النتائج 1 إلى 7 من 7
- 10-12-2005, 03:57 PM #1
حديث الأسبوع ( حصبة الفوركس ) أيمن بارود
حصبة الفوركسقد يبدو العنوان غريبا للوهلة الأولى ، خاصة للعتاق الذين يعرفون الحصبة ، سمعا أو معاناة .
" دريد لحام " أو " غوار " كما يعرفه الكثيرون ، واحدٌ من أذكياء الأمة .. أحترمه ! أحب فنه !
أبٌ سوريٌ ، أمٌ لبنانية .
" دريد " سبكة لبنانية سورية .
سبكة ؟
نعم سبكة نفيسة ، أوليس الفنان الملتزم من الذهب أغلى ؟
سأحاولُ ألا أطيل !
في شبابي المبكّر ، كنت أحب " غوار " ومقالبَه . اليوم بتّ أحب " دريد " أكثر من غوار .
سألت نفسي تكرارا عن مردّ محبتي له . لم أجد جوابا .
ترى ألأنه سبكة لبنانية سورية ؟ - أو سورية لبنانية - لا فارق - لا أعرف ، قد يكون هذا واحدا من الأسباب .
من الأسباب بالتأكيد ايضا ، أن الرجل طريف ، ظريف ، لكن ما يعنيني فيه كونه ملتزم شريف .
نكتته تضحِك دوما الى حدّ الحسرة . لا تخلو ابدا من البعد السياسي . نقدُهُ تلميحي لطيف . فيه صفعة ، خال من اللسعة . خرّاقٌ للجلود السميكة ، يٌشعرُ ولا يؤلم !
سمعته يحكي عن طفولته . أعجبني اعتزازه بمنبته المتواضع . قرأت نفسي في كلماته . دمعت عينه إذ تحدث عن أمه . دمعت عيني لصدق كلامه !
غفِلت عن متابعة الحديث . عدت اليه بعد سفرٍ في الماضي للحظات . فاتني سماع كلام دمعت له عينه مرة ثانية . رأيته ينزع نظارتيه ليمسح دمعة . دمعت عيني لرؤية عينه دامعة ، دون أن أعرف السبب . نزعت نظارتي ومسحت عيني أيضا - ليس بمنديل كما فعل ، بل بكُم القميص - ، كما عندما كنت ولدا !
لا لا ! لسنا امة عقيمة ! عندنا الكثير الكثير من المبدعين . ليت المفسدين يتنحّون ، ليتهم يسلمون مبدعينا الدفة . لو قٌدر لهم ، لكانوا رعاة صالحين !
أطلنا !
لا بأس سنصل في حديثنا الى " الفوركس " .
سماعُ حديث " غوار " حملني الى الماضي ، والماضي الى الحصبة ، والحصبة الى الفوركس .
حديث " دريد " أثار فيّ ذكريات ، سافرت في الماضي ، إلى أيام السعادة والبراءة . أحداث وأحداث . عذابات ولذائذ في الحياة . لا أعرف سبب توقفي أمام أيام " الحصبة " .
" ألحصبة " صارت اليوم من أمراض الماضي ، أوجد الطب لقاحا لها . في أيامنا كانت من هموم العائلات ، وبخاصة الأمهات ، فيما لو دخلت البيت .
حرارة عالية ، حبيبات وردية صغيرة تكسو الجلد في كل أنحاء الجسد . تذهب وتعود ، مرات ومرات ، إلى أن ينظف الجسم منها . الحصبة يجب أن يصاب فيها الانسان ، مرة واحدة في حياته ، غالبا في طفولته .
عندما دخلت الحصبة بيتنا ، أصابتنا جميعا ، أخوتي وأنا . كان علينا ملازمة الفراش ما يقارب الشهر . غذاؤنا الوحيد شوربة العدس . هكذا سمّوها ، ولكنها ليست من الشوربة بشيء . عدس مسلوق بالماء ، يمنع عنه الزيت أو أي نوع من السُمون ، حتى الملح كان ممنوعا .
