الاقتصادية - استدعى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس،
المديرين التنفيذيين للبنوك والمؤسسات المالية الفرنسية لبحث الصعوبات والمعوقات التي تواجه مؤسساتهم.

ويأتي الاستدعاء بعد يوم واحد من إعلان ساركوزي خطة تقضي بتخصيص 320 مليار يورو لمساعدة البنوك الفرنسية التي تواجه مصاعب بسبب الأزمة المالية العالمية حيث تهدف إلى مساعدة البنوك في استئناف نشاطاتها وتقديم السيولة المالية في سوق الإقراض والائتمان.

وهذه المرة هي الثالثة التي يستدعي فيها الرئيس ساركوزي مديري البنوك والمؤسسات المالية الفرنسية لبحث الأزمة المالية، كما سيقوم كما ذكرت التقارير بمناقشة خطته لدعم البنوك.

من جهة أخرى، اتخذت الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي بعدا جديدا في مواجهة العاصفة المالية التي حلت في أسواق العالم والنزاع الروسي الجورجي فتحولت إلى رئاسة أزمات بعدما بدا في السابق أن دورها الأساسي سيقتصر على التعاطي مع تبعات الرفض الآيرلندي لمعاهدة لشبونة.

وقال جان بيار جوييه سكرتير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية أمس، إنها "تحولت إلى رئاسة إدارة أزمات" وعلى الأخص بعدما أحدث إسراف الرئيس نيكولا ساركوزي في التحرك للتعاطي مع مختلف المواضيع بلبلة في توزيع الأدوار المتعارف عليها بين مختلف المؤسسات.

وتمكنت فرنسا - ولا سيما بفضل موقعها كعضو في مجموعة الثماني وعضو دائم في مجلس الأمن - من تخطي بعض العقبات ما مكن ساركوزي من القيام بخطوات مثل التوجه بشكل سريع إلى موسكو للتفاوض في حل للأزمة الجورجية وضم بريطانيا إلى اجتماع لدول منطقة اليورو حول الأزمة المالية.
واثنت صحيفة فرانكفورتر الجيمايني تسايتونج أمس، على الرئيس الفرنسي بعدما درجت على انتقاده، فوصفته بأنه "في أفضل أوضاعه في تعاطيه مع الأزمة". ورأى جون بالمر من مركز فيدرال تراست للدراسات في لندن أن "الطاقة التي بذلها الرئيس نيكولا ساركوزي للبحث عن إجماع واستصدار قرارات حازمة من الاتحاد الأوروبي كانت أمرا إيجابيا".

واعتبر آلان لاماسور النائب الأوروبي عن الاتحاد من أجل حركة شعبية، الحزب الحاكم في فرنسا، أن "حسنة نيكولا ساركوزي الكبرى هي أنه تصرف كما ينبغي أن يتصرف رئيس للمجلس الأوروبي بحسب صلاحياته المحددة في معاهدة لشبونة".

ويفسر الدور غير المسبوق الذي لعبته باريس أولا بغياب واشنطن عن الساحة الدولية.
وقال أنطونيو ميسيرولي من مركز السياسة الأوروبية في بروكسل "إن الولايات المتحدة أضعفت اليوم على صعيدين، على صعيد المؤسسات وعلى الصعيد العملي"، مضيفا "لقد عجزوا عن مساعدة جورجيا وتدارك الأزمة المالية ولديهم رئيس في نهاية ولايته".

وعلى الصعيد الأوروبي، فقد غابت الزعامة الألمانية عند اندلاع الأزمة المالية حيث رفضت المستشارة أنجيلا ميركل في مرحلة أولى تقديم حل أوروبي موحد، ما سلط الضوء أكثر على تصميم ساركوزي.

وقال بالمر إن الرئيس الفرنسي "أحسن التجاوب بسرعة مع عرض رئيس الوزراء البريطاني جوردن براون (بمساعدة المصارف) وإعادة إخراجه في إطار أوروبي".

وراهنت الرئاسة الفرنسية على سرعة التحرك في الأزمتين المالية والروسية-الجورجية، فجمعت الأحد فور انتهاء أسوأ أسبوع في البورصات الأوروبية قمة تاريخية لقادة دول منطقة اليورو، كما حصلت على وقف إطلاق نار في جورجيا في 12 آب (أغسطس) بعد أقل من أسبوع على اندلاع النزاع.
ولم يخل تحركها الخاطف في الحالتين من الإخفاقات.

فقد أثار اجتماع الدول الأوروبية الأعضاء في مجموعة الثماني على انفراد في باريس قبل عشرة أيام من قمة مجموعة دول اليورو الكثير من الانتقادات وقال تشارلز جرانت من مركز الإصلاح الأوروبي في لندن "كان هذا فشلا مربكا".

وقال ميسيرولي إن "الإعلان بشكل مبكر عن إنشاء صندوق تدخل أوروبي سرعان ما تم نفيه كان هفوة أخرى".

وفي ما يتعلق بالأزمة الجورجية، اتهم الرئيس الفرنسي بتقديم تنازلات أكثر مما ينبغي لموسكو بعدما اجتاحت بلدا سيدا. ويشار تحديدا بهذا الصدد إلى نقاط الالتباس في صياغة الاتفاق الموقع مع روسيا ولا سيما في ما يتعلق بـ "الإجراءات الأمنية الإضافية" التي اغتنمتها روسيا لمواصلة احتلالها لقسم من جورجيا.

وقال تشارلز جرانت إن دولا أوروبية عدة "انتقدت قلة الدقة في الاتفاقات".
وأوضح بالمر من جهة أخرى أن فرنسا وضعت "تكتيكا إنما ليس استراتيجية" حيال روسيا وأوكرانيا وجورجيا.

ويبقى السؤال مطروحا عما إذا كانت إدارة الأزمات هذه ستترجم في تسريع إقرار معاهدة لشبونة.
ويعاني الآيرلنديون بصورة خاصة الأزمة التي أوقفت ازدهارهم الاقتصادي وقال ألان لاماسور إن "العبرة التي سيستنتجها الجميع من هذه الأزمات بما في ذلك آيرلندا هو إننا في حاجة إلى أوروبا قادرة على توحيد صفوفها بشكل سريع