الاقتصادية - ربما كان العنصر الأكثر إزعاجاً ليس فقط أن الاقتصاد الصيني معرض بدرجة كبيرة للتأثر بتراجع الطلب على صادرات البلد، بل إن هذا النمو بدأ يضعف حتى قبل حدوث التباطؤ الاقتصادي العالمي الشديد، بشكل خاص.

يقول نيكولاس لاردي خبير الشؤون الصينية في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي في واشنطن، إن الحساب التقديري مؤسس على أن الصين تضيف نقطة مئوية للنمو الاقتصادي العالمي سنوياً - نمو بمعدل 10 في المائة في اقتصاد يشكل نحو عشر الناتج المحلي الإجمالي للعالم – لم يعد قائماً. ويضيف في هذا الصدد: إن إسهام الصين في النمو العالمي يتراجع بسرعة.

لقد أسهمت صادرات الصين الصافية بـ 2.3 أو 2.4 نقطة مئوية من النمو في الاقتصاد الصيني على مدى بضع سنوات ماضية. ويقول لاردي: تدنى هذا الإسهام حتى قبل التباطؤ العالمي الكبير في الفصول الثلاثة الأولى (من 2008) ومن المرجح أن يتراجع أكثر. لقد تحسن الميزان التجاري الصافي للصين - الصادرات ناقصاً الواردات - في الأشهر الأخيرة، ولكن ذلك يعكس بصورة رئيسية هبوطاً في سعر النفط المستورد، وبعد حساب الأسعار، نجد أن إسهامه في نمو الاقتصاد الصيني كان وما زال يتراجع.

ورغم الحديث المتفائل من أن قطاع التجارة الخارجية الصيني يزيد من حصتها في سلسلة القيمة المضافة، فإن جزءا كبيراً منه ما زال يعتمد على نموذج تجميع البضائع المعدة للتصدير، والتي يتم صنعها من مكونات ثانوية يتم استيرادها غالباً من أسواق البلدان الآسيوية الناشئة الأخرى. ولذلك، فإن أي تراجع في الطلب على صادرات الصين من البضائع ستكون له آثار قاضية.

يقول نيجل جولت من شركة جلوبال إينسايت Global Insight للاستشارات الاقتصادية: لقد كان من الإيغال في التفاؤل دائماً الافتراض بأن آسيا يمكن أن تدعم النمو العالمي بمفردها، ولكن يمكن أن تكون قد لعبت دوراً في تخفيف حدة التباطؤ في سائر أنحاء العالم. والخوف الحقيقي هو أنه إذا كانت الصين تتباطأ بمعزل عن الآخرين، فقد يعني ذلك أن عموم آسيا الناشئة آخذة في الضعف كذلك.

ويقول الاقتصاديون أيضاً إنه بالمقارنة مع القصص السابقة التي تحدثت عن ضعف الاقتصاد العالمي، فإن قدرة الاقتصاد الصيني والسلطات في بكين على الرد محدودة. لقد حدث آخر تباطؤ اقتصادي كبير في العالم في 2001، وذلك عقب انفجار فقاعة التكنولوجيا في أسواق المال العالمية.

ولكن في ذلك الوقت، كان لطفرة نمو الصادرات الصينية ما يعادلها إلى حد بعيد في سرعة تزايد الواردات، وعليه فقد كانت فوائض حساباتها التجارية والجارية صغيرة نوعاً ما، وهو ما يعني أن النمو الكلي كان أقل عرضة للتأثر بتراجع الطلب على الصادرات. وقد انطوت تلك الطفرة أيضاً على إمكانية زيادة الإنفاق على الاستثمار رداً على ذلك. يقول لاردي: إن الصين أكثر عرضة للتأثر هذه المرة بالتغيرات التي تطرأ على الطلب العالمي.

هناك طريقة يمكن أن ترد بها بكين وتثير بها غضب شركائها التجاريين. فقد أخبر نائب محافظ بنك الشعب الصيني يي جانغ Yi Gang، المصرفيين في الاجتماعات التي عقدها صندوق النقد الدولي في واشنطن الأسبوع الماضي، أن من المرجح أن تتباطأ بكين في رفع قيمة عملتها الرنمنبي (اليوان) ، إذا لم يتعزز الاقتصاد بما فيه الكفاية من فائض الحساب الجاري.

سيكون لهذا الأمر وقع سيئ على واشنطن، فالصرخات التي تعالت بالشكوى في الكونجرس قبل بضع سنوات، من أن الصين كانت تسرق الوظائف الأمريكية، تراجعت نوعاً ما لأن بكين سمحت لقيمة عملتها بالارتفاع. ومن المرجح أن تزداد هذه الشكاوى في العدد فقط، إذا استأنفت الصين تدخلها على نطاق واسع كما كانت تفعل من قبل، لمنع حدوث مزيد من الارتفاع في قيمة عملتها. ولكن هذه الشكاوى قد تصل إلى درجة تصم الآذان إذا حدث هذا التدخل، كما يبدو مرجحاً، في وقت يرتفع فيه معدل البطالة في الولايات المتحدة.

قد يصدق الشيء نفسه على أوروبا التي ينتابها القلق من قوة اليورو. ورغم أن قيمة الرنمنبي اتسمت إلى حد كبير بالثبات مقابل الدولار في الأشهر القليلة الماضية، إلا أنها واصلت ارتفاعها مقابل العملة الأوروبية، الأمر الذي ربما كان له أثر كبير في تراجع نمو الصادرات الصينية. وإذا اختارت بكين الإبقاء على انخفاض قيمة الرنمنبي مقابل عملات شركائها التجاريين الكبار، فهناك إمكانية كبيرة لاستئناف حرب العملات.