التنفس العميق المركز وفوائدة


يأتي التنفس على قمة الأشياء المهمة في الحياة. في الأوقات العادية وحالات الراحة، فإن الشخص يتنفس حوالي 12 نفس كل دقيقة أى أكثر من 17.000 نفس في اليوم. من الطبيعي أننا لا نلحظ تنفسنا لأن التنفس فعل منعكس (لا إرادي)، ولذلك نقضي أغلب وقتنا في تنفس ضحل غير عميق، بدلا من الاستفادة من استخدام عضلات الحجاب الحاجز. إننا نستخدم أقل من نصف قدرة الرئتين وهذا ليس في صالح صحتنا على المدى الطويل. إن التنفس بطريقة صحيحة لا يجعلنا فقط نشعر بأننا أصحاء، ولكنه يقلل من حالات الشد العصبي، والتوتر، ويقوي جهاز المناعة، ويحسن من كمية ونوعية الأكسجين التي تصل إلى الخلايا. إن الهواء يحافظ على نشاط المخ فالمخ يحتاج من الأكسجين ثلاثة أضعاف ما يحتاجه أي عضو آخر، ولذلك فإن التوقد الذهني يأتي مع التنفس الأفضل. إن المثال الذي يوضح فوائد التنفس الصحي هو حقيقة أن العدائين يعانون المشكلات المعتادة المرتبطة بالشيخوخة في أواخر حياتهم في مرحلة متأخرة عن نظرائهم ممن اعتادوا الجلوس، وذلك لأن إطار تنفسهم أفضل.

كيف تتنفس إذن ؟ إن الأسلوب الأفضل هو أن تتنفس من الحجاب الحاجز، وليس من أعلى الصدر. إن التنفس الضحل غير العميق في أقصى حالاته يسبب نوبات ذعر بهذه الطريقة التالية : إن التنفس من أعلى الصدر يتسبب في هبوط نسبة الأكسجين، وهذا يسبب حدوث رد فعل للجسم حيث يتدفق الأدرنالين. ويسبب الأدرنالين سرعة خفقان القلب، والقلق، وتقلص العضلات، وينتج عن ذلك أن التنفس يصبح أكثر ضحالة مسببا انخفاض الأكسجين.. إن أبسط طريقة للتنفس بطريقة صحيحة هي كالتالي :
1. استلق على الأرض، أو اجلس وتنفس الهواء إلى الداخل عبر الأنف. أثناء ذلك ادفع البطن والمعدة إلى الخارج، في هذه الحالة سوف يستمر الصدر في التمدد والاتساع، عليك أن تجعل أكتافك خفيفة وتتمدد مع الصدر. عليك أن تعد إلى رقم خمسة وأنت في هذه الحالة، لا تسرع، فكلما أبطأت كان أفضل.
2. عليك أن تحبس النفس للحظة ثم تخرجه عبر الفم ببطء، وأنت تعد حتى الرقم خمسة مرة أخرى. عليك أن تركز على ما تفعل قدر الإمكان، وكن واعيا بشعورك وقتها.
3. كرر هذه الدورة من التنفس إلى الداخل والخارج ( شهيق وزفير ) خمس مرات، استرح دقيقتين ثم كرر ما فعلت ثانية.

إن هذا النموذج للتنفس ليس فقط مفيدا لصحتك على المدى الطويل، ولكنه أيضا طريقة سريعة لتقليل التوتر. ويمكن أن تقوم به في أي مكان، وأنت في زحمة المواصلات، قبل أية مقابلة هامة، أو أثناء الامتحان.
إنني أؤمن بحق بأن أحد الأسباب أن نظم التمارين مثل اليوجا، أو البايليتس تعتبر ناجحة هو أنها تؤكد دائما على أهمية التنفس العميق المركز. إننا لحسن الحظ لسنا بحاجة إلى نشر أجهزة التمارين لكي نستفيد من القيام بما نريد القيام به، أي أن نتنفس.



إن الوعي بالتنفس يمكن أن يصل إلى حد قد لا نتخيله ؛ فعندما كان أحد أطباء القرن التاسع عشر المشهورين على فراش الموت كان يعلق على قرب انتهاء حياته بطريقة طبية، وكان المحيطون به، والقائمون على رعايته يسمعون صوته وهو يخف بالتدريج حتى قال أخيرا “ نبض خافت جدا “ وتوقف طويلا، ثم قال : “ التنفس توقف “ ولم يتحدث مرة أخرى.
تعلم أن تتنفس من الحجاب الحاجز بعمق، فهذا له فوائد صحية بعيدة المدى، خاصة إذا تمت تم ممارسته بانتظام، ويمكن أيضا ممارسته في حالة التوتر أثناء الأزمات.