أجمل ليالي رمضان، عامرة بالذكر والقيام وصلاة التراويح التي تروح عن النفس وتغذي الروح وتعمق العلاقة بين الخالق والمخلوق الذي يستشعر قربه من خالقه، ففيها يجتمع المصلون للصلاة ويستمعون للقرآن والدعاء والرقائق والأخلاق في الترويحات بين الركعات فتنجلي النفوس وتطمئن القلوب وتعيش الأرواح مع آيات الله تتلى.

وصلاة التراويح سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، صلاها ليالي بالمسلمين ثم خاف أن تفرض عليهم فترك ذلك، وأرشدهم إلى صلاتها في البيوت، وعندما انتقل بأبي هو وأمي إلى الرفيق الأعلى، وأفضت الخلافة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بعد خلافة الصديق أبي بكر رضي الله عنهما، ورأى الناس في المسجد يصلونها متفرقين، فهذا يصلي منفردًا، وهذا يصلي مع رجلين، وذاك مع أكثر، فقال عمر رضي الله عنه لو جمعناهم على إمام واحد؟، فجمعهم على أُبي بن كعب وصاروا يصلونها جميعًا، واحتج على ذلك بقول النبي عليه الصلاة والسلام وعلى آله من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابُا غفر له ما تقدم من ذنبه، واحتج أيضا بفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تلك الليالي، وقال إن الوحي قد انقطع وزال الخوف من فرضيتها، فصلاها المسلمون جماعة في عهده صلى الله عليه وآله وسلم ثم صلوها في عهد عمر واستمروا على ذلك.

أما عن عدد ركعات صلاة التراويح فاختلف فيها، ولم يثبت في تحديدها شيء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إلا أنه ثبت من فعله عليه الصلاة والسلام أنه صلاها إحدى عشرة ركعة كما بينت ذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حين سُئلت عن كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان، فقالت: زما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً متفق عليه، ولكن هذا الفعل منه صلى الله عليه وسلم لا يدل على وجوب هذا العدد، فتجوز الزيادة عليه بما لا يشق على الناس لورود بعض الآثار في ذلك.

وما عليه الفتوى في دار الإفتاء المصرية أن الأمة أجمعت على أن صلاة التراويح عشرون ركعة مِن غير الوتر، وثلاث وعشرون ركعة بالوتر، وهو معتمَد المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية في المشهور، والشافعية، والحنابلة، وهناك قول نُقِل عن المالكية خلاف المشهور أنها ست وثلاثون ركعة.

وفي صلاة التراويح منافع كثيرة ففيها اجتماع للمسلمين على الخير والطاعات، وفيها استماع لكتاب الله وختمه، وفيها مواعظ وذكر فيما بين الترويحات ذ الركعات- وهي فرصة عظيمة قل ما تتكرر في شهور السنة جميعها.