النتائج 1 إلى 14 من 14
الموضوع: حاجتنا للخلوة ...
- 20-02-2018, 09:51 PM #1
حاجتنا للخلوة ...
في الخلوة فرصة سانحة لالتقاط الأنفاس اللاهثة ، و فيها مناسبة مواتية لمراجعة النفس ،و هي تشكل لب الوقت المهيأ للذهن ليعمل عمله ، الوحدة فيها شرط أساسي لا بد من تحققه و إلا فرغت من معناها ، فهي السبيل لنيل مضامينها من أعلاها الى أدناها ، و كلما طال أمدها أتتك بما تحب ، و وهبتك ما تطمح اليه حثيثا ، بالليل يفضلها الشعراء و الأخلاء و الزهاد العباد و سواهم من الخلق كثير ، متى ما أصبح المرء مشحونا ممتلأ دل ذلك على حاجته الماسة اليها ، من دونها تصبح الحياة بلا معنى ، و الراحة بعد العناء ثمرها الأدنى ، حبذا لو صاحبها ورقة و قلم ، فتعبر بطريقتك الخاصة عن السعادة أو الألم ، و إذا الأجواء الخلابة ظرفها المكاني الأنسب فما أهنأ صاحبها و أسعده ، تمنيت لو أني مكانه لعمري أحسده ، جوهرها انسراح الأرواح و عقولها في محمية الطبيعة الجميلة ، و استغراقاتها بمشاهدات رمزية ، و معاينات باطنية ، و مراجعات تحليلية ، و كشوفات طيفية ، و استشرافات نهائية ، و غير ذلك كثير مما تستقطبه عند الانفرادية ، في الخلوة … إعادة برمجة ذاتية بكمون نزعة صرف الارادة ، و محاولة استكشاف مواطن الخلل بغية اصلاحها ، خصوصا التي تتعلق بما لا نشتهي أن يطلع عليه الغير ، فحبل الأفكار متواصل ، يجود بوابل المدد الكوني اللامتناهي ، في الخلوة … تقييم التصرفات المسؤولة و غير المسؤولة ، و إحصاء كل ما ساء من السلوكيات المشينة المعيبة ، لضمان عدام تكرارها مستقبلا ، في الخلوة … جرد شبه يومي لما حاك في صدرك و خشيت أن يطلع عليه أحد من الناس ، الخلوة و الفطرة فطما من ثدي واحد ، و شبا سويا عن طوق الائتلاف و السكينة ، في الخلوة … تتعرف على نفسك عن قرب ، فتحاسبها حسابا عسيرا ، فللتقريع سهم مضروب ، و اللوم سهمه غير منقوص ، و أما سهم النقد اللاذع فطعمه أوضح من بيانه ، في الخلوة … يتجسد الصفاء بأعذب معانيه ، فترق الجمادات و المعاني المصاحبة لها ، و يلطف كل خشن ، و يبدأ في التحوير كل بغيض ، و يصبح جوهر كل مذموم غاية في الاستلطاف ، و كأن شيئا ما قد افتقدته فوجدته في الخلوة ! ... يتبع
- 20-02-2018, 09:54 PM #2
في الخلوة … حالة من بعث التوازن ليفي بحقه بين الجسد و بين الروح ، باستدعاء حثيث للإستغراق العميق و تجنب مؤثرات حسية محيطة ، فهو شعور بالانغماس المتدرج من وسط مألوف معتاد عليه الى وسط لا تتردد عليه كثيرا و تجد فيه راحة كونية ذات أبعاد شاسعة كما بين النجوم ، أساسها أن تخل بينك و بين كل شاغل و ملهي عن اجتذاب نواميس مقدرة لك ، ثم إن ضبط المزاج و اعتداله لا يكون على أحسن حاله إلا إذا صاحبه نفحة من عزلة تأملية متمعنة ، في تكريس الخلوة على نحو دوري تلازم للوقاية من التوحش الكدر ، و مما يعكر صفو الحياة الجميلة ، فهي استفراغ لاهوتي لمسببات هوادم لذات