أولاد يأكلون هذه الوجبة ما يقارب الاسابيع الثلاثة . أمّ ملهوفة تحتار في لفلفة أجسادهم الطرية ، مخافة البرد . " الحصبة " زارتنا في الشتاء . كنت الحلقة الأضعف بين أخوتي . خوفها علي كان دوما لا يقاس . كنت أعرف ذلك . صرت أقدر ذلك اليوم أكثر . العمر يعلم .
شبعت نفسي من الذكريات . عدت الى هموم العمل . تداخلت الأفكار ، ولاحظت أن " الحصبة " مرض يغزو سوق " الفوركس " .
كل متعامل في هذا السوق ، يصاب مرة بهذا المرض ، لا مهرب له من ذلك . لا لقاح مجدٍ له . لا دواء مجدٍ له . فقط الحمية في الطعام . والحمية في الطعام بالنسبة ل " الفوركس " فصلناها في مواضع عدة . عدم تحميل النفس أكثر مما تستطيع .
كل متعامل في هذا السوق ، عليه أن يحسب ل "حصبة الفوركس " حسابا ، فإن زارته ، عليه بالعدس المسلوق شهرا كاملا ، وبالدفء والصبر والرفق بنفسه . وقبل كل شيء عليه بالحرص على رضى أبويه ، والطلب اليهما أن يُكثرا له من الدعاء .
وإن لم يفعل ، فسيكون من الصعب عليه أن ينجوَ من " حصبة الفوركس " . والحصبة إن لم تدارى فهي قاتلة !
هذه حصبة الفوركس الوردية ، أما الحمراء فالويل منها ، وهي أشد أشد خطورة . فماذا تراها تكون ؟
الحصبة الحمراء يصاب بها قلة من المتعاملين وليس كثرة . وهم إن أصيبوا صار خطرُهم على غيرهم أشد وأكبر من خطر المسعور ، أبعده الله عنكم وعنا . وإليكم التفصيل فيها .
أخبرني أحد العاملين في " عرب أونلاين بروكرز " قال :
حادثني يوما أحد المهتمين بالفوركس . بعد السلام ، أراد أن يطمئن الى مصداقية الشركة فركز على هوية العاملين فيها ومنبتهم ، ثم انتقل للسؤال عن القائمين على إدارة شؤونها وأخلاقياتهم ومقدار الثقة التي يمكن إيلاءهم إياها .
بعد أن اطمأنت نفسه الى كل ذلك ، وأنِست للتوجه العام ، عرض حاجته . قال :
أعجبني موقعكم ، انا أتدرب على العمل منذ فترة ،أريد أن أعمل معكم ، ليس كمتعامل بل كمسوق ، أعرّف العملاء على شركتكم وأربح من جراء عملي هذا . وأنا أقنعت لتوي أحد معارفي ، وهو يريد أن يفتح حسابا بمبلغ عشرة آلاف دولار . الأمر مبتوت ، ولكن لي شرطٌ واحد لعقد الإتفاق . - أقنع أحد معارفه -
قالها حتى قبل أن يسمع الجواب فيما إن كان ثمة موافقة على طلبه .
أشرط ، قال محدثه .
أريد أن أحتسب لنفسي مبلغ عشرة دولارات ، تحسم لي عن كل عقد يجريه الزبون ، تحولونها الى حسابي . شرطي ألا يعرف او يشعر أو يطلع الزبون على ذلك .
أخبرني من كان محادث الرجل . قال :
ما استطعت عليه صبرا ، ولكنني كتمت غيظي ، أبلغته بأن شيم وأخلاقية ومصداقية القيمين على العمل والعاملين فيه - هذه الصفات التي ارتحت لها في بدء حديثنا - لا تسمح لنا بالتعامل بهذا الاسلوب . وأنهيت الحديث معه . ذهب مغتاظا .
عزيزي القارئ . ألآتي أعظم !
ألامر يدعو الى السخرية ، أو الى الإشمئزاز ، أو الى القرف . أنا أعرف ذلك . ألمعذرة لا أريد ان أعكر يومك إن كنت مصبحا ، او أحلامك إن كنت ممسيا ، لكن الأمانة تدعو الى السرد ، وليس العجب في ما سلف من ، بل في ما سيأتي .
