وجد العلماء متعة بالغة وهم يعكفون على دراسة مخلوق بحرى يشبه فى شكله كومة من قطع الآيس كريم الصغيرة المخروطية الشكل، وذلك أثناء بحوثهم المتعلقة بحياة الحيوان على سطح الأرض إبان العصور السحيقة.

وقال العلماء الخميس الماضى، إنهم اكتشفوا فى ناميبيا حفريات لأقدم شعاب مرجانية معروفة صنعها مخلوق صغير الحجم يتغذى فى قاع البحر على الكائنات المتناهية الصغر. ويسمى هذا الحيوان (كلودينا) وكان يعيش فى فجر التاريخ قبل 548 مليون عام.

ويشير هذا الاكتشاف الذى أوردته دورية (ساينس) إلى أن تطورات مهمة خاصة بالنشوء والارتقاء حدثت قبل ملايين السنين من وقوع ما يعرف بالانفجار الكمبرى عندما ظهر لأول مرة إلى حيز الوجود الكثير من المجموعات الحيوانية الرئيسية.

ويبرهن الاكتشاف أيضا على أن إنتاج الشعاب المرجانية بمعرفة اللافقاريات البحرية -القريبة الصلة بالشعاب المرجانية المعروفة فى وقتنا هذا- بدأ قبل 18 مليون عام أى فى وقت مبكر كثيرا عما كان يعرف من قبل.

وكلودينا من أقدم الحيوانات المعروفة على وجه البسيطة، وكان الأول الذى يتسم بهيكله الصلب المكون من صدفة خارجية. وعثر على حفرياته فى أوروبا والأمريكتين وآسيا وإفريقيا إلا أنه لم يكن يعرف أن بإمكانه صناعة الشعاب المرجانية وهى تكوينات تعمل على اكتساب الحماية من الكائنات المفترسة وتساعد فى جمع الغذاء وتنقيته من خلال المسام الدقيقة.

وكانت هذه الشعاب المرجانية -الموجودة حاليا فى أراض جافة فى جنوب ناميبيا- صغيرة يتراوح عرضها من متر إلى مترين وتوجد بمحاذاة شعاب أكبر حجما صنعتها الكائنات الدقيقة. ويبلغ طول حيوان الكلودينا -الذى قد يكون يمت بصلة لقنديل البحر والشعاب المرجانية وشقائق النعمان (الأنيمون)- 15 سنتيمترا وقطره نحو ثمانية ملليمترات.

وقالت إميليا بينى عالمة الجيولوجيا بجامعة ادنبره "الإبداع الرئيسى لحيوان الكلودينا هو الهيكل العظمى وهو أول حيوان يتضح أنه صنع أى نوع من الهياكل ذات المنشأ المعدنى الحيوى. كانت هذه الهياكل مهمة بدرجة كبيرة فى تاريخ نشوء الحيوان إذ إنها توفر له الدعامة والحماية وتخزن العناصر المعدنية".

وأضافت "يتكون هذا الهيكل من سلسلة من التكوينات المخروطية المتشابكة والمتداخلة التى تشبه إلى حد كبير كومة من قطع الآيس كريم المخروطية الشكل."

وعاش هذا الحيوان إبان حقبة الأديكارا الغابرة التى سبقت نشوء أنواع عديدة من الحيوانات خلال العصر الكمبرى الذى أعقب هذه الحقبة. وترجع أقدم الحفريات الحيوانية إلى حقبة الأديكارا التى سميت بهذا الاسم نسبة إلى تلال الأديكارا فى جنوب أستراليا.

وتتيح الشعاب المرجانية للكائنات البحرية الاستفادة من التيارات البحرية الغنية بالمواد المغذية وسط تنافس محتدم على مصادر الغذاء كما توفر حيزا للمعيشة.

وتلتصق هذه الشعاب بالأسطح الثابتة بعضها بعضا من خلال مادة اسمنتية طبيعية هى كربونات الكالسيوم لصنع هياكل صلبة حتى يتسنى ترشيح وتصفية التيارات البحرية المحتوية على جزيئات الغذاء.