كيف يمكن للصيام أن يؤثر إيجابيا على العيون؟ لاسيما أهم أمراض العيون مثل؛ الغلوكوما "الماء الأزرق"، واعتلال الشبكية الناتج عن مرض السكري؟
يحدث مرض الغلوكوما "الماء الأزرق" في العقد السادس من العمر ويصيب الرجال والنساء بالنسبة نفسها تقريبا. ويتميز بالعلامات المرضية الآتية: ارتفاع في ضغط العين، انكماش في المجال البصري، ما يؤدي في النهاية إلى حدوث ضمور بالعصب البصري الأمر الذي ينتج عنه كف البصر (العمى).
والحقيقة الثابتة، أنه وجد أن هذا المرض يتحسن تحسنا ملحوظا أثناء الصوم، ويمكن تفسير ذلك، بأنه أثناء الصيام يزيد تركيز الدم أي تقل نسبة الماء الموجودة فيه، ومن ثم يحدث انخفاض في معدل إفرازات الغدد المختلفة بالجسم، ولهذا يجد أن زوائد الجسم الهدبي بالعين المسؤولة عن إفراز السائل المائي تتأثر، ما يؤدي إلى انخفاض معدل إفراز السائل المائي المسؤول عن تنظيم حفظ العين فسيولوجيا.
ويمكن إعطاء فكرة مختصرة عن دورة السائل المائي، الذي يفرز عن طريق زوائد الجسم الهدبي ويصب في الخزانة (الغرفة) الخلفية للعين ثم يمر خلال حدقة (بؤبؤ) العين إلى الغرفة (الخزانة) الأمامية، ثم إلى زاوية الخزانة الأمامية، ثم يسلك طريقه خلال الدروب الغربالية وقناة شليم إلى أن يصل إلى الأوعية الدموية الموجودة على سطح الصلبة. وكي يحافظ المرء على بقاء ضغط العين الداخلي في المعدل الطبيعي الذي يتراوح بين 12 - 22 مليمترا زئبقيا، فمن الضروري أن يحدث توازن بين معدل إفراز السائل المائي بواسطة زاوية الجسم الهدبي ومعدل تصريفه من جهة أخرى عبر المسالك المخصصة لذلك.
ومما سبق فإن الصوم يؤدي إلى انخفاض في معدل إفراز السائل المائي وهذا بدوره يؤدي إلى انخفاض ضغط العين الداخلي، وهو المفعول نفسه الذي يحدث نتيجة استعمال العقاقير المخفضة لضغط العين التي تعمل على تثبيط نشاط زوائد الجسم الهدبي مثل؛ عقار الدايموكس Diamox الذي يمكن إعطاؤه عن طريق الفم أو عن طريق الحقن.
أما النوع الآخر فهو الغلوكوما الحادة الاحتقانية وهذا النوع من الغلوكوما يحدث في العقد الخامس من العمر ويصيب النساء أكثر من الرجال بنسبة 3 : 1 كما أن الشخص العاطفي حاد الطبع عصبي المزاج يكون أكثر تعرضا للمرض من الشخص العاطفي الذي لا يتفاعل تفاعلا خطأ مع المشاكل التي تواجهه، بالإضافة إلى أن هذا النوع يحدث بنسبة كبيرة لدى الأشخاص الذين يعانون من طول النظر؛ حيث تتميز عيونهم بصغر حجمها والخزانة الأمامية تكون ضحلة غير أن زاويتها تكون ضيقة.
فالدور الذي يؤديه الصوم في مثل هذه الحالات يعد أساسا دورا وقائيا، إذ إن له تأثيرا ملحوظا في تحسين حالات ارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين والسكري، ما ينتج عنه كسر سلسلة التغيرات المرضية ومنع تفاقمها في هذه الحالات الأمر الذي يؤدي إلى تقليل حدوث المضاعفات إلى حد كبير، ومن أهم هذه المضاعفات حدوث اعتلال الشبكية الذي يؤدي إلى تدهور حدة الإبصار إلى حد العمى.
أما في حالات اعتلال الشبكية الموجود بالفعل فإن الصيام يساعد على استقرار الحالة وعدم تفاقم حدتها ويعد هذا بحد ذاته عاملا مهما، والجدير بالذكر أنه لا يوجد أي مرض من أمراض العين يزيد حدوثه أو يتأخر شفاؤه أو تتفاقم حدته بسبب الصيام؛ لأنه طالما يستعمل المريض العلاجات الموضعية للعين الخاصة بهذه الحالات بصفة منتظمة ليلا ونهارا، حيث إن العلاجات الموضعية للعين لا تفطر ومن ثم فالحالة المرضية للعين لا تتأثر بسبب الصيام.


كما أن الحالة الفسية المطمئنة والصفاء الروحي والنفحات الإيمانية التي يعيش فيها الصائم، كل ذلك يؤدي إلى استقرار حالته النفسية والعصبية؛ حيث يكون الصائم أقل عرضة من غيره للإصابة بالاضطرابات العصبية والنفسية التي تؤدي إلى حدوث الغلوكوما الحادة الاحتقانية، وأمراض اعتلال الشبكية الناتج عن مرض السكري ووسط هذا المنطلق يمكن القول إن دور الصيام في مثل هذه الحالات يعد وقائيا في المقام الأول.