النتائج 136 إلى 150 من 269
الموضوع: قرأت لك : الآداب الشرعية
- 28-05-2007, 08:25 PM #136
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( في كراهة حلق الرأس في غير النسك وكراهة القزع في الحلق ) .
ويكره للرجل حلق رأسه من غير حاجة نص عليه قال له المروذي تكرهه قال أشد الكراهة , ثم قال كان معمر يكره الحلق وأنا أكرهه واحتج أبو عبد الله بحديث عمر رضي الله عنه أنه قال لرجل لو وجدتك محلوقا لضربت الذي فيه عيناك , والرجل هو صبيغ السائل له عن الذاريات وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الخوارج { سيماهم التحليق } .
وروى الدارقطني في الإفراد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا توضح النواصي إلا في حج , أو عمرة } , والمبالغة في الحلق مكروهة .
قال جعفر بن محمد الطيالسي ثنا أحمد بن حنبل ثنا إبراهيم بن خالد فذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخوارج { سيماهم التحلق , والتسبيت } قال جعفر قلت لأحمد ما التسبيت قال الحلق الشديد ليشبه النعال السبتية .
وعن أحمد لا يكره الحلق زاد في الشرح لكن تركه أفضل لأن النبي صلى الله عليه وسلم { نهى عن القزع وقال احلقه كله , أو دعه كله } إسناده صحيح رواه أبو داود وغيره , وعزاه بعضهم إلى مسلم وليس كذلك . وقد قال ابن عبد البر أجمع العلماء في جميع الأمصار على إباحة الحلق فأما أخذه بالمقراض واستئصاله فلا يكره رواية واحدة لأن دلالة الكراهة تختص بالحلق , ويكره , للمرأة حلق رأسها زاد غير واحد وقصه من غير عذر رواية واحدة وقيل يحرمان عليها .
وقد روى النسائي عن خلاص عن علي رضي الله عنه قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها } وقال هذا حديث فيه اضطراب , والعمل على هذا عند أهل العلم . ويكره حلق القفا من غير حاجة نص عليه وقال أيضا هو من فعل المجوس { ومن تشبه بقوم فهو منهم } وهذا يقتضي التحريم وقيد في الشرح كراهية حلقه لمن لم يحلق رأسه وهو قول في الرعاية .
- 29-05-2007, 11:06 PM #137
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( في كون تغيير الشيب بصبغه سنة ) .
ويسن تغيير الشيب نص عليه , وقيل : ما يستحيي أن يخضب ؟ فقال سبحان الله سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإني لأرى الشيخ المخضوب فأفرح به وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا { إن اليهود , والنصارى لا يصبغون فخالفوهم } متفق عليه ويستحب بحناء وكتم لفعل النبي صلى الله عليه وسلم رواه أحمد وابن ماجه وإسناده ثقات , ولفعل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما متفق عليهما , ولا بأس بالورس , والزعفران قاله القاضي وغيره وفي التلخيص , والشرح وقدم بعض الأصحاب أن خضابه بغير السواد سنة وقال نص عليه .
قال أبو داود ثنا عبد الرحيم بن مطرف ثنا عمرو بن محمد أخبرنا ابن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان يلبس النعال السبتية ويصفر لحيته بالورس , والزعفران } .
وكان ابن عمر يفعل ذلك حديث حسن رواه النسائي وقال أبو مالك الأشجعي عن أبيه { كان خضابنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالورس , والزعفران . } رواه أحمد , ويكره بالسواد نص عليه قيل : له تكره الخضاب بالسواد قال إي والله لقول النبي صلى الله عليه وسلم عن والد أبي بكر رضي الله عنهما { وجنبوه السواد } رواه مسلم .
وقال أبو داود حدثنا أبو ثوبة ثنا عبيد الله عن عبد الكريم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة } إسناده جيد وعبد الكريم هو ابن مالك الجزري ورواه أحمد والنسائي , والكراهة في كلام أحمد هل هي للتحريم , أو التنزيه على وجهين ورخص فيه إسحاق بن راهويه للمرأة تتزين به لزوجها .
وذكر في المستوعب أنه لا يكره للحرب لقول النبي صلى الله عليه وسلم { اخضبوا بالسواد فإنه آنس للزوجة ومكيدة للعدو } وهذا خبر لا يصح .
وفي الأحكام السلطانية أن المحتسب يمنع من يخضب به في الجهاد وغيره , وعند الشافعية يستحب خضاب الشيب للرجل , والمرأة بصفرة , أو حمرة ويحرم بالسواد على الأصح عندهم قال بعض السلف , والخلف ترك الخضاب أفضل روي هذا عن عمر وعلي وأبي بن كعب وآخرين .
وكان ابن عمر وأبو هريرة وآخرون يخضبون بالصفرة , وروي عن علي , وخضب جماعة منهم بالحناء , والكتم وبعضهم بالزعفران , وخضب جماعة بالسواد .
وروي عن عثمان , والحسن ابني علي وعقبة بن عامر رضي الله عنهم وابن سيرين وأبي بردة وآخرين ويقال : صبغ يصبغ بضم الباء وفتحها وكان عقبة بن عامر رضي الله عنه يخضب لحيته ويقول :
نسود أعلاها وتأبى أصولها ولا
خير في الأعلى إذا فسد الأصل
وكان الحسين بن علي رضي الله عنهما يخضب بالسواد ويتمثل :
نسود أعلاها وتأبى أصولها
فيا ليت ما يسود منها هو الأصل
وقال آخر
يا أيها الرجل المسود شيبه
كيما يعد به من الشبان
أقصر فلو سودت كل حمامة
بيضاء ما عدت من الغربان
وعن عبيد بن جريج أنه قال لعبد الله بن عمر رضي الله عنه { رأيتك تلبس النعال السبتية ورأيتك تصبغ بالصفرة فقال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها فأنا أحب أن ألبسها . وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها فأنا أحب أن أصبغ بها . } متفق عليه .