العيش الهانىء المستريح ، كما أن الخلوة تلقيح نشط لمكنونات مجهرية لكنها أعاصيرية التأثير ، و تسكين لآلام مزمنة عتيدة لا تقهر إلا بالخلوة وحدها فقط و ما يدعو اليها ، و تمكين أكيد لعوامل الثبات أما هزات الجبال للنساء و الرجال العنيفة ، في الخلوة … ربيع لا كربيع الفصول ، فواتح الأفكار تجول فيها و تصول ، في الخلوة … اكتشاف احداثيات مكانية لم يطأها أحد و لم يسمع بها أحد قط ، الخلوة … آلة زمن تنقلك من عصر الى عصر ، فتسافر و أنت قيد الحراك ، و هو ابتهاج لأهله يعدل الخلود في الأرض ، و هي استجماع بعد تفرق ، و استدراك بعد فوات ، و ثبات بعد شتات ، و أمن بعد خوف ، وراحة بعد نصب ، في الخلوة … تلاشي منازعات الحياة العادية ، و زوال غشاها الكدر ، في الخلوة … اعجاب لبق لما يوزن قدره و مكتمل بدره ، في الخلوة … تلاقي صفاء الروح مع صفاء سماء الحال ، الخلوة … نافذة مشرعة تطل بك على بستان السعادة الزاهر .. فاسعد ما تشاء ، الخلوة .. حجاب أنس و سكينة ، الخلوة .. ميلاد بواعث ما أسرك ، فتدب الحياة في كل جماد من حولك و يتحرك ، الخلوة .. محفل النجباء ذوي الحجا الذي يعرفونه كما يعرفون أنفسهم ، الخلوة .. ثغر الحياة الذي لا يمل الابتسام ، الخلوة .. تجلي للطائف الخفية ، و فيض الهالات النورانية ، فيها فسحة لصيد الخاطر فقيده ، و تعليقه من رجله و أيده ، في الخلوة ... فرصة لا تقدر بثمن لاطلاق سوانح العقل لتعمل عملها على أكمل وجه ، الخلوة تعني الذهن في أفضل حالاته العملية ، يتبعه الجسد بأكمله ان هو أحسن التبعية ، الخلوة .. شلال أفكار متدفق بغزارة لا يوقفه أي مانع ، الخلوة هي خواء العقل و الفكر من مسببات الانشغال العابثة ، و هل هي إلا ذكريات ماثلة تتجسد ؟ أفلا تكون فتوحات نظرية افتراضية لما لا يحصى من التعليقات الذاتية الفلسفية المكثفة المنوطة بكل ما يهم و يجدر النظر اليه ؟ الخلوة ...كراسة ملاحظات ذاتية مليئة بالمدونات المنهمرة كما و كيفا تتناول أوجه اهتماماتنا الشخصية ، الخلوة ... التحليق من غير جناحين في سماء لا يحدها سماء ، نرفرف بها متى شئنا صباح مساء ، الخلوة .. رحلة بحثية موفقة ميمونة تحط بسلام في أرض غنية بالاكتشافات ، الخلوة .. الجنة التي لم تأخذ حقها من التعريف ، من يطأها يسارع فيها فلا مجال فيها للابطاء أ و التخفيف ، الخلوة .. تفتح أزهار الحياة اليانعة فتعبق الأجواء شذى و فواحا ليس يماثله شيء ، و يطلى كل معنى بطلاء يخرجه الى معنى أرفع و أسمى ، و أجل و أعلى ، فيندحر حينئذ شقاء الغمة دحورا ،الخلوة ... تاج استجمام لمن أراد الراحة .. و أي تاج ! الخلوة .. عملية تصحيحية مترادفة للوجع يستأثر بها المولعون بها أيما استئثار ، الخلوة .. كتاب متاح مفتوح ، و سفر جليل مشروح ، في الخلوة ... تعزيز ملكات ، و تقوية مواهب ، و نمو براعم براعات شتى ، و ازدهار خواص ذاتية فريدة من نوعها ، و اطلاع على جوانب مدفونة لم تبصر النور أبدا ، الخلوة ...