الاقتصادية - الحديث الدائر من أن دافعي الضرائب الأمريكيين سيدفعون 700 مليار دولار لإنقاذ البنوك إنما هو هراء. لديّ خطة مباشرة ينبغي أن تنعش سوق الأوراق المالية ذات العلاقة بالرهون العقارية، وتعزز رأسمال البنوك بشكل كبير، وتؤمن عشرات مليارات الدولارات لوزارة الخزانة الأمريكية.

الكرب الذي تعاني منه سوق الائتمان الأمريكية يعكس حقيقة مفادها أن الأوراق المالية ذات العلاقة بالرهون العقارية لم تعد تسعّر على أساس عقلاني. لا بل اضطرت بضع شركات بسبب حاجتها الماسة للنقد إلى بيع تلك الأوراق بربع دولار، وتقضي الأعراف المحاسبية أن يستخدم هذا السعر لتقييم الأوراق المشابهة التي تملكها البنوك الأخرى.

يوجد 40 مليون حالة رهن للعقارات السكنية في الولايات المتحدة. ويسدد 97 في المائة أو 98 في المائة من أصحاب البيوت أقساط الرهن المترتبة عليهم في المواعيد المحددة. ويبلغ متوسط ثمن البيت في الولايات المتحدة 250 ألف دولار. لنفترض أن مليون صاحب بيت معرضون لمصادرة بيوتهم، وأن الجهات المقرضة تتكبد خسارة قدرها 100 ألف دولار في كل مرة يتخلف فيها أحد المقرضين عن السداد. هذا يعني أن مجموع الخسائر التي ستتكبدها الجهات المقرضة سيبلغ 100 مليار دولار. فإذا تخلف 4 في المائة من أصحاب البيوت المرهونة عن السداد، سيبلغ مجموع الخسائر التي تتكبدها الجهات المقرضة 150 مليار دولار.

إن ملكية الأوراق المالية ذات العلاقة بالرهون العقارية تتسم بالتركيز، إذ إن 20 بنكاً أمريكياً تملك 80 في المائة من أوراق الرهن غير المملوكة في أوروبا وآسيا.

وربما تراوح القيمة الاسمية لأوراق الرهن العقاري التي تملكها شركات أمريكية ما بين خمسة آلاف وستة آلاف مليار دولار، أو أكثر (يتم احتساب هذه القيمة ثلاث مرات لأنه تمت تجزئة هذه الأوراق وتوزيعها)، ومن المرجح أن تراوح الخسائر الاقتصادية المترتبة على هذه الأوراق ما بين 100 و200 مليار دولار. وسبق للبنوك الأمريكية أن تحدثت عن تكبدها خسائر تقارب 350 مليار دولار، أو أكثر من مثلي الرقم التقديري للخسائر النهائية، البالغ 150 مليار دولار.

تشتمل الخطة التي أقترحُها على عنصرين رئيسيين. الأول، أن يضع كل من البنوك الأمريكية المتعثرة جميع أوراق الرهن التي يملكها في صندوق، وبعدئذ يعهد إليه بإصدار أوراق جديدة لها حق المطالبة على كل ما يرد من نقد إلى الصندوق كل شهر من أوراق الرهن التي يحتفظ بها. والعنصر الآخر، أن تعرض وكالة حكومية أمريكية جديدة (برنامج إنقاذ الموجودات المتعثرة) شراء ما قيمته 10 – 15 مليار دولار من هذه الأوراق مرة كل أسبوع وذلك في مزاد عكسي.

يترتب على كل بنك يرغب في المشاركة في أحد المزادات الأسبوعية أن يذكر السعر الأدنى الذي يقبل به ثمناً لكل 50 مليون دولار، و100 مليون و250 مليون دولار من الأوراق الجديدة التي يصدرها صندوقه، ويتعين على كل بنك أن يذكر دخل الفائدة ودفعات خدمة الدين المقترنين بأوراق الرهن العقاري التي وضعها في الصندوق.

