(السوق اليوم)

أولويات "دارلنج": مصلحة الاقتصاد البريطاني أم حفظ ماء الوجه على حساب عجز الموازنة

التعليقات:
تتوجه الأنظار اليوم إلى الميزانية البريطانية و التي رجحت الـ "فيانانشال تايمز" في وقت سابق أن الموازنة السنوية للمملكة المتحدة لا يمكن أن تكون مصدراً للتفاؤل في الأسواق. على الرغم من ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن بيانات الدين الحكومي و الناتج الإجمالي المحلي و فرضيات السندات متغيرة العائد من المحتمل أن تأتي جميعها موافقة للتوقعات. بينما من المتوقع أن يظل الإسترليني تحت ضغط. على كلٍ، على الرغم من استمرار قيام فارق الفائدة بدور كبير في توجيه زوج (اليورو ، إسترليني)، نشك في أن يكون هناك أي من العوامل اليت من الممكن أن تؤثر في حركة سعر الزوج أكثر من مسألة اقتراب الفائدة البريطانية من الصفر حيث تعتبر هذه المسألة هي الأكثر استحواذاً على اهتمام و تركيز البنوك المركزية و الحكومات و هو ما يسوقنا إلى أن منطقة اليورو تعاني من المقارنة بالمملكة المتحدة فيما يتعلق بمعدل الفائدة. و فيما يلي استعرض شامل لجميع تفاصيل الموازنة السنوية للمملكة المتحدة..

صرح "دارلنج"، وزير المالية البريطاني بأن الحكومة البيرطانية سوف تقترض 269 مليار إسترليني (392 مليار دولار) و هو الرقم الذي تجاوز إلى حدٍ بعيد كل التوقعات و هو ما يرجع إلى اتساع النطاق الذي يمتد عليه الركود و الذي لم يتكرر في اقتصاد المملكة المتحدة منذ الحب العالمية الثانية..

و من المتوقع أيضاً أن يصل عجز الموازنة البريطانية إلى 703 مليار إسترليني على مدار السنوات المالية الخمس القادمة التي تنتهي في 2014 مقارنةً بالتقديرات التي تم إعلانها في نوفمبر الماضي و ذلك وفقاً لما أدلى به "دارلنج" في إطار بيان الموازنة الذي ألقاه أمام البرلمان اليوم..

يذكر أن العجز وصل إلى 175 ملاير إسترليني أي ما يوازي 12.4% من إجمالي الناتج المحلي البريطاني أي الأضخم على الإطلاق في تاريخ الاقتصاد البريطاني و الأكبر بين عجز الموازنة في دول مجموعة العشرين. كما يتوقع أن تلحق الولايات المتحدة بركب عجز الموازنة المتضخم ليسجل عجز موازنتها نفس النسبة من إجمالي الناتج المحلي الأمريكي. تضع هذه الفجوة المذهلة "جوردون براون"، رئيس الوزراء البريطاني في موقف حرج للغاية و تحد من فرص تحفيز الاقتصاد المتاحة أمامه، خاصة و أن الرجل على أعتاب نهاية فترة رئاسة الوزراء الأولى و هو ما يضطره إلى عمل كل ما في وسعة لتحسين هذا الوضع قبل الانتخابات المقرر انعقادها في منتصف 2010..

كان من بين ما صرح به "دارلنج"، "من المتوقع أن يتقلص هذا العجز على مدار الأعوام الأربعة القادمة" و أضاف؛ "ارتفع عجز الموازنة و الدين الحكومي في جميع أنحاء العالم إلى مستويات مروعة لم تشهدها اقتصادات هذه الدول منذ الحرب العلمي الثانية و هو الارتفاع المرعب في عجز الموازنة و الدين الحكومي الذي جاء نتيجة للأزمة المالية و الاقتصادية غير المسبوقة و أعتقد أن أنسب الحلول لابد أن يكون غير تقليدي هو الآخر"

ضرائب للأغنياء:
كما اتخذ "دارلنج" القرار بزيادة الضريبة المفروضة على من يزيد الدخل السنوي لديهم عن 15000 إسترليني بنسبة 50% علاوة على إعفاء صناديق المعاشات من الضريبة بهدف الاستفادة من مساهمات هذه الصناديق في خطط التحفيز. يذكر أن هذه الزيادة في ضريبة الدخل جاءت أعلى مما كان مخططاً له في نوفمبر الماضي..

