احتياطيات آسيا الهائلة المصدر الرئيسي للاختلالات العالمية
كريس جايلز
23/10/2005






ظلت أكثر خاصية مرئية في نمو الاختلالات العالمية هي الارتفاع في احتياطيات النقد الأجنبي للبنوك المركزية الآسيوية. ومع نمو فوائض التجارة الآسيوية، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى شرق آسيا، خاصة إلى الصين، ظلت البنوك المركزية في المنطقة تتخلص من هذا النقد بشراء الدولار لمنع عملاتها من الارتفاع.

بدأت العملية بعد الأزمة المالية في آسيا في 1997 و1998. وحينذاك هرب رأس المال من الاقتصادات الآسيوية الناشئة، مما تسبب في حالات إفلاس وكساد. وقررت الحكومات أنها تحتاج إلى ما يحول دون تكرار الأزمة، لكن استمر التكديس وهو الآن يتجاوز كثيرا المقاييس القياسية للاحتياطيات.
وينظر إلى تراكم احتياطيات العملة الأجنبية بأنه يضعف بشكل متصنع أسعار الصرف الآسيوية، يدعم الفوائض التجارية، ويعوق آليات الضبط الطبيعي لتصحيح الاختلالات، ويخلق خطورة في أنه يزرع بذور الأزمة المالية العالمية المقبلة.

إن تراكم الاحتياطيات الآسيوية يعتبر أمرا غير عادي، فقبل ما يزيد قليلا على عقد كانت الاقتصادات الآسيوية السبعة الرئيسية تملك 509 مليارات دولار من الاحتياطيات الأجنبية، أو 36 في المائة من إجمالي الاحتياطيات العالمية باستثناء الولايات المتحدة. وفي نهاية 2004 كانت نفس هذه الاقتصادات تملك 2300 مليار دولار، أي 60 في المائة من إجمالي الاحتياطيات العالمية. وأصبحت الآن الاحتياطيات الآسيوية، التي كانت في وقت ما مماثلة في الحجم لاحتياطيات مجموعة السبع، عشرة أضعاف ذلك الحجم.

وجاءت معظم الزيادة بعد عام 2002، وتضخمت احتياطيات الصين في السنوات القليلة الماضية، ففي بداية عام 2002، كانت بكين تملك 213 مليار دولار، وهو رقم تضاعف ثلاث مرات تقريبا بحلول نهاية 2004 ليصل إلى 609 مليارات دولار. ووصل الرقم إلى 740 مليار دولار في نهاية تموز (يوليو) الماضي. ويعتقد المضاربون الآن أن الرهان على العملة أصبح من اتجاه واحد.

ويقدر صندوق النقد الدولي في تقريره عن آفاق الاقتصاد العالمي، أن معدل تراكم الاحتياطيات في آسيا الناشئة ككل في عام 2005 لم يتغير بشكل واسع عن عامي 2004 و2003، على الرغم من أن الصين تشكل حاليا نحو ثلثي المعدل الإقليمي مقارنة بأقل من الثلث في العامين السابقين.

إن البنوك المركزية الآسيوية عندما تستثمر في الاحتياطيات، فهي تستثمر بشكل كبير في أصول بالدولار الأمريكي. ويقدر صندوق النقد الدولي أنه في نهاية عام 2004، كان 68 في المائة من الاحتياطيات العالمية بالدولار، لكنها كانت تشكل نحو 80 في المائة من المشتريات الجديدة. وقد منع هذا التدفق الضخم لرأس المال الرسمي في الولايات المتحدة، الذي يمثل معظم عجز الحساب الجاري لديها البالغ 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، انهيار الدولار. وفي الواقع ارتفع الدولار في عام 2005.
والسؤال هو ما إذا كان هذا التراكم مشكلة للاقتصاد العالمي. وكما قال مارفين كنج، محافظ بنك إنجلترا في خطاب في شباط (فبراير) الماضي، ليس هناك شيء خطأ من حيث المبدأ في تراكم الاحتياطيات إذا كانت تمثل أسواقا مالية تخصص أموالا لأكثر فرص الاستثمار ربحية. لكنها تتركز في عدد قليل جدا من الأصول الأمريكية القابلة للتحويل إلى نقد بسهولة.

وساعد هذا التدفق للأموال على ركود عائدات السندات، مما يوفر فوائد قصيرة الأجل للاقتصاد الأمريكي، لكنه زاد أيضا المخاطر بشكل كبير، مما أدى إلى ارتفاع إنفاق المستهلكين وتراجع في الادخار، وطفرة في سوق المساكن الأمريكية. وقلل من الطلب المحلي في آسيا، مما حرم المنطقة من استثمار مطلوب بشدة. كما حافظ على فوائض تجارية بمنع إعادة ترتيب وضع العملات.

إن أكثر ما يقلق هو أن تراكم الاحتياطيات الآسيوية جعل الولايات المتحدة وآسيا معرضتين إلى خطر أن تخضع أسعار الصرف لتصحيح بشكل سريع، مما يترك البنوك المركزية في آسيا تواجه خسائر رأسمالية كبيرة في ممتلكاتها بالدولار، ويرفع أسعار الفائدة الأمريكية. ويجب أن يتضمن الحل مرونة أكبر في أسعار الفائدة، فبدون تحركات في الأسعار النسبية، ستكون هناك حوافز قليلة للأقطار الآسيوية لإعادة موازنة اقتصاداتها تجاه الطلب المحلي، وللولايات المتحدة تجاه صناعات التصدير. لكن يجب أن تكون التحركات تدريجية لتقليل تكاليف التصحيح إلى أدنى حد.

وسيكون واحدة من الخطوات الأولى تنويع الاحتياطيات من محفظة معتمدة بشكل أساسي على الدولار، إلى محفظة تستثمر الأصول لتحقيق أقصى قدر من العائدات. وقد اتخذت بعض البنوك المركزية الصغيرة خطوات في هذا الاتجاه، لكن الحل الوحيد على المدى الطويل هو السماح بمرونة أسعار الفائدة إذا كانت كل الأقطار الآسيوية تريد وقف التراكم اللانهائي للاحتياطيات.

وفوق كل شيء، يتطلب ذلك من الصين أن تسمح بمزيد من ارتفاع قيمة عملتها لأن قيمة الرنمنبي ستحدد رغبة الدول الأصغر في أن تحذو حذوها

http://www.aleqt.com/NewsList.asp?NewsID=21513&MenuID=4