النتائج 1 إلى 1 من 1
الموضوع: المسئولية
- 30-10-2015, 10:12 AM #1
المسئولية
المسئولية
عندما كنت صغيرا و فى المدرسة سمعت كثيرا عن كلمة المسئولية , طبعا و نحن اطفال كنا نسأل انفسنا !!
ما هى المسئولية ؟
هل اننى مسئول عن ما افعله و على الشخص الاخر مسئول ايضا عنى ؟ و ما هو الدافع ان اكون مسئولا ؟ اين اتعلم ما هى المسئولية ؟
و فى يوم و انا فى الفصل و فى اثناء الحصة التى يقوم بها المدرس و قال لنا انكم مسئولين عن كتابة الدرس فى المنزل .
و فكرت ان :
هل هذه هى المسئولية ؟
و ذهبت الى المنزل و قابلتنى امى فقلت لها اننى مسئول عن الدرس الذى اعطاه لى مدرسى , فقالت لى ان هذه المسئولية يجب ان تقوم بها و تؤاديها لتنجح و ليس لنجاح شخص اخر .
هذا الدرس يوصلك الى طريق المسئولية , فسألت والدتى :
هل انتى تقومين بذلك ؟
فقالت لى : اننى مسئولية عن هذه العائله كلها فاننى لم الد طفلا و اتركة بدون مسئولية حتى ينهى دراسته و سألتها :
ما هى مسئولية والدى ؟
فقالت لى : ان مسئولية والدك ان يقدم لهذه العائله كل ما يستطيع و ان يمهد الطريق لنجاح هذه العائلة و هذه اول مرة اواجه ما هى المسئولية .
فقابلت صديقى فى اليوم الثانى و سألته :
لماذا تأخرت عن الحضور الى المدرسة ؟
فقال لى ان والدتى دائما ما تقوم متأخره من النوم و انا اقوم لتحضير حقيبتى و اخذ طعامى الذى اعدته امى فى اليوم الماضى و للاسف يوجد دائما نقاش حاد بين والدى و والدتى على ما يحدث بالمنزل .
فسألته :
اين المسئولية عند والديك ؟
فقال لى للاسف هذه الكلمة لا توجد بمنزلنا دائما والدى يحمل المسئولية على والدتى انها هى السبب فى خراب المنزل كما تلقى والدتى اللوم على والدى بأنه كسول و لا يوجد عنده طموح لانقاذ هذه العائلة من هذا المرض و هو الكسل .
وذهبنا الى المدرسة حتى نهاية الاعدادية و نجح زميلى بصعوبة ليحصل على الشهادة الاعدادية مع مجموع قليل جدا فسألته :
ماذا سوف تفعل ؟
فقال لى ان والدى لا يوجد لديهم المسئولية ليساعدونى للحصول على شهادة متوسطة او جامعيه فدائما ما يقولون لى انك كبرت الان و عليك ان تتحمل المسئولية ؟
فقال لى :
كيف اتحمل مسئولية نفسى و ان ابلغ من العمر 14 عاما ؟
فقلت له و ماذا تفعل ؟
فقال لى :
سوف اتعلم حرفة و عندما اتم تعليمى الصناعى سوف اترك المنزل و اتحمل مسئولية نفسى و امضى فى طريقى .
فكانت حالتى النفسية سيئة جدا لان زميلى من الطفولة حتى الان , انه طفل عاقل و يريد الكفاح و الطموح و لكن للاسف الشديد لم توجد المسئولية بالمنزل و ذهبت الى منزلى فؤجدت والدى يجلسون و يتناقشون عن مستقبلى انا و اخواتى , و رويت قصة صديقى الى والدى , فقال لى والدى :
ان المسئولية من الاول لم توجد , هو كان عبارة عن شخصين يتزوجون و لا يعلمون ما هى المسئولية عن انفسهم و عن كيانهم و مستقبلهم حتى لم يفكرون فى مستقبل اولادهم .
ان الزواج من اصعب الاشياء التى يمارسها الانسان , ان هذه المسئولية يجب ان توجد بالمنزل و طرح مسئولية الزواج بمفهوم عام و الاسباب الاساسيه فى نجاح هذا الزواج ان رجل و امرأه يتقابلون فى منزل واحد و محتمل لن تربيتهم مختلفه تماما عن بعض و هنا الحكمه ان يعلم الاثنان ان عليهم مسئولية و يبدا النقاش دائما ليتقرب احساسهم و مسئوليتهم عن بناء المنزل السعيد .
