يُولد عدد من الأشخاص بطفرة جينية نادرة تجعلهم غير قادرين على الشعور بالألم الجسدى، حاول العلماء مراراً معرفة سر تلك القدرة الغربية، تمهيدًا لترويضها واستغلالها كعامل مساعد فى علاج بعض الأمراض التى تتسبب فى آلام مُبرحة، أو حتى لاستخدامها عسكريًا بغرض رفع القدرات الجسدية للجنود أثناء المعارك، إلا أن المحاولات السابقة باءت بالفشل، ولكن الآن، وبفضل باحثين من كلية لندن البريطانية، تمكن العلماء من اكتشاف سر تلك القدرة عن طريق استخدام فئران مُعدلة وراثيًا زُرع فى جيناتها نفس الطفرة التى تحدث لدى البشر المُصابين بداء انعدام الألم، ليجدوا أن السبب يتعلق بالقنوات التى تُمرر الرسائل العصبية على طول أغشية الخلايا، تلك القنوات التى تُسمى «قنوات الصوديوم» تنقل الإشارات الكهربائية للجهاز العصبى، مُسببة الشعور بالألم.


يُعرَف العلماء الألم على أنه شعور يتسبب فى إزعاج الجهاز العصبى المركزى، ويرى معظم العلماء أن الآلام مهمة لتشخيص المشاكل المرضية وتفادى الحوادث العرضية، فدون ألم ربما لا يعرف الشخص مواطن الداء، وهو ما قد يُشكل تهديدًا جديًا على الحياة والسلامة، ويقول الدكتور «جون وود»، كبير مُعدى الدراسة، المنشورة فى مجلة «نيتشر»، إن الاكتشاف الجديد ربما يُمهد الطريق لاستخدام طُرق جديدة لعلاج الألم المُزمن، وتطوير عقاقير فعالة، لا تعتمد على الأفيونات التى تُسبب الإدمان، والتى تُشكل خطرًا داهما على الصحة العامة ربما يفوق الشعور بالألم ذاته.

الجدير بالذكر أن التجارب على القنوات العصبية الناقلة للألم سيبدأ إجراؤها على الإنسان بحلول عام 2017، بعدها يمكن البدء فى تصنيع أدوية قادرة على محو الألم المزمن فى جميع أنحاء العالم.