئلا يقع في نفسه شيء من الكبر } رواه أحمد وابن ماجه .
وقال الشيخ تقي الدين في الجواب عما ادعاه الرافضي من أن عثمان رضي الله عنه أدب بعض الصحابة : ولي الله قد يصدر منه ما يستحق عليه العقوبة الشرعية فيكف بالتعزير وقد ضرب عمر بن الخطاب أبي بن كعب رضي الله عنهما بالدرة لما رأى الناس يمشون خلفه فقال : ما هذا يا أمير المؤمنين ؟ فقال هذا ذلة للتابع فتنة للمتبوع . وهذا الأثر رواه سعيد بن منصور عن سفيان بن عيينة قال : رأى عمر مع أبي بن كعب جماعة فعلاه بالدرة فقال : إني أعلم ما تصنع يرحمك الله فقال : أما علمت أنها فتنة للمتبوع مذلة للتابع
وقال حنبل بن إسحاق ثنا قبيصة ثنا حسن بن صالح ثنا أصحابنا عن علي قال : إذا تعلمتم العلم فاكظموا عليه ولا تخلطوه بضحك ولا باطل فتمجه القلوب وكذا رواه ابن وهب عن سفيان بن عيينة عن علي وزاد قال علي أخروا عني خفق نعالكم فإنها مفسدة لقلوب الرجال .
وقيل للقاضي أبي يعلى في الخلاف في المشي أمام الجنازة كالشفيع لا يجوز اعتبار هذا بالشفيع ; لأن تقدم الشفيع وتأخره على وجه واحد ليس بعضه أفضل من بعض ولا كذلك المشي , أمام الجنازة وخلفها لأنهم اتفقوا أن أحدهما أفضل من الآخر فقال : لا نسلم هذا بل التقديم بالخطاب في الشفعاء , وإظهار نفسه والمبالغة في ذلك أفضل من التأخير فيها , فلا فرق بينهما قال : والجنازة متبوعة معناه مقصودة فإن الناس يمشون لأجلها وقد يكون الشيء مقصودا ثم يتأخر عن تابعه ألا ترى أن الناس إذا شفعوا للرجل تقدموا عليه ؟ وكذلك جند السلطان يتقدمونه , وهم تبع , وسبق كلام صاحب النظم في فصول القيام .
ولمسلم عن جابر بن سمرة قال { : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابن الدحداح ثم أتي بفرس عري فعقله رجل فركبه فجعل يتوقص به ونحن نتبعه نسعى خلفه } .
ويقال أبو الدحداح أيضا يتوقص به يتوثب به قال في شرح مسلم قوله . ونحن نمشي حوله فيه جواز مشي الجماعة مع كبيرهم الراكب , وإنه لا كراهة فيه في حقهم ولا في حقه وإذا لم يكن فيه مفسدة , وإنما كره ذلك إذا حصل فيه انتهاك للتابعين أو خيف إعجاب ونحوه في حق المتبوع ونحو ذلك من المفاسد .
وذكر الخطابي والحاكم وابن عقيل في الفنون أن أبا بكر بن داود الظاهري وأبا العباس بن شريح والمبرد اجتمعوا في موضع فتقدم أبو بكر بن داود وقال : العلم قدمني , وتأخر ابن شريح وقال : الأدب أخرني , فنسبهما المبرد إلى الخطإ وقال : إذا صحت المودة سقط التكلف .
- 12-05-2007, 11:02 AM #114
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( في التجارة إلى بلاد الأعداء ومعاملة الكفار )
تكره التجارة والسفر إلى أرض العدو وبلاد الكفر مطلقا قال ابن حمدان والخوارج والبغاة والروافض والبدع المضلة ونحو ذلك , وإن عجز عن إظهار دينه فيها حرم سفره إليها .
وقال الشيخ تقي الدين في اقتضاء الصراط المستقيم : وعن أحمد في جواز حمل التجارة إلى أرض الحرب روايتان منصوصتان فقد يقال : إن بيع المسلمين لهم في أعيادهم ما يستعينون به على عيدهم من الطعام واللباس , ونحو ذلك كحملها إلى أرض الحرب فيه إعانة على دينهم في الجملة , وإذا منعنا منها إلى أرض الحرب فهنا أولى .
وذكر في موضع آخر فيه احتمالين وأن الأقوى أنه لا يجوز . وذكر عبد الملك في الواضحة أنه مذهب مالك وكذلك مهاداتهم ما يستعينون به على أعيادهم , أما بيع السلاح لأهل الحرب فلا يجوز , والمسألة مذكورة في الفقه .
وقال أبو داود ( باب حمل السلاح إلى أرض العدو ) ثنا مسدد ثنا عيسى بن يونس أخبرني أبي إسحاق عن ذي الجوشن رجل من الضباب قال : { أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن فرغ من أهل بدر بابن فرس لي يقال له القرحا فقلت يا محمد إني جئتك بابن القرحا , لتتخذه قال : لا حاجة لي فيه , وإن شئت أن أقضيك به المختارة من دروع بدر فعلت . قلت : ما كنت أقبضه اليوم بغرة قال : فلا حاجة لي فيه } يونس قواه جماعة .
وروى له مسلم وضعفه جماعة منهم الإمام أحمد وقال : مضطرب الحديث وفيه أنه سمى الفرس غرة وأكثر ما جاء ذكر الغرة .
( فصل ) : قال إسحاق بن إبراهيم سئل أبو عبد الله عن نصارى وقفوا ضيعة للبيعة أيستأجرها المسلم منهم قال : لا يأخذها بشيء , ولا يعينهم على ما هم فيه .
وقال أيضا : سمعت أبا عبد الله وسأله رجل بناء أبني للمجوس ناووسا قال لا تبن لهم , ولا تعنهم على ما هم فيه , وقد نقل عنه محمد بن الحكم وسأله عن الرجل المسلم يحفر لأهل الذمة قبرا بكراء قال لا بأس به , والفرق بينهما أن الناووس من خصائص دينهم الباطل كالكنيسة بخلاف القبر المطلق فإنه ليس في نفسه معصية ولا من خصائص دينهم قاله في اقتضاء الصراط المستقيم .