ويكره نتف الشيب لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه وقال { إنه نور المسلم } روى ذلك أحمد وأبو داود وابن ماجه , والترمذي وحسنه نظر كسرى إلى رجلين من مرازبته شاب رأس أحدهما قبل لحيته , والآخر لحيته قبل رأسه فسألهما فقال الأول لأن شعر رأسي خلق قبل شعر لحيتي , والكبير يشيب قبل الصغير وقال الآخر لأنها أقرب إلى الصدر موضع الهم , والغم . وذكر ابن عبد البر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال شيب الناصية من الكرم وشيب الصدغين من الورع , وشيب الشاربين من الفحش , وشيب القفا من اللؤم .
آخر تعديل بواسطة أبو عبد الله ، 29-05-2007 الساعة 11:23 PM
- 29-05-2007, 11:07 PM #138
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( في نتف الشعر وحفه وتخفيفه ووصله والوشم ) .
ويكره للرجل نتف شعر وجهه ولو بمنقاش ونحوه وحفه , والتخفيف قال أحمد في الحف : أكرهه للرجال , وللمرأة حلقه وحفه , والتخفيف نص على الثلاثة وذكر ابن عبد البر أنه يكره لها حفه , ويكره نتفه سواء كان لها زوج , أو لم يكن قال أحمد أكره النتف وقال المروذي وكره يعني أحمد أن يؤخذ الشعر بمنقاش من الوجه وقال { لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتنمصات . }
وقطع غير واحد بالكراهة , ومنصوص أحمد التحريم , وهل تعد الكراهة رواية عنه ؟ مسألة خلاف فمن أثبت رواية في نقل الملك في أم الولد , والمتعة ونحو ذلك فهنا مثله , أو أولى وقطع في الشرح وغيره بأن نتف الشعر من الوجه لا يجوز .
ويكره لها وصل شعرها بشعر آخر ذكره في المستوعب , والتلخيص وقدمه في الرعاية وعنه يحرم قطع به في الشرح وقدمه ابن تميم .
ولا بأس بالقرامل ونحوها زاد بعضهم لكن تركه أفضل , وعنه هي كالوصل بالشعر قال المروذي سألت أبا عبد الله عن المرأة تصل رأسها بقرامل فكرهه وقال له أيضا فالمرأة الكبيرة تصل رأسها بقرامل ؟ فلم يرخص لها , ويباح ما تشد به شعرها للحاجة .
ويكره غرز جلدها بإبرة وحشوه كحلا وتحسين أسنانها وتفليجها وتحديدها , وذكر في الشرح وغيره أنه يحرم وهو أولى . وروى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لعن الله الواصلة والمستوصلة , والواشمة والمستوشمة , والمتنمصة والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله } .
وروى أيضا أن معاوية رضي الله عنه تناول قصة من شعر وقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذه ويقول : { إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذها نساؤهم } وروى أحمد عن جابر قال { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصل المرأة برأسها شيئا } قال صاحب المغني , والظاهر إنما المحرم وصل الشعر بالشعر لما فيه من التدليس واستعمال الشعر المختلف في نجاسته .
آخر تعديل بواسطة أبو عبد الله ، 29-05-2007 الساعة 11:25 PM
- 29-05-2007, 11:09 PM #139
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( في جواز ثقب آذان البنات ) .
ويجوز ثقب أذن البنت للزينة ويكره ثقب أذن الصبي نص عليهما قال في رواية مهنا أكره ذلك للغلام إنما هو للبنات قال مهنا قلت من كرهه قال جرير بن عثمان وقطع ابن الجوزي في منهاج القاصدين وغيره بأنه لا يجوز ثقب أذن البنت لأنه جرح مؤلم وفي المخانق , والأسورة كفاية , والاستئجار على ذلك غير صحيح , والأجرة المأخوذة عليه حرام قال في المستوعب : وأفضل الأدهان للرأس دهن البنفسج لقول النبي صلى الله عليه وسلم { فضل دهن البنفسج على سائر الأدهان كفضلي على سائر الناس } وضعف غير واحد هذا الخبر وهو كما قالوا .
آخر تعديل بواسطة أبو عبد الله ، 29-05-2007 الساعة 11:26 PM
- 29-05-2007, 11:11 PM #140
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( ما يقال : عند سماع نهيق ونباح وصياح ديك وكراهة التحريش ) .
من سمع نهيق حمار , أو نباح كلب استعاذ بالله من الشيطان الرجيم قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم { إذا سمعتم نهاق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطانا , وإذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكا } رواه البخاري ومسلم . وعن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إذا سمعتم نباح الكلب ونهيق الحمير بالليل فتعوذوا بالله منهن فإنهن يرون ما لا ترون } رواه أبو داود ورواه أحمد وعنده { فتعوذوا بالله ولم يقل منهن } ورواه النسائي , والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم , ويستحب قطع القراءة لذلك كما ذكروا أنه يقطعها للأذان وظاهره ولو تكرر ذلك وللنسائي رواية { إذا سمعتم الديكة بالليل } وذكره .
آخر تعديل بواسطة أبو عبد الله ، 29-05-2007 الساعة 11:27 PM
- 29-05-2007, 11:28 PM #141
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
ويكره التحريش بين الناس وكل حيوان بهيم ككباش وديكة وغيرهما ذكره في الرعاية الكبرى , وذكر في المستوعب أنه لا يجوز التحريش بين البهائم انتهى كلامه فهذان وجهان في التحريش بين البهائم انتهى كلامه وكلام الإمام أحمد يحتملهما قال ابن منصور لأبي عبد الله يكره التحريش بين البهائم قال سبحان الله إي لعمري , والأولى القطع بتحريم التحريش بين الناس .
وعن جابر رضي الله عنه قال { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التحريش بين البهائم } رواه أبو داود , والترمذي من رواية أبي يحيى القتات وهو مختلف فيه وباقيه ثقات .
- 30-05-2007, 10:32 PM #142
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( اتخاذ الأطيار في الأقفاص للتسلي بأصواتها ) .
فأما حبس المترنمات من الأطيار كالقماري , والبلابل لترنمها في الأقفاص فقد كرهه أصحابنا لأنه ليس من الحاجات لكنه من البطر , والأشر ورقيق العيش وحبسها تعذيب فيحتمل أن ترد الشهادة باستدامته ويحتمل أن لا ترد ذكره ابن عقيل في الفصول وقال في موضع آخر وقد منع من هذا أصحابنا وسموه سفها .
- 30-05-2007, 10:34 PM #143
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( في جواز اتخاذ الكلب للصيد والماشية والزرع ) .
