أول ما أبدأ به هو موقف حصل لسيدنا بن عمر رضي الله عنه مع أحد رعاة الغنم، فقد كان بن عمر يمشي في الطريق
فوجد راعي غنم، فأحب سيدنا بن عمر أن يختبره، ويريد من خلال
هذا الراعي أن يختبر أحوال أمته. فيقول له: يا غلام أريد أن أبتاع منك هذه الشاه
فيقول الغلام: إنها ليست لي، إنها ملك سيدي، فقال له سيدنا عمر رضي الله عنه:
إذن بِعني إياها فإذا سألك سيدك فقل له أكلها الذئب. فنظر إليه الغلام راعي الغنم محدود الثقافة، البسيط، وقال له:




الله أكبــــر فـأين الله ؟!!


فبكى بن عمر وقال إي والله فأين الله؟

فهل عرفتم عن ماذا نتحدث اليوم؟

الرقيب المطلع على أنفاس عباده

((يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ))

الرقيب الذي يعلم حركاتك وسكناتك

((وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ))

الرقيب الذي يقــــول:

((وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى))



فراعي الغنم لخَّــص لنا جوهر الدين، أتدرون ما معنى ذلك ؟!!

كل الناس تتجمل.. وهناك نظرية اسمها جبل الجليد، الظاهر منه فوق الأرض 20% وتحت الأرض 80%، والناس
كلها تحرص أن تركز على نسبة الـ 20% التي هي الظاهر، ولكن نحن نريد أن نعمل على تجميل الداخل
ولن يتحقق ذلك إلاّ مع اسم الله الرقيب. هل أنا سواء ما اختفى وما علن؟ ((أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى))

فهناك أناس تتجمل في العبادات، الظاهر عبادة وقرآن وحفظ ودعاء، ولكن الباطن فاسد…
فلو عشنا مع اسم الرقيب سيصلح داخلنا ويكون مثل ظاهرنا

فأنا إن أخطأت أعلم بأن الله يــراني، وإن فعلت حسنة سأفرح لأنه أيضاً يــراني.



وهناك لفته رائعة:

أليست أحياناً الرقابة تكون مصدر إزعاج، لكن الله سبحانه لطيف في رقابته لنا

تخيلوا يا إخواتي لو أن السماء كلها كاميرات، ولكن من لطف الله بنا
أن رقابته لنا لا تشعرك بأنك مراقب،
فكاميرات الطرق تجعلك تشعر بالقلق، أحياناً أب يكون رقيب على أولاده، أو زوج على زوجته فهذه رقابة مزعجة
وما يبعث السرور أنها ليست رقابة فقط للسيئات، ولكنها رقابة أيضاً للحسنات،
فأنت مراقب لتدخل الجنة، مثل الذي سيتعين في سلك دبلوماسي أو منصب رفيع المستوى
يراقب حتى يُرى إذا كان مؤهلاً لهذا المنصب، ولكن أنت مراقب من الله لترشيحك لدخول الجنة
لذلك كوني سعيدة .



هذه الرقابة أيضاً فيها نقطة جميلة أخرى. أنت مع الناس تحاول أن تشرح لهم قصدك
أو نيتك إن كان لك عندهم حاجة، لكن مع الرقيب الذي يعرف عنك كل شيء لا تحتاج إلى شرح أو تفصيل،

لكن مع الله الرقيب يجعلك في غنى عن الشرح فهو يعرف سرك وحالك
وأنت أحياناً ممكن أن تبكي أثناء دعائك فيستجيب الله لك بدمعة ذرفتها
دون أن تطلب منه مسألتك، فهو معك ومطلع عليك


هذه رقابة جميلة تجعلك سعيداً وتحميك يوم القيامة وتنجيك: الله راقبي، الله ناظري، الله شهيد عليّ.

فلنراقب الله يا اخواتي في أقوالنا ..
لنراقب الله في أفعالنا ..
لنراقب الله في كتاباتنا …
لنراقب الله في كل شئ..
.

منقول للإفادة