شبح الركود الاقتصادي يقض مضاجع المستثمرين المتوترين

[التحليلات والأخبار]

الاقتصادية - المخاوف من الركود الاقتصادي عادت لتقض مضاجع الأسواق المالية أمس، وأضعفت بالتالي من التحسن الذي طرأ أخيراً على شهية المخاطرة عند المستثمرين وطغت على التحسن الذي دفع إلى الأدنى بأسعار الفائدة على القروض بين البنوك.

الأنباء التي تحدثت عن أن مؤشر النشاط الأمريكي (الذي يرصده البنك المركزي في شيكاغو) هبط إلى أدنى مستوى له منذ عام 1982، إلى جانب الآفاق السلبية حول الأرباح من الشركات التي من قبيل تكساس إنسترومنتس Texas Instruments وشركة ديبون DuPont، ألقت بثقلها على الأسهم الأمريكية والأوروبية، ودفعت بالمستثمرين إلى الهرب إلى الملاذ الآمن النسبي للسندات الحكومية.

وكذلك سجلت أسعار السلع تراجعاً واسعاً على خلفية المخاوف حول تراجع الطلب، وتضررت أكثر من ذي قبل بفعل المكاسب الجديدة للدولار، في الوقت الذي استمرت فيه صناديق التحوط في تصفية الصفقات الخطرة.

وقال جون هيجينز، من كابيتال إيكونومكس Capital Economics، إن الأداء الفاتر لأسواق الأسهم الأمريكية يشير إلى أن مخاوف المستثمرين قد تحولت من الانهيار في القطاع المالي إلى التدهور السريع في الاقتصاد الحقيقي.

وأضاف: "الأنباء المقلقة هي أنه متى بدأ الركود بمنتهى الحماس فإن الأوضاع في العادة تتدهور بمنتهى السرعة، وتهوي معها الثقة والنشاط والتوظيف والدخول على نفَس واحد". "نتوقع الآن أن يتقلص الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة في الربع الثالث بنسبة 1 في المائة (بالمعدل السنوي)، مدفوعاً إلى الأدنى بفعل الهبوط الحاد في الإنفاق الاستهلاكي". على الجانب الآخر من الأطلسي أظهر المسح الخاص بأحدث الاتجاهات العامة الصناعية (الذي يصدره اتحاد الصناعات البريطانية) أن الأرقام سيئة للغاية.

ووصف هوارد آرتشر، كبير الاقتصاديين لمنطقة بريطانيا لدى مؤسسة جلوبال إنسايت Global Insight، نتائج المسح المذكور بقوله "أقل ما يقال فيها إنها فظيعة"، وقال إنها ستشعل فتيل المخاوف من أن بريطانيا مقبلة على ركود اقتصادي عميق وطويل الأمد.

وقال: "الهبوط الحاد في نشاط التصنيع، والضغوط السعرية التي انخفضت بصورة لا يستهان بها والواضحة في مسح اتحاد الصناعات البريطانية تقوي من الحجة الداعية إلى أن يقوم البنك المركزي البريطاني بإجراء تخفيض كبير في أسعار الفائدة مرة أخرى في تشرين الثاني (نوفمبر)".

وحذر مسؤولون في البنك المركزي الأوروبي يوم أمس من أن معدلات النمو الاقتصادي في منطقة اليورو في العام المقبل ستكون راكدة في أحسن الأحوال في أعقاب الأزمة المالية.

لكن ماركو أنونزياتا، وهو اقتصاد لدى بنك يوني كريدي UniCredit، قال إن حدوث ركود اقتصادي عالمي هو أبعد ما يكون عن كونه أمراً محسوماً. وقال: "تراجع خطر وقوع الانقباض الائتماني الذي لا يبقي ولا يذر، كما أن الأسواق الناشئة تمر الآن بحالة تباطؤ ولكنها لم تبلغ مرحلة التوقف والجمود. الخطر الأكبر في هذه المرحلة من العملية المستمرة والتي لم تتوقف، وهي التخلص من التمويل من خلال الديون الثقيلة deleveraging ، والتي أخذت بالفعل في الضغط بقوة على أسعار الموجودات".

وكان هناك المزيد من الأنباء المشجعة من أسواق المال، حيث هبط سعر فائدة ليبور على قروض الدولار لأجل ثلاثة أشهر إلى أدنى مستوى له منذ شهر، وهبط سعر الفائدة على القروض لليلة واحدة إلى ما دون سعر الفائدة الرسمي الذي حدده البنك المركزي الأمريكي بمقدار 1.5 في المائة.

وقالت لينا كوميليفا، رئيسة قسم اقتصاديات السوق لمجموعة السبع لدى مؤسسة تاليت بريبون Tullett Prebon، إن تراجع أحجام التداول في أسواق الأسهم والسندات واصل في إعطاء إشارات تحذيرية بين المستثمرين فيما يتعلق بمخاطر الأطراف الأخرى في العقود والتعاملات.

نخلت أسواق الأسهم في أوروبا والولايات المتحدة عن بعض مكتسباتها القوية التي حققتها في الجلسة السابقة. هبط مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا بمقدار 0.5 في المائة، على الرغم من المكاسب التي حققتها أسهم البنوك الفرنسية بعد قرار الحكومة الفرنسية بحقن 10.5 مليار يورو في القطاع البنكي.

وفي لندن هبط مؤشر فاينانشيال تايمز 100 بمقدار 1.2 في المائة. وبحلول منتصف اليوم في نيويورك هبط مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بمقدار 1.9 في المائة. لكن آسيا تمتعت بجلسة تداول إيجابية بصورة عامة، حيث تشجعت أسهم شركات التصدير بفعل الآمال بصفقة التحفيز من المالية العامة في الولايات المتحدة. في طوكيو قفز مؤشر نيكاي 225 بمقدار 3.3 في المائة.

وحققت السندات الحكومية بعض المكاسب في الوقت الذي تراجعت فيه الأسهم. هبط العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بمقدار 13 نقطة أساس ليصل إلى 3.73 في المائة، في حين أن العائد على سندات الحكومة الألمانية لأجل عشر سنوات هبط بمقدار ثلاث نقاط أساس ليصل إلى 3.92 في المائة.

وفي أسواق العملات سجل الدولار أعلى مستوى له مقابل اليورو منذ آذار (مارس) 2007، رغم أنه تراجع في مقابل الين مع اشتداد الرغبة في العزوف عن المخاطر. كذلك سجل الدولار الأمريكي أعلى مستوى له أمام الدولار الكندي منذ ثلاث سنوات، حتى على الرغم من أن البنك المركزي الكندي خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، التي كانت أقل من النسبة المتوقعة. وتعرضت عملات الأسواق الناشئة للضغط من جديد، حيث هبطت كل من الليرة التركية والريال البرازيلي والراند (عملة جنوب إفريقيا) بنسبة تزيد على 4 في المائة أمام الدولار.

[المدارج]

ما طار طير وارتفع الا كما طار وقع