وذكر أن أحمد أطلق المنع قال : وكذا أطلقه الآمدي وغيره ومثل هذا ما لو اشترى من المال الموقوف للكنيسة ونحو ذلك , والمنع هنا أشد ; لأن نفس هذا المال الذي يبذله يصرف في المعصية فهو كبيع العصير لمن يتخذه خمرا , وذكر كلاما كثيرا قال الشافعي رحمه الله في الأم وأكره للمسلم بناء أو تجارة أو غيره في كنائسهم التي لصلاتهم .
- 12-05-2007, 11:04 AM #115
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( في كراهة بيع الدار وإجارتها لمن يتخذها للكفر أو الفسق )
قال الخلال رحمه الله باب الرجل يؤاجر داره للذمي أو يبيعها منه ثم ذكر عن المروزي سئل أبو عبد الله رحمه الله عن رجل باع داره من ذمي فقال نصراني ؟ واستعظم ذلك وقال : لا تباع ليضرب فيها بالناقوس وينصب فيها الصلبان وقال : لا تباع من الكفار وشدد في ذلك .
وعن أبي الحارث أن أبا عبد الله سئل عن الرجل يبيع داره وقد جاءه نصراني فأرغبه وزاده في ثمن الدار ترى له أن يبيع داره منه وهو نصراني أو يهودي أو مجوسي ؟ قال : لا أرى له ذلك يبيع داره من كافر يكفر بالله فيها , يبيعها من مسلم أحب إلي : وعن إبراهيم بن الحارث قيل لأبي عبد الله : الرجل يكري منزله من الذمي ينزل فيه , وهو يعلم أنه يشرب فيه الخمر ويشرك فيه .
قال ابن عون كان لا يكري إلا من أهل الذمة يقول : نرغبهم قيل له كأنه أراد إدلال أهل الذمة بهذا ؟ قال لا , ولكنه أراد أنه كره أن يرغب المسلمين , يقول : إذا جئت أطلب الكراء من المسلم أرغبته فإذا كان ذميا كان أهون عنده وجعل أبو عبد الله يعجب من ابن عون فيما رأيت وهكذا نقل الأثرم ولفظه قلت لأبي عبد الله .
وعن مهنا قال : سألت أحمد عن الرجل يكري المجوسي داره أو دكانه وهو يعلم أنهم يزنون فقال : كان ابن عون لا يرى أن يكري المسلم يقول : أرغبهم في أخذ الغلة وكان يرى أن يكري غير المسلمين .
قال الخلال كل من حكى عن أبي عبد الله في الرجل يكري داره من ذمي فإنما أجابه أبو عبد الله على فعل ابن عون ولم ينفذ لأبي عبد الله فيه قول . وقد حكى عنه إبراهيم أنه رآه معجبا بقول ابن عون والذي رواه عن أبي عبد الله في المسلم يبيع داره من الذمي أنه كره ذلك كراهية شديدة فلو نفذ لأبي عبد الله قول في السكنى كان السكنى والبيع عندي واحدا .
والأمر في ظاهر قول أبي عبد الله أنه لا يباع منه ; لأنه يكفر فيها بنصب الصلبان وغير ذلك والأمر عندي أن لا يباع منه ولا يكرى ; لأنه معنى واحد قال الخلال : قد أخبرني أحمد بن الحسين بن حسان قال : سئل أبو عبد الله عن ابن حصين عبد الرحمن فقال روى عنه حفص لا أعرفه قال له أبو بكر : هذا من النساك حدثني أبو سعيد الأشج سمعت أبا خالد الأحمر يقول حفص هذا باع دار حصين بن عبد الرحمن عابد أهل الكوفة من عون البصري فقال له أحمد حفص قال نعم , فعجب أحمد يعني من حفص بن غياث .
- 12-05-2007, 11:09 AM #116
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( الاتساع في الكسب الحلال والمباني مشروع ولو بقصد الترفه والجاه ) ( والكسب واجب للنفقة الواجبة ) .
يسن التكسب ومعرفة أحكامه حتى مع الكفاية نص عليه قاله في الرعاية وقال أيضا فيها يباح كسب الحلال لزيادة المال والجاه والترفه والتنعم والتوسعة على العيال مع سلامة الدين والعرض والمروءة وبراءة الذمة .
وقال ابن حزم اتفقوا على أن الاتساع في المكاسب والمباني من حل إذا أدى جميع حقوق الله قبله مباح , ثم اختلفوا فمن كاره وغير كاره وقال معروف الكرخي من اشترى وباع , ولو برأس المال بورك فيه كما يبارك في الزرع بماء المطر انتهى كلامه .
ويجب على من لا قوت له , ولمن تلزمه نفقته ويقدم الكسب لعياله على كل نفل وقد يتعين عليه لقوله صلى الله عليه وسلم { كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت } كذا في الرعاية وهذا الخبر رواه أبو داود وفي مسلم معناه وله التكسب لحاجة قد تعرض له أو لهم .
