اتحدت سيناريوهات مواجهة تداعيات الأزمة المالية على اقتصاديات الإنتاج والتصدير والاستثمار، بالرغم من تباين الظروف الاقتصادية بين الدول، وهو ما تطلب خفض الفائدة والضرائب ودعم الصناعة وتشجيع الاستثمارات.
وبدأت الحكومات فى اتخاذ إجراءات لدعم القطاع الخاص، وذلك ضمن إيجابيات هذه التداعيات، بعد أن قامت الدول بضخ المليارات خلال خطط الإنقاذ المالية، وذلك قبل أن تنتقل التداعيات إلى الاقتصاد الحقيقى.
وعلى المستوى المحلى تميز الدخل القومى بمصادر أخرى مختلفة على رأسها قناة السويس، وهو ما دفع شركات الخطوط الملاحية إلى المطالبة بخفض رسوم الملاحة ومناقشة تداعيات الأزمة على قطاع النقل البحرى وإيرادات القناة.
ودفعت الأزمة إلى ضرورة جذب الاستثمارات الأجنبية، وهو ما أبرز الدور الإيجابى لتداعيات الأزمة، ومنها انخفاض تكاليف الاستثمار والإنتاج، وذلك بعد تراجع أسعار مواد البناء والخامات.
واعتبر خبراء الاستثمار الفترة الحالية بمثابة الوقت الأنسب لضخ استثمارات جديدة تستهدف الإنتاج عقب انتهاء الأزمة، وذلك لتتزامن مع عودة الأسعار إلى الارتفاع.
وعلى صعيد عالمى، تتجه الشركات العقارية الصينية إلى السوق الأمريكية لاصطياد الفرص، خاصة بعد انخفاض أسعار العقارات هناك بسبب أزمة الرهن العقارى.
وقالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» إن ولايات أمريكية مثل سان فرانسسكو أصبحت «محط أنظار» شركات التمويل العقارى الصينية.
دول العالم تتفق على سيناريو متشابه لمواجهة تأثيرات الأزمة على الاقتصاد الحقيقى
كتب ـ محمد هارون:
اتخذت معظم دول العالم حزمة من السياسات والإجراءات المباشرة لمواجهة تأثيرات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الحقيقى المتعلق بالإنتاج والتصنيع.
كان من أبرز هذه السياسات فى الولايات المتحدة الأمريكية منح قرض قيمته ٢٥ مليار دولار لثلاث من كبرى شركات السيارات «فورد ـ جنرال موتورز ـ كرايسلر» للمساعدة فى إنتاج سيارات اقتصادية موفرة للطاقة، مع اقتراح زيادة الإنفاق العام وإعادة توجيهه وتثبيت الأسعار فى سوق العقارات والإنفاق على البنية الأساسية وزيادة إعانات البطالة وتوسيع القاعدة الضريبية وخفض معدل الضريبة.
وكشف تقرير صادر من وزارة الصناعة والتجارة عن أن الاتحاد الأوروبى يتجه إلى خفض ضريبة القيمة المضافة، ومنح منتجى السيارات مهلة إضافية لمدة ثلاث سنوات لخفض انبعاث غاز ثانى أكسيد الكربون من السيارات الجديدة التى يقومون بإنتاجها،
وفى إنجلترا تتجه الحكومة إلى خفض مساهمة الشركات فى التأمينات الاجتماعية بنسبة ١٪ مؤقتاً لمدة ستة أشهر، وإلغاء مؤقت لضريبة القيمة المضافة، وفى روسيا تدرس الحكومة حالياً خطة مقترحة تتضمن وضع قواعد وإجراءات قانونية تراعى فيها الشفافية لمساندة المصالح الشرعية للمستثمرين والدائنين ومنع الإفلاس، ومساندة قطاعات التشييد والبناء وصناعات الآلات والأسلحة واستخراج المواد الخام وتجارة التجزئة والزراعة، ودعم الصادرات والاستهلاك المحلى وتوفير الحماية الجمركية لعدد من الصناعات، وزيادة الائتمان المصرفى الممنوح للشركات من البنوك العامة ووضع شروط تفضيلية لتأجير الأصول العامة.
واتخذت اليابان إجراءات متنوعة لمواجهة الأزمة فى أغسطس الماضى ومنها ضخ ٥١ مليار دولار لتمويل إلغاء رسوم عبور الطرق وزيادة إقراض المشروعات الصغيرة، ضمن خطة شاملة تبلغ تكلفتها ١١.٧ تريليون ين يابانى، مع إعطاء إعفاءات ضريبية، ومزايا أخرى للقطاع العائلى، ومنح إعفاءات ضريبية لقطاع العقارات وزيادة الدعم للعاطلين عن العمل وكبار السن والأطفال.
وفى الصين خفضت الحكومة سعر الفائدة وتبنت سياسة جديدة لاستغلال الأراضى الزراعية تسمح للمزارعين لأول مرة بإعادة تأجير الأراضى الزراعية التى يستأجرونها من الدولة، وزيادة السعر الذى تشترى به الحكومة الحبوب من المزارعين بمقدار ١٥٪، وزيادة الإنفاق على مشروعات البنية الأساسية، ومساندة صناعة الحديد والصلب والأسمنت، وإلغاء القيود المفروضة على الإقراض المصرفى، وإلغاء الضرائب على التصدير.
وفى الهند تتجه الحكومة إلى استكمال فتح جميع القطاعات أمام الاستثمار الأجنبى المباشر وجذب مزيد من الاستثمار الأجنبى المباشر، وزيادة جهود الإصلاح فى القطاعات التى تحظى باهتمام المستثمرين ومن أهمها تجارة التجزئة والصناعة التحويلية والتعدين والتأمين، والتركيز على جذب استثمارات طويلة الأجل بدلاً من الاستثمارات قصيرة الأجل لتجنب أى تأثير سلبى للأزمات على ميزان المدفوعات أو على العملة المحلية، وإلغاء القيود على مساهمة الاستثمار الأجنبى فى القطاعات المختلفة.
كانت الحكومة التركية قد قامت بزيادة سعر الفائدة على الليرة التركية إلى ١٧٪، مع التوجه إلى تشجيع المواطنين على إعادة مدخراتهم المودعة فى بنوك فى الخارج إلى تركيا لزيادة السيولة من العملة الأجنبية، بالإضافة إلى خفض تكلفة الإقراض. واتفقت كل من استراليا، كندا، أندونيسيا، إسرائيل، السعودية، الإمارات، الكويت، على تخفيض سعر الفائدة.