وسيقبل برنامج إنقاذ الموجودات المتعثرة العروض التي تقدم أعلى معدلات العوائد التي يمكن قياسها عبر العلاقة بين دخل الفائدة الذي يكسبه الصندوق وبين السعر الذي عرضه البنك لبيع الأوراق. ويقوم برنامج الإنقاذ بتحديد سعر شراء موحد في كل مزاد أسبوعي. وستجني بعض البنوك فائدة من وراء ذلك، لأن السعر الذي عرضته كان أقل من السعر الذي يعمل على إنهاء المشكلة في السوق.

من ناحية مبدئية، من المرجح أن تضع البنوك التي تحتاج أكثر من غيرها لتحسين مركزها الرأسمالي سعراً متدنياً نسبياً للأوراق التي تعرض بيعها.

وبعد اختتام كل مزاد أسبوعي، يقوم برنامج إنقاذ الموجودات المتعثرة بإعلان السعر الذي دفعه، الأمر الذي يحدد قيمة لأوراق الرهن الأساسية. فإذا دفع البرنامج 350 دولاراً لأوراق "قيمتها الرأسمالية ألف دولار، يقوم كل بنك بتقييم ما يحتفظ به من أوراق الرهن بسعر 350 دولاراً. وإذا سبق لأحد البنوك أن سعّر هذه الأوراق بمبلغ 250 دولاراً، فإنه يستطيع أن يعيد تسعيرها على أساس 350 دولاراً، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى زيادة رأسمال البنك بالنسبة نفسها.

وبعد أن يعلن البرنامج الأسعارَ التي دفعها في المزاد، يتم إعطاء المؤسسات المالية الخاصة مهلة ثلاثة أيام لشراء هذه الأوراق من البرنامج بالسعر الذي دفعه البرنامج.

وهناك احتمال في أن تزيد الأسعار التي يدفعها البرنامج من مزاد إلى المزاد الذي يليه. ويقوم كل بنك بإعادة تقييم أوراق الرهن التي يملكها بناء على أسعار المزاد الأعلى، الأمر الذي يؤدي تلقائياً إلى زيادة رأسماله.

في مرحلة من المراحل ستعود السيولة إلى سوق أوراق الرهن العقاري، وستعكس أسعارها السوقية وارداتها المحتملة من خدمة الدين. بعدئذ يقوم برنامج إنقاذ الموجودات المتعثرة بإعادة بيع الأوراق والسندات التي اشتراها إلى هذه البنوك بهذه الأسعار. وبالنسبة للمحاسبين ولزملائهم الذين أصروا على احتساب القيمة بسعر السوق، ينبغي أن تتم تنحيتهم جانباً لمدة ستة أشهر. أما الصحافيون الذين تعالت أصواتهم حول عمليات الإنقاذ، فينبغي أن توكل إليهم مهمة لستة أشهر يقومون خلالها بتغطية الأنشطة اليومية لمديرية الإطفاء والشرطة.

من السهل فهم هذه الخطة، حتى بمعايير واشنطن. وبالنسبة للبنوك التي تملك بعض سندات الرهن العقاري الملطخة فلا ينبغي أن يتاح لها المجال لاستغلال هذه الفرصة لأن تبيع لبرنامج الإنقاذ فقط تلك السندات التي تعتقد أن فيها قدراً كبيراً بشكل استثنائي من النفايات السامة. وزيادة على ذلك، لن يكون للبيروقراطيين المسؤولين عن تنفيذ هذه الخطة أساس لتفضيل بائع على آخر – لأن هذه المشكلة تقع دائماً عندما يتعلق الأمر بأموال حرة من واشنطن. وأخيراً، تعتبر عملية اكتشاف الأسعار هذه شفافة ومتواصلة، حيث سيتم نشر البيانات الخاصة بالعروض الفائزة في كل مزاد أسبوعي في الصحافة التي تهتم بعالم الأعمال. إن نجاح هذا المزاد العكسي سيعيد الثقة بوزارة الخزانة وبنك الاحتياطي الأمريكي، تلك الثقة التي لحق بها ضرر كبير بسبب قصر نظرهما وغموضهما.

ما مقدار الأموال التي ستكسبها وزارة الخزانة الأمريكية؟ لا أحد يعرف، لكن المكاسب التي ستعود على الاقتصاد العالمي من انعاش أسواق الائتمان الأمريكية تساوي مئات المليارات