وتسن الصدقة بما فضل عنه وعنهم في أبواب البر , ويكره ترك التكسب مع الاتكال على الناس نص على ذلك كله , ويجب التكسب ولو بإيجار نفسه لوفاء ما عليه من دين ونذر وطاعة وكفارة ومؤنة تلزمه ذكره كله في الرعاية وهو بمعناه في كلام غيره أنشد بعضهم :
إذا المرء لم يطلب معاشا لنفسه
شكا الفقر أو لام الصديق فأكثرا
وصار على الأدنين كلا وأوشكت
صلات ذوي القربى له أن تنكرا
وذكر ابن عقيل في بعض كلامه ما معناه أقسم بالله لو عبس الزمان في وجهك مرة لعبس في وجهك أهلك وجيرانك , ثم حث على الإمساك . وسبق في الأمر بالمعروف في فضل أهل الحديث وطلب العلم كلام ابن الجوزي وسيأتي في الفصل بعده ما يوافقه إن شاء الله تعالى . ومن شعر لعمار الكلبي :
والفقر يزري بأقوام ذوي حسب
وربما ساد نذل القوم بالمال
أصون عرضي بمالي لا أدنسه
لا بارك الله بعد العرض في المال
وقال آخر :
إذا قل مال المرء قل صفاؤه
وضاقت عليه أرضه وسماؤه
وأصبح لا يدري وإن كان حازما
أقدامه خير له أم وراؤه
إذا قل مال المرء لم يرض عقله
بنوه ولم يغضب له أولياؤه
وإن مات لم يفقد ولم يحزنوا له
وإن عاش لم يسرر صديقا بقاؤه
وقال آخر :
الفقر يزري بأقوام ذوي حسب
وقد يسود غير السيد المال
وقال آخر :
أرى دهرنا فيه عجائب جمة
إذا استعرضت بالعقل ضل بها العقل
أرى كل ذي مال يسود بماله
وإن كان لا أصل هناك ولا فضل
فشرف ذوي الأموال حيث لقيتهم
فقولهم قول وفعلهم فعل
وقال أبو العتاهية :
والناس حيث يكون المال والجاه
وعن عمرو بن العاص { أن النبي قال له يا عمرو نعم المال الصالح مع الرجل الصالح } رواه أحمد وسبق ما يتعلق بهذا والزهد في الدنيا وذمها قبل فصل آداب المصافحة وقال ابن عبد البر قال قيس بن عاصم لبنيه حين حضرته الوفاة يا بني عليكم بالمال واصطناعه فإنه ينبه الكريم , ويستغني به عن اللئيم .
وقال القاضي أبو يعلى رحمه الله : والكسب قد يفترض في نفقته على نفسه إذا لم توجد منه حقيقة التوكل , فأما إذا وجد منه حقيقة التوكل وهو أن لا تستشرف نفسه إلى أحد من الناس لم يفترض عليه الكسب لنفسه . ويأتي في الفصل بعده قال والكسب الذي لا يقصد به التكاثر , وإنما يقصد به التوصل إلى طاعة الله تعالى من صلة الإخوان أو يستعف عن وجوه الناس فهو أفضل , لما فيه من منفعة غيره ومنفعة نفسه , وهو أفضل من التفرغ إلى طلب العبادة من الصوم والصلاة والحج وتعلم العلم لما فيه من المنافع للناس , وخير الناس أنفعهم للناس انتهى كلامه .
ولنا خلاف هل ما تعدى نفعه من تطوع البدن أفضل له أم الصلاة ونحوها , وعلى هذا الخلاف تخرج هذه المسألة .
وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الخلق عيال الله , وأحب الخلق إليه أنفعهم لعياله } إسناده ضعيف .
ورواه الطبراني وابن مردويه وغيرهما .
وروى الطبراني ثنا حفص بن عمر الرقي ثنا قبيصة أنا سفيان عن حجاج بن فرافصة عن مكحول عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من طلب الدنيا حلالا استعفافا عن المسألة وسعيا على أهله وتعطفا على جاره جاء يوم القيامة ووجهه هـ كالقمر ليلة البدر , ومن طلب الدنيا حلالا مكاثرا لقي الله وهو عليه غضبان } حديث حسن ومكحول لم يسمع من أبي هريرة , وأطلق أصحابنا إباحة التجارة ولعل المراد غير مكاثر وأنه يكره , وحرم أبو الفرج الشيرازي من أصحابنا المكاثرة بذلك قال ابن تميم وفيه نظر , ويأتي كلام ابن حزم في آداب المساجد .
وقد ذكرنا المسألة في الفقه في القصر في السفر وسبق كلام ابن حزم أيضا أول الفصل ويجب النصح في المعاملة وكذا في غيرها وترك الغش قال المروزي قلت لأبي عبد الله أن رجلا قال لا أكتسب حتى تصح لي النية وله عيال قال إذا كان يجب عليه أن يعفهم فمن النية صيانتهم .
- 12-05-2007, 11:19 AM #117
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( في فضل التجارة والكسب على تركه توكلا وتعبدا ) .
سأل رجل الإمام أحمد رحمه الله فقال : أربعة دراهم درهم من تجارة ودرهم من صلة الإخوان ودرهم من أجر التعليم ودرهم من غلة بغداد ؟ فقال : أحبه إلي من تجارة بزه , وأكرهها عندي الذي من صلة الإخوان , وأما أجر التعليم فإن احتاج فليأخذه , وأما غلة بغداد فأنت تعرفها فأي شيء تسألني عنها وقال رجل لأحمد التعليم أحب إليك أم المسألة قال التعليم أحب إلي .
وقال المروزي : سمعت رجلا يقول لأبي عبد الله إني في كفاية قال الزم السوق تصل به الرحم وتعود به على نفسك .
وقال أحمد للميموني استغن عن الناس فلم أر مثل الغني عن الناس وقال رجل للفضيل بن عياض رحمه الله لو أن رجلا قعد في بيته وزعم أنه يثق بالله فيأتيه برزقه قال : إذا وثق به حتى يعلم أن قد وثق به لم يمنعه شيء أراده ولكن لم يفعل هذا الأنبياء ولا غيرهم . وقد قال الله تعالى : { وابتغوا من فضل الله } . ولا بد من طلب المعيشة وقال إبراهيم النخعي رحمه الله وسئل عن الرجل يترك التجارة ويقبل على الصلاة يعني ورجل يشتغل بالتجارة أيهما أفضل قال التاجر الأمين .
وترك سعيد بن المسيب دنانير فقال اللهم إنك تعلم أني لم أجمعها إلا لأصون بها ديني وحسبي , لا خير فيمن لا يجمع المال فيقضي دينه ويصل رحمه ويكف به وجهه
وقال سفيان رحمه الله ليس من حبك الدنيا أن تطلب فيها ما يصلحك وقال إبراهيم النخعي إنما أهلك الناس فضول الكلام وفضول المال . وقيل لأحمد رحمه الله فإن أطعم عياله حراما يكون ضيعة لهم قال شديدا قال المروزي وقد أنكر أبو عبد الله على المتوكلين في ذلك إنكارا شديدا وقال في رواية عبد الله ينبغي للناس كلهم يتوكلون على الله عز وجل ولكن يعودون أنفسهم بالكسب فمن قال بخلاف هذا القول فهذا قول إنسان أحمق قال وسمعت أبي يقول : الاستغناء عن الناس بطلب العمل أعجب إلينا من الجلوس وانتظار ما في أيدي الناس .
