تتعلق النفس بأشياء وقد لا يكون الخير فيها

يحدث في أحيان كثيرة أن تتعلق النفس بأشياء وقد لا يكون الخير فيها،
فيصرفها الله برحمته وحسن تدبيره للعبد،
وبعض الناس لقصر نظرهم لا يشعرون أن النعمة في المنع أحيانا
تكون أعظم مما تكون في العطاء، وقد قال سبحانه:
وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً
وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ
. {البقرة: 216}.

قال الشيخ ابن سعدي في تفسير الآية: الغالب على العبد المؤمن،
أنه إذا أحب أمرا من الأمور، فقيض الله له من الأسباب ما يصرفه عنه أنه خير له،
فالأوفق له في ذلك، أن يشكر الله،
ويجعل الخير في الواقع، لأنه يعلم أن الله تعالى أرحم بالعبد من نفسه،
وأقدر على مصلحة عبده منه، وأعلم بمصلحته منه كما قال تعالى:
وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ.
فاللائق بكم أن تتمشوا مع أقداره، سواء سرتكم أو ساءتكم.


ثم المؤمن كذلك يعلم أنه مهما أخذ بالأسباب وبالغ في الجهد فهناك قدر مكتوب،
كما قال تعالى:
مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ
مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ
. {الحديد:22}.

و نحن نأخذ بالأسباب مع التوكل على الله؛ لأن ذلك هو واجبنا،
فأما ما جرت به المقادير مما هو مكتوب لنا فهذا غيب لا نعلمه إلا بعد وقوعه،
وعندها يجب الصبر على القضاء
وأما وجود العوائق فلا يعني بالضرورة أن هذا علامة من الله بعدم إتمام الأمر،
بل عليك بالتوكل على الله والسعي وتسليم الأمر إلى الله،
فإذا لم يحدث هذا الأمر لك فحينها تعلم أنه ليس مقدرا لك حصوله.

ومع الصبر ينبغي ألا نستحضر المشاكل التي حدثت لنا جملة واحدة، ونفكر فيها إلا إذا كنا نفكر فيها للاعتبار
ومعرفة وجه تقصيرنا حتى نتعلم ونتدارك ذلك في المستقبل، وأما استحضارها للتأسف والقيل والقال
وقول لو على وجه الحسرة، فهذا لا يصلح شيئا مما حدث، بل يفعل كما أخبر صلى الله عليه وسلم


بقوله:
فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ.
ولا تغفل أهم الأسباب وهو التوكل على الله، مع الدعاء، والجد والاجتهاد



ونسأل الله لنا ولك التوفيق إلى كل خير.

والله أعلم