يجوز اقتناء كلب لصيد يعيش به , أو حفظ ماشية يروح معها إلى المرعى ويتبعها , أو لحفظ زرع ولا يجوز اتخاذه لغير ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم { من اتخذ كلبا إلا كلب ماشية , أو صيد أو زرع نقص من أجره كل يوم قيراط } رواه مسلم وقيل : يجوز اقتناؤه لحفظ البيوت وهو قول بعض الشافعية قال في الرعاية وقيل : ولبستان .
فإن اقتنى كلب الصيد من لا يصيد به احتمل الجواز , والمنع , وهكذا الاحتمالان فيمن اقتنى كلبا ليحفظ له حرثا , أو ماشية إن حصلت , أو يصيد به إن احتاج إلى الصيد ويجوز تربية الجرو الصغير لأحد الثلاثة في أقوى الوجهين , والثاني لا يجوز وقال في الرعاية لا يكره في الأصح اقتناء جرو صغير حيث يقتنى الكبير .
- 30-05-2007, 10:36 PM #144
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( فيما يباح أو يستحب قتله من البهائم والحشرات الضارة ) .
ويباح قتل الكلب العقور , والأسود البهيم , والوزغ كذا ذكر غير واحد وليس مرادهم , والله أعلم حقيقة الإباحة , والتعبير بالاستحباب أولى وقطع به في المستوعب في محظورات الإحرام , وكذا قال في كل ما فيه أذى وكذا في الفصول وغيره قالت : عائشة رضي الله عنها { أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل خمس فواسق في الحل , والحرم : الغراب , والحدأة , والعقرب , والفأرة , والكلب العقور , } رواه البخاري ومسلم وروى مسلم من حديث ابن عمر مرفوعا { لا جناح على قتلهن في الحرم , والإحرام } .
وروى عنه أيضا عن إحدى نسوة النبي صلى الله عليه وسلم { أنه كان عليه الصلاة والسلام يأمر بقتلهن وفيه , والحية } .
وفي الصحيحين من حديث أم شريك { أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الأوزاغ } وفيهما , أو في مسلم وسماه فويسقا وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا { من قتل وزغا في أول ضربة كتبت له مائة حسنة وفي الثانية دون ذلك , وفي الثالثة دون ذلك } .
وعبر بالاستحباب جماعة ممن تكلم على الأحاديث وما تقدم من إباحة قتل الكلب العقور , والأسود البهيم ذكره الأصحاب في غير موضع وصرح الشيخ موفق الدين وغيره وإن كانا معلمين فإنه قال : وأما قتل ما لا يباح إمساكه من الكلاب فإن كان أسود بهيما , أو عقورا أبيح قتله وإن كانا معلمين قال وعلى قياس الكلب العقور كل ما أذى الناس وضرهم في أنفسهم وأموالهم يباح قتله .
وقال الإمام أحمد في رواية موسى بن سعيد في الكلب ست خصال : ثمنه وسؤره وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلها وتقطع الصلاة , ويقتل الكلب الأسود البهيم وإن كان لصاحب ماشية فلا بأس بقتله وقد علم أن مذهبنا أنه لا يباح صيد الكلب الأسود البهيم وعلله الأصحاب أو بعضهم بأن اقتناءه محرم وذلك للأمر بقتله , وهذا يقتضي أن الأمر بقتله للوجوب وإلا لما لزم منه تحريم الاقتناء . وقد صرح الشيخ موفق الدين وحده فيما وجدت في بحث المسألة في وجوب قتله , وقد قال أبو الخطاب الأمر بالقتل يقتضي النهي عن إمساكه وتعليمه , والاصطياد به انتهى كلامه . وعلى مقتضى هذا إلحاق الكلب العقور بالكلب الأسود البهيم أولى ; لأن الشارع أكد قتله فأباحه في الحرم وعلى قياس وجوب قتل الكلب العقور ما نص الشارع على قتله في الحرم وكذا ما كان فيه أذى ومضرة .
قال في الغنية الكلب العقور يحرم اقتناؤه قولا واحدا , ويجب قتله ليدفع شره عن الناس وقال الشيخ مجد الدين في شرح الهداية الكلب الأسود البهيم يتميز عن سائر الكلاب بثلاثة أحكام :
( أحدها ) قطع الصلاة بمروره .
( والثاني ) تحريم صيده واقتنائه .
( والثالث ) جواز قتله .
والبهيم هو الذي لا يخالط سواده شيء من البياض في إحدى الروايتين حتى لو كان بين عينيه بياض فليس ببهيم ولا تتعلق به هذه الأحكام وهذا قول ثعلب , والرواية الأخرى أنه بهيم وإن كان بين عينيه بياض فيتعلق بهذه الأحكام وهو صحيح لما روى مسلم عن جابر عنه عليه الصلاة والسلام { عليكم بالأسود البهيم ذي الطفيتين فإنه شيطان } , والطفية خوص المقل شبه الخطين الأبيضين منه بالخوصتين فإن كان البياض منه في غير هذا الوضع فليس ببهيم رواية واحدة لأنه مقتضى الاشتقاق اللغوي ولم يرد فيه نص بخلافه .
وقال الإمام أحمد في رواية أبي طالب إذا أسلم وله خمر , أو خنازير يصب الخمر وتسرح الخنازير قد حرما عليه وإن قتلها فلا بأس وظاهره أنه لا يجب قتلها ولعله محمول على أنه ما لم يكن في تسريحهن ضرر على الناس وأموالهم فإن كان وجب قتلها .
- 02-06-2007, 12:35 AM #145
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( كراهة اقتناء كلب الصيد للهو وإتيان أبواب السلاطين ) .
ويكره اقتناء كلب صيد لهوا ولعبا , ويباح لغير لهو ولعب وذكر ابن أبي موسى أنه مباح مستحب , وأطلق جماعة إباحة اقتناء كلب الصيد , والاصطياد من غير تفصيل .
وروى , الترمذي ثنا محمد بن بشار ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا سفيان بن أبي موسى عن وهب بن منبه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من سكن البادية جفا , ومن اتبع الصيد غفل , ومن أتى أبواب السلاطين افتتن } ورواه أحمد وأبو داود وإسناده جيد وأبو موسى هو إسرائيل بن موسى ثقة من رجال البخاري قال الترمذي حديث حسن غريب من حديث ابن عباس لا نعرفه إلا من حديث الثوري .