وقال صالح سئل وأنا شاهد عن قوم لا يعملون , ويقولون نحن متوكلون , فقال هؤلاء مبتدعة قال المروزي قيل لأبي عبد الله إن ابن عيينة كان يقول : هم مبتدعة فقال أبو عبد الله هؤلاء قوم سوء يريدون تعطيل الدنيا .
وقال في رواية أبي الحارث إذا جلس الرجل ولم يحترف دعته نفسه إلى أن يأخذ ما في أيدي الناس فإذا شغل نفسه بالعمل والاكتساب ترك الطمع .
وقال المروذي قيل لأبي عبد الله أي شيء صدق المتوكل على الله عز وجل ؟ قال أن يتوكل على الله ولا يكون في قلبه أحد من الآدميين يطمع أن يجيئه بشيء فإذا كان كذلك كان الله يرزقه وكان متوكلا .
وقال المروذي ذكرت لأبي عبد الله التوكل فأجازه لمن استعمل فيه الصدق وقد روى الترمذي عن علي بن خشرم عن عيسى بن يونس عن عمران بن زائدة بن نشيط عن أبيه عن أبي خالد الوالبي عن أبي هريرة مرفوعا { يقول الله تعالى : يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك وإن لم تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك } رواه ابن ماجه من حديث عمران بن زائدة ورواه أحمد وهو حديث جيد قال الترمذي حسن غريب .
وروى أيضا وقال الترمذي حسن صحيح عن عمر مرفوعا { لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا } . وعن زيد بن ثابت مرفوعا { من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له , ومن كانت الآخرة همه جمع الله له أمره وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة } إسناده جيد ورواه ابن ماجه . وعن عمرو بن العاص مرفوعا { إن لقلب ابن آدم بكل واد شعبة فمن أتبع قلبه الشعب كلها لم يبال الله في أي واد أهلكه ومن توكل على الله كفاه الشعب } رواه ابن ماجه من رواية ابن زريق العطار تفرد عنه الكوسج وباقيه جيد ولابن ماجه هذا المعنى بإسناد ضعيف من حديث ابن مسعود , وقد سبق في فصول العلم .
وقال ابن عبد البر في كتاب بهجة المجالس قال صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه { لا تكثر همك يا عبد الله وما يقدر يكون وما ترزق يأتيك } وقال غيره قال الأطباء في تدبير المشايخ وليحذروا الهم فإنه يصير الشباب شيوخا فما ظنك بالمشايخ .
قال ابن عبد البر ويروى لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وفيها نظر
لو أن في صخرة في البحر راسية
صما ململمة ملس نواحيها
رزقا لعبد براه الله لانفلقت
حتى تؤدي إليه كل ما فيها
أو كان تحت طباق الأرض مطلبها
لسهل الله في المرقى مراقيها
حتى تؤدي الذي في اللوح خط له
إن هي أتته وإلا سوف يأتيها
قال وأنشد بعضهم :
الحمد لله ليس الرزق بالطلب
ولا العطايا على عقل ولا أدب
إن قدر الله شيئا أنت طالبه
يوما وجدت إليه أقرب السبب
وإن أبى الله ما تهوى فلا طلب
يجدي عليك ولو حاولت من كثب
وقد أقول لنفسي وهي ضيقة
وقد أناخ عليها الدهر بالعجب
صبرا على ضيقة الأيام إن لها
فتحا وما الصبر إلا عند ذي الأدب
سيفتح الله أبواب العطاء بما
فيه لنفسك راحات من التعب
ولو يكون كلامي حين أنشده
من اللجين لكان الصمت من ذهب
ولآخر :
إني لأعلم والأقدار غالبة
أن الذي هو رزقي سوف يأتيني
أسعى إليه فيعنيني تطلبه
ولو قعدت أتاني لا يعنيني
وقال آخر :
ألم تر أن الله قال لمريم
وهزي إليك الجذع يسقط لك الرطب
ولو شاء أن تجنيه من غير هزها
جنته ولكن كل شيء له سبب
وقال بكر بن حماد :
للناس حرص على الدنيا وقد فسدت
فصفوها لك ممزوج بتكدير
فمن يكب عليها لا تساعده
وعاجز نال دنياه بتقصير
لم يدركوها بعقل عندما قسمت
وإنما أدركوها بالمقادير
لو كان عن قدرة أو عن مغالبة
طار البزاة بأرزاق العصافير
ولشريح بن يونس المحدث
يا طالب الرزق يسعى وهو مجتهد
أتعبت نفسك حتى شفك التعب
تسعى لرزق كفاك الله مؤنته
أقصر فرزقك لا يأتي به الطلب
كم من سخيف ضعيف العقل تعرفه
له الولاية والأرزاق والذهب
ومن حصيف له عقل ومعرفة
بادي الخصاصة لم يعرف له نسب
فاسترزق الله مما في خزائنه
فالله يرزق لا عقل ولا حسب
وقال آخر :
كم من قوي قوي في تقلبه
مهذب الرأي عنه الرزق منحرف
ومن ضعيف ضعيف الرأي تبصره
كأنه من خليج البحر يغترف
وقال آخر
يا راكب الهول والآفات والهلكه
لا تعجلن فليس الرزق بالحركه
من غير ربك في السبع العلى ملك
ومن أدار على أرجائها فلكه
أما ترى البحر والصياد تضربه
أمواجه ونجوم الليل مشتبكه
يجر أذياله والموج يلطمه
وعقله بين في كلكل الشبكه
حتى إذا راح مسرورا بها فرحا
والحوت قد شك منقود الردى حنكه
أتى إليك برزق ما به تعب
فصرت تملك منه مثل ما ملكه
لطفا من الله يعطى ذا بحيلته
هذا يصيد وهذا يأكل السمكه
وقال بعض الحكماء : الحلال يقطر قطرا , والحرام يسيل سيلا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { اللهم لا مانع لما أعطيت , ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد } متفق عليه قال أكثم بن صيفي جدك لا كدك .
