ثاني أغنى رجل في العالم بدأ بالعلكة من بيت إلى بيت

[أسامه عبده]

صحيفة الاقتصادية الالكترونية
الجمعة, 22 صفر 1429 هـ الموافق 29/02/2008 م - العدد 5254



ثاني أغنى رجل في العالم بدأ بالعلكة من بيت إلى بيت


- فرانسيسكو جوريرا - 22/02/1429هـ
"الجدارة الائتمانية مثل الأكسجين لا تلاحظها عندما تكون حاضرة". كلمات قالها وارن بوفييه قبل عقد من الزمن، تبدو وكأنها من عالم آخر في هذا الوقت الذي تترك فيه أزمة السيولة الأسواق تلهث بحثاً عن متنفس. مع ذلك، فإن بوفييه الذي يعتبر فعلياً ثاني أغنى رجل في العالم وربما أفضل مستثمر معروف، لا يبدي إشارات على أنه يلهث. فبعد سنوات من العويل بسبب عدم وجود أهداف جذابة، يظهر مشحوناً بالطاقة من قبل أزمة الائتمان وتعثر أسواق الأسهم. وفي غضون أقل من شهرين، أنفقت بيركشاير هاثاواي، التابعة لبوفييه، أكثر من ستة مليارات دولار على شراء شركات أو أسهم متدنية القيمة.
وبدا توقه للعمل واضحاً مرة أخرى هذا الشهر، حين كشف أنه كان عاكفا على عملية شراء أسهم في كرافت، ثاني أكبر شركة لتصنيع الأغذية في العالم، وأصبح بذلك أكبر مستثمر فيها. وبعد يومين من ذلك، أجرى المستثمر البالغ من العمر 77 عاماً مكالمة هاتفية خلال برنامج تلفزيوني تبثه محطة سي إن بي سي، عارضاً أخذ ما قيمته 800 مليار دولار من سندات البلدية من سجلات ثلاث شركات تأمين متعثرة تواجه تخفيضاً في تقييمها. وكانت شركات التأمين قد "خلقت هذه الفوضى"، بابتعادها عن المنتجات العادية ودخولها الأسواق المحفوفة بالمخاطر العالية.
يقول موهنيش بابراي، وهو مدير أصول يمتلك أسهماً في بيركشاير ويتابع بوفييه عن كثب: "ما زالت البندقية الكبيرة موجودة هناك. إنها سوق بيركشاير. وعندما يكون لديك هذا النوع من البيع السريع في أسواق الأسهم، ورأسمال المال المتوافر لدى بيركشاير، فإن الأمور ستحدث".
وعلى الأرجح أن تبدو استثمارات بوفييه مثل تلك السابقة إلى حد كبير. ولعدة سنوات، نأى بنفسه عن سعي أسواق المال إلى التغيير والابتكار، وبقي متمسكاً إلى حد جنوني تقريباً بمبادئه الخاصة.
وبدأت غرائزه لصنع الأموال في وقت مبكر في بلدته أوماها، بامتلاكه علامتين تجاريتين أمريكيتين كلاسيكيتين: علكة ريجلي وكوكا كولا. وكان جده الذي أدار بقالة، يبيعه كميات صغيرة من الصنفين، وكان هو يعيد بيعها متجولاً من بيت إلى بيت. وفي سن 11 عاماً نفذ أول عملية تداول – ثلاثة أسهم في مرفق خدمات المدن. وفي سن 13 عاماً عبأ أول أنموذج له يتعلق بعائد ضريبة الدخل، زاعماً أنه اقتطع تكلفة دراجته الهوائية باعتبارها نفقات تتعلق بالعمل. وبناء على نصيحة والده على أية حال، التحق بالكلية ثم حصل على شهادة الماجستير في علم الاقتصاد من جامعة كولومبيا، حيث شكل فلسفته الاستثمارية اللاحقة كتلميذ لبنجامين غراهام، رائد "الاستثمار في القيمة".
ومنذ ذلك الحين، أعاد بوفييه تحديد نصيحة معلمه المتمثلة في البحث عن "شركات منتهية لم يتبق فيها إلا القليل" وجمع ثروة تقدر بنحو 52 مليار دولار. وبعد أن قام "بالاستثمار في القيمة" على نحو كلاسيكي في بداية حياته المهنية، ركز بعد ذلك على الشركات التي تتداول بأسعار مساومة، لكنها تعد بالقيمة على المدى البعيد. ويقول إن كلمة "للأبد" هي فترة الامتلاك المتوقعة للشركات التي تملكها بيركشاير - بعيداً عن أخلاقيات الأسهم الخاصة وصناديق التحوط. وقال في إحدى المرات: "لا نحب المشاركة فيما أطلق عليه الاستثمار في لعبة جين - رومي (لعبة ورق) التي تستمر فيها بالتخلص من استثماراتك الأقل جاذبية في اللحظة الراهنة لصالح شيء آخر".
