تحتفل معظم مدن وبلدان العالم، اليوم، بأعياد رأس السنة الميلادية الجديدة، والتي وإن اختلفت في أزمنتها فإنها لم تختلف كثيرًا في الرسائل الموجهة من خلالها ومفادها التأكيد على الصمود وخاصة لدى المدن التي عانت أحداثًا إرهابية مؤسفة في الآونة الأخيرة، ولازال يسيطر عليها المخاوف من هجمات إرهابية محتملة، ما اضطر بعضها إلى إلغاء الاحتفالات برمتها، وعلى رأسهم بروكسل .


ففي آسيا والشرق الاوسط وإفريقيا وأخيرًا في الاميركيتين قررت حشود كبيرة النزول إلى الشوارع لوداع عام واستقبال آخر في منتصف الليل بالعاب نارية وحفلات موسيقية وعروض ضوئية، ولكن احتفالات الانتقال إلى 2016 رافقتها إجراءات امنية مشددة، وهو ما تجلي في آسيا بمدينة جاكرتا حيث ظل مستوى الإنذار الأمني مرتفعًا جدًا بعدما أحبطت السلطات مشروع اعتداء انتحاري ليلة رأس السنة.

وكانت هذه الاجراءات أوضح في أوروبا التي ما زالت تعاني صدمة اعتداءات 13 نوفمبر في باريس ، وحرمت العاصمة الفرنسية من الألعاب النارية من «باب اللياقة، على حد قول مصدر قريب من رئيسة بلدية المدينة آب إيدالجو، وأبقت على الاحتفالات في جادة الشانزيلزيه، تعبيرًا عن رسالة مفادها أن «باريس صامدة» على حد تعبير رئيسة بلدية المدينة، ولكنها أقامت تلك الاحتفالات ببعض التقشف ووسط إجراءات امنية مشددة، إذ أحالت لـ 1600 شرطي ودركي مهمة تأمين محيط الشانزليزيه، وانتشر حوالى أحد عشر ألف رجل من شرطيين وعسكريين ورجال إطفاء في العاصمة الفرنسية ومحيطها، حسب قيادة الشرطة.

وتحت وطأة مخاوف أكبر، قررت بروكسل إلغاء الاحتفالات، وقال رئيس بلدية المدينة ايفان مايور عند إعلانه إلغاء الألعاب النارية المقررة في وسط المدينة بعد اعتقالات جديدة في بلجيكا: «من الافضل ألا نجازف»، فيما وضعت دول عدة مثل تركيا، قوات الشرطة في حالة تأهب قصوى، خاصة بعد أن أحبطت السلطات هجومًا انتحاريًا، فيما أغلقت موسكو، للمرة الأولى الساحة الحمراء مكان التجمع الرمزي لاحتفالات رأس السنة، بسبب مخاوف من هجمات، وحددت شرطة مدريد عدد المسموح لهم بالتوجه إلى ساحة بويرتا ديل سول (باب الشمس بالاسبانية) بـ 25 ألفًا فقط، بينما كان حضور الالعاب النارية على ضفاف نهر التيمز مدفوعًا.

وفي قطاع غزة منعت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) الاحتفالات برأس السنة في الأماكن العامة، مشيرة إلى مخالفتها «القيم والتقاليد الدينية».، حالها مثل حال بروناي، التي شهدت ليلة «باهتة جدًا» لرأس السنة وخاصة في جزيرة بورنيو التي منعت احتفالات عيد الميلاد في إطار مفهومها للشريعة الاسلامية، واستخدمت فريتاون عاصمة سيراليون الاحتفالات كوسيلة لاستعادة مكانتها كواحدة من أفضل المدن في المنطقة للاحتفال، إذ كانت المدينة قبل 12 شهرًا مقفرة تماما بسبب انتشار فيروس «إيبولا»، وأخيرًا استعدت نيويورك للاحتفال باعتزام مليون شخص النزول إلى ساحة تايمز سكوير، برغم الإجراءات الأمنية المشددة التي أعلنتها المدينة.
وفي المقابل أعدت سيدني للاحتفالات بإطلاقأكبر ألعاب نارية في خليج سيدني، شكلتها فوق أوبرا وجسر هاربر بريدج في سيدني، حيث اعتا المدينة أن تطلق في الأول من يناير من كل عام أول عرض كبير في احتفالات نهاية العام بالمدينة، وخططت المدينة لعام 2016 عرض كبير يستمر 12 دقيقة، وخصصت له سبعة ملايين دولار أسترالي (4،6 ملايين يورو)، وقال رئيس بلدية سيدني كلوفر مور أن الأمور «تتحسن كل سنة»، واعدًا بإطلاق 2400 سهم ناري إضافي فوق جسر سيدني و«تأثيرات متنوعة جديدة»، وستستخدم سبعة أطنان من الألعاب النارية.

أما مدن هونج كونج وبكين وسنغافورة وغيرها من المدن الكبرى في آسيا فقد تأهبت للاحتفالات بتنظيم ألعاب بمستوى مماثل لذلك الذي خططت له سيدني، وفي منطقة الخليج العربي، أكدت فنادق إماراتية وقطرية وعمانيةأنها تسجل نسب إشغال مرتفعة تتراوح بين 80 إلى 100%، خلال رأس السنة، وأعلنت شركة «طيران الامارات» أنها تنقل ما يقرب من 200 ألف مسافر إلى دبي خلال احتفالات العام الجديد، فيما قال فريدي فريد، المدير الإقليمي لمجموعة فنادق «جلوريا» بالخليج، إن نسب الاشغال الفندقي في دبي تصل إلى 100% خلال الأسبوع الجاري.