وقال أبو الأسود الدؤلي :
المرء يحمد سعيه من جده
حتى يزين بالذي لم يعمل
وترى الشقي إذا تكامل عيبه
يرمى ويقذف بالذي لم يفعل
وقال حسان أو ابنه عبد الرحمن :
وإن امرأ يمسي ويصبح سالما
من الناس إلا ما جنى لسعيد
وإن الذي ينجو من النار بعدما
تزود من أعمالها لسعيد
ولصالح بن عبد القدوس :
وليس رزق الفتى من حسن حيلته
لكن جدود بأرزاق وأقسام
كالصيد يحرمه الرامي المجيد وقد
يرمي فيرزقه من ليس بالرامي
طلب أبو الأسود الدؤلي مالا من جار يستقرضه منه وكان حسن الظن به فاعتل عليه ودفعه فقال أبو الأسود :
فلا تطمعن في مال جار لقربه
فكل قريب لا ينال بعيد
وفوض إلى الله الأمور فإنما
تروح بأرزاق عليك جدود
ولا تشعرن النفس يأسا فإنما
يعيش بجد عاجز وبليد
وأنشد محمد بن نصر الكاتب لنفسه :
لا تشرهن إلى دنيا تملكها
قوم كثير بلا عقل ولا أدب
ولا تقل إنني أبصرت ما جهلوا
من الإدارة في مرأى ومنقلب
بالجد والجد قد نالوا الذي ملكوا
لا بالعقول ولا بالعلم والحسب
وأيسر الجد يجري كل ممتنع
على التمكن عند البغي والطلب
وإن تأملت أحوال الذين مضوا
رأيت من ذا وهذا أعجب العجب
وفي مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { السفر قطعة من العذاب فإذا قضى أحدكم نهمته فليعجل الرجوع إلى أهله } وقد سبق بعد آداب السفر .
قال ابن عبد البر وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { سافروا تصحوا وتغنموا } وقد روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومنهم من يرفعه أنه قال من سعادة ابن آدم أو من سعادة المرء أن تكون زوجته صالحة , وأولاده أبرارا وإخوانه صالحين ورزقه في بلده الذي فيه أهله وفي التوراة ابن آدم أحدث سفرا أحدث لك رزقا .
ومن أمثال العامة : البركات مع الحركات وقالوا : ربما أسفر السفر عن الظفر .
قال بعضهم :
وإذا الزمان كساك حلة معدم
فالبس له حلل النوى وتغرب
وقال آخر :
ومن يغترب يحسب عدوا صديقه
ومن لا يكرم نفسه لا يكرم
وقال آخر :
إن الغريب بأرض لا عشير له
كبائع الريح لا يعطى به ثمنا
وقال آخر :
تغربت عن أهلي أؤمل ثروة
فلم أعط آمالي وطال التغرب
فما للفتى المحتال في الرزق حيلة
ولا لحدود حدها الله مذهب
وقال آخر :
لقرب الدار في الإقتار خير
من العيش الموسع في اغتراب
وقال آخر :
إن الغريب وإن أقام ببلدة
يهدى إليه خراجها لغريب
وقال آخر :
غريب يقاسي الهم في أرض غربة
فيا رب قرب دار كل غريب
وقال آخر :
إن الغريب وإن ألم ببلدةوقال آخر :
كتبت أنامله على الحيطان
فتراه يكتب والغرام يسوقه
والشوق قائده إلى الأوطان
سل الله الأمان من المغيب
فكم قد رد مثلك من غريب
وسل الهم عنك بحسن الظن
ولا تيأس من الفرج القريب
قيل : إن هذه الأبيات للرشد :
حتى متى أنا في حط وترحال
وطول سعي وإدبار وإقبال
ونازح الدار لا ينفك مغتربا
عن الأحبة لا يدرون ما حالي
في مشرق الأرض طرا ثم مغربها
لا يخطر الموت من حرص على بالي
ولو قعدت أتاني الرزق في دعة
إن القنوع الغنى لا كثرة المال
خرج الشافعي رضي الله عنه في بعض أسفاره فضمه الليل إلى مسجد فبات فيه وإذا في المسجد أقوام عوام يتحدثون بضروب من الخنا وهجر المنطق فتمثل فقال :
وأنزلني طول النوى دار غربة
إذا شئت لاقيت امرأ لا أشاكله
وقال شريك بن عبد الله كان يقال أنجى الناس من البلايا والفتن من انتقل من بلد إلى بلد .
وقال يعقوب سمعت أحمد وسئل عن التوكل فقال هو قطع الاستشراف بالإياس من الخلق , فقيل له ما الحجة قال إبراهيم لما وضع في المنجنيق ثم طرح إلى النار فاعترضه جبريل عليهما السلام فقال يا إبراهيم لك حاجة قال أما إليك فلا , فقال له سل من لك إليه حاجة , فقال أحب الأمرين إليه أحبهما إلي ومراده والله أعلم أن هذا وإن قدح في التوكل الكامل فلا يقدح في التوكل الواجب ولهذا قال في رواية عبد الله السابقة : الاستغناء عن الناس بطلب العمل أعجب إلينا من الجلوس وانتظار ما في أيدي الناس , ولهذا يذكر الأصحاب كراهة الحج لمن حج بلا زاد ولا راحلة يسأل الناس . وذكروا قول الإمام أحمد وسئل عمن يدخل البادية بلا زاد ولا راحلة فقال لا أحب له ذلك هذا يتوكل على أزواد الناس .
وظهر مما سبق أن من توكل توكلا صادقا فلم تستشرف نفسه إلى مخلوق وترك السبب واثقا بوعد الله أنه خلاف السنة وهل يأثم ؟ على روايتين , والله أعلم .