وفي الباب عن أبي هريرة وعن أبي داود قال سفيان مرة لا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وروى أبو داود حديث أبي هريرة من حديث الحسن بن الحكم النخعي عن عدي بن ثابت عن شيخ من الأنصار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه وقال { : من لزم السلطان افتتن وزاد وما ازداد عبد من السلطان دنوا إلا زاد من الله عز وجل بعدا } .
ويكره اقتناء القرد لهوا ولعبا , وفي إباحته في غير لهو ولعب للحفظ وجهان , هذا معنى كلام غير واحد , واستدل القاضي أبو الحسين على أنه لا يجوز بيع القرد بأنه في الغالب يباع للتلهي به وهذه صفة محظورة لم يجز بيعه كالخمر .
- 02-06-2007, 12:37 AM #146
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( فيما يقال لحيات البيوت قبل قتلها ) .
يسن أن يقال للحية التي في البيوت ثلاث مرات ذكره غير واحد ولفظه في الفصول ثلاثا ولفظه في المجرد ثلاثة أيام اذهب بسلام لا تؤذونا فإن ذهب وإلا قتله إن شاء , وإن رآه ذاهبا كره قتله وقيل : لا يكره .
وقد قال أحمد في رواية الفضل بن زياد الإيذان في حق غير ذي الطفيتين وهو الذي بظهره خط أسود , والأبتر وهو الغليظ الذنب كأنه قد قطع ذنبه فإنهما يقتلان من غير إيذان . وإن كان غير ذلك مثل هذا الدقيق الذنب فهو حيات البيوت يؤذنه ثلاثا يقول : لا تؤذونا اذهب بسلام . وهذا هو الذي في الرعاية .
وقال الميموني سئل أبو عبد الله عن قتل دواب البيوت قال لا يقتل منهن إلا ذو الطفيتين , والأبتر وذو الطفيتين خطين في ظهره , ثم ذكر حديث أبي لبابة قيل : لأبي عبد الله فما تقتل من الحيات قال { نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل دواب البيوت إلا ذي الطفيتين , والأبتر فقلنا له إنه ربما كان في البيوت منهن شيء الهائل منهن غلظا وطولا حتى يفزعن فقال إذا كان هذا فأرجو أن لا يكون في قتله أي حرج } قال فكان الأمر عنده فيه سهولة إذا كن يخفن .
وقال المروذي سئل أبو عبد الله عن الحية تظهر قال تؤذن ثلاثة قلت ثلاثة أيام , أو ثلاث مرار قال ثلاث مرارا إلا أن يكون ذو الطفيتين وهي التي عليها خطان , والأبتر هو الذي كان مقطوع الذنب يقتل ولا يؤذن .
قال المروذي وكنت أحفر بئرا بين يدي أبي عبد الله فخرجت حية حمراء فقلت يا أبا عبد الله أقتلها ؟ فنظر إليها فقال لي لا تعرض لها دعها . وجواب أحمد رحمه الله بالنهي يدل على أنه يحرم عنده القتل قبل الإيذان لأنه ظاهر النهي عنده , وعند المالكية حيات مدينة النبي صلى الله عليه وسلم لا تقتل إلا بعد الإنذار للأخبار ويستحب قتل حيات غيرها , وعند الحنفية ينبغي أن لا تقتل الحية البيضاء لأنها من الجان وقال الطحاوي لا بأس بقتل الكل , والأولى هو الإنذار .
وفي الصحيحين عن أبي لبابة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم { ينهى عن قتل الحيات التي تكون في البيوت إلا الأبتر وذا الطفيتين فإنهما اللذان يخطفان البصر ويتتبعان ما في بطون النساء . }
الطفيتان بضم الطاء المهملة وإسكان الفاء الخطان الأبيضان على ظهر الحية , وأصل الطفية خوصة المقل وجمعها طفى . شبه الخطين على ظهرها بخوصتي المقل , والمعنى يخطفان البصر ويطمسانه بمجرد نظرهما إليه لخاصة جعلها الله في بصرهما إذا وقع على بصر الإنسان .
وقيل : يقصدان البصر باللسع , والنهش , وفي الحيات نوع يسمى الناظر إذا وقع نظره على عين إنسان مات من ساعته .
وعن أبي سعيد مرفوعا { إن لبيوتكم عمارا فحرجوا عليهن ثلاثا فإن بدا لكم بعد ذلك شيء فاقتلوه } رواه أحمد , والترمذي ومسلم , وفي لفظ ثلاثة أيام , وفي لفظ له " فاقتلوه فإنه كافر " في لفظ له " فإنه شيطان " ولأبي داود " ثلاثة أيام أيضا " وروى هو وغيره بإسنادين جيدين " ثلاث مرات " من حديث أبي سعيد . وروي أيضا من رواية ابن أبي ليلى عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن حيات البيوت فقال إذا رأيتم منهن شيئا في مساكنكم فقولوا أنشدكن العهد الذي أخذ عليكن نوح , أنشدكن العهد الذي أخذ عليكن سليمان ألا تؤذوننا , فإن عدن فاقتلوهن } . ابن أبي ليلى مختلف فيه ورواه النسائي في اليوم والليلة , والترمذي وقال حسن غريب لا نعرفه من حديث ثابت إلا من حديث ابن أبي ليلى .
والعمار الحيات التي تكون في البيوت وكذا العوامر جمع عامر وعامرة قيل : سميت بذلك لطول أعمارها والتي في الصحراء يجوز قتلها بدون إنذارها .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من قتل حية فكأنما قتل رجلا مشركا ومن ترك حية مخافة عاقبتها فليس منا } رواه أحمد ولأبي داود وغيره المعنى الآخر من حديثه . ومن حديث أبي هريرة وابن عباس , روي حديث ابن عباس عن عثمان عن ابن نمير عن موسى بن سالم سمعت عكرمة يرفع الحديث فيما أرى إلى ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره , كلهم ثقات ورواه أحمد ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال لا أعلمه إلا رفع الحديث قال { كان يأمرنا بقتل الحيات ويقول : من تركهن خشية , أو مخافة ثائر فليس منا } . قال وقال ابن عباس إن الحيات مسخ الجن كما مسخت القردة من بني إسرائيل ورواه الطبراني عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق وفي رواية رفع الحديث { أنه كان يأمر بقتل الحيات وقال من تركهن خشية , أو مخافة ثائر } " وباقيه مثله " .