هي الورقة الرابحة التي يجب أن تراهن عليها بأي حال من الأحوال ، الخلوة . المهر الفائز الذي لم يعرف إلا الصدارة و الزهو بكل فخر ، الخلوة .. مخرجات الأمور المنتخبة ، و زفير باطني ينبثق استحسانا وولع ، و سعادة طبيعية متجذرة خالية من الاضافات و الألوان الاصطناعية المغشوشة ، الخلوة ... المدينة الفاضلة بكل ما دل على معانيها ، و أثارت فضول طالبها بسكناها ، الخلوة ... مفتاح لغمر الأسرار المستشكلة المعلقة دهورا ، الخلوة ... ركون فسكون ، فهمس المرائي للعيون ، الخلوة ... متنفس يجيز لوالجيه الدخول اليه من غير تذاكر تبتاع ، و استراحة مجانية للمهج يتوافر فيها خدمات ترقى بمستوى عدد نجوم الفضاء ، و مهجع الأنفس المتعلقة بأبدانها المتعبة ، و بستان يزخر بما لم يخطر على قلب بشر ، الخلوة ... عند استثمارها على النحو الصحيح غايات أولي النهى و الأحلام ، و سراج وهاج يوقد بزيت الحكمة ، و أعذب الألحان التي تعزف للذين يريدون سماع مبلغها من العلم ، و هي المقام الرفيع للأولى في بحر المقامات النفيسة ، الخلوة ... ممارسة تجديد خلايا الفكر تعيد اليها بهائها المفقود ، و محراث الحياة الذي لا يتوقف عن العمل ، و وقود طويل الأمد لكل مشغول مضني أرهق المسير ، الخلوة ... دساتير العارفين لأهداف الوجود ، و إرهاصات البشائر قبل أن ينتشر طلعها ، و ترمومتر الأمزجة التي ينالها من التقلبات الشيء الكثير ، الخلوة ... مروج خضراء يانعة تكاد من خضرتها أن تعانق السماء فتطوقها تطويقا ، تصنع لك سلم المجد العالي الذي يختصر لك المنوة طريقا ، لخفقان القلب في حضرتها سلاسة تلطف أجوائها ، و حماسة انهماك ترطب أفواهها ، و من المتفرقات المعدودة و غير المعدودة ما يجري مجرى الدم من ابن آدم فبذلك قد نصحت فاعلم !
- 22-02-2018, 01:18 PM #3
مقالات جميلة اخي
امور الادب قيمة اضافية ان لم تكن جوهرية للإنسان
كلنا بحاجة لخلوات "ابراهيم ادهم" وساعات لـ "التصوف"
- 22-02-2018, 04:33 PM #4
- 07-04-2018, 02:13 PM #5
صدقت بارك الله فيك
- 30-04-2018, 12:41 PM #6
موضوع رائع ...جزاك الله خير
- 31-05-2018, 01:20 AM #7
على كل حال، من دون المميزات الشخصية والأفعال الجادة، لا يستطيع الشخص تحقيق أي شيء في الحياة.
- 31-05-2018, 09:09 PM #8
- 31-05-2018, 09:10 PM #9
- 31-05-2018, 09:12 PM #10
- 29-06-2018, 11:57 AM #11
كلام جميل
- 17-07-2018, 11:32 AM #12
الجميع يراها بطرق مختلفة. أعتقد أن المرء بحاجة إلى تقدير الحرية الداخلية، لأن الناس الأحرار في اختياراتهم وتصرفاتهم أكثر سعادة.
- 27-07-2018, 01:42 PM #13
الحرية هي أفضل شيء يحظى به الشخص. من المؤسف أن الجميع لا يفهم ذلك بشكل صحيح ولايغتنمون اللحظات.
- 29-07-2018, 11:10 AM #14
الشيء الرئيسي هو أن الناس يشعرون بالحرية من الداخل، فكل شخص لن يعاني من عدم الأمان وسيكون صادقًا.