وسبق في الفصل قبله كلام القاضي وقال ابن الجوزي قيل لأحمد : ما تقول في رجل جلس في بيته أو مسجده وقال : لا أعمل شيئا حتى يأتي رزقي ؟ فقال أحمد هذا رجل جهل العلم أما سمع قول النبي صلى الله عليه وسلم { إن الله جعل رزقي تحت ظل رمحي } وقال حين ذكر الطير { تغدو خماصا وتروح بطانا } وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتجرون في البر والبحر ويعملون في نخلهم , والقدوة بهم وقال أبو سليمان الداراني رحمه الله ليس العبادة عندنا أن تصف قدميك وغيرك يتعب لك ولكن ابدأ برغيفك فاحرزهما ثم تعبد .
وروي أن لقمان الحكيم عليه السلام قال لابنه يا بني استعن بالكسب الحلال فإنه ما افتقر أحد قط إلا أصابه ثلاث خصال : رقة في دينه وضعف في عقله وذهاب مروءته , وأعظم من ذلك استخفاف الناس به , وسئل الإمام أحمد ما يلين القلب ؟ فقال أكل الحلال , فسأل السائل بشر بن الحارث وعبد الوهاب الوراق رحمهما الله فقالا يذكر الله , فذكر لهما أحمد فقالا جاء بالأصل .
وقال الحسن بن علي أبو محمد البربهاري الحنبلي الإمام في كتابه شرح السنة في أثناء كلامه ولا تقل أترك المكاسب وآخذ ما أعطوني لم يقل هذا الصحابة ولا العلماء رضي الله عنهم إلى زماننا هذا وقال عمر رضي الله عنه كسب فيه بعض الدنية خير من الحاجة إلى الناس انتهى كلامه .
قال المروزي سألت أبا عبد الله عن شيء قال لا تبحث عما لا تعلم فهو خير .
وروى الخلال عن سفيان أنه قال أما بيع في السوق فهو موسع لك إلا أن تعلم شيئا حراما بعينه , ولا أرى التفتيش عن هذه الأشياء وروى الترمذي وحسنه وإسناده ثقات عن الحسن عن أبي سعيد مرفوعا { التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء } قال ابن المديني الحسن لم يسمع من أبي سعيد وكذا قال أبو بكر البزار روى عنه حديثين أو ثلاثة ولم يسمع منه .
وروى أبو بكر بن مردويه
عن ابن عمر مرفوعا { إن الله يحب العبد المؤمن المحترف } وروى ابن أبي الدنيا في كتاب إصلاح المال عن ابن عباس مرفوعا { طلب الحلال جهاد وإن الله يحب العبد المؤمن المحترف } . وبإسناده عن أنس قال { ذكر شاب عند النبي صلى الله عليه وسلم بزهد وورع فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن كانت له حرفة } وبإسناده عن الحسن قالوا يا رسول الله { أي الأعمال أحب إلى الله قال كسب الحلال وأن تموت ولسانك رطب من ذكر الله } وبإسناده عن نعيم بن عبد الرحمن مرفوعا { تسعة أعشار الرزق في التجارة } . وبإسناده عن عمر قال ما خلق الله موتة أموتها بعد القتل في سبيل الله أحب إلي من أن أموت بين شعبتي رحل أضرب في الأرض أبتغي من فضل الله . وبإسناده عن عمر يا معشر القراء ارفعوا رءوسكم فقد وضح الطريق واستبقوا الخيرات ولا تكونوا عيالا على المسلمين وبإسناده عن سعيد بن المسيب قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتجرون في بحر الروم .
وسبق الكلام في الزهد في الدنيا وذمها قبل فصل آداب المصافحة قال ابن الجوزي قد جاء في الحديث { من طلب العلم تكفل الله برزقه وإنما يذهب الدين الشره وقلة القناعة } .
وقال الثوري لأن أخلف عشرة آلاف درهم يحاسبني الله عليها أحب إلي من أن أحتاج إلى الناس قال ابن الجوزي وقد أخذ هذا المعنى الشاعر فنظمه :
لأن أمضي وأترك بعض مالي
يحاسبني به رب البريه
أحب إلي من وقع احتياجي
إلى نذل شحيح بالعطيه
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنه قال لأبي عثمان النهدي لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها فإنها معركة الشيطان وبها ينصب رايته رواه مسلم في فضل أم سلمة وهو عكس ما رأيته في التاريخ عن بعض الناس ورواه أبو بكر بن أبي عاصم عن سلمان مرفوعا وروى أيضا هذا المعنى عن أبي أمامة مرفوعا .
وروى أبو بكر البرقاني في صحيحه حديث سلمان مرفوعا ولفظه بعد قوله : يخرج منها فيها باض الشيطان وفرخ ولم يزد على ذلك .
وروى الترمذي ثنا هناد ثنا أبو الأحوص عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { لا تستقبلوا السوق ولا تحفلوا ولا ينفق بعضكم لبعض } قال الترمذي حسن صحيح والمحفلة المصراة .
قال ابن الأثير : لا ينفق بعضكم لبعض أي لا يقصد أن ينفق سلعته على جهة النجش فإنه بزيادته فيها يريب السامع فيكون قوله سببا لابتياعها ومنفقا لها . والسوق تذكر وتؤنث سميت بذلك لقيام الناس فيها على سوقهم .
- 12-05-2007, 11:27 AM #118
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( في تحريم السؤال حتى على من له أخذ الصدقة وذمه وتقبيحه ) .
من أبيح له أخذ شيء قال ابن حمدان من زكاة وصدقة تطوع وكفارة ونذر ونحو ذلك فله طلبه وعنه يحرم الطلب دون الأخذ على من له غداء أو عشاء نقلها الأثرم وابن منصور , وعنه بلى على من له غداء أو عشاء , نقله عنه صالح وجعفر , وعنه يحرم الطلب على من له خمسون درهما وإن جاز له الأخذ نقله مهنا , وعنه تحرم المسألة على من له أخذ الصدقة مطلقا والله أعلم , وفي ذم السؤال والنهي عنه وأن المسألة تجيء في وجهه يوم القيامة خدوش وأنه يستكثر من جمر جهنم ونحو ذلك أخبار كثيرة مشهورة .
