يحيي الاميركيون الاحد ذكرى هجمات 11 ايلول/سبتمبر التي وقعت قبل اربع سنوات الا ان اعصار كاترينا الذي خلف الدمار والموت في الولايات الاميركية الجنوبية القى بظلاله على مراسم احياء الذكرى هذا العام.
وكما جرت العادة كل عام فستتم قراءة اسماء 2749 شخصا قتلوا في انهيار برجي مركز التجارة العالمي اثر اصطدام طائرتين مخطوفتين بهما. وستجري قراءة الاسماء عند موقع البرجين.
الا ان هذا العام يختلف عن الاعوام التي سبقت اذ ينشغل الاميركيون بضحايا جدد ولكن هذه المرة من جراء كارثة طبيعية هي الاعصار كاترينا المدمر الذي ضرب الساحل الجنوبي في الولايات المتحدة.
وقد خلف الاعصار نحو مليون مشرد كما يخشى من ان يكون الالاف قد قضوا في الاعصار الذي يعتبر الاسوأ في تاريخ البلاد.
وقد ابرزت هجمات 11 ايلول/سبتمبر 2001 والاعصار كاترينا ضعف الدولة التي تعتبر الاولى في العالم لكن وبينما وحدت الهجمات الارهابية الشعب الاميركي وجعلته يلتف حول رئيسه جورج بوش اظهر الاعصار كاترينا وجود انقسامات سببها العرق والطبقة الاجتماعية وتسببت في اثارة اتهامات ضد الادارة الاميركية بعدم الاهتمام والبطء في الاستجابة.
وفي خطابه الاذاعي الاسبوعي السبت حاول بوش الذي يتعرض لانتقادات واسعة بسبب اداء ادارته في مواجهة اعصار كاترينا بعث الروح الوطنية التي اعقبت هجمات ايلول/سبتمبر مرة اخرى في نفوس الاميركيين وذلك في محاولة للم شمل البلاد مرة اخرى بعد الاعصار.
وقال بوش "اليوم تواجه اميركا كارثة اخرى تسببت بالدمار وخسارة الارواح. ولكن هذه المرة لم يكن سبب الدمار كراهية رجال اشرار ولكن غضب المياه والرياح". واكد ان بلاده "ستتغلب على هذه المحنة وسنكون اقوى في مواجهتها".
وفي اطار جهود الادارة الاميركية لكسب التاييد نظمت وزارة الدفاع مسيرة "فريدوم ووك" (مسيرة الحرية) في واشنطن لتكريم الجنود الاميركيين في العراق. وقد وصف النقاد ذلك بانه محاولة اعلامية سافرة لكسب التاييد لادارة بوش.
كما تم في اطار احياء ذكرى 11 ايلول/سبتمبر فتح الجزء الذي تضرر في هجمات 11 ايلول/سبتمبر من وزارة الدفاع لاول مرة امام العامة السبت.
وحتى وبدون انعكاسات اعصار كاترينا فان ذكرى هجمات 11 ايلول/سبتمبر تاتي هذا العام في الوقت الذي تتزايد الشكوك حول وجود القوات الاميركية في العراق.
وقد تزايد القلق الشعبي بشان الكلفة الاقتصادية والبشرية للتواجد الاميركي في العراق. واظهرت استطلاعات الرأي ان العديد من الاميركيين لا يشعرون بانهم اصبحوا اكثر امانا من خطر وقوع هجوم ارهابي جديد.
وفي اختلاف طفيف عن المراسم المعتادة لاحياء ذكرى الهجمات والتي تجري عند الموقع السابق لبرجي مركز التجارة العالمي سيتم الاحد ذكر الجنود الاميركيين الذين قتلوا في هجمات عسكرية خارج الولايات المتحدة خلال السنوات الاربع الماضية.
وستبدأ المراسم بدقيقة صمت عند الساعة 08,46 بالتوقيت المحلي (12,46 تغ) وهو الوقت الذي اصطدمت فيه اول طائرة بالبرج الشمالي.