كما قال "دارلنج" أنه يعتزم زيادة ضريبة الدخل فيما يتعلق بهؤلاء الذي تزيد دخولهم السنوية على 100000 إسترليني. كما صرح بأن زيادة ضريبة الوقود سوف تعمل على ارتفاع معدل التضخم خلال الأعوام الأربعة القادمة على أن تكون البداية بزيادة هذه الضربية 2 بنس للتر الوقد بدءً من سبتمبر القادم علاوة على زيادة الضريبة المفروضة على المشروبات الكحولية و التبغ و منتجاته بنسبة 2^ أيضاً..

و بهدف رفع المعاناة عن الأسر ذات الدخل المحدود، قرر "دارلنج" تطبيق الإعفاء الضريبي على العقارات التي تقل قيمتها عن 175000 إسترليني بالإضافة إلى حافز 2000 إسترليني تصرف لأصحاب السيارات المكهنة..

يذكر أن هذه الإجراءات من المقرر أن تنفذ بقيمة 5.16 مليار إسترليني على مدار العام الحالي كبداية على أن تستكمل الحكومة الإنفاق على إتمام الإجراءات المشار بتكلفة تصل إلى 100 مليون بنهاية السنة المالية المنتهية في إبريل من عام 2011. بينما ترتفع ميزانية الإجراءات المالية البريطانية المتضمنة في الموازنة الحالية بةاقع 5.23 مليار إسترليني إضافية. جدير بالذكر أن أثر هذه الإجراءت يبدو محدوداً على التمويلات الحكومية على مدار الأعوام الثلاثة القادمة..

كما أعطى "دارلنج" اليوم دفعة معززة لسوق العمل البريطاني و ملاك المنازل حيث من المقرر، وفقاً للميزانية، أن تنفق حكومة المملكة المتحدة 1.7 مليار إسترليني إضافية من أجل خلق فرص عمل جديدة علاوة على تطبيق خصم يصل إلى 2000 إيترليني على السيارات الجديدة حال استبدال السيارت المستعملة لـ 10 سنوات بسيارة جديدة..

دعم ملاك المنازل:
كما وعد وزير المالية برفع المعانة عن كاهل فاقدي الوظائف الذين يمتلكون منازل بنظام الرهم العقاري من خلال تمديد فترات السداد لهذه القروض مع وعد آخر تضمن الإعفاء من ضريبة الدمغة المطبقة على مشتروات المنازل مع توفير الضمانات من خلال السندات المدعومة عقارياً..

في نفس الوقت، أشارت توقعات الحكومة أن ينكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 3.5% بنهاية هذا العام و هو ما يشير إلى تضاعف التوقعات مقارنة بتقديرات نوفمبر الماضي التي أشارت إلى 1.25%.، كما توقع "دارلنج" أن يتراجع الانكماش إلى 1.25% في 2010. كما أضاف وزير المالية البريطاني؛ "لا يمكن أن نكون بمعزل عن الاتجاه الهابط للاقتصاد العالمي" و أضاف "أتوقع أن يستعيد الاقتصاد عافيته و يستأنف النمو بنهاية العام الجاري"..

يذكر أن التقديرات الجديدة قد وضعت وفقت بين تقديرات الخزانة البريطانية و بين التكهنات الصادرة من جهات أخرى حيث تتوقع منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية انكماش الاقتصاد البريطاني بنسبة 4% للمملكة المتحدة، 4.3% للولايات المتحدة، 6.6% لليابان و 4.1% في دول الاتحاد الأوروبي..

مقياس الهبوط:
في وقت سابق كان "دارلنج" قد صرح لرئاسة الوزراء بأن الاتجاه الهابط هو الأسوأ على الإطلاق منذ الحرب العالمية الثانية وفقاً لما أعلنه "مايكل إيللام"، الناطق باسم رئيس الوزراء. "قال وزير المالية أننا نواجه اتجاهاً عنيفاً بالفعل على مستوى العالم بأكمله و هو اتجاه غير مسبوق على الإطلاق منذ الحرب العالمية الثانية" كانت هذه هي كلمات "دارلنج" لرئاسة الوزراء التي علق عليها "إيللام" بما يلي:
"من الطبيعي ألا تعمل بريطانيا بمزل عن التدهور الذي ألم بالاقتصاد العالمي و هو مما لا شك فيه ما نتج عن أننا نتبنى اقتصاداً مفتوحاً يربط النظام المالي البريطاني بكل اقتصادات العالم و يجعله عرضة للتأثير و التأثر طوال الوقت"..

