الاقتصادية - ظلت أسواق الأسهم هذا الأسبوع، في حالة تقلب عنيف في الوقت الذي أطلقت فيه الحكومات على جانبي الأطلسي جهود إنقاذ لا مثيل لها للبنوك الكبيرة، في سبيل تجنب الانهيار التام للنظام المالي العالمي.

ولكن المخاوف المتصاعدة من أن الأزمة في الأسواق المالية لا بد أن يتبعها ركود اقتصادي عالمي، هذه المخاوف ضمنت أن تظل الثقة هشة وأن يظل العزوف عن المخاطر عالياً.

قال لاري هاثواي Larry Hatheway، وهو اقتصادي لدى بنك يو بي إس، إن أحداث هذا الأسبوع أعطتنا تذكرة صارخة بأن الجهود المبذولة لإنقاذ الأنظمة البنكية في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية وصلت متأخرة عن موعدها بدرجة كبيرة بحيث إنه لن يكون بوسعها الآن الحؤول دون وقوع ركود اقتصادي عالمي والتسبب في أرباح ضعيفة للشركات أقل بكثير من الفترات السابقة.

وأضاف: "في الوقت نفسه فإن حالات الهبوط في الأسواق لهذا الأسبوع ربما زاد من تعقيدها التحسن الجزئي الوحيد وغير الكافي في ظروف سوق الائتمان العالمي في أعقاب التدخل الحكومي غير المسبوق الذي تم الأسبوع الماضي".

وصل التقلب العنيف في أسواق الأسهم والسلع والعملات درجات حادة هذا الأسبوع، وشهدت أسواق الأسهم على وجه الخصوص تقلبات عجيبة.

يوم الإثنين الماضي تمتع مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بأكبر ارتفاع له في يوم واحد منذ ثلاثينيات القرن العشرين، ما لبث انقلب يوم الأربعاء إلى أسوأ هبوط له في يوم واحد منذ انهيار بورصة نيويورك في عام 1987. استقر مؤشر ستاندارد آند بورز 500 يوم الجمعة، حيث حقق ارتفاعاً مقداره 0.2 في المائة بحلول منتصف اليوم، وكان في سبيله إلى تحقيق ارتفاع مقداره 5.4 في المائة على مدى الأسبوع. كذلك كان مؤشر داو جونز للشركات الصناعية في سبيله إلى تحقيق مكسب مقداره 6.3 في المائة على مدى الأسبوع.

يوم الخميس اندفع التقلب، عند قياسه بمؤشر فيكس من بورصة شيكاغو للخيارات، إلى رقم قياسي هو 81.17، وكان من المتوقع أن يرتفع حتى أعلى من ذلك بالنظر إلى "الأثر الرباعي السحري"، وهو انتهاء أجل العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم، وخيارات مؤشرات الأسهم، والعقود الآجلة لخيارات الأسهم والأسهم المفردة، الذي وقع يوم أمس.

كذلك شهدت سوق الأسهم اليابانية اندفاعاً وتراجعاً قوياً أثناء الأسبوع، حيث حققت يوم الثلاثاء رقماً قياسياً في الارتفاع في يوم واحد، ثم تبعه في يوم الخميس أكبر هبوط في يوم واحد منذ عام 1987.

يوم الجمعة ارتد مؤشر نيكاي 225 إلى أعلى بمقدار 2.8 في المائة، وبذلك بلغت مكاسبه على مدى الأسبوع 5 في المائة.

هذا الأسبوع تراجعت البورصة الصينية بمقدار 3.5 في المائة. هبط مؤشر شنغهاي المركب بمقدار 68.3 في المائة منذ الذروة التي سجلها في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وبذلك سجل في الذكرى السنوية الأولى لهذه الذروة هبوطاً دون المستوى الأساسي البالغ 2000 نقطة للمرة الأولى خلال سنتين تقريباً.

في أوروبا ارتفع مؤشر فاينانشال تايمز 300 بمقدار 5.1 في المائة هذا الأسبوع، في حين أن مؤشر فاينانشال تايمز 100 في لندن ارتفع بمقدار 3.3 في المائة. في لندن كذلك هوت أسهم شركات التعدين يوم الخميس بمقدار 18 في المائة، الذي يعتبر أسوأ هبوط في يوم واحد لهذا القطاع منذ 30 سنة على الأقل.

