النتائج 1 إلى 9 من 9
الموضوع: الوقت ..!
- 08-07-2018, 05:19 PM #1
الوقت ..!
جميعنا نعلم أنه منشأ ما تقع فيه كل الأنشطة و الحوادث زمنا مقدرا ، دائما ما يلام و تلقى عليه المعاذير ، لتجنب سوءات المحاذير ، و تحاشي المناذير ، بانقضائه تحل معه أغلب المشاكل العالقة في حياتنا تعويلا مصرما ، هو المهيب الذي لا يقدر بشيء في مقابل ما يحل بنا ، و هو مع ذلك لا يقدر حق التقدير المفروض له ، فهو سريان و استنفاد حصص معلومة النسب ، من خواصه تآكل المحصور من المقدور من الزمن ، و جرس النهاية إذا تعدى كل شيء حدوده ، و صافرة الانذار المعلنة لبلوغ خط النهاية ، و إذا كان مما مضى فهو يتحسر عليه ، و إن كان مما هو آني حالي فيضيع أشد التضييع ، و لئن كان مما هو مستقبلي مجهول فهو يتخوف منه ، أنت معه في سباق غير متكافىء الأطراف ، تخشى من سرعة فوته لذلك تخاف ، و لأنه استثمار ناجح إن أحسن استغلاله فهو يحقق المكاسب تلو المكاسب ، منها ما هو مناسب ومنها ما هو على الإطلاق غير مناسب ، فهو يعد أنفاسك و عليها يحاسب ، فهو عداد الأنفس الذي لا مجال للخطأ فيه !
الوقت ... أعصى ما عرف على التملك و الاستحواذ ، و أسرع حاصد و أخاذ ، و أصعب مقود على التحكم و السيطرة ، سوء إدارته يحتاج الى تدخل و قسطرة ، الوقت ... ظرف كما أنه عصيب على البعض فهو بهيج على بعضهم الآخر ، و هو العامل المصاحب الذي يدخل في صلب عمل كل شيء يتحرك أو لا يتحرك ، و مقياس تجارب الأمور ، و مرجعية الحكم على الأشياء و الأمور المنظورة ، بل هو قاهر أمرس صوان المعاني و المحسوسات ، عند الكثرة الكاثرة يضيع سدى ، على غير هدى ، فتكون أعمارهم هباء منثورا ، الوقت ... عبق الآثار الماضية التي تطل علينا برائحة هناك أو مشهد هنا ، و هو حواضر الحاضر المحضية ، و اشراقات المستقبل المخفية .
و للحديث الشيق فضاء واسع و آخر ضيق !
- 08-07-2018, 05:20 PM #2
الوقت ... إما معول هدم ينتقض البناء ، و إما محراث يعمر الفناء ... و لكل منهما صاحب يظن أنه بأحدهما في سعادة و هناء ، و هو ما كان على وزن كان أو فان .. لا فرق ، و ما يكون حادثا و نحن نقرأ الآن ، و ما سيكون لو وقع بعد أوان في طي الكتمان ، الوقت ... بداية و نهاية الأحياء و الجمادات ،و ميلاد و موت الأنفس و المجسمات ، و هو الشرك الذي ان لم تحسن نصبه قد ينطبق عليك فلا يرحمك ، و دقات منتظمة لا تتوقف ولا تنقطع حتى ينقطع حبل الحياة برمته ، الدهر من ألقابه ، و القرن بسنيه المئة عتبة عند باب داره ، و الزمن المتشابه ، للموت غير آبه .