وروى الطبراني ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ثنا إبراهيم بن الحجاج الشامي ثنا عبد العزيز بن المختار عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { الحيات مسخ الجن كما مسخت القردة , والخنازير من بني إسرائيل } ورواه ابن حبان من حديث عبد العزيز بن المختار ورواه في المختارة من طريق أحمد والطبراني .
- 03-06-2007, 04:09 PM #147
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( أحكام قتل الحشرات وإحراقها وتعذيبها ) .
ويكره قتل النمل إلا من أذية شديدة فإنه يجوز قتلهن وقتل القمل بغير النار ويكره قتلهما بالنار ويكره قتل الضفادع ذكر ذلك في المستوعب .
وقال في الغنية كذلك وأنه لا يجوز سقي حيوان مؤذ وقال في الرعاية يكره قتل ما لا يضر من نمل ونحل وهدهد وصرد ويجوز تدخين الزنابير وتشميس القز , ولا يقتل بنار نمل ولا قمل ولا برغوث ولا غيرها ولا يقتل ضفدع بحال وظاهره التحريم ومال صاحب النظم إلى أنه يحرم إحراق كل ذي روح بالنار وأنه يجوز إحراق ما يؤذي بلا كراهة إذا لم يزل ضرره دون مشقة غالبة إلا بالنار وقال إنه سئل عما ترجح عنده الشيخ شمس الدين صاحب الشرح فقال ما هو بعيد .
واستدل صاحب الشرح بالخبر الذي في الصحيحين , أو صحيح البخاري { أن نبيا من الأنبياء نزل على قرية نمل فآذته نملة فأحرق القرية فأوحى الله تعالى إليه فهلا نملة واحدة } ويجاب من أوجه :
( أحدها ) : أنه خرج مخرج التوبيخ لا للإباحة بدليل إبهام النملة المؤذية وهو مانع بدليل إبهام حربي مستأمن في جماعة يحرم قتل الكل .
( الثاني ) : أنه شرع من قبلنا وقد ورد شرعنا بخلافه .
( الثالث ) : أنه يدل على أنه لا يحرم ولا ينفي الكراهة جمعا بينه وبين النهي .
( الرابع ) : أنه إن جعل دليلا للجواز دل عليه وإن لم توجد مشقة غالبة فاعتبارها يخالف الخبر .
واحتج صاحب النظم بالإجماع على جواز شي الجراد , والسمك كذا قال , والخلاف عندنا مع التفريق المذكور ليس في السمك , والجراد قال وقد جوز الأصحاب إحراق نخل الكفار إذا كانوا يعملون ذلك في بلادنا لينتهوا فإذا جاز ذلك دفعا لضرر غيره المتوقع فجوازه دفعا لضرره الواقع أولى كذا قال فانتقل من نخل الكفار بالخاء المعجمة إلى الحاء المهملة وهو واضح قال وأجازوا أيضا تدخين الزنابير وتشميس القز ويجاب بأن هذا ليس تحريقا بالنار إنما هو تعذيب بغيرها ولهذا فرق أحمد بين التدخين , والتحريق على ما يأتي وفي ترك التشميس إفساد للمال فاحتمل بخلاف مسألتنا .
وظاهر كلام بعض أصحابنا في محظورات الإحرام أن قتل النمل , والنحل , والضفدع لا يجوز وهو مذهب الشافعية واحتج جماعة على تحريم أكلها وأكل الهدهد , والصرد بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلها .
وقال في المستوعب في محظورات الإحرام فأما النمل وكل ما لا يضر ولا ينفع كالخنافس , والجعلان , والديدان , والذباب , والنمل غير التي تلسع فقال أحمد رحمه الله إذا آذته يعني هذه الأشياء قتلها ويكره قتلها من غير أذية فإن فعل فلا شيء عليه وقال ابن عقيل في آخر الفصول ولا يجوز قتل النمل ولا تخريب أجحرهن ولا قصدهن بما يضرهن ولا يحل قتل الضفدع .
وعن إبراهيم النخعي قال إذا آذاك النمل فاقتله ورأى أبو العتاهية نملا على بساط فقتلهن . وعن طاوس قال إنا لنغرق النمل بالماء يعني إذا آذتنا روى ذلك ابن أبي شيبة في مصنفه
وسئل الشيخ تقي الدين هل يجوز إحراق بيوت النمل بالنار ؟ فقال يدفع ضرره بغير التحريق وذكر في المغني في مسألة قتل الكلب أن ما لا مضرة فيه لا يباح قتله واستدل بالنهي عن قتل الكلاب فدل كلامه هذا على التسوية , وأنه إن أبيح قتل ما لا مضرة فيه من غير الكلاب أبيح قتل الكلاب وهو ظاهر كلام جماعة وهو متجه وعلى هذا يحمل تخصيص جواز قتل الكلب العقور , والأسود البهيم لأنه لم يبح قتل ما لا مضرة فيه وعلى هذا يحمل كلام من خصهما من أصحابنا وإلا فلا يتجه جواز قتل ما لا مضرة فيه غير الكلاب ومنع قتل الكلاب وهذا واضح إن شاء الله تعالى وعلى هذا المراد بالكلاب غير المأذون في اقتنائها وإلا لم يجز وهذا مذهب مالك ويحمل نهي الشارع عن قتل الكلاب على الكراهة تخصيصا له برأي عثمان وغيره ممن رأى قتلهن ولأن مقتضاه الكراهة وهو وجه لنا , والكلام في هذا النهي أخص فإنه نهي بعد وجوب .
وقد اختلف الأصحاب فيه هل هو للتحريم , أو للكراهة أو لإباحة الترك على ثلاثة أوجه وعلى قولنا يمنع قتلها أنها إذا آذت بكثرة نجاستها وأكلها ما غفل عنه الناس جاز قتلها على ما يأتي نص أحمد في النمل يقتله إذا آذاه مع أن الشارع نهى عن قتلها فما جاز في أحدهما جاز في الآخر بل النهي عن قتل النمل ونحوه آكد لأنه لم يتقدمه أمر بقتله ولم ير صحابي قتله كما في الكلاب وهذا أيضا دال ولا بد على أنه إذا لم يحرم قتل النمل ونحوه بل يكره أن يكون حكم الكلاب كذلك من طريق الأولى فقد ظهر , والحمد لله حكم هذه المسألة مذهبا ودليلا , والله أعلم .