في أسواق السلع هبطت أسعار النفط الأمريكي إلى ما دون مستوى 70 دولاراً للبرميل للمرة الأولى منذ آب (أغسطس) عام 2007، حيث سجل رقماً متدنياً عند 68.57 دولار للبرميل يوم الخميس قبل أن يتعافى على نحو يسير يوم أمس. وحيث إن أسعار النفط هبطت إلى أكثر من النصف منذ بلوغها الذروة في تموز (يوليو) عند مستوى 147 دولاراً للبرميل، فإن من المتوقع أن تقوم "أوبك" الآن بتخفيض الإنتاج في وقت مبكر ربما يكون خلال الأسبوع المقبل.

سجلت المعادن الخسيسة تراجعاً مهيناً أثناء أسبوع بورصة لندن للمعادن، وهو الاجتماع السنوي للصناعة في لندن، وسط مخاوف من أن طلب الصين على السلع أصيب بتباطؤ حاد.

هذا الأسبوع كانت هناك علامات واضحة على أن العدوى من الأزمة المالية في الاقتصادات المتقدمة انتقلت إلى الأسواق الناشئة. عرضت المؤسسات الدولية المساعدة المالية على كل من المجر وأوكرانيا في مسعى لوقف مسيرة هذين البلدين باتجاه الجيشان المالي الذي عصف بآيسلندا.

ارتفعت تكلفة عقود التأمين على سندات أوكرانيا والبلدان الأخرى في أوروبا الشرقية بصورة حادة وسط مخاوف حول سلامة الأنظمة البنكية في تلك البلدان. تعتزم أوكرانيا تأميم البنوك التجارية التي تعاني أزمة مالية، وفقاً لما يقوله رئيس مجلس البرلمان. توسعت الفائدة على عقود التأمين المتقابلة على سندات الحكومة الأوكرانية لأجل خمس سنوات بمقدار 200 نقطة أساس، لتصل إلى معدل لا يستهان به مقداره 2000 نقطة أساس، بمعنى أن عقود التأمين على سندات بقيمة عشرة ملايين دولار على مدى خمس سنوات أصبحت الآن تكلف مليوني دولار.

يوم الجمعة قال وزير المالية الروسي إن الدولة ستشتري الأسهم والسندات الممتازة ذات السيولة الجيدة لمساندة السوق. يوم أمس ارتفعت تكلفة عقود التأمين المتقابلة على سندات الحكومة الروسية لأجل خمس سنوات بمقدار 100 نقطة أساس لتصل إلى 730 نقطة أساس، وهبط مؤشر ماسيكس MICEX للبورصة في روسيا بمقدار 14 في المائة هذا الأسبوع.

من جانب آخر هبطت بورصة كوريا الجنوبية هذا الأسبوع بمقدار 4.9 في المائة بعد أن شهد مؤشر كوسبي Kospi يوم الخميس أسوأ أداء له في يوم واحد منذ سبع سنوات، وسط مخاوف من أن البنوك كانت تواجه صعوبات متزايدة في الاقتراض من الأسواق الدولية.

هذا الأسبوع أخذت أسواق المال تتحرك شيئاً فشيئاً من نومها العميق، حيث هبطت أسعار الفوائد على القروض بين البنوك لجميع الآجال من ليلة واحدة إلى السنة على قروض الاسترليني واليورو والدولار. على مدى الأسبوع هبط سعر فائدة ليبور (للإقراض بين البنوك في لندن) على قروض الاسترليني لأجل ثلاثة أشهر بمقدار 12.5 نقطة أساس لتصل إلى 6.16000 في المائة، في حين أن سعر فائدة ليبور على قروض الدولار لأجل ثلاثة أشهر هبط بمقدار 67 نقطة أساس ليصل إلى 4.41875 في المائة، وهبط سعر فائدة ليبور على قروض اليورو لأجل ثلاثة أشهر بمقدار 34.6 نقطة أساس ليصل إلى 5.02000 في المائة.

قال بنك كريدي سويس Credit Suisse إن الهبوط المتواصل في أسعار الفوائد على القروض بين البنوك هو أمر حيوي، في الوقت الذي تقود فيه أسواقُ الائتمان أسواق َ الأسهم عند نقاط التحول المهمة، وبالتالي فإن استدامة اندفاع سوق الأسهم تطلبت أن تهبط أسعار فائدة ليبور على القروض..