الاقتصادية - أكد تقرير حديث أن توالي سقوط البنوك الغربية في مصيدة الأزمة المالية الراهنة خلق وضعا سيئا بالنسبة للصناديق السيادية التي استثمرت خلال السنوات القليلة الماضية ملايين الدولارات في مؤسسات مالية وصناعية غربية بغرض تنويع مداخيلها بعيدا عن صناعة النفط والبضائع.

وكانت أبرز تلك الصناديق حسب تقرير"ذي إيفننج ستاندرد" البريطانية، من الصين وسنغافورة وأبوظبي وقطر قد خسرت 38.83 مليار دولار منذ بداية الأزمة المالية في تموز (يوليو) 2007.

في مايلي مزيداً من التفاصيل:

ذكر تقرير أن توالي سقوط البنوك الغربية في مصيدة الأزمة المالية الراهنة خلق وضعا سيئا بالنسبة للصناديق السيادية التي استثمرت خلال السنوات القليلة الماضية ملايين الدولارات في مؤسسات مالية وصناعية غربية بغرض تنويع مداخلها بعيدا عن صناعة النفط والبضائع.

وكانت أبرز تلك الصناديق حسب تقرير"ذي افنينغ ستاندرد" البريطانية، من الصين وسنغافورة وأبوظبي وقطر خسرت 38.83 مليار دولار منذ بداية الأزمة المالية في تموز (يوليو) 2007. وكانت الهيئة القطرية للاستثمار قد ضخت 4.52 مليار دولار لشراء 7.99 في المائة من أسهم بنك "باركليز" البريطاني، وفقدت إلى الآن 1.74 مليار دولار من قيمة أسهمها. كما خسرت الهيئة القطرية أيضا جزءا مهما من أسهمها من جراء استثمارها في بورصة لندن. وأسهم هذا الوضع حسب التقرير في عزوف الهيئات السيادية عن ضخ المزيد من الرساميل في المؤسسات الغربية التي لا تزال غارقة في وحل الأزمة المالية. إلا أن أهم الخسائر سجلتها هيئة الاستثمار السنغافورية "تماسك" التي خسرت 11.52 مليار دولار. وأمام هذه الوضعية قرر 26 صندوقا سياديا القيام بالعديد من الإجراءات لعملياتها المستقبلية.

ووصفت هذه الخطوة من قبل العديد من الملاحظين بأنها حاسمة بالنسبة لمستقبل النظام المالي العالمي وتمثل أساسا لنظام عالمي جديد، خاصة أن صندوق النقد الدولي يتوقع أن تبلغ قيمة الصناديق السيادية خلال السنوات العشر المقبلة إلى أكثر من 12 تريليون دولار. وقد استثمرت الصناديق السيادية لحد الآن أكثر من 60 مليار دولار في النظام البنكي خلال العام الماضي.

وقد قامت الصناديق السيادية التي اجتمعت في مدينة سانتيابو في شيلي بعرض جملة من المقترحات على صندوق النقد الدولي تم تقديمها في الـ 11 من تشرين الأول (أكتوبر) الحاري. وحسب"داغ ديتر"المستشار في الأسهم الخاصة والمستشار السابق في البنك الدولي في لندن فإنه من الطبيعي أن تقوم الصناديق السيادية بمراجعة حساباتها. وخاصة أن الصناديق السيادية بدأت تتعلم الدروس جيدا، بالرغم من أنها لم تتبن مناهج تساعدها على التصرف خلال فترات الرؤية الضعيفة.

وأضاف تقرير مماثل نشر في صحيفة "بزنس ويك" الأمريكية أن الصناديق السيادية لم تكن على علم بالانهيار الجليدي الذي كان يتوقع حدوثه في "وول ستريت"، باستثناء الهيئة السنغافورية "تماسك" التي كانت لديها نظرة جيدة حول الأوضاع. ولذلك فعندما طار ثلاثة مسؤولين رفيعي المستوى من بنك "ليمان براذرز" إلى سيول طلبا للنجدة استقبلوا ببرود شديد ولم يتكلف المسؤولون في هيئة "كوريا إنفستمنت كوربرايشن" عناء الحديث عن مستقبل البنك وصكوا الباب في وجه المسؤولين الأمريكيين الذين شربوا الشاي الكوري على مضض.

