الانهيار العجيب لبنك ليمان براذرز Lehman Brothers والبيع الاضطراري لبنك ميريل لينتش Merrill Lynch كان من شأنهما إحداث موجة من الحذر الشديد بين المستثمرين.

قال بيتر ديكسون، وهو اقتصادي لدى بنك التجارة Commerzbank: "هناك إحساس سائد اليوم بأن الساحة المالية تغيرت على نحو لا رجعة فيه".

قال ماركو أنونزياتا، وهو كبير الاقتصاديين لدى بنك يوني كريدي UniCredit، إن وزارة المالية الأمريكية ارتكبت مقامرة هائلة حين تركت بنك ليمان ينهار. وقال: "يواجه النظام المالي الآن تحدياً لم يسبق له مثيل، وهو امتصاص صدمة انهيار إحدى شركات الوساطة المالية الكبرى".

"فإذا نجحت المقامرة فإن هذا من شأنه أن يعزز بصورة لا يستهان بها من الآمال التي ترجو أن يتمكن النظام المالي من حل مشكلاته والنهوض بنفسه من هذه الأزمة التي زادت على العام، ولكن المخاطرة هائلة".

ارتفعت تكلفة التأمين على سندات الشركات ضد الإفلاس ارتفاعاً حاداً، ولكنها أخفقت في الوصول إلى المستويات التي بلغتها وقت انهيار بنك بير شتيرنز Bear Stearns في آذار (مارس) الماضي، رغم أن الظروف السوقية كانت مجمدة إلى حد كبير.

هبطت الأسهم العالمية بحدة في الوقت الذي اشتدت فيه مشاعر اللبس حول آفاق القطاع المالي وهبطت فيه أسعار الخام الأمريكي هبوطاً حاداً دون مستوى 100 دولار للبرميل، وسط اشتداد المخاوف حول النمو الاقتصادي.

كانت السندات الحكومية هي المستفيد الرئيس من هروب المستثمرين إلى الملاذ الآمن للاستثمار، كما ارتفعت قيمة الين الياباني والفرنك السويسري والذهب بفعل الشراء في الملاذ الآمن.

قال ديكسون من بنك التجارة إنه على المدى القريب كانت هناك مخاوف واضحة من أن الفروق بين أسعار الفائدة الرسمية والفوائد على سندات الشركات في أسواق المال يمكن أن ترتفع في الوقت الذي تكنز فيه المؤسسات المالية السيولة من جديد.

وقال: "إن المخاطر من الأطراف التعاقدية المقابلة (أي مبالغ التأمين ضد العجز عن السداد) ستكون بالدرجة الأولى الموضوع الرئيس خلال الأسابيع المقبلة."

وبالفعل كان تركيز أسواق المال بادياً بصورة واضحة في الوقت الذي توسعت فيه الفجوة بين سعر الإقراض بين البنوك لأجل ثلاثة أشهر على القروض بالدولار وبين مؤشر العقود المتبادلة للتأمين لليلة واحدة، وهو مقياس رئيس لاستعداد البنوك لإقراض بعضها بعضاً، هذه الفجوة توسعت لتصل إلى 105 نقاط أساس، وهو أعلى مستوى لها منذ كانون الأول (ديسمبر).

يذكر أن ما يعرف باسم "فجوة تيد"، أي الفرق بين سعر فائدة ليبور لأجل ثلاثة أشهر وبين العائد على سندات الخزانة لأجل ثلاثة أشهر، هذه الفجوة انتفخت إلى أكثر من 200 نقطة أساس في الوقت الذي تراكض فيه المستثمرون للشراء في ظل الملاذ الآمن للسندات الحكومية.

هبط العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل ثلاثة أشهر، التي ينظر إليها على نطاق واسع على أنها أكثر الموجودات سيولة في العالم، بمقدار 70 نقطة أساس. وفي النهاية الأخرى للمنحنى في السندات ذات الأجل الطويل، سجل العائد على سندات الخزانة لأجل 30 سنة أدنى مستوى له في التاريخ، قبل أن يستقر عند 4.21 في المائة، أي بهبوط مقداره عشر نقاط أساس.