وسيأتي كلام صاحب المستوعب , والمغني , والكلام في قتل الهر وقدم في الرعاية الإباحة فصارت الأقوال في قتل ما لا مضرة فيه ثلاثة : الإباحة , والكراهة , والتحريم .
قال علي بن سعيد سألت أحمد عن تشميس القز يموت الدود فيه قال ولم يفعل ذلك قلت يجف القز وإن تركه كان في ذلك ضرر كثير قال إذا لم يجدوا منه بدا ولم يريدوا بذلك أن يعذبوا بالشمس فليس به بأس , وسئل أحمد فيما نقل المروزي يدخن الزنابير ؟ قال إذا خشي أذاهم فلا بأس هو أحب إلي من تحريقه , والنمل إذا آذاه يقتله وكذلك رواه ابن منصور عن أحمد وإسحاق .
وقال الخلال أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا أبو عبد الله الكواز حدثتني حبيبة مولاة الأحنف أنها رأت الأحنف بن قيس رحمه الله ورآها تقتل قملة فقال لا تقتليها , ثم دعا بكرسي فجلس عليه فحمد الله وأثنى عليه فقال إني أحرج عليكن إلا خرجتن من داري فإني أكره أن تقتلن في داري قال فخرجن فما رئي منهن بعد ذلك اليوم واحدة .
قال عبد الله بن أحمد رأيت أبي فعل ذلك خرج على النمل , وأكبر علمي أنه جلس على كرسي كان يجلس عليه لوضوء الصلاة , ثم رأيت النمل قد خرجن بعد ذلك نمل كبار سود فلم أرهن بعد ذلك .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال { : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل أربع من الدواب النملة , والنحلة , والهدهد , والصرد } إسناده جيد له غير طريق رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه { ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الضفدع } إسناده حسن رواه أحمد وأبو داود , والنسائي من حديث عبد الرحمن بن عثمان رضي الله عنه وقطع الشيخ محيي الدين النووي بتحريم تعذيب كل حيوان بالنار حتى القملة ونحوها .
وروى البخاري عن أبي هريرة مرفوعا { إن النار لا يعذب بها إلا الله } .
وروى أبو داود ثنا أبو صالح محبوب بن موسى ثنا أبو إسحاق الفزاري عن أبي إسحاق الشيباني عن ابن سعد وهو الحسن بن سعد عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه قال { كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة فجعلت تفرش فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال من فجع هذه بولدها ؟ ردوا ولدها إليها ورأى قرية نمل قد حرقناها فقال من حرق هذه ؟ قلنا نحن فقال إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار } إسناده جيد وعبد الرحمن سمع من أبيه عن الأكثر .
فأما ما فيه منفعة من وجه ومضرة من وجه كالبازي , والصقر , والشاهين , والباشق فإنه يخير في قتلها على ما ذكره في المستوعب وكذا في الفصول لما استوت حالتاه استوى الحال في قتله وتركه فمضرته في اصطياده لطيور الناس , ومنفعته كونه يصطاد للناس قال وكذا الفهد وكل كلب معلم للصيد .
وذكر في المغني أن الكلب المعلم لا يحل قتله لأنه محل منتفع به يباح اقتناؤه فحرم إتلافه كالشاة قال لا نعلم فيه خلافا .
وقال أيضا إنما حرم إتلافه لما فيه من الإضرار وهو منهي عنه , وذكر أيضا أنه يباح قتل الكلب العقور , والأسود البهيم وإن كان معلما ومقتضى كلامه أنه لا يحل قتل البازي ونحوه كالكلب المعلم وأولى وقد يقال : بكراهة القتل فتصير الأقوال ثلاثة وجزم صاحب النظم بخبر إلا إذا ملكت فإنه يحرم إلا إذا عدت على معصوم آدمي أو مال .
ويحرم قتل الهر وجزم بعضهم يكره , وإن ملكت حرم وكذا جزم به صاحب النظم , وإن كره فقط فقتل الكلب أولى . ويجوز قتلها بأكلها لحما , أو غيره نحوه قال صاحب النظم بلا كراهة , وفي الفصول حين أكله لأنه لا يردعه إلا الدفع في حال صياله , والقتل شرع في حق الآدمي وإن فارق الفعل ليرتدع الجنس .
وفي الترغيب لا يجوز إلا إذا لم يندفع إلا به كصائل .
وقال صاحب النظم وكذا لو كان يبول على الأمتعة أو يكسر الآنية ويخطف الأشياء غالبا إلا قليلا لمضرته , ومن تعدى بقتلها فضمانها يخرج على جواز بيعها وإلا فلا ضمان ويضمن صاحبها ما أتلفه إن لم يحفظها جزم به في الفصول زاد في الرعاية في الأقيس قال جماعة بأكلها فراخا عادة قال جماعة مع علمه .
- 03-06-2007, 04:14 PM #148
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( كراهة إطالة وقوف البهائم المركوبة والمحملة فوق الحاجة وآداب أخرى ) .
يكره أن يطال وقوف البهيمة المركوبة , والمحملة , والحديث عليها قال في الرعاية وقيل : والخطابة , والوعظ كذا قال وهو معنى الأول , والمراد إذا طال ذلك كما سبق فلا يرد كون النبي صلى الله عليه وسلم خطب على راحلته ويحتمل أن ذلك لمصلحة لا تحصل مع النزول بفوت وقتها فيجوز مثل هذا
وعن معاذ بن أنس الجهني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { أنه مر على قوم وهم وقوف على دواب لهم ورواحل فقال لهم اركبوها سالمة ودعوها سالمة ولا تتخذوها كراسي لأحاديثكم في الطرق , , والأسواق فرب مركوبة خير من راكبها وأكثر ذكرا لله تعالى منه } رواه أحمد . وعن أبي هريرة مرفوعا { إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر فإن الله تعالى إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس , وجعل لكم الأرض فعليها فاقضوا حوائجكم } رواه أبو داود وهو حديث حسن ولأبي داود بإسناد جيد عن أنس كنا إذا نزلنا منزلا لا نسبح حتى نحط الرحال
قال الخطابي يريد لا نصلي سبحة الضحى قال وكان بعض العلماء يستحب أن لا يطعم الراكب إذا نزل المنزل حتى يعلف الدابة .