الوقت ... انتظام فترات تتباعد أو تتقارب بحسب ترتيباتها العددية ، و تصنيفاتها الترددية ،
الوقت ... لكل شيء وقته ... عبارة كثيرا ما تلقى على المسامع و يرددها الكثيرون و لكن معظمهم لا يفقهون معناها ، فضلا عن أن يحسنوا مداولته بعناية شديدة ، و هو مرتهن الوعود ، و مربط العهود ، و الدارج الذي لا يتوقف عن الدرج ، كما أنه طواف المسارح ، يمكث لا يبارح ، لا يشيخ و لا يموت ، ولا يغيب عنه أي شيء يقع ابتداء ، الوقت حضانة التأريخ ، و شاهد الوقائع إن على الأرض أو المريخ ، و هو عملية مسح معنوي ذات تأثير حسي ندركها بعد فوات الأوان و عض الأنامل تطال كل شيء موجود في هذا الكون ، و هو وحدة بناء الدنيا بحلوها و مرها ، و المحبب في محافل الأنس و السعادة ، و المبغوض في محافل الحزن و الشر ، وهو المارق الذي لا يدرك ، و السارق الذي يسرق منك أغلى ما تملك ، فانتبه و ارعه الحذر كل الحذر ، الوقت ... فيما يعلم لا يوجد أحد لا يكف عن السؤال عنه ، بضياعه يضيع كل شيء ، و بفقدانه تندب الأمم حظها العاثر ،
و هو مزرعة افتراضية لا يحدها حد لاستنبات الأفعال و الأقوال و الحركات و السكنات ، و المرئيات و المسموعات ،و الإشارات و الأمور المحدثات . و هو غنيمة المتفانين المخلصين ، و فريسة الناهمين الفطنين ، فهو بالنسبة اليهم أبقى كنز عرفوه يوما ، الوقت ضمير متصرف تقديره تام المفعول في صفات و ذات الأشياء ، لا ينسخ نفسه ، ولا يعيد نفسه ، في حل أبدي من الملامة ، و في ترحال أبدي لا يعرف محطات للوقوف ، لا تتوقف عقاربه عن الدوران ، ولا يستريح رحله عن الجريان ، تجده في الروزنامة ، و في حشو المدونات من المذكرات الشخصية ، و هو نداء تنفيذي امتداده يعبق كل حيز مكاني معلوم أو غير معلوم ، يطير خفاقا أسرع من أي شيء آخر ، و يتبخر لكنه ليس بسائل ، كما أنه يمتلك خاصية الاسعاف و الانقاذ في اللحظات الحرجة و المواقف العصيبة ، و له انقضاض مباغت أشد من انقضاض الجارح على الفريسة ، و يشترك في المداهمة الصارعة القارعة ، و خطواته في ذلك مسرعة متسارعة ، يحاصر من غير إحاطة ، وهو مستصرخ المبتلين الذين ينشدون تواتره المرن ...
و للحديث الشيق فضاء واسع و آخر ضيق !
- 08-07-2018, 05:21 PM #3
الوقت ... حلقات مفرغة و أخرى ممتلئة ، بوقائع و أحداث إما ريشية التأثر ، و إما أعاصيرية التدمير ، و لك أن تتلمس ذلك لا أن تتخيله ، فتأثيره لا يحتاج الى توهان المخيلة ، و هو عند ذوي الأشغال دائما بناقص لا يكفيهم ، و هو المرصد الذي يقعد ولا يبارح ولا ينصرف أبدا ، وحده فقط من يحكم القبضة جيدا على جميع عناصر الحياة المعنوية و الحسية ، المرئية و غير المرئية ، و صنبور الحياة الذي لا ينقطع ولا يتوقف ، ولا يكف عن الجري و السريان ، بكل تأكيد من ذهب في كل الأحوال ، و مدعاة لقابلية الطي المؤكد الأكيد ، فما أجمل أن تحفه بقراءة أو مطالعة ، بمذاكرة أو بعمل نافع مفيد حال فراغك ، في إهماله المتعمد خيبة الخيبات المنكرة ، بين طياته فصول حضارات ، وهو قطار