الاقتصادية - ارتفعت أسواق الأسهم العالمية بصفة عامة خلال الأيام القليلة الماضية نتيجة لتحركات المستثمرين لاصطياد الصفقات الرابحة وكذلك بسبب عمليات خفض أسعار الفائدة، ولكن لا تزال تتوالى البيانات الاقتصادية الضعيفة والأرباح غير القوية للشركات الكبيرة حول العالم.

قرر "الاحتياطي الفيدرالي" يوم الأربعاء، تماماً كما توقعت السوق، خفض سعر الفائدة بواقع 0.5 نقطة مئوية لتصبح 1 في المائة "لأول مرة ينخفض إلى هذا الحد منذ حزيران (يونيو) 2004" كما قام البنك المركزي الياباني أمس بخفض سعر الفائدة الإسنادي لأول مرة منذ سبع سنوات من 0.5 في المائة إلى 0.3 في المائة.

وقال تقرير أصدرته "جدوى للاستثمار" إن دول الخليج اضطرت نتيجة لارتباط عملاتها (باستثناء الكويت) بالدولار الأمريكي لاقتفاء أثر الولايات المتحدة في تعديل أسعار الفائدة، وقد جاءت خطواتها متباينة حسب ظروف كل دولة. ففي السعودية عمدت مؤسسة النقد العربي السعودي إلى خفض سعر فائدة الشراء من 5 في المائة إلى 4 في المائة سعياً منها لتحفيز زيادة الإقراض ومن ثم تقليل أسعار الاقتراض بين البنوك، الأمر الذي يؤثر مباشرة في تكلفة الاقتراض بالنسبة للشركات المحلية. أما البحرين فاتخذت خطوة أكبر فخفضت أسعار الفائدة بواقع 1.25 نقطة مئوية.

وتفادت قطر والإمارات خفض أسعار الفائدة حيث تشهد اقتصاداتهما أعلى معدلات تضخم في المنطقة ويبدو أنهما تعتقدان أن الأولوية هي لمعالجة التضخم "لم تتبع قطر خطوة "مجلس الاحتياطي الفيدرالي" السابقة التي اتخذها في تشرين الأول (أكتوبر)". أما الكويت فتميل في الواقع إلى مراقبة عمليات الخفض الأمريكية لأن عملتها معوّمة مقابل سلة عملات يمثل الدولار منها نسبة كبيرة، وقد قرر البنك المركزي الكويتي خفض سعر الخصم بواقع 0.25 نقطة مئوية.

وارتفعت أسواق الأسهم العالمية قليلاً خلال اليومين الماضيين نتيجة للتوقعات بقيام البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا هذا الأسبوع بخفض أسعار الفائدة حيث ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 3.7 في المائة كما ارتفعت أسواق الأسهم الألمانية والبريطانية بنسبة 3.2 في المائة لكل منهما. أما في اليابان فقد أدت خيبة الأمل بشأن حجم الخفض في سعر الفائدة إلى هبوط سوق الأسهم الياباني أمس بنسبة 5 في المائة.

ويمكن القول إن الأداء كان خلال تشرين الأول (أكتوبر) مخيفاً. لقد جاء ارتفاع "داو جونز" ليوم أمس الأول كأول ارتفاع لهذا المؤشر لجلستين متتاليتين خلال شهر كامل. كذلك شهد تشرين الأول (أكتوبر) تسجيل سوق الأسهم اليابانية أكبر خسارة له خلال شهر واحد خلال تاريخه الذي امتد 58 عاماً كما سجل مؤشر إس آند بي 500 الأمريكي أسوأ انخفاض شهري له منذ تشرين الأول (أكتوبر) 1987 (انخفض بنسبة 17 في المائة). أيضاً سجلت أسعار السلع العالمية الرئيسية (كالنفط والنحاس والألمنيوم) أسوأ مستوياتها الشهرية لها على الإطلاق.

وكشفت البيانات التي أُعلنت خلال اليومين الماضيين المزيد من ضعف الاقتصاد العالمي. ففي الولايات المتحدة انخفض الناتج المحلي بنسبة 0.3 في المائة خلال الفصل الثالث كما تراجع الصرف على الاستهلاك بنسبة 3.1 في المائة. بالرغم من أن صافي التجارة كان الحافز الرئيسي للنمو إلا أنه من المرجح تراجع مساهمته خلال هذا الفصل بسبب الارتفاع الأخير في قيمة الدولار (تراجع الدولار قليلاً خلال اليومين الماضيين لكنه لا يزال قريباً من أقصى ارتفاع له يسجله خلال عامين مقابل سلة من العملات). كذلك أشارت الحكومة الألمانية إلى أن اقتصادها انكمش بنسبة 0.3 في المائة خلال الفصل الثالث. وأخيراً، أعلنت اليابان أن إنفاق الأسرة تراجع في أيلول (سبتمبر) بنسبة 2.3 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

التداعيات
يكشف قرار مؤسسة النقد العربي السعودية "ساما" القاضي بخفض سعر فائدة الشراء بجلاء أن أولويات "ساما" هي تذليل العقبات المتعلقة بسعر الاقتراض بين البنوك. ونتيجة لهذا الخفض تراجعت أسعار الفائدة بين البنوك حيث يبلغ الآن سعر الاقتراض بين البنوك بالريال لأجل ثلاثة أشهر 4.18 في المائة منخفضاً عن مستوى 4.59 في المائة الذي سجله يوم الأربعاء. وبالرغم من أن هذا الانخفاض لا يزال بعيداً عن الخفض الذي تم تطبيقه على سعر فائدة الشراء إلا أنه يعد مشجعاً. من الضروري أن ننتظر لنرى ما إذا كانت أسعار الفائدة بين البنوك ستستمر في الانخفاض أم أنها ستستقر عند مستواها الحالي. وإذا تحقق الاحتمال الثاني فنتوقع خفضاً واحداً على الأقل في سعر إعادة الشراء هذا العام.