وقد بينت الحادثة الكورية أن الهيئات الاستثمارية السيادية لم تكن على دراية واسعة بأحوال السوق العالمية. وقد عبر عن هذه الوضعية أحد المديرين التنفيذيين في إحدى الهيئات السيادية الخليجية الذي وصف ما حدث بأنه "صدمة". كما وصف رشيد رشيد وزير التجارة والصناعة المصري
الهجمة الغربية ضد الصناديق السيادية أنها أوجدت المناخ السلبي الذي أسهم في تشجيع الصناديق السيادية على عدم التدخل لإنقاذ الوضع. مؤكدا أن الصناديق تشعر بالغبطة لأنها ليست طرفا في الأزمة المالية العالمية.

إلا أن الصناديق السيادية بدأت تشعر بالإحراج بسبب أنها ستورث مجموعة من الشركات التي لم تخطط للاستثمار فيها. ومثال على ذلك أن الهيئة الكويتية للاستثمار، التي كانت تملك أسهما في بنك "ميريل لنتش" حولت حصصها إلى الوريث الجديد "بنك أوف أميركا" وهي لا تريد التعامل معه. والآن فإن الشعور العام لدى العديد من الصناديق السيادية بأنه لا يوجد ضوء في نهاية النفق. وحسب عارف ناكفي المدير التنفيذي لمؤسسة أبراج كابيتال التي مقرها دبي فإن ما يحدث حاليا يشبه الدوران في حلقة مفرغة.

وفي أيلول (سبتمبر) الماضي، أظهرت بيانات "طومسون رويترز"، أن صناديق سيادية استثمرت 25.5 مليار دولار هذا العام في شراء حصص في مؤسسات عالمية مثل "سيتي جروب" و"ميريل لينش" بزيادة 66 في المائة عن الفترة المقابلة من العام الماضي. وأصبحت الصناديق السيادية مثل تماسيك هولدنجز السنغافورية وهيئة أبو ظبي للاستثمار تتمتع كل منهما بنفوذ كبير في الأسواق المالية بعد أن استثمرت في بنوك أمريكية وأوروبية منيت بخسائر في أزمة الرهون العقارية الأمريكية.

وأوضحت البيانات حتى 28 آب (أغسطس) أن هذه الصناديق شاركت في 22 صفقة منها عشر صفقات بقيمة 9.1 مليار دولار كان صندوقا سنغافورة السياديان تماسيك وهيئة الاستثمار السنغافورية طرفا فيها. وكان الجانب الأكبر من هذا النشاط في الولايات المتحدة التي ضخت فيها الصناديق السيادية 15.8 مليار دولار في ثماني صفقات بنسبة 62 في المائة من الإجمالي العالمي أي نحو خمسة أمثال الرقم المسجل عام 2007 وهو 3.45 مليار دولار.

وجاءت روسيا في المركز الثاني حيث استثمرت دبي العالمية 5.3 مليار دولار في شركة أو جي كيه-1 الروسية الإقليمية للكهرباء. ولم تحصل روسيا على استثمارات من صناديق سيادية عام 2007.
وفي السنوات الأخيرة تزايدت ثروة الصناديق السيادية التي تقدر أصولها بما يصل إلى ثلاثة تريليونات دولار بعد أن اتجهت الدول الآسيوية التي تمثل مراكز تصدير رئيسية مثل الصين ودول غنية بالنفط مثل الإمارات وروسيا لتوجيه جزء من احتياطياتها إلى أوعية استثمارية.

وتخشى بعض الدول التي تستثمر فيها الصناديق مثل الولايات المتحدة أن تفتح عمليات الاستحواذ من جانب الصناديق التي تفتقر للشفافية باب السيطرة على شركات محلية مهمة أمام الأجانب وأن تتسبب الصناديق في زعزعة استقرار الأسواق العالمية باستثماراتها الضخمة.