كان الرجل مصابا بحصبة الفوركس الحمراء ، وكان المرض قد اشتد عليه . أبى إلا ان يكون مسيئا . أراد ببساطة أن ينتقم لنفسه . إتصل بعد ما يقلّ عن الشهر . طلب نفس الشخص الذي حادثه في المرة السابقة . شاء أن يفقأ حصرمة في عينه . أعطاه اربعة عناوين لأربعة مواقع قال بفخر واعتزاز : هذه كلها لي .
تصفحنا المواقع فكان العجب .
الرجلُ صار مسوقا لاربع شركات في الفوركس دفعة واحدة ، يعرض خدماته على خلق الله ، وخلقُ الله غير دارين ما يمكن أن تجره الحصبة الحمراء من ويلات .
عزيزي القارئ . لن أكثر عليك من الامثلة التي لا تحصى ، منها المبكي ومنها المضحك ، لكنّ ثمة واحد يحرق شفتي ، ألبوح به يريحني ، وقد يكون فيه منفعة لك .
إتصل بي أحد المتعاملين معنا وهو من معارفي القدامى . أعطاني عنوان موقع . قال : هل هذا الموقع تابع ل " عرب أونلاين بروكرز " ؟
فتحت الموقع ، وجدت نفس النصوص ، نفس الإخراج ، نفس الصور ، نسخ عن موقع " عرب أونلاين بروكرز " ولصق على الموقع الآخر . قرصنة الزمن الجديد .
هززت رأسي . استعذت بالله . كدت ان اقفل الموقع لأعود الى محدثي فأجيبه عن استفساره . وقع نظري على اسم الموقع . القرصنة أيضا في هذا المكان . أخذ الرجل - بل الرجال ، هم ثلاثة - اسم " عرب أونلاين بروكرز " حذف منه الكلمة الأخيرة . ركز مكانها كلمة أخرى . لقصر نظره لم يعرف ان التركيب قد تشوّه ، صار يتضمن خطأ لغويا . صفق لنفسه للاكتشاف الجديد . هو مستعجل في كل شيء ، مستعجل حتى في خداع الناس وتضليلهم . ألأخطاء اللغوية في اسم موقعه غير ذات أهمية . ألمهم أن يقدم نفسه للناس على أنه عرب أونلاين . الكلمة لها رنة ومصداقية ...
عزيزي القارئ . لقد أخبرتك بجزء من العجب في هذا الموقع والجزء الأكثر سخرية آت :
كنت قد أخبرتك إنني هممت على ترك الموقع والعودة الى صديقي ، لكن رؤيتي للقرصنة في إسم الموقع أثارت حشرية جديدة في نفسي . عدت الى الموقع من جديد . ضحكت كما لم أضحك منذ زمن .
على ماذا ؟
إليك الخبر . قرأت في الموقع ما معناه :
إن كل من يجلب زبونا ليفتح حسابا للتعامل في " الفوركس " عبر هذا الموقع يأخذ عشر دولارات تدفع له نقدا من أصحاب الموقع . وأضاف : تخيل لو أنك تجلب عشر من الزبائن فانت ستربح مئة من الدولارات .
اخي القارئ !
لا أنكر أنني ضحكت . ضحكت كثيرا . ولكنني في قرارة نفسي حزنت . حزنت كثيرا .
حزنت لأشياء كثيرة كثيرة .
حزنت لمصير هؤلاء الذين سيغرر بهم من أجل عشرة دولارات .
حزنت من أجل الشركات التي ترتضي ان تسقط الى هذا الدرك تسويقا .
حزنت للمستوى الذي حمل إليه بعض المسيئين العمل في " الفوركس " .
حزنت لتحول " الفوركس " لسلعة تباع على طبق يحمله بائع على رأسه ويدورمناديا : معانا فوركس .... .
وكل ذلك لم يحل بيني وبين الضحك .
ضحكت للإبداع الغريب في التسويق المتماشي مع القرن الواحد والعشرين .
ضحكت لأنني تذكرت أحد معارفي . كان اسمه عبدالله ، لم يوفق في تجارة " الفوركس " ، لعله صار صاحب واحد من هذه المواقع المنتشرة على النيت !!