و هذه المسئولية توجد فى العمل فى المنزل للحكام و غيره من يحمل المسئولية ان يراعى رعيته بالمسئولية امام ضميره و امام ربه و كذلك الشاب و الفتاه ان يتحملون المسئولية امام اطفالهم و بلادهم و عملهم و لا يعطون او يحملون الاخرون هذه المسئولية .
اننى بشر و ممكن ان اخطئ و لكن عندما اخطئ على الاخرين للاسف الشديد اننى لم يكن لدى مسئولية او اخلاق او ضمير اتقابل به يوم الدين امام رب العالمين فأذا قال لى ماذا فعلت :
لن استطيع ان اقول له هذا ذنب والدى او المسئولين عنى او اصدقائى او المحيطين بى او اننى كنت فريسة لاحد , انها مسئوليتى انا و سوف احاسب عليها و اننى امام ربى
و اتمنى ان يغفر لى و الى ما يتحمل ضياع المسئولية ربى اغفر لنا و اغفر ذنوبنا نحن بشر و لك الرحمه يا الهى .
فقه المسؤولية
كلنا يدرك أن كلمة “الفقه” من ناحية اللغة العربية الجميلة أنه : الفهم الدقيق.
أهمية فهم الموضوع :
وإذا نظرت لتقدم دول وتأخر أخرى ستجد أن الذي جعل هذه تتقدم و الثانية تتدهور أو تتعثر إنما يرجع إلي قضية الفهم الدقيق لطبيعة المسؤولية بالنسبة للطراز الأول وهو العالم المتقدم وعدم وضوح أي نوع من فهم للمسؤولية عند الفريق الآخر و هو ما يسمي بالعالم الثالث لأنه ليس هناك عالم رابع !!
ولو نظرنا في تاريخ المسلمين المشرق لرأينا رجلاً كعمر بن الخطاب رضي الله عنه في فهمه الدقيق لمسؤلية الإنسان عندما يتولي المهام الكبيرة.
الحرص على المال العام :
- وجدنا عمر يرسل إلي معيقيب أحد عماله علي بيت المال وقت الظهيرة و عند عمر ولده عاصم بن عمر فيقول عمر لمعيقيب أتدري ما صنع هذا ؟ إنه انطلق إلي العراق فأخبرهم أنه ابن أمير المؤمنين فأعطوه آنية و فضة و متاعاً و سيفاً محلي ، فقال عاصم ما فعلت هذا و إنما قدمت علي ناس من قومي فأعطوني هذا فقال عمر : خذه يا معيقيب فاجعله في بيت المال .
- ولن ننسي أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب زوج عمر لما أرسلت إلي ملكة الروم بطيب و مشارب فجاءت امرأة قيصر وجمعت نساءها وقالت هذه هدية امرأة ملك العرب و بنت نبيهم فأهدت إلي أم كلثوم عقداً فاخراً فلما انتهي البريد إلي عمر دعا الصلاة جامعة فاجتمعوا فصلي بهم ركعتين و قال: لا خير في أمر أبرم من غير شوري من أموري قولوا في هدية أهدتها أم كلثوم لامرأة ملك الروم فقال قائلون: هو لها بالذي لها و لكن عمر أمر برد هدية زوجة ملك الروم إلي بيت المال و رد علي أم كلثوم بقدر نفقتها، هكذا كان فقه المسؤلية عند عمر .
- وقد قدم صهرٌ لعمر عليه فطلب أن يعطيه عمر من بيت المال فانتهره عمر وقال: أردت أن ألقي الله ملكاً خائناً ! فلما كان بعد ذلك أعطاه من صلب ماله عشرة آلاف درهم .
هذه بعض المواقف التي تدل علي ترفع عمر عن الأموال العامة و منع أقربائه و أهله من الإستفادة من سلطانه و مكانته ، و لو أن عمر أرخي العنان لنفسه أو لأهل بيته لرتعوا ولرتع من بعدهم ، و كان مال الله ـ تعالي ـ حبساً علي أولياء الأمور.