ولأنه يكره على نحو عميق الدين والمشتقات – أطلق على الأخيرة اسم "أسلحة الدمار المالي الشامل" – انتقد ضغوط المستثمرين على الشركات من أجل الوصول إلى حلول سريعة من خلال الصفقات والهندسة المالية. وفي نوبة غير عادية من نوبات نزاهة الشركات، قام بوفييه وشريكه في العمل منذ فترة طويلة، تشارلي مونجير، بهز وول ستريت عام 1996 عندما قالا للمستثمرين في اكتتاب للأسهم: "لن يشتري بوفييه أو مونجير أسهماً لبيركشاير بهذا السعر حالياً، كما لا ينصحان أن تفعل عائلتاهما أو أصدقاؤهما ذلك".
ويعمل بوفييه وحيداً في مكتب بسيط في المنزل، ويتجنب الرسائل الإلكترونية، مستغرقاً في قراءة التقارير السنوية وملاحظات الأبحاث، ويشرب كولا الكرز (كانت الكوكا كولا إحدى أكثر استثماراته ربحية)، ويمضغ الحلوى أثناء بحثه عن شركات متدنية القيمة.
ينعكس مذهب الواقعية الثابت، غير المتردد هذا في حياته الخاصة. إنه شخصية عادات الاستحواذ تقريباً، المقتصدة، والتي تراوح بين نظام غذائي من شرائح الستيك والهامبرجر ومشروب الكولا، إلى قضاء ساعات على الإنترنت كل أسبوع وهو يلعب البريدج، إلى رفضه الانتقال من بيته العادي الذي عاش فيه لعدة عقود. إنه يحب جني الأموال أكثر من إنفاقها، رغم أنه يمتلك طائرة نفاثة خاصة – وهو تناقض نادر لكرهه المعروف للمبالغة في نفقات الشركة. وفي عام 2006، قال إنه سيتخلى تدريجياً عن ثروته لصالح الجمعية الخيرية التي أنشأها صديقه بيل غيتس، مؤسس ميكروسوفت.
ويقول روجر لوينشتاين، مؤلف كتاب: "بوفييه: صنع رأسمالي أمريكي" Buffett: The Making of an American Capitalist: "إنه ينتعش حقيقة في منطقته المريحة ولا يستمتع بالإكسسوارات المادية. الأمر الذي يزيده حماساً هو مشاهدة قيمة بيركشاير وهي تزداد".
إن الفقاعة الوردية التي كانت تحمي بوفييه تمزقت في أواخر السبعينيات. فبعد 25 عاماً، تركت زوجته الأولى سوزان المنزل (لم يحصل الاثنان على الطلاق قط) لتتابع مهنة الغناء في الساحل الغربي. وحتى عندها، ولعلمها بالمعاناة التي ستسببها مغادرتها، رتبت الأمور كي تحضر بعض الصديقات لزيارة بوفييه. وانتهى الأمر بأستريد مينكس، وهي نادلة سابقة، بالبقاء في المنزل. وبعد سنوات مضت في مثلث مثالي غريب مع سوزان، تزوجته عام 2006، بعد سنتين من وفاة سوزان. إن ولع بوفييه بحس البيت العادي منحه مركزاً أشبه ما يكون دينياً، ولقب "حكيم أوماها".
واجتذبت الاجتماعات السنوية لبيركشاير – يطلق عليها "اجتماعات وودستوك للرأسماليين" – أكثر من 25 ألفا من المساهمين المحبين، يتعلقون بكل كلمة يقولها. يقول هنري فو، وهو أستاذ في جامعة تكساس، قابل بوفييه لأول مرة قبل عقد من الزمن: "الأشخاص الذين يتمتعون بهذا الذكاء يميلون إلى امتلاك شخصية عامة وشخصية خاصة. لكنه شخص لطيف حقيقة (...) يحب الاستهزاء من نفسه وليست لديه أي خيلاء".
إن كل قصة حول بوفييه تؤكد صعوبة إيجاد خليفة له. إنه في العادة يصرف النظر عن المشكلة، قائلاً إن مرشحيه الثلاثة جاهزون لتولي المهمة عندما يتوفى، مضيفاً أنه بالمناسبة، يشعر "بحالة رائعة". وربما يشعر أفضل من ذلك عندما تجدي مراهناته في أزمة الائتمان ثمارها. من شأن ذلك أن يجعل مهمة أي خلف أكثر صعوبة.

رابط الخبر : صحيفة الاقتصادية الالكترونية - فاينانشال تايمز

جميع الحقوق محفوظة لـ صحيفة الاقتصادية الالكترونية

[بوغدير]

يا عيني عليك يا أبو عاصم

تشاركني ونسوي مثله

احترامي وتقديري

[أسامه عبده]

يا عيني عليك يا أبو عاصم

تشاركني ونسوي مثله

احترامي وتقديري

.
مسيرة الألف ميل تبدأ بديمو

[بوغدير]

.


مسيرة الألف ميل تبدأ بديمو

والله انك صدقت