هنيئا له علم قدر الوالدان ..
فمن هما الوالدان ؟؟
الوالدان، وما أدراك ما الوالدان..
الوالدان، اللذان هما سبب وجود الإنسان، ولهما عليه غاية الإحسان.. ا
لوالد بالإنفاق.. والوالدة بالولادة والإشفاق..
فـللّه سبحانه نعمة الخلق والإيجاد، ومن بعد ذلك للوالدين نعمة التربية والإيلاد.
يقول حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:
ثلاث آيات مقرونات بثلاث، ولا تقبل واحدة بغير قرينتها..
1- وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [التغابن:12]، فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل منه.
2- وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ [البقرة:43]، فمن صلى ولم يزكِّ لم يقبل منه.
3- أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ [لقمان:14]، فمن شكر لله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه.

فالأم التي حملت وليدها في أحشائها تسعة أشهر، مشقة من بعد مشقة 00
لا يزيدها نموه إلا ثقلاً وضعفاً، ووضعته كرهاً وقد أشرفت على الموت،
فإذا بها تعلّق آمالها على هذا الطفل الوليد، رأت فيه بهجة الحياة وزينتها،
وزادها بالدنيا حرصاً وتعلقاً، ثم شغلت بخدمته ليلها ونهارها، تغذيه بصحتها،
وتريحه بتعبها، طعامه درّها، وبيته حجرها، ومركبه يداها وصدرها،
تحوطه وترعاه، تجوع ليشبع، وتسهر لينام، فهي به رحيمة، وعليه شفيقة، إذا غابت دعاها،
وإذا أعرضت عنه ناجاها، وإن أصابه مكروه استغاث بها، يحسب أن كل الخير عندها،
وأن الشر لا يصل إليه إذا ضمّته إلى صدرها أو لحظَتْه بعينها.

أفبعد هذا يكون جزاؤها العقوق والإعراض؟!

أما الأب... فالابن له مَجْبَنَةٌ مَبْخَلَة.. يَكَدُّ ويسعى،
ويدفع صنوف الأذى بحثاً عن لقمة العيش لينفق عليه ويربيه،
إذا دخل عليه هش، وإذا اقبل إليه بش، وإذا حضر تعلق به،
وإذا أقبل عليه احتضن حجره وصدره، يخوف كل الناس بأبيه،
ويعدهم بفعل أبيه، أفبعد هذا يكون جزاء الأب التنكر والصدود؟

إن الإحباط كل الإحباط أن يُفاجأ الوالدان بالتنكر للجميل،
وقد كانا يتطلعان للإحسان، ويؤملان الصلة بالمعروف، فإذا بهذا الولد - ذكراً أو أنثى -
يتخاذل ويتناسى ضعفه وطفولته، ويعجب بشأنه وفتوته، ويغره تعليمه وثقافته،
ويترفع بجاهه ومرتبته، يؤذيهما بالتأفف والتبرم، ويجاهرهما بالسوء وفحش القول،
يقهرهما وينهرهما، يريدان حياته ويريد موتهما، كأني بهما وقد تمنيا أن لو كانا عقيمين،
تئن لحالهما الفضيلة، وتبكي من أجلهما المروءة.

فليحذر كل عاقل من التقصير في حق والديه، فإن عاقبة ذلك وخيمة،
ولينشط في برهما فإنهما عن قريب راحلين وحينئذ يعض أصابع الندم،
ولات ساعة مندم. أجل، إن بر الوالدين من شيم النفوس الكريمة والخلال الجميلة،
ولو لم تأمر به الشريعة لكان مدحة بين الناس لجليل قدره، كيف وهو علاوة على ذلك تُكفَّـر به السيئات،
وتجاب الدعوات عند رب البريات، وبه تنشرح الصدور وتطيب الحياة ويبقى الذكر الحسن بعد الممات.

اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وارحمهم كما ربونا صغاراً،
واجزهم عنا خير ما جزيت به عبادك الصالحين،


هل أنت مثل هذا ؟؟