أما العائد على سندات الخزانة لأجل سنتين، الحساسة لأسعار الفائدة، فقد هبط بمقدار 35 نقطة أساس ليصل إلى 1.87 في المائة، وهي أول مرة يهبط فيها إلى ما دون 2 في المائة، وهو المستوى الحالي لأسعار الفائدة القياسية من البنك المركزي الأمريكي، منذ نيسان (أبريل).

تحركت العقود الآجلة على أسعار الفائدة إلى الأعلى بصورة حادة لاحتساب احتمال كبير في قيام البنك المركزي الأمريكي بتخفيض أسعار الفائدة في الاجتماع الذي سيعقده يوم الثلاثاء.

كذلك شهدت السندات الحكومية الأوروبية والعقود الآجلة لأسعار الفائدة الأوروبية ارتفاعاً حاداً.
من جانب آخر، خفضت الصين يوم الإثنين أسعار الفائدة بمقدار 27 نقطة أساس لتصل إلى 7.2 في المائة، وهو أول تخفيض تقوم به الصين منذ ست سنوات.

قالت ديانا تشويليفا من مؤسسة لومبارد ستريت ريسيرتش Lombard Street Research إن هذا التخفيض نبأ سيئ. وقالت: "حولت السلطات الصينية أولوياتها من مكافحة التضخم إلى مساندة النمو الاقتصادي في الوقت الذي لا يوجد فيه دليل واضح كذلك على أن التسارع الاقتصادي قد تم كبح جماحه أو أنه كان هناك تباطؤ ملحوظ في النمو".

توسعت بحدة الفروق بين عقود التأمين المتقابلة على السندات، حيث سجل مؤشر آي تراكس iTraxx Crossover index، وهو مؤشر يراقبه المستثمرون عن كثب باعتباره مؤشراً لمقدار الابتعاد عن المخاطر، 640 نقطة أساس قبل أن يتراجع.

هبطت أسواق الأسهم الأمريكية والأوروبية إلى أدنى مستوى لها منذ منتصف تموز (يوليو).

بحلول منتصف اليوم في نيويورك هبط مؤشر "ستاندارد آند بورز 500" بمقدار 2.5 في المائة، في حين أن مؤشر "فاينانشال تايمز يوروفيرست 300" لعموم أوروبا هبط بمقدار 3.6 في المائة. وكانت الأسواق في اليابان وهونج كونج والصين مقفلة بسبب العطلة العامة، رغم أن الأسواق الآسيوية التي كانت مفتوحة هبطت بحدة.

واصل مؤشر بنك مورجان ستانلي المركب لأسهم بلدان الأسواق الناشئة MSCI emerging markets equities index هبوطه الحاد الذي بدأ خلال الفترة القريبة الماضية، حيث سجل نسبة أخرى من الهبوط مقدارها 2.1 في المائة، في حين أن الفرق بين أسعار الفائدة على سندات الخزانة الأمريكية وبين سندات البلدان السيادية سجل أعلى مستوى جديد له منذ ثلاث سنوات.

في أسواق العملات تعافى الدولار من عملية بيع مكثفة في الفترة الأولى من جلسة التداول. وجاءت أكبر مكاسب الين مقابل الدولار الأسترالي والدولار النيوزيلندي اللذين يعطيان عوائد عالية.

في أسواق السلع هبط سعر الخام الحلو الخفيف الأمريكي إلى ما دون 100 دولار للبرميل، بعد أن هبط إلى ما دون هذا المستوى يوم الجمعة الماضي.

ارتفع الذهب بنسبة 1.5 في المائة. وقال جوليان جيسوب من مؤسسة كابيتال إيكونومكس Capital Economics إن الهبوط المستمر في أسعار النفط والاستجابة الفاترة نسبياً من الذهب لأزمة وول ستريت تؤكد وجهة النظر القائلة إن الوضع الجيد المتسم بارتفاع الأسعار في سلعتي النفط والذهب قد ولى وانتهى.