تختلف الآراء حول مسببات السعادة: فبينما يرى البعض أن المال هو مفتاح السعادة، يعتقد آخرون أن السلطة توصلهم إليها. خبراء علم النفس يحللون الأمر ويقدمونه ببساطة، مشيرين إلى مخاطر إدمان البحث عن السعادة.


كيف يمكننا أن نشعر بالسعادة؟ سؤال ربما يبحث الكثيرون عن إجابة له، على الرغم من أن هناك الكثير من الأبحاث العلمية التي أكدت وجود ارتباط وثيق بين السعادة والحالة الصحية. لكن السؤال عن "ماهية السعادة" لايزال يشغل الكثير من الباحثين.


ربما يعتقد البعض أن امتلاك ثروات مالية هو "مفتاح السعادة". لكن الألماني مانفريد لوتس، وهو باحث في علم النفس، يرى أن المال لا يكفل لنا الشعور بالسعادة. وفي حديثه مع موقع بيلد الألماني أكد الباحث لوتس أن السعادة ليست مجرد مشاعر يمكن الحصول عليها عبر مؤثرات ملموسة. وعرف لوتز السعادة الحقيقة باليقين من عدم السقوط في العدمية حتى في أشد الأزمات التي يمر بها المرء وعندها " يمكننا أن نشعر بالسعادة".


وفي السياق ذاته قام باحثون أمريكيون من جامعة "مايو كلينيك" الأمريكية بدارسة حول سبل الوصول إلى السعادة. وتوصل الباحثون إلى استنتاج مهم مفاده أن السعادة يمكن لكل شخص أن يزرعها داخل نفسه. فهناك ظروف معيشة بسيطة تجعلنا سعداء أكثر من الطرق التي نفكر بها والقرارات التي نتخذها. وأن الأشخاص الذين ينشأون في أسر ثرية وحياتهم خالية من الجهد والإرهاق، لا يعني أنهم يشعرون بالسعادة بشكل تلقائي. حسبما ورد في موقع "غيزوندهايت تيب" الألماني.


خطوات بسيطة ولكنها كفيلة بإسعادنا
ووفقا للباحثين الأمريكين فإن الشعور بالسعادة ليس صعب المنال، بل يمكن الوصول إليه بخطوات بسيطة أهمها:


1. مخالطة السعداء: ينعكس الشعور بالسعادة بشكل إيجابي على الوسط المحيط، ما يعني أن مخالطة السعداء تجعلنا نشعر بالسعادة، ونجعل المحيطين بنا يشعرونا بها أيضا.
2. العائلة والأصدقاء: للعلاقات الاجتماعية دور مهم في سعادتنا، فالتواصل الاجتماعي مهم في الحياة ويقي من الشعور بالوحدة، فضلا عن أن الخبراء النفسيين يرون أن دور العائلة والأصدقاء مهم جدا في أوقات المحن.
3. الابتعاد عن التذمر: يرى الكثيرون أن كل ما يمتلكونه في حياتهم هو أمر عادي، بل حتى إنه مفروغ منه. وعند التعرض لحادث مأساوي، عندها فقط يتذكرون بالأشياء الجميلة في حياتهم. وهنا ينصح الخبراء النفسيون بضرورة التمعن بالأشياء التي يملكونها وتجعلهم سعداء. أي يجب النظر إلى النصف الملآن من الكأس.
4. امتلاك هدف محدد في الحياة: وفقا للباحثين الأمريكين فإن الأشخاص الذين يملكون أهدافا أو مهاما معينة في حياتهم هم أكثر سعادة من أولئك الذين يعيشون بدون هدف. فالقيام بأي مهمة يجعل الحياة لها معنى ويزيد الثقة بالنفس، وهو ما يراه الباحث الألماني لوتس أيضا.
وفي حواره مع موقع "بيلد" أكد الباحث الألماني أن العديد من الألمان أصبحوا يشعرون بسعادة بالغة منذ وصول اللاجئين إلى ألمانيا، ويبرر لوتس ذلك بقوله: "لا أريد التقليل من مشكلة اللاجئين ولكن هنا في قريتي التي أعيش فيها أصبحنا نرى السعادة في وجوه الكثير من الألمان، الذين يتطوعون لمساعدة اللاجئين. فمن خلال هذه المهام أصبح لديهم هدف في حياتهم". ما يعني أن الشعور بالسعاة يكون مضمونا عند الابتعاد عن التعلق بالمال والسلطة على حدّ قول لوتس.


وينصح لوتس بعدم الانشغال كثيرا بالبحث عن سبل السعادة، مشيرا إلى أن البحث عن السعادة له تأثير سلبي على حياتنا، ولا يختلف كثيرا عن إدمان المخدرات. ويبرر رأيه بالقول "أي إدمان يكون دافعه الأساسي هو البحث عن السعادة. وعندما نحاول بكل الوسائل المتاحة الوصول إلى السعادة فقد يؤدي ذلك إلى تدمير حياتنا".