وقال مؤنس :
إن الوقوف على الأبواب حرمان
والعجز أن يرجو الإنسان إنسان
متى تؤمل مخلوقا وتقصده
إن كان عندك بالرحمن إيمان
ثق بالذي هو يعطي ذا ويمنع ذا
في كل يوم له في خلقه شان
وقال آخر
من يسأل الناس يحرموه
وسائل الله لا يخيب
قال آخر :
ومتى تصبك خصاصة فارج الغنى
وإلى الذي يهب الرغائب فارغب
وقال آخر :
لا تحسبن الموت موت البلى
فإنما الموت سؤال الرجال
كلاهما موت ولكن ذا
أشد من ذاك لذل السؤال
وذكر ابن الجوزي أن سعد الله بن نصر الدجاجي الحنبلي يكنى أبا الحسن توفي في سنة أربع وستين وخمسمائة تفقه وناظر ووعظ قال كنت خائفا من الخليفة لحادث نزل فاختفيت فرأيت في المنام كأني في غرفة أكتب شيئا , فجاء رجل فوقف بإزائي وقال اكتب ما أملي عليك :
ادفع بصبرك حادث الأيام
وترج لطف الواحد العلام
لا تيأسن وإن تضايق كربها
ورماك ريب صروفها بسهام
فله تعالى بين ذلك فرجة
تخفى على الأبصار والأفهام
كم من نجا من بين أطراف القنا
وفريسة سلمت من الضرغام
وقال محمود الوراق :
وإذا لم يكن من الذل بد
فالق بالذل إن لقيت الكبارا
ليس إجلالك الكبير بذل
إنما الذل أن تجل الصغارا
وقال أيضا :
بخلت وليس البخل مني سجية
ولكن رأيت الفقر شر سبيل
لموت الفتى خير من البخل للفتى
وللبخل خير من سؤال بخيل
قال ابن عبد البر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { انتظار الفرج عبادة } .
ويروى لأبي محجن الثقفي :
عسى فرج يأتي من الله إنه
له كل يوم في خليقته أمر
عسى ما ترى أن لا يدوم وأن ترى
له فرجا مما ألح به الدهر
إذا اشتد عسر فارج يسرا فإنه
قضى الله إن العسر يتبعه اليسر
وقال آخر :
لعمرك ما كل التعطل ضائر
ولا كل شغل فيه للمرء منفعه
إذا كانت الأرزاق في القرب والنوى
عليك سواء فاغتنم لذة الدعه
وإن ضقت يوما يفرج الله ما ترى
ألا رب ضيق في عواقبه سعه
وقال آخر :
اصبر على الدهر إن أصبحت منغمسا
بالضيق في لجج تهوي إلى لجج
فما تجرع كأس الصبر معتصم
بالله إلا آتاه الله بالفرج
وقال آخر :
هون عليك فكل الأمر منقطع
وخل عنك عنان الهم يندفع
فكل هم له من بعده فرج
وكل أمر إذا ما ضاق يتسع
إن البلاء وإن طال الزمان به
فالموت يقطعه أو سوف ينقطع
وقال الشعبي خرجت حاجا فضاق صدري فجعلت أقول :
أرى الموت لمن أمسى
على الذل له أصلح
فإذا بهاتف من ورائي يقول :
ألا أيها المرء الذي
الهم به برح
إذا ضاق بك الصدر
تفكر في ألم نشرح
- 12-05-2007, 11:30 AM #119
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( في حكم ما يأتي المرء الصلات والهبات من أخذ ورد ) .
وما جاءه من مال بلا إشراف نفس ولا مسألة وجب أخذه نقله جماعة منهم الأثرم والمروذي قال في رواية الأثرم { إذا جاءه من غير مسألة ولا إشراف كان عليه أن يأخذه لقول النبي صلى الله عليه وسلم خذ } ثم ذكر الحديث ثم قال ينبغي له أن يأخذه ويضيق عليه إذا لم يكن له أشراف أن يرده .
وقال محمد بن يحيى الكحال للإمام أحمد الرجل يأتيه الشيء من غير مسألة ولا استشراف أيما أفضل يأخذه أو يرده قال إذا لم يكن استشراف أخاف أن يضيق عليه رده وكذا نقل المروذي ومحمد بن حبيب ويوسف بن موسى ونقل عنه ابن مشيش أخاف إذا جاءه فجأة فرده أن يحرج .
وقطع به في المستوعب , واختار ابن حمدان أنه يستحب ورأيت بخط القاضي تقي الدين الزرباني البغدادي الحنبلي رحمه الله أن الإمام أحمد نص عليه في رواية إسحاق بن إبراهيم , والذي وجدت إسحاق نقله عنه أنه قال لا بأس إذا كان من غير استشراف أن يرد أو يأخذ هو بالخيار , وهذه رواية بإباحة الأخذ وهو الذي ترجم الخلال أن القبول مباح من غير استشراف .
وأمر أحمد في رواية بشر بن موسى بالأخذ وقال للسائل أرجو أن يطلب لك وذكر ابن الجوزي أنه لا يأخذه إلا مع حاجته إليه وإذا سلم من الشبهة والآفات فإن الأفضل آخذه , ونقل المروذي أن أحمد جاءته هدية أثواب من خراسان فلما كان من الغد قال للمروذي اذهب رده قال فقلت له أي شيء تكون الحجة في رده ؟ أو كيف يجوز أن يرد مثل هذا قال ليس أعلم فيه شيئا إلا أن الرجل إذا تعود لم يصبر عنه , واتجر محمد بن سليمان السرخسي بدراهم جعل ربحها لأحمد فربحت عشرة آلاف فذكر ذلك لأحمد .
فقال : جزاه الله خيرا لكنا في كفاية فرد عليه , فقال دعنا نكون أعزة وأبى أن يأخذها .
