مـقـال


عــام الـتـغـيـير

إبراهيم محمد باداود
جريدة الإقتصادية
الأربعاء 24/12/2008م
الأسبوع القادم نبدأ عاماً جديدا، وكل إنسان منا يتمنى أن يكون هذا العام أفضل من العام الماضي وذلك في مجالات حياته كافة سواء كانت الشخصية أو العائلية أو العملية، فهو يأمل أن يكون العام القادم عام نجاح وفلاح، ولكن لن تتحقق هذه الأمنيات دون تخطيط وعمل وإصرار، وقد وصلتني مطلع هذا الأسبوع رسالة جميلة كان عنوانها هو (العزاء) وكان نص الرسالة الآتي:
(في أحد الأيام وصل الموظفون إلى مكان عملهم فرأوا لوحة كبيرة معلقة على الباب الرئيسي لمكان العمل كتب عليها: "لقد توفي البارحة الشخص الذي كان يعوق تقدمكم ونموكم في هذه الشركة! ونرجو منكم الدخول وحضور العزاء في الصالة المخصصة لذلك"!
في البداية حزن جميع الموظفين لوفاة أحد زملائهم في العمل، لكن بعد لحظات تملك الموظفين الفضول لمعرفة هذا الشخص الذي كان يقف عائقاً أمام تقدمهم ونمو شركتهم!
بدأ الموظفون بالدخول إلى قاعة الكفن وتولى رجال أمن الشركة عملية دخولهم ضمن دور فردي لرؤية الشخص داخل الكفن.
وكلما رأى شخص ما يوجد بداخل الكفن أصبح وبشكل مفاجئ غير قادر على الكلام وكأن شيئاً ما قد لامس أعماق روحه.
لقد كان هناك في أسفل الكفن مرآة تعكس صورة كل من ينظر إلى داخل الكفن وبجانبها لافتة صغيرة تقول "هناك شخص واحد في هذا العالم يمكن أن يضع حداً لطموحاتك ونموك في هذا العالم وهو أنت".
حياتك لا تتغير عندما يتغير مديرك أو يتغير أصدقاؤك أو زوجتك أو شركتك أو مكان عملك أو حالتك المادية.
حياتك تتغير عندما تتغير أنت وتقف عند حدود وضعتها أنت لنفسك! راقب شخصيتك وقدراتك ولا تخف من الصعوبات والخسائر والأشياء التي تراها مستحيلة!
كن رابحاً دائماً! وضع حدودك على هذا الأساس. وعلى هذا الأساس تصنع الفرق في حياتك).
انتهت الرسالة وتأملت فيها فتذكرت قوله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فالقضية واضحة وكثيراً مما يرد إلى أذهاننا إنما هي أوهام تسعى إلى تأخيرنا فنحن الذين نعيق أنفسنا عن التقدم ولن يتغير حالنا أو تتحسن أوحالنا إلا إذا سعينا لتغيير أنفسنا.
وهناك العديد من المعوقات التي تقف حائلاً فيما بيننا وبين تغيير أنفسنا منها الخوف فالتغيير عادة ما يؤدي إلى نتيجة غير واضحة فيفضل الناس أن يبقوا في وضعهم الذي يعرفونه ويخافون التغيير اعتقاداً منهم أنه يؤدي إلى مجهول فهم يحاولون إقناع أنفسهم أن ما يعرفونه خيرا من الشيء الذي لا يعرفوه، ومن ذلك أن التغيير يحتاج إلى جهد فالذي يريد أن يتغير يجب عليه أن يكون صاحب عزيمة وإصرار وتحد والنفس عادة ما تدعو صاحبها إلى الكسل والتراخي ولذلك فإن كثيرا من الناس يفضلون عدم التغيير لأنه يتطلب جهداً، ومن معوقات التغيير التسويف فكثيراً ما يعزم الإنسان على أن يتغير ويعد العدة لذلك لكنه يحدد مواعيد مختلفة للتغيير فبعضهم ينوي أن يتغير في رمضان وبعضهم بعد الحج وبعضهم بداية العام وهكذا تتعدد المواعيد ويتخلف الإنسان عن الالتزام بها ويمضي العمر وهو يسوف من تاريخ إلى آخر، وهكذا تتواصل سلسلة معوقات التغيير من السلبية إلى كثرة الانشغال وعدم وجود وقت ويمر العام بعد العام ويبقى الإنسان كما هو لم يتغير ولم يحقق آماله وطموحاته بل ويبقى يشتكي من المشاكل نفسها التي يعانيها كل عام والسبب الحقيقي لذلك كله أنه لم يتغير.
لقد أصبح التغيير ضرورة في كثير من شؤون حياتنا، فهاهي أقوى دولة في العالم استجابت لنداء التغيير وهاهي اليابان قامت بعد تعرضها للقصف النووي من جديد وغيرت فكرها ومفاهيمها وسخرت طاقاتها حتى أصبحت واحدة من أعظم اقتصاديات العالم، وهاهم الأفراد في مختلف أرجاء العالم يبدعون ويقدمون كل جديد لا لشيء إلا لأنهم آمنوا بأنهم قادرون على أن يغيروا في هذا الكون وأن لديهم قدرات ومواهب يمكن أن يسخروها من أجل تحقيق نماء وسعادة البشرية.