أزمة اليونان .. إلى أين؟

[MR.M]

أزمة اليونان .. إلى أين؟

بعد أعوام من الترف والمرح استضافت خلاله اليونان الألعاب الأولمبية لعام 2004 لم يكن غريبا أو مفاجئا لمراقبي الإقتصاد اليوناني أن يشاهدوا الحكومة اليونانية تئن تحت وطأة الديون التي استمرت بالتراكم فيما سعت الحكومة اليونانية دوما إلى تغطيتها عبر الإقتراض في ظل إقبال المستثمرين على الإستثمار فيما يعرف بسوق أدوات الدين ولتجد فيه حكومة اليونان وحكومات أخرى الفرصة لتصريف أمورهم بالإقتراض لسداد القروض ولكن المشكلة ليست أنها لسداد القروض فقط وانما للمزيد من البذخ والترف واستمرار العجز في الميزانية العامة للدولة بتجاوز الناتج الإجمالي لها ولكن...

هل ستسقط اليونان ويتركها الإتحاد الأوروبي تواجه مصيرها بالإفلاس؟
بامكان القاريء للاقتصاد الأوروبي أن يعلم أن التضحية باليونان من قبل الدول الأوروبية ستكون فاتورته عالية عليها. فعلى الرغم من أن الإقتصاد اليوناني يعتبر اقتصادا صغيرا مقارنة بالإقتصادات الأخرى في منطقة اليورو، إلا أن الأزمة الحالية فتحت أعين المستثمرين والمراقبين الإقتصاديين على العديد من المشاكل والشروخ التي تواجهها الوحدة الأوروبية. فالتخلي عن اليونان سيوجه الأنظار إلى مصير دول أخرى تعاني من مصاعب مثال على ذلك كل من أسبانيا والبرتغال وايرلندا والتي بدأت بالفعل النظرة تتجه إليهم في ظل التعامل الغير فاعل من قبل الإدارة الأوروبية مع هذه الأزمة.

كيف يمكن إذا حل هذه الأزمة؟
إن حل الأزمة الحالية في اليونان لا يمكن أن يكون بدعم مؤقت أو مساعدة بشراء سندات دين جديدة تساعد اليونان مؤقتا كالمريض الذي يحصل على ابرة مخدرة سرعان ما يزول مفعولها وتعاوده الآلام. فالحل هنا يجب أن يتمثل في الوصول إلى مرحلة تكون فيه اليونان قادرة على تخفيف العجز في ميزانيتها من خلال ايجاد آلية سليمة للمصروفات تتوافق مع خدمة الدين القديم وتجاري بشكل سليم حجم الناتج المحلي والذي إن نظرنا إليه في الفترة الحالية نجد أن حجم العجز ما بين ما ينتج وما يصرف قد زاد بنسبة 12.7% وهو ما دفع بالدين الحكومي إلى تجاوز مستويات الناتج المحلي السنوي والذي من المرجح أن يصل إلى اكثر من 120% من الناتج الإجمالي قريبا.

ومن هي الدول التي يمكن أن تتحرك نحو حل هذه الأزمة؟
وبالنظر إلى موازين القوى في الإتحاد الأوروبي فإن ترك اليونان لمصيرها قد يدفع بها إلى ضخ كميات من الدراخمة (العملة اليونانية قبل البدء باستخدام اليورو) وبالتالي سيكون هنا مصير اليورو إلى التراجع بقوة وهو ما سيؤثر بشكل كبير على الدول الأوروبية ذات الإقتصادات المتقدمة مثيل ألمانيا وفرنسا. ومن هنا لم يكن مفاجئا أن نشهد التقارير الصحفية التي تحدثت عن امكان قيام ألمانيا بشراء سندات حكومية يونانية عملا على مساعدة الأخير في تجاوز مرحلة صعبة ولكن هذا الامر لن يوصلها إلى بر الأمان وقد نشهد هذه العملية لشراء السندات مشروطة باصلاحات هيكلية بل قد نجدها تجد طريقها إلى التدخل في السيادة اليونانية على إقتصادها من خلال فرض وصايات محددة على هذا الإقتصاد وعملية إدارته خاصة بعد ما تم اشاعته من احتمال قيام اليونان بخدع محاسبية في الفترة الماضية لتغطية مشاكلها والإبقاء على وضعها دون أن ينكشف من قبل الدول الأخرى في الإتحاد الأوروبي.

كيف يمكن لهذا الأمر أن يؤثر على اليورو على المدى القصير وعلى المدى الطويل؟
الإجابة على هذا السؤال بسيط جدا فلو نظر الانسان البسيط إلى نفسه في الفترة الحالية لوجدنا قلة هم من يرغبون بابقاء كمية كبيرة من اليورو في محافظهم وفقط يتجهون إليه عند الحاجة. فالإشاعة والخوف يقودان التفاعل البشري وبالتالي القرارات الإستثمارية. وهو ما جعلنا نشهد عمليات رهان كبيرة خلال الفترة الماضية من قبل العديد من المتاجرين على ضعف اليورو وشهدت أسواق العقود المستقبلية تكثيفا لعمليات البيع لليورو وصلت ذروتها الأسبوع الماضي. فالخوف لايزال مستمرا ووعدا بسيطا من مسؤول في الاتحاد بدون تفاصيل أو أخبار عن مساعدة ودعم لليونان دون خطة واضحة لتحسينات في النظام المالي من شأنها أن تبقي الأنظار نحو المزيد من الهبوط. وهذا كله يجعلنا ننظر إلى أن أي أخبار إيجابية دون تفاصيل قد تأخذ بعض التأثير المرحلي على اليورو بارتفاعات ستبقى محدودة فيما ستبقى النظرة نحو المزيد من الهبوط إلى مستويات متدنية لحين وضوح الصورة.