وبدا هذا العام ان الزخم العاطفي الذي رافق احياء الذكرى الاولى لتلك الهجمات قد انخفض حيث ستتسم مراسم احياء الذكرى بنشاطات تجري على مستوى شخصي وعادت النشاطات التي كانت تلغى في مثل هذا اليوم الى الحياة مرة اخرى.
فقبل ثلاث سنوات كانت شبكات التلفزيون تخصص كافة برامجها لتلك الذكرى. ولكنها هذا العام تقدم تغطية حية لدوري كرة القدم الاميركية وغيرها من البرامج المعتادة.
وستجري العروض المسرحية في برودواي كالمتعاد وستتواصل تغطية عرض اسبوع الموضة السنوي الذي يجري في بريانت بارك في مانهاتن.
وقد القى الجدل حول بناء متحف في موقع البرجين بظلاله على مراسم احياء الذكرى هذا العام.
وكان اكثر من 500 من اقارب من قتلوا في البرجين تجمعوا في ذلك الموقع السبت احتجاجا على اقتراح لبناء "مركز الحرية الدولي" الذي يعرض للنضال من اجل الحرية في كافة انحاء العالم.
وقال المحتجون ان بناء مثل هذا المركز سيحول الانتباه عمن قتلوا في البرجين.

بوادر أمل في نيو اورليانز رغم الدمار الذي خلفه الاعصار كاترينا
رغم عدم الانتهاء من انتشال كل جثث ضحايا الاعصار كاترينا والدمار الهائل الذي لحق بمدينة نيو اورليانز بدت بعض بوادر الأمل في المدينة شبه الخاوية وحولها يوم الاحد.
ويستعد الرئيس الامريكي جورج بوش الذي وجهت انتقادات لأسلوب ادارته في مواجهة الاعصار العودة إلى المنطقة المنكوبة في وقت لاحق يوم الأحد في زيارة ثالثة يتوقع أن تكون أطول من سابقتيها. وسيمضي بوش الليل في المنطقة وسيزور لويزيانا ومسيسيبي.
واعلن سلاح المهندسين بالجيش أنباء سارة عندما ذكر أن التخلص من المياه التي اغرقت المدينة سيحتاج لفترة أقل مما سبق تقديره حيث سيستغرق الامر 40 يوما بدلا من 80.
وتستخدم 47 مضخة لنزح المياه التي اختلطت بمواد سامة مثل الكيماويات والبنزين ومخلفات الصرف من المدينة التاريخية المنخفضة عن مستوى سطح البحر.
وسيبدأ مطار لوي ارمسترونج الدولي في نيو اورليانز في استقبال طائرات الركاب اعتبارا من يوم الثلاثاء وبدأ بالفعل في استقبال طائرات نقل البضائع. وقال مسؤولون في منطقة بلاكيماينز الواقعة جنوبي المدينة إنهم سيلغون أمر الاخلاء الاجباري في بعض المناطق يوم الاحد.
لكن الاهم هو أن ما تنبأ به بعض المسؤولين من ان عدد القتلى بسبب الاعصار في نيو اورليانز يصل إلى عدة الاف اتضح انه غير صحيح رغم ان عمليات البحث عن الجثث لم تقارب نهايتها بعد.
وقالت كاثلين بلانكو حاكم لويزيانا "سنكون على مايرام... ارى بوادر امل حولنا. الاضواء تعود والعمل يجري في كل مكان."
واشارت نتائج استطلاع اجرته مجلة تايم إلى أن ما يقرب من ثلثي الامريكيين يرون ضرورة اعادة بناء نيو اورليانز مع تزويدها بنظام أفضل للسدود لحمايتها من كارثة فيضان أخرى مماثلة لما سببه الاعصار كاترينا عند وصوله إلى المدينة في 29 اغسطس اب الماضي.
لكن المدينة التي كان يسكنها 450 ألف فرد لحق بها دمار يحتاج إلى وقت طويل لاصلاحه. ويحتمل الا يتمكن أبدا بعض السكان من العودة إلى منازلهم المدمرة. وذكرت صحيفة نيو اورليانز تايم بيكايون يوم الاحد ان رئيس بلدية المدينة راي ناجين اشترى منزلا في دالاس ونقل أسرته إليه وقال إنه سيعود الى نيو اورليانز وسيزور اسرته من وقت لاخر.
