النتائج 1 إلى 1 من 1
  1. #1
    الصورة الرمزية ابو لاما
    ابو لاما غير متواجد حالياً موقوف
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الإقامة
    السودان
    المشاركات
    20,471

    افتراضي اقتصاد بلا انياب

    تبحر البنوك المركزية هذا العام وسط حسابات صعبة ودقيقة، فلأول مرة تكتشف هشاشة الاقتصاد حين يكون بلا أنياب تحميه، مستشعرة معركتها المقدسة في تدمير التضخم، بالرغم من أن سياستها النقدية الكلاسيكية المتمثلة في رفع أسعار الفائدة قد تتسبب في ركود وشيك، وسواء رغبت البنوك في التعاطي مع النقاشات السياسية العقيمة أم لا، فإنه يتم جرها إلى طاولة نقاش عبثي يمهد لإهدار استقلاليتها، وقدرتها على إخماد حريق الأسعار.

    هناك عدة أسباب لضرورة إبقاء التضخم تحت سيطرة البنوك المركزية، أولاً، حتى لا تزيد الأجور لمواكبة ارتفاع الأسعار، الأمر الذي يرهق الشركات، ويؤثر على التوظيف ونمو الأرباح، وثانياً، حتى لا تزيد ديون الأسر العاجزة عن تحمل أعباء تكاليف المعيشة، وبالنسبة للعديد من المتقاعدين، فإن المعاشات لا تتكيف بشكل كامل مع التضخم، وإذا كان ارتفاع أسعار الفائدة يؤدي عادةً إلى انخفاض النمو، وهبوط تقييمات سوق الأوراق المالية، مما يعني تضرر مستثمري الأسهم، فإن على البنوك المركزية الموازنة بين تكاليف الغذاء والطاقة للأسر محدودة الدخل، وانخفاض ثروة الأسر ذات الدخل المرتفع.

    مادة إعلانية

    هناك معضلتان سياسيتان تهددان خطط البنوك المركزية في قمع التضخم خلال عام 2023، الأولى زيادة الإنفاق الحكومي، وهذا ما نلمسه على سبيل المثال في الولايات المتحدة عبر قانون البنية التحتية البالغ قيمته 1.2 تريليون دولار، ومشروع قانون الميزانية الفيدرالية البالغ 1.7 تريليون دولار، فهذا النوع من السياسة المالية التوسعية تهدد بتقويض محاولات الفيدرالي في ترويض التضخم، لأن سياسة كبح الطلب تناقض زيادة الإنفاق الحكومي، وقد يجبر هذا الأمر الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى على رفع أسعار الفائدة بوتيرة أعلى.


    أما المعضلة السياسية الأخرى، فهي مسألة وجودية للبنوك المركزية، لأن الأمر يتعلق باستقلاليتها، والحقيقة أن محافظي البنوك المركزية، وخاصة في أوروبا، يدركون حجم المخاوف بشأن الركود القادم، فيما يسود الغموض مستقبل العلاقة بين البنك المركزي الأوروبي والحكومات اليمينية المنتخبة في دول منطقة اليورو، وتحت هذه الضغوط المتنافسة، تتحرك أوروبا بشكل أبطأ من نظرائها للتخلص من سياستها الخاصة بأسعار الفائدة المنخفضة، وحتى الفائدة السلبية.

    في ذات السياق، فإن رفض الاحتياطي الفيدرالي الضغوط السياسية بشأن تخفيف التركيز على التضخم، يهدد بمواجهة محتملة مع اليمين واليسار الأميركي، وقد يقود هذا الأمر إلى تغيير بعض السياسة النقدية لأكبر بنك مركزي في العالم، وربما تجهض هذه المخاطر السياسية الآمال في سرعة القضاء على التضخم، والحقيقة، أن تحديد أسعار الفائدة لم تعد الآن مجرد مسألة فنية، بل أصبحت مسألة سياسية إلى حد بعيد، فالبنوك المركزية قد تدخل منطقة مجهولة إذا ضلت الطريق واختنق النمو، وإذا كانت توقعاتها مفرطة في التفاؤل، فستكون فداحة التكاليف السياسية والاقتصادية المرهقة حقيقة واقعة في 2023.

    *نقلاً عن صحيفة "الرياض"
    آخر تعديل بواسطة alskndry ، 06-01-2023 الساعة 04:20 PM


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17