الاقتصادية - سجلت أسواق الأسهم العالمية أكبر خسائرها ليوم واحد منذ الانهيار الذي حدث عام 1987 وسط مخاوف بأن العالم متجه صوب ركود عميق. ودفعت البيانات التي صدرت أمس والتي أظهرت تراجع الإنفاق وزيادة البطالة المستثمرين إلى التفكير بشأن المستقبل القاتم للاقتصاد العالمي كما أكدت تلك البيانات على تضرر جميع الشركات وليست فقط الشركات العاملة في قطاع المال بسبب تلك الأزمة. وتشير تلك البيانات التي تتعلق بالأداء لشهري آب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر) إلى مدى ضعف الاقتصاد العالمي حتى قبل دخوله في عمق الأزمة المالية.

ويمكن تلخيص الأخبار الاقتصادية الرئيسة ليوم أمس كما يلي:
هبطت مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة بنسبة 1.2 في المائة خلال أيلول (سبتمبر) وهو أكبر انخفاض شهري لها خلال ثلاث سنوات.

ارتفعت البطالة في المملكة المتحدة بأسرع معدل لها منذ عام 1991 في شهر آب (أغسطس) وكذلك جاء متوسط نمو الأرباح عند أضعف مستوى له خلال 5 سنوات عند نسبة 3.4 في المائة وهو مستوى يقل كثيرا عن معدل التضخم الذي سجل نسبة 5.2 في المائة (وهي النسبة الأعلى منذ 16 عاماَ) في أيلول (سبتمبر).

جاءت مبيعات السيارات الجديدة في أوربا خلال شهر أيلول (سبتمبر) عند أدنى مستوى لها منذ عام 1998 منخفضة بنسبة 8.2 في المائة عن أيلول (سبتمبر) العام الماضي.

أعطى رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بين بيرنانكي تقييماً متشائماَ للاقتصاد الأمريكي قائلاً إن الاضطراب في أسواق المال يمثل "تهديداً كبيراً للنمو الاقتصادي" وحتى لو استقرت الأسواق فإن الانتعاش الاقتصادي الواسع لن يحدث بصورة فورية.

ومرة أخرى تحسنت الأوضاع المالية ولكن بمعدل طفيف. وأدت التعهدات بضخ المزيد من السيولة بواسطة البنوك المركزية العالمية إلى التقليل من أسعار الاقتراض بين البنوك على الرغم من حدوث انخفاض واضح في الإقراض وبقاء أسعار الفائدة للتمويل على المدى الطويل عند ارتفاع شديد. وفي الوقت نفسه تواصلت الخطط الإسعافية الحكومية للقطاع المالي حيث تلقى بنك يو بي إس 50 مليار دولار من الحكومة السويسرية ووافق البنك المركزي السويسري على شراء حتى 60 مليار دولار من أصوله المضطربة. علاوة على ذلك حصل بنك كريدت سويس على 90 مليار دولار من مستثمرين خاصين (من بينهم شركة تابعة لهيئة الاستثمار القطرية). لقد أضافت خيبة الأمل بشأن إيقاع تحسن الأوضاع المالية مشكلة أخرى إلى كوارث أسواق الأسهم.

وكرد فعل للمخاوف المتزايدة بشأن المستقبل الاقتصادي سجلت إس آند بي 500 الأمريكية ونيكاي 225 اليابانية أكبر هبوط لهما في يوم واحد منذ انهيار عام 1987 حيث انخفض إس آند بي 500 بنسبة 9 في المائة وتراجع نيكاي بنسبة 11.4 في المائة. وافتتحت الأسواق الأوربية معاملاتها بانخفاض حاد هذا الصباح (تراجعت الأسواق البريطانية بنسبة 3 في المائة والألمانية بنسبة 3.3 في المائة والفرنسية بنسبة 3.5 في المائة) في أعقاب تراجع تراوح بين 6.5 إلى 7.5 في المائة في تعاملات الأمس. وفي الخليج كذلك تراجعت بشدة الأسواق التي تعمل اليوم حيث انخفض سوق دبي بنسبة 6 في المائة بينما انخفض سوق الكويت بنسبة 1.5 في المائة.

التداعيات:

تشهد الملامح المستقبلية للاقتصاد السعودي بعض التدهور حيث انخفض أمس سعر النفط إلى مادون مستوى 75 دولاراً للبرميل لأول مرة خلال عام كامل وقد يتراجع إلى أقل من 70 دولاراً بحلول يوم الجمعة. ونتوقع أن تعمد "أوبك" إلى خفض إنتاجها لحماية الأسعار عند هذا المستوى (على الرغم من أن اجتماعها المجدول هو يوم 18 نوفمبر) وتشير الدلائل إلى أن المملكة العربية السعودية قد أوقفت من السوق معظم الزيادة في المعروض من النفط التي طرحتها خلال الصيف. وسيؤدي الانخفاض في حجم الإنتاج وتدني الأسعار إلى خفض الميزانية وميزان الحساب الجاري بدرجة كبيرة على الرغم من أننا لا نزال نتوقع فوائض مريحة نسبياً لكلا الحالتين.

بناء على انخفاض حجم الإنتاج سنخفض توقعاتنا بشأن نمو الناتج الإجمالي. كذلك يتوقع أن يتأثر النمو في القطاع الخاص غير النفطي (المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي في السنين الأخيرة) بمستوى كبير. ستضرب حالات الركود الخارجية الطلب على الصادرات كما ستؤدي الأوضاع المالية الصعبة (المحلية والعالمية) إلى زيادة التكلفة والتقليل من توافر التمويل (قد تتجمد الاكتتابات في المنطقة ككل). ورغم ذلك نجد هناك بعض شركات القطاع الخاص التي ستشهد انطلاقاَ مع معاملات مالية جديدة- أعلنت دار الأركان والبنك السعودي الهولندي عن خطط لإصدار صكوك- وكذلك سيستفيد أولئك المستثمرون الذين يملكون حيازات كبيرة (بما في ذلك الحكومة) من التراجع الأخير السريع في أسعار المواد الخام.