بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
إليك يا بني.. أسطر هذه الكلمات.. نابضة بالحنان والنصح.. والصدق والإخلاص.. لعلك تجد بها الطريق السوي الذي يدلك على الخير ويرشدك إلى الهدى..


وما دفعني إلى نصحك هو خوفي عليك.. وإحساسي العميق بالمسؤولية نحوك.. لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته».
وكما أنه ليس للإنسان يد في اختيار أبويه.. فكذلك ليس للإنسان يد في اختيار أبنائه.. وليس له إلا دلالتهم على الخير.. وهدايتهما إلى الرشاد.. وهذا.. هذا ما يدفعني إلى حثك في هذه الرسالة على أسباب النجاة والخير.. وتذكيرك بما أوجبه الله عليك.. وما كلفك به من أمانة العبودية.. والطاعة والتوحيد.. فإليك يا بني نص الرسالة..

يا بني!!
لا تنس الله! فإنك لم تخلق سدى.. ولم توجد في هذه الحياة عبثًا بل أنت خليفة في الأرض قد كُلفتَ فيها بالأمانة.. تلك الأمانة التي عرضت على من هم أكبر منك خلقًا فخافوا وأشفقوا.
}إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا{.
فهل عرفت ما هي تلك الأمانة؟!
إنها عبادة الله! }وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ{.فهل عبدت الله كما أمرك؟!إن العبادة يا بني هي: كل الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة التي ارتضاها لعباده! فأين حظك منها؟!
واعلم يا بني أن من تفكَّر في الدنيا قبل أن يوجد.. رآها مدة طويلة، فإذا تفكر فيها بعد أن يخرج منها رآها مدة قصيرة.

واعلم أن اللبث في القبور طويل، فإذا تفكر في يوم القيامة علم أنه خمسون ألف سنة، فإذا تفكر في اللبث في الجنة والنار علم أنه لا نهاية له، فإذا عاد إلى النظر في مقدار بقائه في الدنيا فرضنا ستين سنة مثلاً فإن يمضي منها ثلاثين سنة في النوم، ونحوًا من خمس عشرة في الصبا، فإذا حسب الباقي كان أكثره الشهوات والمطاعم والمكاسب، فإذا أخلص ما للآخرة وجد فيه من الرياء والغفلة كثيرًا..
فبماذا تشتري الحياة الأبدية، وإنما الثمن هذه الساعات.
لا يا بني.. لا تضيع لحظات عمرك وراء الشهوات المحرمة، فإنها لذات فانية، ومتع منقضية تمضي متعتها، وتبقى تبعتها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدما عبد حتى يُسأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه» [رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح].
أبني كن مستمسكًا


بجميع ما لك فيه رشد

ما نحن فيه متاع


أيام تعار وتسترد


قال يحيى بن معاذ: «المغبون من عطل أيامه بالبطالات وسلط جوارحه على الهلكات، ومات قبل إفاقته من الجنايات».
لا يا بني.. لا تقتل طاقتك الحية الناضجة.. وشبابك النابض في بنيات الطريق.. وغُضَّ بصرك عمَّا حرم الله؛ سواء كنت في السوق أو كنت خاليًا وحدك.. واعلم أن الله يراك.. وأنه سبحانك لا تخفى عليه خافية..
وإذا خلوت بريبة في ظلمة





والنفس داعية إلى العصيان

فاستحِ من نظر الإله وقل لها:





إن الذي خلق الظلام يراني







فما أبأسني يا بني.. إذا رأيتك متجرئًا على المعاصي.. ترافق أهلها.. وتجاهر بها..
وما أحزنني.. إذا رأيتك قد جانبت الصلاح.. واتبعت طريق الغواية والضلال.. تائهًا.. هائمًا لا تعرف ما تريد!
وما أسعدني إذا رأيتك مقبلاً على الله.. ساعيًا في الخير.. محافظًا على الوقت تصلي.. وتذكر الله.. وتقرأ القرآن.. وترافق الأخيار.. يقتدي بك إخوتك.. فإنك وأنت على ذلك قرة عيني.. وكسب لي في الآخرة.. ألم تسمع قول الله تعالى: }رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا{.قال الحسن البصري: «الرجل يرى زوجته وولده مطيعين لله عز وجل, وأي شيء أقر لعينه من أن يرى زوجته وولده يطيعون الله عز وجل ذكره».وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعمل ينتفع به، وولد صالح يدعو له».
فاعلم يا بني أن صلاحك هو من تمام بر والديك في حياتهما وبعد موتهما.. فأما في حياتهما فإنهما ينتفعان باستقامتك وهذا لا يخفى.. وأما بعد مماتهما فإن دعاءك واستغفارك لهما في قبرهما يصلهما ثوابه وبركته.


