بيل جيتس غني عن التعريف فهو من أغنى أغنياء العالم،
وتحقق شركاته سنوياًُ أرباحاً تبلغ مليارات الدولارات,
وقد نشرت إحدى المجلات أن وكالة الأنباء الروسية "نوفوستي" أشارت في معرض حديثها عن دخل الملياردير بيل جيتس بأنه يكسب 300 دولار في الثانية,
وأنه يحصل على 45 مليار دولار كل عام,
وهذا الرقم قد يزيد على الناتج المحلي الإجمالي لدولة مثل تشيلي ومصر, ويتجاوز ضعفه لجواتيمالا وأكثر من أربعة أضعاف الناتج المحلي لسيراليون.

تذكر الوكالة أن بيل جيتس أغنى رجل في العالم يتمنى لو كان فقيراً في هذه الأيام،
ويرى أن الثروة وحدها لا تكفي لجلب السعادة،
وقد تكون وبالاً على صاحبها, بل إن محطة راديو " سوا" الأمريكية,
وكما ذكر في إحدى المجلات أنها نسبت إلى بيل جيتس قوله "إنه يدعو على نفسه بالفقر، ويتمنى لو لم يكن أغنى البشر, بل يضيف بأنه لا يشعر أن ثروته الطائلة والتي تقدر بالمليارات من الدولارات تحقق له ما يريد، كما يذكر أنه يكره كونه من المشاهير, كما لا يحب إثارة انتباه الآخرين، ويعتبر نفسه في محنة بسبب ثروته وأنه يعيش وحيداً.

ومن الملاحظ أن هذا الرجل رصد حجماً كبيراً من ثروته في سبيل الأعمال الخيرية والاجتماعية والتي من أجلها قام بتأسيس مؤسسته الخاصة بهذه الجوانب وقد أوقف هو وزوجته هبة
تفوق 21 مليار دولار لدعم مبادرات خيرية في مجالي الصحة والتعليم على امتداد العالم.
والمتأمل في كلام جيتس للوكالة يتعجب في أن أغنى أغنياء العالم يدعو على نفسه بالفقر ويتمنى لو كان فقيراً، وعندما تقارن هذا الأمر اليوم مع كثير من الناس الذين يسعون نحو الثراء ويلهثون من أجل أن يزيد رصيدهم في البنك ويقومون بالمستحيل في سبيل زيادة ثرواتهم, بل قد يلجأون إلى النصب والاحتيال والسرقة من أجل المال والثراء يزيد تعجبك وتستغرب لماذا كل هذا العناء وهذا أغنى الأغنياء يؤكد لنا أن المال لا يحقق السعادة, وأن الثراء والشهرة لا يؤديان إلى الراحة والاستقرار, بل إنهما يؤديان في كثير من الأحيان إلى الشقاء والمرض.
قد تكون مثل هذه الحقيقة معروفة وقد يكون في رصيدنا الديني والتراثي ما يؤكد هذا المفهوم بشكل أفضل وأوضح، لكن كثيراً من الناس يؤمن ويتأثر أكثر بما يراه أمامه وبما يشاهده بعينه في واقعه المعاصر, فهو قد يقرأ كثيراً من القصص التاريخية ولا يتأثر مثلما يتأثر عندما يشاهد أغنى الأغنياء اليوم يدعو على نفسه بالفقر.

إن مجتمعنا مازال في حاجة ماسة إلى أن يعيد النظر في تقييمه للمال ودوره في الحياة،
كما أن أصحاب الأموال يجب عليهم أن يعيدوا النظر في قيمة المال بالنسبة لهم, فكم من صاحب مال يملك الأراضي والعقارات ولا يرتاح في مكان يجلس فيه، وكم من صاحب مال يملك المستشفيات والأدوية ولا يملك الصحة, وكم من صاحب مال يملك شركات الأغذية والمشروبات ولا يستطيع تناول شيء منها لمرضه.
هناك أناس يملكون المال ويفتخرون به أمام الناس ويتباهون به من خلال المسكن والملبس والمواصلات, ولكنهم يعيشون فيما بينهم وبين أنفسهم صراعاً نفسياً كبيراً لا يستطيعون من خلاله أن يهنأوا بنوم أو أكل أو شرب أو راحة بال أو دقائق متميزة مع أفراد العائلة، ذلك أن المال قد سيطر عليهم وتمكن منهم وتحكم في مجريات حياتهم, فهو همهم الأول والأخير فلا يفكرون في فقير أو مسكين أو يتيم ولا يوجد في مالهم نصيب لعمل اجتماعي أو خيري فكيف سيجدون طعم الراحة.
إن الإنسان مفطور على حب المال وعلى الانشغال بتجميعه والحرص عليه, ولكن المتعة كل المتعة في أن يتمكن الإنسان من السيطرة على المال, وأن يجعله في يده لا في قلبه, وأن يستمتع بمشاهدة نفعه يعم أكبر فئة في المجتمع, فهذا النفع هو الذي سيبقى أثره, أما المال فمهما كثر وزاد فلا قيمة فيه إن لم يجد الإنسان له أثراً في حياته وبعد مماته.



المرجع:

http://www.aleqt.com/article.php?do=show&id=8514