ويواصل أفراد فرق الاطفاء والجنود وعمال المشرحة المدربين التجول في انحاء المدينة على الاقدام او في زوارق بحثا عن الجثث داخل المباني وتمكنوا من العثور على بعض الناجين الذين تمكنوا من البقاء على قيد الحياة بعد أن اطاحت العاصفة بالسدود التي تحتجز مياه بجيرة بونتشارترين.
وفي لويزيانا بلغ العدد الرسمي للقتلى 154 قتيلا. بينما تأكدت وفاة 211 شخصا في مسيسيبي التي اصابتها أضرار بالغة ايضا بسبب العاصفة. كما لاقى عدد اقل كثيرا من الافراد حتفهم في كل من الاباما وفلوريدا.
وقال السارجنت جيسون جيرانين من الفرقة 82 المحمولة جوا في أعقاب عملية بحث يوم السبت "كنت أعتقد أن هناك الاف القتلى لكن العدد أقل كثيرا فيما يبدو."
وقال بيري بيك رئيس احدى فرق البحث والانقاذ يوم السبت "نواصل البحث لاننا ما زلنا نعثر على احياء. عثرنا على أحد الناجين أمس وواحد اخر اليوم."
وتحدى بعض السكان أوامر الاخلاء منهم مالك حانة في شارع بوربون رفض اغلاق المشرب. ورغم أوامر رئيس بلدية المدينة لجميع السكان بالرحيل إلا أن افراد الشرطة والجيش لجأوا إلى الاقناع بدلا من القوة في معظم الحالات لاجلائهم وقال مسؤول إن الاجلاء قسرا سيكون الملاذ الاخير.
وقالت الوكالة الاتحادية لادارة الطوارئ إنها وزعت 688 مليون دولار من المساعدات على الاسر النازحة "في وقت قياسي". وكانت الوكالة تعرضت لانتقادات من جماعات الحقوق المدنية والسياسيين بعد أن اساءت تقدير حجم الكارثة التي أدت إلى تشريد نحو مليون شخص.
وقالت الوكالة إن الاموال وزعت على قرابة 268 ألف أسرة في لويزيانا و52 ألف اسرة في مسيسيبي و12 ألف اسرة في الاباما.
وكان مايكل براون مدير الوكالة الذي وجهت إليه انتقادات شديدة استدعي إلى واشنطن واعفي من الاشراف المباشر على عمليات ازالة اثار الاعصار.
كما تأثر بوش بالتداعيات السياسية لكارثة الاعصار كاترينا اذ أشار استطلاع اجرته مجلة نيوزويك إلى أن نسبة التأييد له تراجعت إلى 38 في المئة وهو ادنى مستوياتها. كما اشارت نتائج الاستطلاع إلى أن 53 في المئة من الامريكيين لم يعودوا يثقون في قدرة الرئيس على اتخاذ قرار سليم في أزمة داخلية أو خارجية مقابل 45 في المئة يثقون في ذلك.
وقدر بعض المسؤولين الاتحاديين قيمة الخسائر التي سببها الاعصار كاترينا بما بين 100 مليار و220 مليار دولار. ووافق الكونجرس على تخصيص 62.3 مليار دولار لعمليات الاغاثة من الاعصار طلبها بوش الذي ذكر أنه سيطلب مزيدا من المبالغ لهذا الغرض.
كما تدفقت تبرعات الافراد والجهات الخاصة في داخل الولايات المتحدة وخارجها. وقال الصليب الاحمر الامريكي الذي نشر 36 ألف متطوع في المنطقة انه وجه نداء لطلب 40 ألف متطوع آخرين.
وقالت وزارة الخارجية الامريكية إنها لم تبلغ بأي حالات وفاة مؤكدة لرعايا اجانب في المنطقة الساحلية التي اجتاحها الاعصار وان الجهود مستمرة لتحديد أماكن من لم يتسن بعد الحصول على اخبار عنهم.
