أفادت إحصائيات صادرة عن وزارة العمل الأمريكية أن التضخم سجل أعلى معدل له في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وهو أعلى ارتفاع خلال سنتين نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة في العالم.
وفي هذا السياق، ارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية بنسبة 0.8% خلال شهر نوفمبر مقارنة بشهر أكتوبر/تشرين الأول، وجاء هذا الارتفاع أعلى من توقعات السوق.

ويأتي الكشف عن هذه الإحصائيات في ظل لجوء البنكين المركزيين الأمريكي والبريطاني إلى تخفيض أسعار الفائدة بهدف دعم النمو الاقتصادي الضغيف.
واقترن التضخم الذي فاق التوقعات بتسجيل الدولار الأمريكي أعلى ارتفاع له مقابل اليورو وذلك خلال أكثر من ثلاث سنوات.
ويأتي ذلك في ظل توقع تجار الأسهم تأخير البنك المركزي الأمريكي إجراء تخفيضات إضافية على أسعار الفائدة.
ويُذكر أن تعاملات بورصة نيويورك مساء الجمعة شهدت انخفاض اليورو من 1.5% إلى 1.4412% مقابل الدولار الأمريكي.
ويُشار إلى أن هذا أعلى معدل صرف يحققه الدولار الأمريكي مقابل عملة الاتحاد الأوربي منذ شهر أكتوبر الماضي.
وقال جون فوريلي من شركة "إنفستمنت إندبندنس" في بوستن إن " هناك خوفا من أن يصبح التضخم أكبر مشكلة تواجهنا. سيكون من الأسهل بكثير تنفيذ الخطط المعتمدة لو أن التضخم لم يتحول إلى مصدر قلق يشغلنا".
وانخفضت قيمة الأسهم الأمريكية على خلفية أن البنك المركزي الأمريكي قد يواصل تخفيض أسعار الفائدة.
وقد ساعد هذا التوقع على تعزيز مركز الدولار الأمريكي في ظل تطلع المستثمرين إلى التعامل بالأصول في العملات التي تدر عوائد أعلى.

مــــأزق
وأظهر تقرير نشر في وقت مبكر من يوم الجمعة أن التضخم في منطقة اليورو والذي يشمل الدول الثلاث عشرة التي تستخدم اليورو قد ارتفع بدوره.
وأفادت إحصائيات صادرة عن مكتب "يوروستات" للإحصائيات الأوربية أن أسعار المواد الاستهلاكية ارتفعت بنسبة 3.1% في شهر نوفمبر الماضي مقارنة بالشهر ذاته عام 2006. وهذا أعلى ارتفاع في غضون أكثر من ست سنوات، ويفوق النسبة المسجلة في شهر أكتوبر وهي 2.6%.

وتسعى البنوك المركزية جاهدة لإبقاء التضخم تحت السيطرة في ظل الانخفاض المفاجئ لسعر الدولار وارتفاع أسعار المحروقات وهما مسؤولان عن ارتفاع الأسعار.
وفي الوقت ذاته، تسعى البنوك إلى الحد من تأثير تبعات أزمة سوق العقارات الأمريكي.
وهناك مخاوف من أن ارتفاع أسعار الطاقة والمشكلات التي تشهدها الأسواق المالية سيؤدي إلى كبح جماح الإنفاق على السلع الاستهلاكية وبالتالي إعاقة النمو الاقتصادي.
وقال محللون اقتصاديون إن البنوك المركزية بما فيها البنك المركزي الأمريكي ستضطر إلى أخذ مجموعة من العوامل في حسبانها عند تحديد تكاليف الإقتراض خلال الشهور المقبلة.
وقال كيم روبرت من مؤسسة "أكشن إكونوميكس" إن " البيانات المتوافرة تسلط الضوء على المأزق الكبير الذي يوجد فيه البنك المركزي الأمريكي، والمتمثل في اعتماد خيار السيطرة على الاختلالات المالية في السوق أو تبني خيار تخفيف السياسة المتبعة، على ضوء بدء أسعار التضخم بالارتفاع. وسيكون الخيار المعتمد محفوفا بالمصاعب في نهاية المطاف".