وذكر القاضي أبو الحسين في كراهة الرد روايتين وعلل رواية عدم الكراهة بكلام أحمد في رواية المروذي وكان سفيان بن عيينة يقول لأصحاب الحديث : أعلمتم أني كنت قد أوتيت فهم القرآن فلما قبلت من أبي جعفر يعني من يحيى بن خالد البرمكي سلبته وكان سفيان يقول : اللهم إنه كفاني أمر دنياي فاكفه أمر آخرته , فرئي البرمكي في النوم بعد موته فقال ما نفعني شيء ما نفعتني دعوة سفيان أو نحو ذلك .
فإن استشرفت نفسه إليه فنقل عنه عبد الله لا بأس أن يردها وكذا نقل الكحال عنه إن شاء رده وكذا نقل محمد بن يوسف له أن يردها , ونقل المروذي فإن استشرفت نفسه ردها .
وقال له الأثرم : فليس عليه أن يرده كما يرد المسألة قال ليس عليه , ونقل عنه أبو داود ولا بأس أن يردها قال أبو داود وكأنه اختار الرد ونقل عنه إسحاق بن إبراهيم لا يأخذه .
وذكر القاضي أبو الحسين أنه لا تختلف الرواية أنه لا يحرم ; لعدم المسألة وقال في الرعاية كره له أخذه ولم يحرم , وقيل : له أخذه ورده أولى . وقد عرف من نصوص أحمد أنه هل يحرم أو يخير أو الرد أولى أو يكره الأخذ فيه روايات مع أن رواية إسحاق فيها النهي عن الأخذ وظاهر النهي التحريم واستشراف النفس أن تقول سيبعث لي فلان أو لعله يبعث لي وإن لم يتعرض أو يعرض بقلبك عسى أن يفعل نص عليه .
وذكر أحمد حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له { إذا أتاك من هذا المال من غير مسألة ولا استشراف نفس فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك } فقال هذا إذا كان من مال طيب .
- 14-05-2007, 08:15 AM #120
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( في سؤال الشيء التافه كشسع النعل روايات ) .
نقل أبو طالب عن أحمد في الرجل يسأل الرجل الحذاء أو الإسكاف الشسع قال لقد شددت وقال عبد الله كأنه لم يره مسألة , ونقل حرب ويعقوب عنه في الرجل يمر بالرجل فيسأله الشسع لنعله فكأنه لم يرخص في شيء منه قال يعقوب فكأنه كرهه فلم يرخص في شيء منه .
وقال الفضل بن زياد وإبراهيم بن هانئ كان أبو عبد الله لا يرخص في مسألة الشسع , فظهر من هذا أن مسألة الشيء اليسير كالشسع وشبهه هل يجوز أو يكره أو يحرم ؟ فيه روايات .
ولا بأس بمسألة الماء نص عليه واحتج بأن { النبي صلى الله عليه وسلم مر بقربة معلقة فاستسقى فشرب } . ونقل أبو داود عنه وسئل الرجل يكون بين الناس عطشانا فلا يستسقي وأظنه قال في الورع ما يكون قال أحمق , نقل جعفر عن أحمد في الرجل يستعير الشيء لا يكون مسألة .
فصل ( في سؤال الأخ والوالد والولد والأخذ ممن أعطى حياء ) .
قال حرب لأحمد الرجل يكون له الأخ من أبيه وأمه ويرى عنده الشيء يعجبه , الدابة ونحوه ذلك فيقول هب هذا لي وقد كان ذلك يجري بينهما ولعل المسئول يحب أن يسأله أخوه ذلك قال أكره المسألة كلها ولم يرخص فيه إلا أنه بين الأب والولد أيسر , وذلك أن فاطمة قد أتت النبي صلى الله عليه وسلم وسألته ونقل عنه يعقوب وإبراهيم بن هانئ والفضل نحو ذلك .
ومن المسألة المحرمة وهي واقعة كثيرا سؤال رب الدين وضع شيء من دينه نص عليه قال في رواية بكر بن محمد عن أبيه لا تعجبني هذه المسألة قال صلى الله عليه وسلم { لا تحل المسألة إلا لثلاث } قال ابن الجوزي وإن أخذ ممن يعلم أنه إنما أعطاه حياء لم يجز له الأخذ ويجب رده إلى صاحبه ولم أجد أحدا صرح بهذا غيره وهو قول حسن ; لأن المقاصد عندنا في العقود معتبرة . وعموم كلام غيره يخالفه والله أعلم .
قال أحمد ثنا إسماعيل ثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال عن أبي قتادة وأبي الدهماء وكانا يكثران السفر نحو البيت قالا : أتينا على رجل من أهل البادية فقال البدوي أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يعلمني مما علمه الله وقال { إنك لن تدع شيئا اتقاء الله عز وجل إلا أعطاك الله خيرا منه } .
ورواه النسائي عن سويد بن نصر عن عبد الله بن سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال ثنا أبو قتادة وأبو الدهماء وذكره , إسناد جيد . وعن أبي هريرة مرفوعا { انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من فوقكم فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم } رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه وله من حديث عبد الله بن عمرو { خصلتان من كانتا فيه كتبه الله شاكرا صابرا } الحديث وفيه المثنى بن الصباح وهو ضعيف .
المواضيع المتشابهه
-
تاثير المياة المعدنية على الاطفال رائع
By keeper207 in forum استراحة اعضاء المتداول العربيمشاركات: 1آخر مشاركة: 05-03-2010, 01:52 PM -
حافظو على تنظيف برادات المياة دوريا والا ........!؟
By jamal_2022 in forum استراحة اعضاء المتداول العربيمشاركات: 10آخر مشاركة: 16-02-2010, 01:45 AM -
أجمل ما قرأت ..... والله المستعان
By amr alaa in forum استراحة اعضاء المتداول العربيمشاركات: 4آخر مشاركة: 08-06-2009, 09:00 PM -
من أروع ما قرأت×××
By ليالينا in forum استراحة اعضاء المتداول العربيمشاركات: 5آخر مشاركة: 09-01-2007, 11:27 AM -
تربية الأولاد على الآداب الشرعية
By يورو2006 in forum استراحة اعضاء المتداول العربيمشاركات: 1آخر مشاركة: 13-09-2006, 08:22 PM