الخوف من الجريمة مازال قائما في نيو أورليانز
يقول المسؤولون في نيو أورليانز انهم يسيطرون على شوارع المدينة بعد احداث العنف والنهب التي تفشت عقب الاعصار كاترينا غير أن مبيعات الاسلحة اخذة في الزيادة في باتون روج القريبة ويتخوف السكان من ان تصبح مدينتهم العاصمة الجديدة للجريمة في الجنوب الامريكي.
وحتى قبل الاعصار كانت اجزاء من نيو اورليانز حيث يعيش عدد كبير من السود تئن تحت وطأة الفقر والمخدرات والجريمة.
ويقول جيم ليتن مدعي المنطقة الشرقية في ولاية لويزيانا انه نظرا لهذا لم يكن مفاجئا ان يستغل المجرمون الاعصار كاترينا للانقضاض على ضحاياهم من الناجين الذين تقطعت بهم السبل اثناء انتظارهم للاجلاء.
واضاف ان نيو اورليانز المعروفة بانها عاصمة الجريمة في الجنوب بها اعلى معدل جرائم قتل في الولايات المتحدة.
وقال لرويترز "ثقافة الجريمة في نيو اورليانز تغذيها المخدرات والفقر وغياب كل شيء بدءا من التعليم الى البنية الاسرية."
ولكن ليتن وضباطا في مكتب مكافحة الكحوليات والتبغ والاسلحة النارية والمتفجرات قالوا ان الشرطة وقوات الجيش تسيطر تماما على شوارع نيو اورليانز وانها اعتقلت 259 مشتبها به في سجن مؤقت.
وقال ليتن في مؤتمر صحفي "الارقام تشير إلى ان اجهزة فرض القانون تؤدي عملها بصورة فعالة جدا... يجب أن تكون قوة ردع للافراد الذين يفكرون في الخروج للشوارع وحمل السلاح بشكل غير قانوني وان تذكرهم بأن القانون والنظام مازالا موجودين ونشطين جدا في نيو اورليانز."
وحذر كارلوس باكسولي أحد ضباط مكتب مكافحة الكحوليات والتبغ والاسلحة من ان الشغب سيقابل بالعقاب.
وقال للصحفيين يوم السبت "نحن نسيطر على الشوارع وإذا حاول أحدهم الخروج والتصرف كبلطجي فسنتعامل مع مثل هؤلاء الافراد."
وفي باتون روج عاصمة ولاية لويزيانا الهادئة عادة والتي تقع على بعد 110 كيلومترات شمال غربي نيو اوليانز والتي لم يتأثر معظمها بالاعصار ارتفع معدل التجارة في الاسلحة ورهنها.
وقال جيم ماكلين الذي يملك أحد أبر متاجر الاسلحة في المدينة "مثل هذه الكارثة يمكن ان تخرج الصفات الجيدة والسيئة في الناس وتلك اللقطات التلفزيونية لاعمال النهب اصابت السكان هنا بالفزع."
وقال إن السكان قلقون من أن يكون المجرمون الذين سيطروا لفترة على أجزاء من نيو اورليانز قد اعتلوا متن الحافلات الكثيرة التي اجلت سكان نيو اورليانز إلى باتون روج في الايام التي تلت العاصفة.
ويعتقد مسؤولو المدينة ان تعداد سكان باتون روج تضاعف منذ الاعصار كاترينا بعد ان كان 250 الف نسمة مما أثر على شبكة الطرق في المدينة.
وقال ماكلين "من المؤسف ان ترتفع (مبيعات الاسلحة) في مثل هذا الوقت."
واقر مارك تشيت العميل الخاص المسؤول عن مكتب مكافحة الكحوليات والتبغ والاسلحة ان هناك ارتفاعا في مبيعات الاسلحة في باتون روج.
وقال "ليس مستغربا حينما يكون هناك حدث كبير مثل هذا وحينما تكون هناك مشاهد لاناس ينهبون آخرين أن يشعر الناس بالقلق ويريدون حماية انفسهم."

مع تحيات فريق اخبار المتداول العربي