يا بني!!
لا تنس الله! فإنك لم تخلق سدى.. ولم توجد في هذه الحياة عبثًا بل أنت خليفة في الأرض قد كُلفتَ فيها بالأمانة.. تلك الأمانة التي عرضت على من هم أكبر منك خلقًا فخافوا وأشفقوا.
}إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا{.
فهل عرفت ما هي تلك الأمانة؟!
إنها عبادة الله! }وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ{.فهل عبدت الله كما أمرك؟!إن العبادة يا بني هي: كل الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة التي ارتضاها لعباده! فأين حظك منها؟!
واعلم يا بني أن من تفكَّر في الدنيا قبل أن يوجد.. رآها مدة طويلة، فإذا تفكر فيها بعد أن يخرج منها رآها مدة قصيرة.

واعلم أن اللبث في القبور طويل، فإذا تفكر في يوم القيامة علم أنه خمسون ألف سنة، فإذا تفكر في اللبث في الجنة والنار علم أنه لا نهاية له، فإذا عاد إلى النظر في مقدار بقائه في الدنيا فرضنا ستين سنة مثلاً فإن يمضي منها ثلاثين سنة في النوم، ونحوًا من خمس عشرة في الصبا، فإذا حسب الباقي كان أكثره الشهوات والمطاعم والمكاسب، فإذا أخلص ما للآخرة وجد فيه من الرياء والغفلة كثيرًا..
فبماذا تشتري الحياة الأبدية، وإنما الثمن هذه الساعات.
لا يا بني.. لا تضيع لحظات عمرك وراء الشهوات المحرمة، فإنها لذات فانية، ومتع منقضية تمضي متعتها، وتبقى تبعتها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدما عبد حتى يُسأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه» [رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح].
أبني كن مستمسكًا


بجميع ما لك فيه رشد

ما نحن فيه متاع


أيام تعار وتسترد


قال يحيى بن معاذ: «المغبون من عطل أيامه بالبطالات وسلط جوارحه على الهلكات، ومات قبل إفاقته من الجنايات».
لا يا بني.. لا تقتل طاقتك الحية الناضجة.. وشبابك النابض في بنيات الطريق.. وغُضَّ بصرك عمَّا حرم الله؛ سواء كنت في السوق أو كنت خاليًا وحدك.. واعلم أن الله يراك.. وأنه سبحانك لا تخفى عليه خافية..
وإذا خلوت بريبة في ظلمة





والنفس داعية إلى العصيان

فاستحِ من نظر الإله وقل لها:





