هل يقترب العالم من أزمة مالية جديدة مع شح السيولة والركود الاقتصادي؟
مؤشرات على نذر تشاؤم شبيهة بالأزمة المالية العالمية 2008 مع اتساع رقعة الصراع بين واشنطن وبكين من الحكومات إلى الشركات (رويترز)
مخاوف من أزمة اقتصادية ربما تضرب كل دول العالم قبل نهاية العام، مع تزايد بواعث القلق على مستقبل الاقتصاد العالمي ومدى تأثره جرّاء تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأميركية والصين. فبعد أن تكللت المشاورات الثنائية بين الاقتصادين الأكبر عالميا دون التوصل لاتفاق يجنّب العالم الدخول في حرب تجارية، على الفور قامت واشنطن برفع التعريفات الجمركية على بضائع صينية تقدر قيمتها بـ200 مليار دولار، بنسب من 10% إلى 25%، كما أصدر الرئيس دونالد ترمب أمراً بالإعداد لفرض رسوم على سلع صينية إضافية بقيمة 300 مليار دولار، وهو ما سيشمل فعليا جميع الواردات الصينية برسوم.
في الوقت نفسه، يحذر خبراء اقتصاديون من أزمة عالمية مقبلة بعدما ظهرت مؤشرات على نذر تشاؤم شبيهة بأزمة 2008، بعدما اتّسعت رقعة الصراع بين واشنطن وبكين من الحكومات إلى الشركات. في الوقت ذاته أظهرت مؤشرات النمو الاقتصادي في كل من الصين وأوروبا تراجعاً ملحوظاً.
كما أن شحّ السيولة في بلدان نامية مثل تركيا والأرجنتين، إضافة إلى ما يحصل في الاتحاد الأوروبي، كل ذلك يثير قلق المراقبين والمحللين، حيث يشير خبراء إلى أن ترقب حدوث أزمة مالية شبيهة قد عاد بقوة على الرغم من اختلاف الظروف التي خلقت أزمة المال السابقة في 2008، ومدى قدرة المصارف المركزية العالمية على التعامل مع أي هزة مقبلة، فلا زالت نقاط الضعف التي يحتويها النظام المالي العالمي موجودة، وربما تقود إلى هزّة عنيفة تضرب العالم خلال العام الحالي.
وأكد الخبراء أن الاستقرار المالي لا زال فيه ثغرات، من أهمها تزايد ديون الشركات والإقبال على المخاطرة، كما أن تدهور الجدارة الائتمانية للمقترضين بات في حالة مزرية. أما ارتفاع حجم السندات ذات التصنيف الائتماني " BBB" بنحو أربعة أضعاف، وتضاعف تقريباً حجم الديون ذات الدرجة الائتمانية غير الاستثمارية، فقد باتا مؤرقَين للمراقبين.
هجرة العملة الصعبة لخزائن الدول
يشير الدكتور ناصر قلاوون، أستاذ العلوم السياسية والاقتصاد في لندن، إلى أن "هناك وجهة نظر تحذر من أزمة مالية، فخزائن الدول الصاعدة اقتصادياً تعاني كثيراً من شح العملة الصعبة، وفي مقدمة هذه الدول تركيا، حيث تجاوزت مستحقات البنوك لدى الحكومة التركية نحو 300 مليار دولار، منها 80 مليار دولار مستحقة في نهاية العام الحالي، وفي حال تخلفهم عن السداد فلن يكون هناك بديل سوى إعلان إفلاسهم، وبالتالي تصدير الأزمة إلى دول أخرى".
وأوضح قلاوون أنه "في حال اللجوء إلى بنوك أميركية وعالمية فإن العملة المحلية سوف تهبط بنسب أكبر، مع الوضع في الاعتبار تآكل احتياطي البلاد من النقد الأجنبي ما يسبب مشاكل لا يعرف عقباها".