ومن القواعد الطبيعية المؤيدة بالمشاهد أن الحاكم إذا امتدت يده إلي مال الدولة اتسع الفتق علي الراتق ، واختل بيت المال أو مالية الحكومة ، وسري الخلل إلي جميع فروع المصالح ، و جهر المستتر بالخيانة وانحل النظام ، ومن المعلوم أن الإنسان إذا كان ذا قناعة وعفة عن مال الناس ، زاهداً في حقوقهم دعاهم ذلك إلي محبته والرغبة فيه ، و إذا كان حاكماً حدبوا عليه و أخلصوا في طاعته و كان أكرم عليهم من أنفسهم .
ومن خلال حياته مع أسرته وأقربائه يظهر لنا معلم من معالم الفاروق في ممارسة منصب الخلافة ، وهي القدوة الحسنة في حياته الخاصة والعامة ، حتي قال في حقه علي بن أبي طالب : عففت فعفت رعيتك ولو رتعت لرتعوا .
وكان لالتزامه بما يدعوا إليه ،
و محاسبته نفسه وأهل بيته أكثر مما يحاسب به ولاته وعماله الأثر الكبير في زيادة هيبته في النفوس وتصديق العامة والخاصة له .
هذا هو عمر الخليفة الراشد الذي بلغ الذروة في القدوة رباه الإسلام ، فملأ الإيمان بالله شغاف قلبه ، إنه الإيمان العميق ، الذي صنع منه قدوة للأجيال ، ويبقي الإيمان بالله و التربية علي تعاليم هذا الدين سبباً عظيماً في جعل الحاكم قدوة في أروع ما تكون القدوة من هنا إلي يوم القيامة .
وكان رضي الله عنه يحفظ سوابق الخير للمسلمين ، و كان لديه ميزان دقيق في تقييم الرجال ،
لديه ميزان دقيق في تقييم الرجال :
فقد قال (صلى الله عليه وسلم ) : لا يعجبنكم طنطنة الرجل و لكن من أدي الأمانة و كف عن أعراض الناس ، فهو الرجل . فهو الرجل
و كان (صلى الله عليه وسلم) يقول لا تنظروا إلي صلاة امرىء و لا صيامه ، ولكن انظروا إلي عقله و صدقه ،
و يقول : إني لا أخاف عليكم أحد رجلين : مؤمناً قد تبين إيمانه ، وكافراً قد تبين كفره ، و لكني أخاف عليكم منافقاً يتعوذ بالإيمان ، و يعمل لغيره .
- و سأل عمر عن رجل شهد عنده بشهادة ، و أراد أن يعرف هل له من يزكيه فقال له الرجل : إني أشهد له وأزكيه يا أمير المؤمنين ، فقال عمر أأنت جاره في مسكنه؟ قال لا ، قال : أعاشرته يوماً فعرفت حقيقة أمره ؟ قال لا ، قال أسافرت يوماً معه فإن السفر و الإغتراب محك للرجال ؟ قال لا ، قال عمر لعلك رأيته في المسجد قائماً قاعداً يصلي ؟ قال نعم ، قال اذهب فأنت لا تعرفه .
يحفظ سوابق الخير للمسلمين :
- ولما أسرت الروم الصحابي الجليل عبد الله بن حذافة السهمي ، فجاؤوا به إلي ملكهم فقال له : تنصر وأنا أشركك في ملكي وأزوجك ابنتي ، فقال له : لو أعطيتني جميع ما تملك وجميع ما تملكه العرب علي أن أرجع عن دين محمد (ص) طرفة عين ما فعلت ، فقال إذن أقتلك ، فقال أنت و ذاك ، فأمر به فصلب وأمر الرماة فرموه قريباً من يديه ورجليه وهو يعرض عليه دين النصرانية فيأبي ، ثم أمر به فأنزل ، ثم أمر بقدر – و في رواية ببقرة من نحاس فأحميت ، و جاء بأسير من المسلمين فألقاه وهو ينظر فإذا هو عظام ُُ تلوح ، وعرض عليه فأبي ، فأمر به أن يلقي فيها ، فرفع في البكرة ليلقي فيها ، فبكي ، فطمع فيه ودعاه ، فقال إني إنما بكيت لأن نفسي إنما هي نفس واحدة تلقي في هذه القدر الساعة في الله ، فأحببت أن يكون لي بعدد كل شعرة في جسدي نفس تعذب هذا العذاب في الله ، و في بعض الروايات أنه سجنه ومنع عنه الطعام والشراب أياماً ثم أرسل إليه بخمر ولحم خنزير فلم يقربه ، ثم استدعاه فقال : ما منعك أن تأكل ؟ فقال أما والله إنه قد حل لي و لم أكن لأشمتك بي ، فقال له الملك فقبل رأسي وأنا أطلقك ، فقال وتطلق معي جميع أساري المسلمين ؟ قال نعم ، فقبل رأسه ، فأطلقه وأطلق معه جميع أساري المسلمين عنده ، فلما رجع قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه حق علي كل مسلم أن يقبل رأس عبد الله بن حذافة و أنا أبدأ فقام فقبل رأسه .