لا يمكن التكهن بوصوله في أي حال من الأحوال ، بمقدرونا أن نصفه أنه عملية طبخ على نار هادئة لإنضاج تشكيلات من قوالب الأحداث و الوقائع ، و عند توزيعه التوزيع الصحيح العادل المطلوب ، عندها فقط تسعد بحياتك أيما سعادة ، و من اخلاصك له أن تراعيه حق الرعاية المقسطة ، فتشده حينا ، و ترخيه حينا ، ان غالبته غلبك ، و ان امهلته قهرك ، و ان أردته صفاء فعليك بغيره جفاء ،في حال توفير أكبر قدر منه نختصر أعمالا نحن في غنى عنها ، الوقت ... أوراقه سريعة الاصفرار و العطب ، و هو ترانيم عددية تتلى كل صبح و عشية ، بالتلازم و المعية ، يتفرد بالامتداد اللامعدود ، و كل شيء يقابله عند القياس مردود ، و هو أسرع من الضوء عند مجاراته له ، و مع ذلك لا ينقص من عمره شيء ، خاطف الأنفاس ، و مروض شديدوا الباس ، و من خلاله تتبدل الحقب من لباس الى لباس ، و هو أنفس النفائس التي لا نشبع من البكاء عليه عند اهدار دمه بكل برود ولا مبالاة ، ان قيل هو موغل في القدم فقد أهين ، و الحق في ذلك يقين مستبين ، اليه مرجع كل شيء ابتداء ،و من تهم بني آدم براء ، في غشيانه يدلهم ،و جميع جروحنا بواسطته تلتئم ، يتطاول في البنيان ،و يتوسع في الاشغال و العمران ، يستطيل الأمد لسنيه المعمرة ، و يتربع على عرش القيم المقدرة ، و يدور في فلك الأولويات المهدرة ، و ينخرط في اعمال تعيين الأقدار المسورة ، يكفي أنه استفزاز شريف يطال المجتهدين العاملين ، فهم لا يرتضون أن يسرع عامله المفوت فيهم النهاية الوشيكة ، يمضي ولا يتلكأ في سيره ، فلا وجه للمقارنة عندئذ مع غيره ، فدبيبه خفيف ، لكنه ليس بالضرورة لطيف ، المسرفون فيه لا يحبذون عجلته فيهم ، و ودوا لو تمكث عندهم عقاربه ، الوقت ... مبلور المعلقات ، و منصف المشكلات الحادثات ، و محرز التطورات المتممات ، و مشتت عوامل الضغوطات ، مهما حاولت فهو لا يستجيب لتوسلات الانتظار ، ولا يرحم داعي الاحتضار ، من مميزاته عدم الامهال ، يستوي في ذلك رد السؤال جوابا على السؤال
و للحديث الشيق فضاء واسع و آخر ضيق !
- 08-07-2018, 05:22 PM #4
بين الفينة و الفينة الأخرى منه تحدث الأمور العظام هكذا دونما سابق انذار أو مقدمات أو ارهاصات ، مع مروره و انقضائه يعظم رصيد المكتسبات المتحصلة نتيجة دورته المنتجة المتحققة ، من دروسه البليغة استغلال مفاصله ،و النكاية والوبال لمن لا يقف عند فواصله ، لا يستأذن في الدخول و الخروج ، مثاليته مطلقة تمام الاطلاق ، على العموم على الاطلاق ، و هو كماشة تطبق أول ما تطبق على متفاديها ، و مطارق على رأس من يعاديها ،و هو ريحانه يخشى عليها من فقد عبقها ان اهملت ، كرت السبحة على عجل ، و جثت الركب على وجل ، هكذا لكل شيء كتاب و أجل ، ما فات منه يصبح أثرا بعد عين و معاينة ، و ما قايضه أحد إلا و عليه له مداينة ، لا تجدي معه المهادنة ، ولا ترجى معه المداهنة ، و هو جابي ضريبة الحياة الصارم ، نودعه ولا يودعنا ، نفارقه ولا يفارقنا ، الوقت ... منجل لا يعرف للرحمة معنى ، و أما مقولة (( سبق السيف العذل )) تقصده هو بعينه ، لو كانت لديه سيارة يقودها لكانت حتما بلا كابح ، لست في حل منه حتى بعد أن يخرج السر اللإهي منك ، هو الظل الظليل ، و الليل الأليل ، اللحوح المسارع السباق ، و الأخاذ السلاب التواق ، كيف لا و هو حجر رحى لا يبلى ، ان تحاشيته عنك لا يتلهى ، لا يروي عطشه شيء ، ولا يشبع حدته أي شيء ، يتعاون الكثيرون على قتله و وأده ، منذ أن ولد من مهده ، و ما أبرع اللذين يمسكون بخناقه حق الامساك ، كما أنه فرصة بقدر أندر الأحجار النفيسة ان توفر لطالبه الحذق ، لا يتوقف عن حد الامتلاء و التخمة ،ولا يكف عن القول : هل من مزيد ؟ الوقت ... النهم الشره الأكول البطن .... و كل ما يؤدي الى هذه المعاني مجتمعة أو متفرقة ، المستثنى الوحيد من الانقطاع عندما ينبت و ذلك بسبب خاصيته الفريدة في الاستمرارية و المعية ، و هو أول ما عرف عنه أنه استقبل حياتنا الدنيا هذه ، و آخر من يودعها ، لولاه لما عرفنا الساعة التي نزين بها معاصمنا أو التي نتعلقها على حوائطنا ، و غيرها من الأدوات المعبرة عن الوقت ، و هو مدلول حدوث الحوادث ، و قرين وقوع الوقائع ، و دليله مشهور و شائع ، يتسلل بخفة تستحيل على الرصد و المتابعة ، يتمتع بقابلية الطي المريع ، ان استهل ... ما أكثر ما نهل ،و ان اعتدل أسرف بتبذيره وارتهل ، و من لم يفقهه الوقت فلا بواكي عليه ، من أنصح النصائح المتعلقة به : كسب وده ، و خطب جده ، فهو معري الحقائق ، و كاشف الدقائق ، و مخرج ما في القليب ، ليست الحسرة في شيء إلا في إدباره ، فعطاياه تحتاج الى اقتناص ماهر ، الوقت ... معلم لم يوفه الناس التبجيلا ، فعليهم أن يوشحوه من التقدير اكليلا فاكليلا ، و هو إدام المسعفين اللذين ينتظرون هل هلاله ، و يقضون حاجاتهم خلاله ، و هو الاستثمار الأنجح ، و الاستهلاك الأحمد ، و الاستنزاف الأرغب ، علمنا بذلك أو جهلنا ، الوقت ... لا ينتظر اشارة البدء من أحد ، و هل هناك ملك للغابة إلا الأسد ؟ هو رأس المال البشر على اختلاف طبقاتهم ، و منسوب الأحداث اللذي يقع عليه حمل الأمانة الدهرية ، الوقت .. أعمار تجيء و تروح ، و أعمال تتولد ثم لا تلبث أن تغادرنا أسرع من طرفة عين ، الطيبون المسالمون عماره و لو بعد خروجهم من مسرح الحياة ، عند نزول النازلة يكون أبطأ من سلحفاة كسولة هرمة ، الوقت ... مراحل ان لم تقطعها قطعتك غصبا عنك ، و ان لم تعدها تعدتك رضيت بذلك أم لم ترض عنك ، و لحاء يتحات شيئا فشيئا حتى لا يكاد يبقى منه شيء تذروه الرياح من رصيد كل ما نملكه في الحياة ، مهما حاولت أن توقفه أو أن تبطىء من جريانه فالاخفاق هو نجاحك فيه بامتياز ، وهو الممهد لما سيأتي ، و متمم لما قد حدث ، و ما بين الاثنين حاضر و شاهد ، أصدق قول فيه :-
و كل مصاب دون الوقت فهو في سعة ... إلا مصاب النفس في الوقت فليس يهون !!!
- 09-07-2018, 09:52 PM #5
الوقت من ذهب
- 10-07-2018, 12:42 AM #6
- 10-07-2018, 01:10 AM #7
- 12-07-2018, 04:57 PM #8
- 12-07-2018, 06:51 PM #9