وأنشد بعضهم فيما يشبه هذا المعنى
حق المطية أن تبدا بحاجتها لا
أطعم الضيف حتى أعلف الفرسا
ويكره النوم بين المستيقظين وجلوس اليقظان بين النيام ومد الرجل والتمطي وإظهار التثاؤب بين الناس بلا حاجة . وعن عبد الله بن زرعة قال { نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يضحك الرجل مما يخرج من الأنفس } رواه أحمد , والبخاري وغيرهما شبه خروج الريح من الدبر بخروج النفس من الفم , وعن الأسود بن يزيد قال : " دخل شباب من قريش على عائشة وهي بمنى وهم يضحكون فقالت : ما يضحككم ؟ قالوا : فلان خر على طنب فسطاط فكادت عنقه , أو عينه أن تذهب فقالت : لا تضحكوا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { ما من مسلم يشاك بشوكة فما فوقها إلا كتب الله له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة } رواه مسلم " .
والضحك من مثل هذا كما يفعله كثير من الناس منهي عنه إن أمكن تركه , وظاهر النهي التحريم وهذا الخبر صريح في رفع الدرجات ومحو السيئات بالمصائب قال في شرح مسلم هو قول جماهير العلماء وحكى القاضي عياض عن بعضهم أنها تكفر الخطايا فقط .
وروي نحوه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : الوجع لا يكتب به أجر لكن تكفر به الخطايا للأحاديث التي فيها تكفر الخطايا فقط .
- 08-06-2007, 09:25 PM #149
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( في الطيرة والشؤم والتطير والتشاؤم والتفاؤل ) .
قال في الرعاية وتكره الطيرة وهو التشاؤم دون التفاؤل وهو الكلمة الحسنة لحديث صلح الحديبية وغيره وصح عنه عليه السلام { لا طيرة ويعجبني الفأل الكلمة الحسنة الطيبة } وصح عنه أيضا { لا طيرة وأحب الفأل الصالح } روى ذلك أحمد , والبخاري ومسلم وغيرهم , وفي الطيرة توقع البلاء وسوء الظن , والفأل رجاء خير .
وعن أنس { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه إذا خرج لحاجة أن يسمع يا راشد يا نجيح } رواه الترمذي وقال حسن غريب , وعن عبد الله بن مسعود مرفوعا { الطيرة شرك ولكن الله يذهبه بالتوكل } رواه أحمد وأبو داود , والترمذي وصححه وعندهم " وما منا إلا " وجعله الترمذي من قول ابن مسعود ولأحمد من حديث عبد الله بن عمر { من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك قالوا : وما كفارة ذلك ؟ قال : أن يقول اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك , ولا إله غيرك } وعن الفضل بن عباس قال { : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فبرح بي ظبي فمال في شقه فاحتضنته فقلت يا رسول الله تطيرت قال إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك } رواه أحمد من رواية محمد بن عبد الله بن علاثة وهو مختلف فيه وفيه انقطاع . قوله { برح بي أي : طار عن اليسار , والبارح ما جرى من اليسار , والسانح ما جرى من اليمين } . { وقال معاوية بن الحكم للنبي صلى الله عليه وسلم منا رجال يتطيرون قال ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدهم } وفي رواية فلا يصدكم رواه مسلم
ومعناه أن الطيرة شيء تجدونه في نفوسكم ضرورة ولا تكليف به لكن لا تمنعوا بسببه من التصرف لأنه مكتسب فيقع به التكليف قال في النهاية الطيرة هي التشاؤم بالشيء يقال تطير طيرة وتخير خيرة ولم يجئ من المصادر هكذا غيرهما وأصله فيما يقال : التطير بالسوانح والبوارح وكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم فنفاه الشرع وأبطله ونهى عنه وأخبر أنه لا تأثير له في جلب نفع ولا دفع ضرر .
وفي المسند , والصحيحين وغيرهما { الشؤم في المرأة , والدار , والدابة } زاد مسلم { , والخادم } ورووا أيضا { إن كان الشؤم في شيء } فيكون على ظاهره واختار جماعة من العلماء أنه مخصوص من النهي عن الطيرة ورووا أيضا { لا عدوى ولا طيرة وإنما الشؤم } . وذكروه عن حكيم بن معاوية مرفوعا { لا شؤم وقد يكون اليمن في الدار , والمرأة , والفرس } رواه الترمذي ورواه ابن ماجه من حديث محمد بن معاوية وفيهما معاوية بن حكيم تفرد عنه يحيى بن جابر الطائي ولأحمد من حديث سعد { لا عدوى ولا طيرة , وإن يك ففي المرأة , والفرس , والدار } رواه أبو داود وفيه { إن تكن الطيرة في شيء } فذكره وهو حديث جيد وذكر ابن عبد البر وغيره الخبر المروي عنه عليه السلام { ثلاثة من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة , والمسكن الصالح , والمركب الصالح , وثلاثة من شقوة ابن آدم المرأة السوء , والمسكن السوء , والمركب السوء } .
وروى أحمد ثنا عبد الصمد ثنا هشام عن قتادة عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتطير من شيء ولكنه إذا أراد أن يأتي أرضا سأل عن اسمها فإن كان حسنا رئي البشر في وجهه وإن كان قبيحا رئي ذلك في وجهه وكان إذا بعث رجلا سأل عن اسمه فإن كان حسن الاسم رئي البشر في وجهه وإن كان قبيحا رئي ذلك في وجهه } ورواه أبو داود عن مسلم بن إبراهيم عن هشام وفيه فإذا دخل قرية وذكر معناه .
ورواه النسائي عن ابن مثنى عن معاذ بن هشام عن أبيه ولأحمد وابن ماجه من حديث ابن عباس { لا تديموا إلى المجذومين النظر } زاد أحمد من حديث علي { وإذا كلمتموهم فليكن بينكم وبينهم قدر رمح } .