- و عندما أقبل قوم غزاة من الشام يريدون اليمن ، و كانت لعمر جفنات يضعها إذا صلي الغداة ، فجاء رجل منهم فجلس يأكل ، فجعل يتناول بشماله ، فقال له عمر : و كان يتعهد الناس عند طعامهم – كل بيمينك ، فلم يجبه ، فأعاد عليه فقال : هي يا أمير المؤمنين مشغولة ، فلما فرغ من طعامه دعا به فقال : ما شغل يدك اليمني ؟ فأخرجها ، فإذا هي مقطوعة ، فقال ما هذا ؟ فقال أصيبت يدي يوم اليرموك ، قال فمن يوضئك ؟ قال أتوضأ بشمالي ، و يعين الله ، قال فأين تريد ؟ قال اليمن إلي أم لي لم أرها منذ كذا و كذا سنة ، قال أو برٌّ أيضاً ، فأمر له بخادم و خمسة أباعر من إبل الصدقة و أوبرها له .
حب الخير و شعوره بالفقير و الضعيف :
أما أمنيته فقد قال لأصحابه تمنوا ، فقال بعضهم : أتمني لو أن هذه الدار مملوءة ذهباً فأنفقه في سبيل الله وأتصدق به ، و قال رجل أتمني لو أنها مملوءة زبرجداً وجواهراً فأنفقه في سبيل الله و أتصدق به ، ثم قال عمر تمنوا ، فقالوا ما ندري يا أمير المؤمنين ، فقال أتمني لو أنها مملوءة رجال مثل أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وسالم مولي أبي حذيفة وحذيفة بن اليمان ، فأستعملهم في طاعة الله، و هؤلاء من إخوانه في الله .
بطانة الخير :
و قد وصف عمر (رضي الله عنه) إخوان الصدق بقوله : عليك بإخوان الصدق ، تعش في أكنافهم ، فإنهم زينة في الرخاء وعدة في البلاء ، وضع أمر أخيك علي أحسنه حتي يجيئك ما يرضيك منه ، واعتزل عدوك ، واحذر صديقك إلا الأمين ، ولا أمين إلا من يخشي الله ، ولا تصحب الفاجر فتتعلم من فجوره، ولا تطلعه علي سرك ، واستشر في أمرك من يخشي الله تعالي .
الإخلاص :
و كان عمر (رضي الله عنه ) يذكر الأخ من إخوانه في الليل فيقول : يا طولها من ليلة ، فإذا صلي الغداة غدا إليه ، فإذا لقيه إلتزمه أو اعتنقه ، وكان يقول : لولا أن أسير في سبيل الله أو أضع جنبي في التراب لله أو أجالس قوماً يلتقطون طيب القول كما تلتقط الثمرة ، لأحببت أن أكون قد لحقت بالله .
العدل و قبول المحاسبة و المساءلة العادلة من أي شخص مهما كان الموضوع :
ولقد شكا رجل علياً (رضي الله عنه ) إلي عمر (رضي الله عنه ) فلما جلس عمر لينظر في الدعوي قال عمر لعلي : ساو خصمك يا أبا الحسن ، فتغير وجه علي ، و قضي عمر في الدعوي ، ثم قال لعلي : أغضبت يا أبا الحسن ، لأني سويت بينك و بين خصمك ؟ فقال علي : بل لأنك لم تسو بيني و بين خصمي يا أمير المؤمنين ، إذ كرمتني فناديتني يا أبا الحسن ، بكنيتي ، و لم تناد خصمي بكنيته ، فقبل عمر رأس علي و قال : لا أبقاني الله بأرض ليس فيها أبو الحسن .
هكذا كان فهم عمر لفقه المسئولية فهلا كان عمر رائداً لنا في هذا الفقه .