الاقتصادية - جرت محاولة انقلابية سيئة في أوروبا الأسبوع الماضي، لكن إلى حد كبير، لم يلحظها أحد. نيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي، أعلن نيته الاستمرار في ممارسة دوره "رئيسا لأوروبا" لعام آخر. لا، فهو لن يمنع التشيك والسويسريين من تولي الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي لمدة ستة أشهر خلال عام 2009. لكن لأن كلا البلدين ليس عضواً في منطقة اليورو، يريد ساركوزي أن يظل، بحكم الأمر الواقع، رئيسا لمنطقة اليورو حتى نهاية عام 2009، عندما تتولى إسبانيا، وهي من دول منطقة اليورو، الرئاسة من سويسرا.

رئيس على ماذا؟ سيكون من السهل جداً استبعاد ذلك باعتبار أنه مثال آخر للنشاط المفرط لساركوزي، وصدقوني أنا أشعر بحماس شديد لذلك. لكن يجب علينا عدم استبعاد الأمر واعتباره مجرد حركة بهلوانية، لأن الأحداث تتحرك لصالحه. فألمانيا لم تكن قط حريصة على ما يسميه الفرنسيون الحكومة الاقتصادية gouvernement économique، وهو كل ما يدور حوله هذا الأمر. لكنني لم أعد متأكداً من أن العقبة الكؤود المتمثلة في أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية، ستتمكن من مقاومة القوة التي لا تقهر لساركوزي لمدة أطول. وتتبادر إلى ذهني ستة أسباب تفسر لماذا يمكن أن يظل ساركوزي مسيطراً حتى النهاية.

أولاً، الاضطراب الذي حدث في سوق الأسهم الأسبوع الماضي ربما يكون أداة للتذكير، إذا كانت هناك حاجة لذلك، بأن الأزمة المالية لم تنته بعد، وأن الاقتصاد على جانبي الأطلسي في منتصف ركود طويل ومؤلم. ومن المؤكد أن الإدارة الأمريكية الجديدة والكونجرس الجديد المنتخب سيُقران خطة تحفيز شاملة في وقت مبكر من العام المقبل، ما يضع أوروبا تحت ضغط بأن تفعل الشيء نفسه. ومن المرجح أن يتطلب ذلك عقد قمة أخرى لدول منطقة اليورو لوضع القواعد الأساسية لتطبيقها على المستوى الوطني.

ثانياً، الفشل في توفير تأمين لسوق المال في إطار خطط الإنقاذ الحالية ينبغي إصلاحه. وبعد الاتفاق الأخير، انخفضت أسعار الفائدة في أسواق المال مبدئياً، بما في ذلك أسعار الفائدة على اليورو لثلاثة أشهر، وهي فترة مهمة في تعاملات بين البنوك، يرتبط بها عدد من الرهونات العقارية الأوروبية. وقد انخفضت قليلا دون 5 في المائة الأسبوع الماضي. لكن حتى الآن انخفضت أسعار سوق المال أقل 0.5 نقطة مئوية عن الخفض الذي أجراه البنك المركزي الأوروبي على سعر إعادة الشراء. وهذا يعني أن التوترات لم تخف على الإطلاق.

ثالثاً، أتوقع أن الخطط الحالية لإعادة رسملة البنوك بحاجة إلى تعديل، وأنه يتعين توقيع اتفاقية على مستوى منطقة اليورو من أجل القيام بذلك. وفي ألمانيا، مثلا، البنوك الوحيدة التي تقدمت بطلبات حتى الآن هي بنوك مملوكة للدولة. والمشكلة فيما يتعلق بالخطة الألمانية أن الحوافز التي وضعتها ليست هي الحوافز السليمة، لأنها طوعية وتضع قيودا صارمة على الحد الأعلى للأجور بحيث لا يتعدى 500 ألف يورو (632 ألف دولار) في السنة. لذا، التنفيذيون في البنوك لديهم دافع يجعلهم يخفضون الائتمان للشركات والمستهلكين، بدلاً من استجداء المساعدة من الحكومة. هذه الخطة بالتالي ستفشل في تحقيق هدفها الأساسي المتمثل في إعادة رسملة قطاع البنوك. إن الحاجة إلى خطة فاعلة على نطاق منطقة اليورو أمر واضح اليوم كما كان قبل ثلاثة أسابيع.

السبب الرابع، فشل مجموعة اليورو في أن تفرز قيادة خلال هذه الأزمة. فمجموعة اليورو هي مجموعة غير رسمية تضم وزراء مالية دول منطقة اليورو وتناقش فيها الحكومات القضايا ذات الاهتمام المشترك، لكنها ظلت غائبة بدرجة كبيرة خلال هذه الأزمة. وأنا أفهم أن الاجتماعات الأخيرة كانت مريرة على نحو غير عادي وغير ودية. لكنك تتوقع من هذا الكيان السياسي الوحيد الذي يتولى مهمة التنسيق في منطقة اليورو أن يسهم مساهمة إيجابية في أزمة بهذا الحجم. وكان ساركوزي على حق في الإشارة إلى أن وزراء المالية لم يكن بوسعهم على الإطلاق جمع مبلغ 1800 مليار يورو لإنقاذ البنوك. وبعبارة أخرى، مجموعة اليورو ربما تكون ضرورية لكنها غير كافية.

السبب الخامس، أن ألمانيا تفقد حلفاءها بسرعة في معارضتها المتطرفة للترشيد الاقتصادي خارج اتفاقية الاستقرار والنمو. والإسبان والإيطاليون يساندونها، وحتى الهولنديون كانوا يقترحون خطة عمل على نطاق منطقة اليورو. والآن وقد ضربت الأزمة شرقي أوروبا، أتوقع أن تطالب النمسا وسلوفينيا وسلوفاكيا بالتضامن معها من داخل منطقة اليورو أيضاً.

السبب السادس، استمرار حالة الغموض فيما يتعلق بمعاهدة لشبونة. فهذه المعاهدة ستقيم رئاسة دائمة للمجلس الأوروبي، يمكنها أن تتعامل مع الأزمات بأفق أبعد من ستة أشهر. الكثيرون يصابون برعشة عند التفكير في ما كان سيحدث لو أن حكومة التشيك التي تنفر من اليورو، كانت في مركز القيادة خلال نصف العام الحالي. وطالما أن المعاهدة لم تتم المصادقة عليها، فإن قادة الاتحاد الأوروبي ليس لديهم خيار سوى أن يخرجوا عليها عند تعاملهم مع الأزمات.

هل ينجح ساركوزي؟ ميركل ربما تستمر في مقاطعة أي جهود فرنسية في هذه الاتجاه لفترة من الوقت. فالمسؤولون الألمان درجوا على التعامل السلبي تحسباً لما يقترحه الفرنسيون. لكن ساركوزي ظل يدفع ميركل ويحاصرها في زاوية. وأشك في أنها ستكون قادرة على أن تقول لا للأبد دون أن تقدم مساهمات إيجابية من جانبها.

وفي الوقت الحاضر، ساركوزي سيظل رئيساً لفرنسا وحدها. لكن إذا تفاقمت الأزمة، أو بالأحرى عندما تتفاقم، فإن الانقلاب الذي قام به ربما ينجح.