جدير بالذكر أن هناك الكثير من الجهات التي صرحت بأن المرحلة الأسوأ على الإطلاق من الركود قدج وصلت إلى نهاية و هي الجهات التي جاء على رأسها اتحاد الصناعة البريطاني. كما رصدت بعض حسابات المؤشرات الاقتصادية تحسن أداء القطاع الخدمي البريطاني للشهر السادس على التوالي في مارس الماضي و هو ما تزامن مع تحسن في الإقراض العقاري مما يهدد بفقد التوقعات المشار إليها قيمتها بزيادة التجسن في قطاعات اقتصادية مختلفة بالمملكة المتحدة..

الأثر المباشر على العملات:
من المحتمل أن يظل تداول الإسترليني محدوداً على المدى القريب ولكن إذا لقي دعماً عند المتوسط الحاسبي البسيط لـ 100 يوم عند 1.452 فهناك احتمالات للصعود. ويتوقع العديد أن الاقتصاد البريطاني سوف يكون أول المستفيدين من إجراءات التسهيل النقدي التي توفر فرصة لارتفاع الإسترليني على المدى المتوسط..

و من وجهة النظر الأساسية، يمكن القول بأن زوج (اليورو / دولار) من أكثر الأزواج عرضة للتصحيح نظراً للعائد المرتفع الذي يوفره الزوج في الوقت الحالي. يذكر أن ارتفاع الزوج بواقع 95 بنس من أهم العوامل الي تثير عدم الارتياح تماماً مثل شعور عدم الارتياح الذي انتشر في الأٍواق عندما ارتفع سعر الإسترليني إلى ما يزيد على دولارين في أوقات الازدهار. يذكر أن الزوج لم يرتفع فوق 14 بنس من متوسط قيمة المدى الطويل له منذ 30 نوفمبر من العام الماضي، رغم ذلك و منذ شهر واحد حقق الزوج ارتفاعاً كوارثياً ليتجاوز متوسط تداوله بواقع 28 بنس، إلا أنه سرعان ما انخفض بنسبة 7% مما جعل تداول الزوج يقترب من مستوى 0.8636. لم يمر وقت طويل من الانخفاض المشار إليه حتى ارتفع الزوج بواقع نقطة فوق متوسط قيمة المدى الطوي. و من المتوقع في الفترة القادمة أن يشهد الزوج ارتفاعاً ملحوظاً حال هبوط الإسترليني تأثراً بأخبار الموازنة السنوية..

و كما أشرنا إلى ذلك من قبل، أن محافظ بنك الصين، "زهاو زياوشيوان"، تناول في إطار بيانه الاخير مسألة حقوق السحب الخاصة التابعة لصندوق النقد الدولي و هو التصريح الذي حمل بين طياته مفاجأة مذهلة الجميع تشير إلى أن بنك الصين الشعبية يفضل الاحتفاظ باحتياط يالنقد الاجنبي في صورة سلة عملات مدعومة من جانب هذه الحقوق. كان هذا التصريح هو ما دفعنا إلى دراسة الأسباب التي دفعت محافظ بنك الصين إلى التصريح بذلك. كانت الإجابة أن المخاوف حيال الوضع المتردي للاقتصاد الأمريكي هي التي حركت الصين نحو التصريح باستعدادها للتحول إلى سلة عملات حقوق السحب الخاصة بصندوق النقد الدولي و هو ما يعد من الفوائد الكبيرة التي تعود على الإسترليني و الين الياباني على وجه الخصوص. و بينما تشير بيانات صندوق النقد الدولي إلى أن المجموعة تحتوي على 31% من مكونات احتياطي النقد الأجنبي لدول مجموعة العشرين باليورو مقابل 34% من الاحتايط بسلة عملات حقوق السحب الخاصة، يأتي الإسترليني في مكان بعيد للغاية عن ههذ النسب ممثلاً 5% فقط من الاحتياطي النقدي للمجموعة. على ذلك، يستدعي التحول إلى سلة حقوق السحب الخاصة زيادة احتياطي النقد الأجنبي الخاصة بدول الاقتصادات الناشئة بآسيا بالإسترليني. و من ثم، و مع الأخذ في الاعتبار أنى الإسترليني سوف ينجو من آثارميزانية "دارلنج"، نتوقع أن يرتفع الإسترليني مقابل الدولار من وقتها فصاعداً..
_________________________________

المصادر:
Bank of New York Mellon
Bloomberg
ترجمة قسم التحليلات و الأخبار بالمتداول العربي..