قال الله تبارك وتعالى: ( يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ)

الله تبارك وتعالى جعل الذنوب قسمين كبائر وصغائر
وأخبرنا أنّه يغفر الصغائر التي هي اللمم لمن اجتنب الكبائر،
والكبائر مراتب بعضها أشدّ من بعض فمنها ما يتعلق بحقوق بني آدم ومنها ما لا يتعلق.

فالتي تتعلق بحقوق بني آدم يغفرها الله لمن يشاء لكنه يعطي صاحب الحقّ في الآخرة من حسنات الذي له عليه حقّ أو من خزائنه تبارك وتعالى، والتي لا تتعلق بحقوق بني آدم فإنّ الله تعالى يغفرها لمن يشاء بغير قصاص.
========

ثم الكبائر عددها ما بين الثلاثين والسبعين

ليس كما قال بعض العلماء أربعمائة وزيادة ثم أشد الكبائر بعد الكفر

قتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق
ثم الزنا
ثم أكل الربا
ثم شرب الخمر
ثم بعد ذلك أشياء كثيرة كأكل مال اليتيم
وعقوق الوالدين أي إيذائهما أذى شديدا
والدياثة أي عمل الديوث وهو الذي يعلم الفجور أي الزنا في أهله
ثم لا يغير ذلك مع المقدرة
و السحر الذي ليس فيه كفر.
========

وأما الصغائر فقد قال عبد الله بن عباس ابن عمّ رسول الله: ما رأيت أشبه باللمم ممّا حدّث أبو هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنّ الله كتب على ابن آدم حظّه من الزنا وهو مدرك ذلك لا محالة،
فالعينان زناهما النظر،
والأذنان زناهما الاستماع،
واللسان زناه الكلام
واليد زناها البطش
والرجل زناها الخطا
والقلب يتمنى ويشتهي
والفرج يصدق ذلك ويكذب" رواه البخاري وابن ماجه.

ثم الفرق بين الكبائر والصغائر أنّ الكبائر عذابها أشد
أما الصغائر فإن عذابها لا يوجب دخول جهنم بل عذابها

بما دون ذلك فإن في الآخرة أنواعا من العذاب غير نار جهنم
كالتألم من حرّ شمس يوم القيامة فإنّها تدنو من رءوس العباد قدر ميل فيلقى أهل الذنوب من حرّها أذى، وأما الأتقياء فإنّ الله تعالى يظلّهم ولا يصيبهم من شدة حرّ الشمس شىء.

فمعنى الحديث الذي رواه البخاريّ أنّ أغلب الناس لا بدّ أن يقعوا في هذه المعاصي الصغيرة وهي النظرة المحرمة أي النظرة بشهوة والتلذذ باستماع كلام لأجنبية أو تلذذ المرأة باستماع كلام الرجل الأجنبي فهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "فالعينان زناهما النظر والأذنان زناهما الاستماع" وكذلك الكلام الذي يقصد به الشهوة المحرمة، كذلك البطش أي أن يمدّ الرجل يده إلى امرأة لا تحلّ له للتلذذ وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "واللسان زناه الكلام واليد زناها البطش" وليس البطش هنا بمعنى الضرب.

وكذلك المشي بنية قضاء شهوة محرّمة كأن يمشي إنسان إلى مكان ليتلذذ بالنظر مثلا إلى من لا يحلّ التلذذ به وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "والرجل زناها الخطا" ثم إنه قد روى مسدد عن أبي هريرة أنه قال في تفسير اللمم: "النظرة والغمزة والقبلة والمباشرة فإذا حاز الختان الختان فقد وجب الحدّ" يعني أبو هريرة أنّ هذه الأربعة الأولى من المحرمات الصغائر ومعنى قوله والمباشرة مسّ الجسم للجسم من المرأة والرجل كأن يصافح الرجل المرأة للتلذذ أو لغير التلذذ.

وأما معنى قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: "والفرج يصدّق ذلك أويكذبه"

يعني أن الزنا الذي هو من أكبر الكبائر هو دخول الحشفة في الفرج فذلك هو الزنا الحقيقيّ وإنما سمى رسول الله ما دون ذلك مما ذكره زنا لأنه يجرّ إلى الزنا الحقيقي الذي أراده أبو هريرة بقوله: "فإذا حاز الختان الختان وجب الحدّ" وهو جلد مائة لغير المتزوج وغير المتزوجة والرجم بالحجارة إلى الموت للمتزوج والمتزوجة.


والله سبحانه وتعالى أعلم



المعاصي تنقسم إلى صغائر وكبائر لقوله عز وجل:
(إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريماً [النساء:31]وقوله عز وجل: وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان [الحجرات:7].
وقوله عز وجل: الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم [النجم:32].
وقوله : ((الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينها ما اجتنبت الكبائر))


وتعريف الذنب الكبير هو الذي جاءت النصوص الشرعية بالوعيد الشديد لمن فعله كاللعن ونحوه ,وقد ذكرت أصناف منها في الأحاديث الشريفة منها: قوله عليه الصلاة والسلام
((اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات))
ومن عقيدة أهل السنة أن لا يكفروا أهل الكبائر من المسلمين ما لم يستحلوها، وما لم يدل الدليل الشرعي على أن هذا العمل كفر,


وقد وعد ربنا تبارك وتعالى بتكفير السيئات وإدخال الجنة لكل من اجتنب الكبائر

قال الله تعالى: إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنهَوْنَ عَنْهُ نُكَفّرْ عَنْكُمْ سَيّئَـٰتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً [النساء:31]،

وقال تعالى: وَٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَـٰئِرَ ٱلإِثْمِ وَٱلْفَوٰحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ [الشورى:37]

والإصرار على الصغيرة يحولها إلى كبيرة كما قال العلماء، فلا صغيرة مع إصرار، والإصرار هو أن يداوم على الذنوب الصغيرة من غير توبة حتى تصير تغلب حسناته
يقول سبحانه وتعالى وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [المائدة:135].


وهاكم بعض أمثلة عن الكبائر:

وفي الحديث أيضاًأن رجلا قال للنبي : ((أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك قال: إن ذلك عظيم، ثم أي؟ قال: وأن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك، قال: ثم أي؟ قال: أن تزاني حليلة جارك))


والإنسان ينبغي أن يتوب من الذنوب كبيرها وصغيرها ويكثر من الإستغفار ولاينبغي أن يتهاون بالمعصية فان الجبال الكبيرة من الحصى الصغيرة