إن الذي خلق الظلام يراني







فما أبأسني يا بني.. إذا رأيتك متجرئًا على المعاصي.. ترافق أهلها.. وتجاهر بها..
وما أحزنني.. إذا رأيتك قد جانبت الصلاح.. واتبعت طريق الغواية والضلال.. تائهًا.. هائمًا لا تعرف ما تريد!
وما أسعدني إذا رأيتك مقبلاً على الله.. ساعيًا في الخير.. محافظًا على الوقت تصلي.. وتذكر الله.. وتقرأ القرآن.. وترافق الأخيار.. يقتدي بك إخوتك.. فإنك وأنت على ذلك قرة عيني.. وكسب لي في الآخرة.. ألم تسمع قول الله تعالى: }رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا{.قال الحسن البصري: «الرجل يرى زوجته وولده مطيعين لله عز وجل, وأي شيء أقر لعينه من أن يرى زوجته وولده يطيعون الله عز وجل ذكره».وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعمل ينتفع به، وولد صالح يدعو له».
فاعلم يا بني أن صلاحك هو من تمام بر والديك في حياتهما وبعد موتهما.. فأما في حياتهما فإنهما ينتفعان باستقامتك وهذا لا يخفى.. وأما بعد مماتهما فإن دعاءك واستغفارك لهما في قبرهما يصلهما ثوابه وبركته.
لماذا لا تصلي يا بني؟!
لماذا لا تصلي؟! ألا تعلم أن ترك الصلاة كفر بالله سبحانه.. وأنها عهد الإسلام التي ما نقضها مسلم إلا كفر بنص قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» [رواه الترمذي وحسنه].
ألا تعلم أنها فصل ما بين العبد والكفر.. وأنها الحجاب الذي ما هتكه مسلم إلا دخل في الكفر بنص قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة» [رواه مسلم].
يا بني.. لقد تقطع قلبي عليك حسراتٍ وأنا أراك هجرت بيت الله.. وقاطعت ربك.. وتركت ركن الإسلام الثاني.
كيف يهدأ بالي وأنا أسمع وأقرأ الوعيد الشديد في حقك وحق أمثالك, ألا ترى أني أخشى عليك من أن يصيبك الأذى.. ولا أرتاح إذا أصابك أبدًا.. فكيف أطمئن وأسكن.. وأنا أراك من تاركي الصلاة.. وقد أنزل الله فيهم وعيدًا لو سمعته الجبال لانهدمت خارة خوفًا من أن ينالها! كيف أطمئن والله جل وعلا يقول: }فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا{؟
قال ابن عباس رضي الله عنهما: «ليس معنى أضاعوها تركوها بالكلية، ولكن أخروها عن أوقاتها».
وقال سعيد بن المسيب إمام التابعين: «هو أن لا يصلي الظهر حتى يأتي العصر، ولا يصلي العصر إلى المغرب، ولا يصلي المغرب إلى العشاء، ولا يصلي العشاء إلى الفجر، ولا يصلي الفجر إلى طلوع الشمس، فمن مات وهو مصر على هذه الحالة ولم يتب وَعَدَه الله بِغَي، وهو واد في جهنم بعيد قعره خبيث طعمه».
فهذا – يا بني – حال من أخر الصلاة عن وقتها.. فكيف بمن يتركها.. أو يتركها حينًا ويعود إليها حينًا آخر.. فلا شكَّ أن عذابه أشد وأنكى.. وأكبر وأوفى.
ولا تنس يا بني أن الصلاة مفتاح أعظم لخير أعظم.. فما فرضها الله على عباده إلا رحمة لهم وبهم.. وما توعدهم إذا تركوها بالعذاب إلا لما يفوتهم بتركها من الخير.. وما يلحقهم بتركها من الضر.
فلا تستكبر عن عبادة خالقك.. فإن الصلاة له.. صلة بهم.. ومن كان موصولاً بالله.. فأنى يصيبه الشر.. وأنَّى يخطئه الخير!
هي انشراح لك في الصدر.. ونور لك في القلب.. وطمأنينة لك في النفس.. وراحة وصحة لك في الجسد.. ومفتاح رزق.. وخير عليك.. وحصن لك من الآفات والهلكات.. منهاة لك عن الإثم والفحش والمعاصي..
قال الله تعالى: }إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ{.فاستعن بها – يا بني – على أمور دينك ودنياك فإنها من أعظم ما يستعان به على كشف الهموم وزوال الغموم وقضاء الديون.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى العبد الصلاة في أول الوقت صعدت إلى السماء ولها نور، حتى تنتهي إلى العرش فتستغفر لصاحبها إلى يوم القيامة، وتقول: حفظك الله كما حفظتني، وإذا صلى العبد الصلاة في غير وقتها، صعدت إلى السماء وعليها ظلمة، فإذا انتهت إلى السماء تلف كما يلف الثوب الخَلِقُ، ويضرب بها وجه صاحبها، وتقول: ضيعك الله كما ضيعتني» [رواه البيهقي في شعب الإيمان].
لا ترافق إلا مؤمنًا
لا ترافق إلا مؤمنًا.. ولا يأكل طعامك إلا تقي.. فالناس أصناف ولكل صنف نفس وطباع.. فمنهم من نفسه في الخير والمعروف غالبًا.. ومنهم من يغلب عليه طبع الشر.. ومن صاحب هؤلاء أو أولئك فإنما يصاحب أحد الأمرين: خيرًا أو شرًا.
وهذا لا يعني النفور من الناس.. أو التقصير في مودتهم ومعاملتهم بالخلق الطيب والقول الحسن.. كلا فلا يعني غلبة الشر على بعضهم الجفاء والغلظة.. فلا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.. ولا خير فيمن لا يدل الناس على الخير.. ولكن يعني تفاوت الناس في أخلاقهم أن يحرص اللبيب على مصاحبة من يراه مفتاح خير في الآخرة، بغض النظر عن حاله في الفقر والغنى، أو الحال والنسب.. وفي هذا إعمال للحكمة الإلهية في القرآن الكريم: }إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ{.
فالكريم الذي يستحق أن يحرص على صحبته هو التقي في عبادته ومعاملاته.. النقي في قلبه من الشحناء, فهذا الذي أكرمه الله بالتقوى، وجعله بها مفتاح خير وبركة على من جالسه وصاحبه.
ولهذا قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم المفاتيح إلى صنفين: أحدهما مفتاح الخير والثاني مفتاح الفتنة والشر, فقال عليه الصلاة والسلام: «إن من الناس ناسًا مفاتيحَ للخير مغاليقَ للشرِّ».
وتأمَّل يا بني في المثل الحكيم الذي ضربه لك نبيك صلى الله عليه وسلم ليبين لك فوائد مجالسة الأخيار وصحبتهم ومفاسد مجالس الأشرار ومرافقتهم. إذ قال صلى الله عليه وسلم: «إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إمَّا أن يُحذيك، وإمَّا أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإمَّا أن تجد منه ريحًا خبيثة» [رواه البخاري].
فهذه نصيحة نبوية يجدر بك – يا بني – حفظها.. والعض عليها بالنواجذ.. فإنها تحفظ عليك دينك ودنياك.
فالجليس أو الصديق المؤمن: هو أخ لك في دينك وعقيدتك يتقي الله في مرافقتك.. وهو إما أن يعلمك ما ينفعك في دينك ودنياك أو يهدي لك نصيحة، أو يحذرك من الإقامة على ما يضرك، فيحثك على طاعة الله، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، ويبصرك بعيوب نفسك، ويدعوك إلى مكارم الأخلاق ومحاسنها، بقوله وفعله وحاله، فإن الإنسان مجبول على الاقتداء بصاحبه وجليسه، والطباع والأرواح جنود مجندة.. وأقل ما تستفيده من الجليس الصالح أن تنكف بسببه عن السيئات والمعاصي، رعاية للصحبة، ومنافسة في الخير، وترفعًا عن الشر، وأن يحفظك في حضرتك ومغيبك, فهذا بعض الخير الذي تناله من الصاحب الصالح، والأخ الناصح.
ويجدر بك يا بني أن تنظر في حال من تصاحب.. فإذا وجدته صالحًا استمسك به حتى تنال من خيره، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل».
ابلُ الرجال إذا أردت إخاءهم





