الفيدرالي و الياباني : التسهيل الائتماني مقابل التسهيل النقدي

بعد مرور يومين من اجتماع لجنة الاحتياطي الفيدرالي، أعلن البنك الاحتياطي الفيدرالي برنامج للتسهيل النقدي والذي يتضمن شراء الأوراق المالية طويلة الأجل الخاصة بالخزانة بما يصل إلى 300 مليار دولار على مدى 6 أشهر المقبلة، وكذلك التوسع في برنامج شراء ديون الرهون العقارية بما يصل إلى 1.450 تريليون دولار، حيث ستزيد مشتريات الأوراق المالية المدعومة بالرهون العقارية من 500 مليار دولار إلى 1.25 تريليون دولار، أما سندات القطاع الخاص المدعومة حكوميا فستزيد من 100 مليار دولار إلى 200 مليار دولار.

وفي الوقت ذاته، سوف تبقى أسعار الفائدة بين 0- 0.25 % " لفترة طويلة " ، حيث تغيرت لهجة الحديث من بقاء أسعار الفائدة هكذا " لبعض الوقت ". علاوة على ذلك، أعلن الفيدرالي عن بدء برنامج الإقراض بضمان الأوراق المالية المدعومة بالأصول (TALF) خلال هذا الأسبوع، ومن المتوقع أن أن يتم التوسع في نطاق الضمانات المتاحة لهذه التسهيلات لكي تتضمن أصول مالية أخرى.

ووفقا للبنك الاحتياطي بنيويوك، سوف يبدأ برنامج شراء سندات الخزانة في أواخر الأسبوع القادم، والذي سيركز على سندات الخزانة ذات العائد الاسمي لأجل 2 - 10 سنوات. كما بعض المشتريات بكميات قليلة سوف تتم على على سندات الخزانة ذات العائد الأسمي بأنواعها المختلفة وسندات الخزانة ذات العائد الحقيقي.

وبالتأكيد سوف يؤدي هذا الإعلان عن التسهيل النقدي بضخماته إلى اتساع قائمة الميزانية للاحتياطي، والتي من المحتمل أن تصل إلى 4 تريليون دولار. كما أنها تشير إلى إصرار صناع القرار على انعاش النمو الاقتصادي بالدولة حيث ازدادت الأوضاع الاقتصادية سوءً منذ الاجتماع القادم. وفي البيان الصادر في أعقاب الاجتماع، لاحظنا أن البنك قد أصبح أقل تفاؤلا فيما يتعلق بالتطلعات الاقتصادية. إذا أخذنا في الاعتبار أنه في أعقاب اجتماع البنك يوم 28 يناير، صرح البنك بتحسن بعض الأوضاع في الأسواق المالية ، و نلاحظ اختفاء هذه اللهجة في البيان الأخير. وعلى الرغم من اعتقاد البنك بأن هذا التحرك جنبا إلى جنب مع خطط التحفيز المالي والنقدي سوف تساهم في تعافي النمو الاقتصادي تدريجيا، إلا أنه لم يتطرق إلى بدء معدلات النمو في الانتعاش بنهاية هذا العام كما ذكر في البيان السابق.

هذا وقد أيد السوق الإجراءات العنيفة للاحتياطي الفيدرالي، لتوظيف كل الأدوات المتاحة لتعزيز الانتعاش الاقتصادي. وكنتيجة لهذا التحرك، انخفض عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بـ 53 نقطة، وانخفض الدولار مقابل معظم العملات الرئيسية عقب هذا القرار. ففي مقابل اليورو والإسترليني، هبط الدولار لمستويات منخفضة عند 1.35 و 1.43. وفي مقابل الين الياباني، انخفض الدولار ليصل إلى 95.66. وارتفع البورصات حيث حقق مؤشر داو جونز الصناعي مكاسب تقدر بـ 1.23% ليقترب من 7486.6، كما ارتفع مؤشر أستاندرز أند بورز 500 حوالي 2% ليستقر بالقرب من 794.4.

و منذ يوم، أعلن بنك اليابان برنامج لشراء الأصول. فبالإضافة إلى الإبقاء على سعر الفائدة عند 0.1%، صوت صناع القرار ببنك اليابان بالإجماع على زيادة مشتريات سندات الحكومة اليابانية طويلة الأجل بما يصل إلى 1.8 تريليون ين لكل شهر من 1.4 تريليون ين لكل شهر، حيث يرى البنك أن ضخ المزيد من السيولة ضروري لضمان الاستقرار في الأسواق المالية.

كما نرى أن التوسع في شراء سندات الحكومة اليابانية فاق توقعات السوق، حيث توقع السوق زيادة تقدر بـ 0.2 تريليون دولار لكل شهر. مما يعكس مخاوف البنك المركزي من مخاطر الانكماش الاقتصادي للدولة. وفي اجتماعهم في ديسمبرالماضي، أشار بنك اليابان إلى إنه لا يفكر في مزيد من التوسع في أعقاب شراء البنك سندات الحكومة اليابانية بما يصل إلى 1.4 تريليون ين لكل شهر من 1.2 تريليون ين لكل شهر. والسبب وراء التغير هذه المرة هو البيانات الاقتصادية القاتمة التي صدرت مؤخرا.

ومع ذلك، لا تزال تدابير التسهيل النقدي التي اتخذتها اليابان تقليدية للغاية، وهو ما يتضح من خلال انخفاض العوائد بين السندات طويلة الأجل وقصيرة الأجل بل تكاد تقترب من الصفر، وارتفاع سعر فائدة الإقراض قصير الأجل بين البنوك اليابانية. ومن غير المتوقع أن تشهد الأسواق المالية والتطلعات الاقتصادية تغيرات هامة عقب هذه السياسة. ومن المرجح ملاحظة الانتعاش الاقتصادي إذا ظهرت أدلة على توقف الانتاج الصناعي الياباني عن التدهور، وعلامات على تعافي الاقتصاد الأمريكي.

إن الفرق الأساسي بين سياسة التسهيل النقدي المتبعة من قبل الاحتياطي الفيدرالي وبنك اليابان هو أن الاحتياطي يركز أكثر على دعم الإقراض العقاري وسوق الإسكان في حين يعمل بنك اليابان على زيادة الاحتياطيات في النظام البنكي. و يصف بيرنانك رئيس الاحتياطي الفيدرالي سياسة التسهيل النقدي غير التقليدية بـ " التسهيل الائتماني" والتي يتحدد نجاحها بمدى توافر الائتمان. حيث يرى الاحتياطي أن هذه السياسة تركز على جانب الأصول في قائمة الميزانية حيث تركز على حزمة القروض والأوراق المالية التي يمتلكها البنك وكيف أن هذه التركيبة من الأصول سوف تؤثر على ظروف الائتمان لقطاع الأعمال والقطاع العائلي، في حين تعمل السياسة التقليدية للتسهيل ( النقدي) على زيادة جانب الخصوم للموازنة العامة بسبب ضخ البنك المزيد من الاحتياطيات في النظام البنكي.

ويرى بيرنانك أن مزيج القروض والأوراق المالية في قائمة الميزانية للبنك يعتبرهام للغاية لظروف الائتمان في الحالة الأمريكية، أما على الصعيد الياباني، يعتبر مزيج القروض والأوراق المالية في جانب الأصول في قائمة الميزانية وضع طارئ أو تصادفي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
المصدر:ActionForex

ترجمة قسم التحليلات والأخبار بالمتداول العربي