وذكر بعض العلماء أن الطيرة من الكبائر وما تقدم من أنها مكروهة ذكره غير واحد من الأصحاب , والأولى القطع بتحريمها , ولعل مرادهم بالكراهة التحريم وظاهر ما تقدم أن حديث { لا عدوى ولا طيرة على ظاهره } فيحتمل أن حديث { لا يورد بكسر الراء ممرض على مصح } وهو في المسند , والصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة ليس للعدوى بل للتأذي بقبح صورة ورائحة كريهة .
والأولى أن حديث { لا عدوى ولا طيرة } نفي لاعتقاد الجاهلية أن ذلك يعدي بطبعه ولم ينف حصول الضرر عند ذلك بفعل الله تعالى وقدره , فيكون قوله { لا يورد ممرض على مصح } إرشادا منه عليه السلام إلى الاحتراز , وفي شرح مسلم أن هذا قول الجمهور وزعم بعض العلماء أن الخبر الثاني منسوخ بخبر " لا عدوى " وليس بالقوي .
وقد قال إسحاق بن بهلول وذكرت لأحمد بن حنبل هذا الحديث يعني حديث جابر { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد مجذوم فوضع يده معه في القصعة فقال باسم الله ثقة بالله } فقال أذهب إليه , فيحتمل أن هذا كما ذهب إليه عمر وغيره من السلف إلى الأكل معه .
وخبر جابر هذا رواه أبو داود وعثمان بن أبي شيبة عن يونس عن محمد بن مفضل بن فضالة عن حبيب بن الشهيد عن محمد بن المنكدر عن جابر مفضل هو البصري لا المصري قال ابن معين ليس بذاك .
وقال أبو حاتم يكتب حديثه وقال النسائي ليس بالقوي ووثقه ابن حبان وقال ابن عدي لم أر له أنكر من هذا .
ورواه ابن ماجه من حديث يونس وكذا الترمذي وقال غريب .
ورواه شعبة عن حبيب بن بريدة أن عمر أخذ بيد مجذوم وقال وحديث شعبة عندي أشهر وأصح . وللبخاري من حديث أبي هريرة { وفر من المجذوم كما تفر من الأسد } ولأحمد ومسلم عن الشريد بن سويد قال { : كان في وفد ثقيف رجل مجذوم فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم إنا قد بايعناك فارجع }
وعند هؤلاء أن هذا منسوخ . ويحتمل أن مراد الإمام أحمد أنه لا يجب اجتنابه وإن استحب احتياطا وهو قول الأكثر وهو أولى إن شاء الله تعالى .
- 08-06-2007, 09:26 PM #150
رد: قرأت لك : الآداب الشرعية
مسألة: الجزء الثالث
فصل ( في الطيرة والشؤم والتطير والتشاؤم والتفاؤل ) .
ولهذا يقول : الأطباء : إن الجذام والسل من الأمراض المعدية المتوارثة وإن كل مرض له نتن وريح يعدي كالجذام , والسل , والجرب , والحمى الوبائية والرمد وإنه أعدى بالنظر إليه , والقروح الرديئة , والوباء وهو يحدث في آخر الصيف ولا يريدون بذلك معنى العدوى بل لأجل الرائحة وهم أبعد الناس عن الإيمان بيمن وشؤم , لا سيما وقد يكون في بدن الصحيح قبول واستعداد لذلك الداء , والطبيعة سريعة الانفعال نقالة لا سيما مع الخوف , والوهم فإنه مسئول على القوى , والطبائع , ويتوجه احتمال يجب ذلك هنا .
وفي قوله { لا يورد ممرض على مصح } عملا بظاهر الأمر , والنهي لما في ذلك من الضرر وهذا ظاهر كلام بعض العلماء وأظنه قول ابن قتيبة في كتاب اختلاف الحديث .
واختار بعض أصحابنا أن النهي , والأمر احتياطا للمؤمن الضعيف ضعيف الإيمان , والتوكل ويحمل ما خالف في ذلك على المؤمن القوي , قوي الإيمان , والتوكل فيدفع قوة ذلك قوة العدوى كما تدفع قوة الطبيعة قوة العلة فيكون قوله عليه السلام اختلف لاختلاف قوى الناس وطباعهم وحمل بعض العلماء أكله عليه السلام مع المجذوم لأن ذلك الجذام كان يسيرا لا يعدي مثله , ومن الناس من قال حديث { لا عدوى ولا طيرة } رجع أبو هريرة عن التحدث به وتركه وقال الراوي فلا أدري أنسي أبو هريرة أم نسخ أحد الحديثين الآخر وحديث جابر { أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل مع مجذوم } لا يصح , وقد قال شعبة غيره اتقوا هذه الغرائب , والله أعلم .
وقال ابن هبيرة في قوله " إنا قد بايعناك فارجع " قال لا يجوز أن يقول " إنا قد بايعناك فارجع " إلا وبايعه وإنما المعنى قد حصلت له البيعة فلا يقدم مع الوفد خوفا على الناس أن يظنوا إن أصابهم أمر أنه تعدى منه وقد ظهر من هذا أنه لا يلزمه التنحي وتوجه أنهم إذا كثروا لزمه وذكر القاضي عياض أنه قول الأكثر وقد سبق في التداوي في العائن .
المواضيع المتشابهه
-
تاثير المياة المعدنية على الاطفال رائع
By keeper207 in forum استراحة اعضاء المتداول العربيمشاركات: 1آخر مشاركة: 05-03-2010, 01:52 PM -
حافظو على تنظيف برادات المياة دوريا والا ........!؟
By jamal_2022 in forum استراحة اعضاء المتداول العربيمشاركات: 10آخر مشاركة: 16-02-2010, 01:45 AM -
أجمل ما قرأت ..... والله المستعان
By amr alaa in forum استراحة اعضاء المتداول العربيمشاركات: 4آخر مشاركة: 08-06-2009, 09:00 PM -
من أروع ما قرأت×××
By ليالينا in forum استراحة اعضاء المتداول العربيمشاركات: 5آخر مشاركة: 09-01-2007, 11:27 AM -
تربية الأولاد على الآداب الشرعية
By يورو2006 in forum استراحة اعضاء المتداول العربيمشاركات: 1آخر مشاركة: 13-09-2006, 08:22 PM