وتوسمنَّ أمورَهم وتفقدِ

فإذا وجدت أخا الأمانة والتقى





فبه اليدين قرير عين فاشددِ







وتأمل يا بنيَّ في حال من رافقوا الأشرار.. بماذا ابتلوا.. وكيف كانت عاقبتهم؟!
فهذا بلوه بالتدخين.. وذاك غرورا به حتى أوقعوه في المخدرات.. وآخر في المعاكسات.. وكلهم على كل حال لو نطق لقال: }يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا{.
فلا تجلس إلى أهل الدنايا





فإن خلائق السفهاء تعدي

يا بني
وأنفع وصية أوصيك بها يا بني هي تلك التي وصَّى لقمان ابنه.. وأنزلها الله جلَّ وعلا في كتابه العزيز؛ لتكون حكمة يعظ بها كل أب فلذة كبده..
قال تعالى: }وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ{.
فهذه الوصية جمعت الأصول العظيمة التي تحفظك بإذن الله في الدنيا والآخرة.. إنها دلتك على الطريقة السوية التي توحد بها خالقك فلا تشرك به شيئًا.. ودلتك على المنهاج القيم الذي تعامل بها والديك، وتشكر لهما فضلهما عليك بالبر والإحسان والمصاحبة بالمعروف حتى ولو كانا كافرين.. فلم يبقَ لك عذر في العقوق, ودلتك على أصول العبادات التي ما حافظ عليها مؤمن إلا أصابه الفلاح في الدارين، ووفق إلى العبادات الأخرى.
وتلك العبادات هي الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصبر.. وهذه المعاني بالإضافة إلى الإيمان هي نفسها المعاني التي دلَّت عليها سورة العصر؛ إذ قال الله فيها: }وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ{.
كما دلتك هذه الوصية على أصول المعاملات مع الناس.. بالتواضع والخلق الحسن.. ولين الجانب والرفق واجتناب الغضب.
فاعمل بها تنل الحكمة.. والخير العظيم.
يا بني. «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، ولو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف».
واعلم يا بني أن يونس عليه السلام لما كانت ذخيرته خيرًا، وكان حافظًا لله؛ نجاه الله من الشدة.قال تعالى: }فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ* لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ{.
وأما فرعون فلما لم تكن ذخيرته خيرًا لم يجد في شدته مخلصًا فقيل له: }آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ{.
فاجعل لك ذخائر خير من تقوى تجد تأثيرها, وقدم لنفسك ما يسرك أن تراه غدًا، واعلم أن الله لا يضيع أجر المحسنين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى أله وصحبه أجمعين.