إشتقت لعبدالله ، تحدثت عنه مرة في واحد من مقالاتي ، مضى عليّ زمن غير يسير لم أسمع منه كلاما .
ضحكت وضحكت ، لأن الذاكرة عادت بي خمسين عاما الى الوراء ، الى مشهد بائع كنت أراه يحمل سلة كبيرة على رأسه ويدور بها في الأحياء ، إلى جملة كنت قد ظننت إني نسيتها وها هي تستيقظ في ذاكرتي .
كان الرجل ينادي على بضاعته : " كراكير، مناكير، زيت شعر، وبكر " .
وما استطعت ان أقفل الموقع المشؤوم دون ان أتخيل اليوم الذي سيرسل فيه أصحاب المواقع هذه مندوبيهم الجوالين الى الاحياء الشعبية للمناداة فيها ترويجا لبضاعتهم : " فرنكات ، ينات ، يوروات ، دولارات . قرب يا ابو العيال ، وينك يا ابو الولاد . "
اللهم هوّن على خلقك ، وعلينا !!!!!
- 10-12-2005, 05:44 PM #2
مشاركة: حديث الأسبوع ( حصبة الفوركس ) أيمن بارود
شكرا لك ولاستاذك.....على المقالات الحلوه....وينك فاقدينك من زمان عسى ماشر...؟؟؟؟؟
- 10-12-2005, 10:58 PM #3
مشاركة: حديث الأسبوع ( حصبة الفوركس ) أيمن بارود
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لمسة حنان
حياك الله اخوي وتسلم على المرور والرد ....
موجودين بالدنيا
بس ايميلي إنخطف
وانا في محاولات لأسترجاعه
من الخاطف
- 10-12-2005, 11:25 PM #4
مشاركة: حديث الأسبوع ( حصبة الفوركس ) أيمن بارود
الله يعطيك العافية
تسلم يا غالي
با نتظارك الاسبوع القادم
- 11-12-2005, 10:16 AM #5
مشاركة: حديث الأسبوع ( حصبة الفوركس ) أيمن بارود
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غواص
سلمت لي أناملك التي خطت الرد
تحياتي
- 11-12-2005, 06:06 PM #6
مشاركة: حديث الأسبوع ( حصبة الفوركس ) أيمن بارود
تسلم ياغالى على هذة
- 11-12-2005, 08:21 PM #7
مشاركة: حديث الأسبوع ( حصبة الفوركس ) أيمن بارود
عندنا مثل يقول
طول ما المغفلين موجودين النصابين بخير
وما اكثر المغفلين فى هذا الزمان ....يستاهلون ما يحدث لهم لانه فى النهاية لايصح الا الصحيح
ان المقامر والنصاب والحرامى كلهم سواء قد يربحون مره او مرات ولكن
النهاية واحدة (الخررررررراب)
ولا تحرمنا من مشاركاتك الحلوة
المواضيع المتشابهه
-
حديث الاسبوع -السوق المتخم والسوق الجائع ( أيمن بارود)
By محسن محمد in forum سوق تداول العملات الأجنبية والسلع والنفط والمعادنمشاركات: 2آخر مشاركة: 25-12-2005, 06:02 AM -
حديث الأسبوع ( برامج التوصيات ) ايمن بارود
By محسن محمد in forum سوق تداول العملات الأجنبية والسلع والنفط والمعادنمشاركات: 13آخر مشاركة: 04-12-2005, 12:12 PM -
حديث الأسبوع ( ايمن بارود )
By محسن محمد in forum سوق تداول العملات الأجنبية والسلع والنفط والمعادنمشاركات: 1آخر مشاركة: 19-11-2005, 07:37 AM -
حديث الأسبوع ( الستوب عدو المتعامل ام وسيلة أمان ) أيمن بارود
By محسن محمد in forum سوق تداول العملات الأجنبية والسلع والنفط والمعادنمشاركات: 0آخر مشاركة: 29-10-2005, 12:27 AM -
حديث الأسبوع (غلطان يامعاند بحر) أيمن بارود
By محسن محمد in forum سوق تداول العملات الأجنبية والسلع والنفط والمعادنمشاركات: 4آخر مشاركة: 22-10-2005, 04:48 PM