ارتفعت بحدّة توقعات حصول ركود اقتصادي عالمي، وبلغ تجنّب المخاطرة ذروة جديدة، حسبما جاء في الاستطلاع الذي أجرته شركة ميريل لينش لمديري صناديق الاستثمار لأيلول (سبتمبر). وكشف الاستطلاع أن ستة من كل عشرة مستثمرين يتوقعون نمواً عالمياً سلبياً.

وأظهر الاستطلاع أنّ الخوف على مستقبل الاقتصاد العالمي كان واضحا في استطلاع أيلول (سبتمبر)، إذ إنّ 61 في المائة من الذين اشتركوا في الاستطلاع يعتقدون أن الركود مرجّح في الـ 12 شهراً المقبلة. وكصدى لهذه المخاوف بلغت درجة العزوف عن خوض المخاطر حداً قياسياً كما ظهر من مركّب الخطر والسيولة الذي انخفض إلى أدنى مستوى يصل إليه في أكثر من عقد. فالنتائج، التي جمعت بعد تدخّل الاحتياطي الفدرالي الأمريكي لدى "فاني ماي" و"فريدي ماك"، وقبل انهيار ليمان بروزرز، تبيّن أن المستثمرين قد اتخذوا استراتيجيات أكثر تحفظاً وقصّروا الآفاق الزمنية لاستثماراتهم فقد ساءت ظروف السيولة (في السوق وسهولة التبادل)، إذ إنّ أكثرية من 39 في المائة من المشتركين يصنّفون الأحوال بأنها سلبية مقابل نصف هذه النسبة في آب (أغسطس). وقد وجد الاستطلاع، كعلامة هروب إلى الأمان، أن المستثمرين راحوا يوظفون معظم أموالهم في السندات، لأول مرة، في أكثر من عقد.

وتوضح كارن أولني الرئيسة الأوروبية لاستراتيجية الأسهم في "ميريل لينش" أن المستثمرين لا يهتمون كثيراً بالتضخم بينما الركود على أبوابهم والنظام المصرفي يرزح تحت الضغط. وقد بيّنوا بوضوح أن السياسة النقدية هي شديدة التشدّد ومن الضروري تخفيض معدلات الفائدة.

ويصنّف المستثمرون عالمياً منطقة اليورو بأنها الأقل جاذبية، ثمة 50 في المائة من موزعي الأصول العالميين يصنّفون أوروبا في فئة أدنى من المعتاد والأكثر سلبية منذ بدء الاستطلاع. ويقولون أيضا إن مستقبل أرباح الشركات في منطقة اليورو هو الأقل إشراقاً من أيّ مكان آخر. وقد أصبح المستثمرون الأوروبيون أكثر تشاؤماً في الأشهر الثلاثة الأخيرة فأكثر من الثلثين (68 في المائة) يتوقعون ركوداً في الأشهر 12 المقبلة صعوداً من 13 في المائة في حزيران (يونيو).

وفي الوقت نفسه، غيّر المستثمرون الأوروبيون آراءهم جذرياً إزاء التضخم حيث انخفضت التوقعات إلى أدنى ما بلغته منذ 2001. ففي حزيران (يونيو) تنبأت أغلبية 32 في المائة أن التضخم سيرتفع في الـ 12 شهراً المقبلة. أما الآن، فثمة 69 في المائة يتوقعون أن يتدنى التضخم. لذلك ازدادت الرغبة في أن يخفض البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة.

وإن ما يقرب من ثلثي المستطلعين (65 في المائة) يعتقدون أن سياسة أوروبا النقدية هي في غاية التشدد – صعوداً من 36 في المائة كانوا من هذا الرأي في آب (أغسطس).

وأوضحت كارن أولني أن هذه المخاوف تفاعلت لتخلق تغيرات هوجاء في شعبية القطاعات فمديرو صناديق الاستثمار الأوروبيون يتحولون صوب الصناعات ذات المخاطر الخفيفة كالغذاء والمشروبات بينما يعملون على تصفية مراكزهم في السلع.

وأظهر الاستطلاع أنّ أهم التحولات القطاعية من آب (أغسطس) إلى أيلول (سبتمبر) كان التفرّغ عن أسهم الموارد الأساسية والكيماوية - التي تعتبر قطاعات عالية الخطر عند انحدار السوق فثمة أغلبية 37 في المائة من المشتركين في الاستطلاع الأوروبي يتجنبون الموارد الأساسية، وهذا يعكس انهياراً يبلغ 47 في المائة من أكثرية كانت نسبتها 11 في المائة منذ شهر فقطاعا الغذاء والمشروبات اللذان كان الموقف نحوهما سلبياً من وجهة قابلية المخاطرة في العقدين الماضيين، أصبح ينظر إليهما الآن كملاذ آمن ويحظيان بانتعاش كبير.وثمة أغلبية 2 في المائة من المستثمرين يتجنبون القطاع الآن مقابل أغلبية 26 في المائة كانت تنأى عنه في آب (أغسطس).

انكشاف صناديق التحوط

حسب الاستطلاع فإن البارز من وجهة انخفاض قابلية المخاطرة هو كيفية تحول صناديق التحوط لتصبح أكثر نزولية إزاء الأسهم. ثمة واحد من كل أربعة صناديق تحوّط (24 في المائة) اشتركت في الاستطلاع هو منكشف بالأسهم، مقابل 6 في المائة من الصناديق كانت منكشفة في آب (أغسطس).وفي الوقت نفسه، فإن صناديق التحوّط هي في طور تخفيض استعمال الدين أو أصبحت مضطرة أن تخفض مدى استعمالها للدين. فنسبة المعدل المثقل في الأصول القائمة إلى الدين قد انخفضت من 1،2 مرة إلى 1،0 مرة في أيلول (سبتمبر) ثم إن أكثر من نصف المشتركين الذين أجابوا عن السؤال لديهم نسبة دين أقل من مرة واحدة.

وأظهر الاستطلاع تحوّل المستثمرين عن الاستثمار في أسهم الأسواق الناشئة العالمية بنسبة كبيرة لم تشاهد منذ 2008، بفعل الهبوط في أسعار السلع وهواجس النمو العالمي والمخاوف المتبقية من التضخم في اقتصادات الأسواق الناشئة.

ويرى مايكل هارنت كبير استراتيجيي الأسواق في "ميريل لينش" أن تحسناً في الشعور تجاه ضعف الأصول سيأتي عندما تستقر أسعار السلع وتيسّر البنوك المركزية السياسة النقدية في الأسواق الناشئة". وثمة 12 في المائة من المشتركين في الاستطلاع يتوقعون أن يضعف الاقتصاد الصيني خلال السنة المقبلة، وهذه إحدى القراءات المسجّلة الأكثر تشاؤماً. والتحرك الكبير المقبل في أسهم الأسواق الناشئة سيتوقف على مدى سرعة التيسير الذي تتخذه الحكومة الصينية في السياسة الاقتصادية .

كما أن مشاكل المؤسسات المالية البارزة في الولايات المتحدة هي سلبية إزاء عملات الأسواق الناشئة. ومن المتوقع أن تؤدي الأحداث الأخيرة إلى ازدياد تجنب المخاطرة والى تصحيح حاد في عملات الأسواق الناشئة.

يذكر أن 186 من مديري صناديق الاستثمار اشتركوا في المسح العالمي يشرفون على توظيف 621 مليار دولار أمريكي. واشترك ما مجموعه 162 مديراً في الاستطلاعات الإقليمية الذين يشرفون على توظيف 416 مليار دولار أمريكي.