النتائج 1 إلى 1 من 1
الموضوع: بادر أنت أولا بخداع دماغك
- 03-10-2015, 10:32 AM #1
بادر أنت أولا بخداع دماغك
بادر أنت أولا بخداع دماغك
دماغ الانسان من أعجب الأشياء التي عرفناها ولكنه في نفس الوقت ليس مثاليًا ويطاله النقص الذي يُميّز كل حي.
في بعض الأحيان قد ننسى أشياء مهمة وفي أوقات اخرى قد نغفل عن ملاحظة تفاصيل محددة في البيئة المحيطة بنا وهو ما يؤدي إلى ارتكابنا للأخطاء أو عدم اتخاذ القرار الصحيح.
الآن قد تميل لاعتبار هذه الأخطاء مجرد أخطاء بسيطة أو تلقي باللوم على الظروف مثل أن تقول لقد كنت مشغولًا جدًا أو مُجهدًا؛ ولكن الواقع هو أن عقلك له حدود متعددة، والتي قد تؤدي بك في نهاية المطاف لعدة طرق مسدودة.
النقاط التالية هي مجرد بعض الميول النفسية التي قد تكون سببًا في تضليلك واخفاقك.
عقلك يحب الطرق المختصرة
من أكبر أوجه القصور للعقل البشري أنه في بعض الأحيان يصبح كسولًا؛ فعندما يحاول أحدكم أن يبحث عن حل لمشكلة ما أو أن يتخذ قرارًا يلجأ العقل الى خبراته السابقة ويستعين بالطرق العقلية المختصرة أو الحلول التي سبق له تجربتها في الماضي وكانت نتائجها مُرضية.
في أغلب الحالات يعد هذا الأمر مفيدًا ويمثل منهجية فعالة؛ وبفضل استخدام تلك الطرق العقلية المختصرة يمكنك أن تتخذ القرارات بشكل أسرع دون الحاجة إلى التفكير بتعمق في كل احتمال أو حل متاح امامك.
لكن في بعض الأحيان يمكن لهذه الطرق المختصرة التي يستخدمها عقلك والتي تعرف بـ Heuristics أن تخدعك وتكون سببًا لارتكاب بعض الأخطاء.
على سبيل المثال، قد تجد نفسك مرتعدًا وتشعر بالفزع من الركوب على متن طائرة والتحليق بها لأنك تفكر لحظيًا في حوادث الطائرات المأساوية والمفجعة التي تراها في الأخبار ولكن في الواقع السفر عبر الطيران أكثر أمانًا وأقل عرضة للحوادث من السيارات وفقًا للإحصائيات.
يحدث هذا لأن عقلك في هذا الموقف تحديدًا استخدم طريق عقلي مختصر يعرف بـ availability heuristic والذي خدعك لتعتقد أن السفر عبر الطيران أكثر خطورة بكثير مما هو عليه في الواقع.
- Heuristics مُصطلح في علم النفس يعني الطرق المختصرة التي يستخدمها الناس من اجل حل المشكلات واتخاذ القرارات بسرعة وكفاءة دون الحاجة للتوقف والتفكير بتمعن قبل التصرف.
- Availability Heuristic مُصطلح في علم النفس أيضًا يعني الطرق المختصرة التي تعتمد على الأمثلة المتوفرة التي تخطر ببالك عندما تحاول أن تتخذ قرارًا ما؛ حيث تقفز مجموعة من الأحداث والمواقف إلى تفكيرك فتعتقد أن هذه المواقف هي السائدة وتعطيها مصداقية أكبر من حقيقتها.
- على سبيل المثال، عندما تشاهد وتسمع أخباراً كثيرة عن سرقة السيارات سوف تعتقد أن سرقة السيارات منتشرة اكثر مما هي عليه في منطقتك.
- الدوافع الخفية تؤثر على تفكيرك
نحن أيضاً شديدي الحساسية والتأثر بما يعرف بالتحيّزات المعرفية أو Cognitive Biases والتي تمنعنا من التفكير بحرية ووضوح واتخاذ قرارات صحيحة بدقة وكفاءة. تلك الأخطاء العقلية الشائعة هي في الواقع نموذج للتفكير الذي ينتج عنه أخطاء وتشوهات فكرية واستنتاجات غير دقيقة تمامًا؛ وأحد الأمثلة التي توضح هذا الأمر هو ما يعرف بالدوافع أو التحيّزات المُعززة – Confirmation Bias.
لنفترض أن لديك صديقًا لا يؤمن بنظرية وحقيقة الاحترار العالمي؛ سوف تلاحظ أنه يعطي مصداقية كبيرة للأخبار والأنباء او الاكتشافات التي تؤكد صحة تفنيده لتلك الحقيقة بينما يتجاهل ويقلل من شأن الأدلة التي تدعم وجود الأحترار العالمي! التحيّزات المعززة تقودنا لوضع ثقة كبيرة أو حتى البحث عن أشياء تؤكد ما نعتقد بصحته مُسبقًا بالإضافة لتجاهل والتقليل من شأن أي شئ أخر يتعارض مع أفكارنا الحالية التي نؤمن بها.
ويمكنكم أن تتخيلوا كيف يمكن لهذه الدوافع أن تؤثر على الناس يوميًا في المواقف المختلفة، عندما نتعرض لمعلومات عن المواقف السياسية المختلفة مثلًا أو الأمور الجدلية، فنحن نميل بشكل كبير للبحث عما يتوافق مع ما نعتقد بصحته فقط ونتجاهل كل ما بخلاف ذلك بشكل قد لا ندركه في بعض الأحيان.
هناك أنواع مختفة من الدوافع المعرفية. بالإضافة إلى التحيّزات المعززة. النمطية يمكن أن تؤثر على طريقتنا في فهم وإدراك الناس من حولنا كما يحدث في تأثير الهالة، ويمكن أن تؤثر على طريقتنا في فهم وإدراك الأحداث أيضًا كما يحدث في إنحياز الإدراك المتأخر وكما تؤثر أيضًا على جوانب المواقف المختلفة التي ننتبه لها عندما نرغب في اتخاذ قرار كما يحدث في الانحياز النسبي.
- Cognitive Biases الدوافع أو التحيّزات المعرفية عبارة عن أخطاء في عملية التفكير تحدث عندما تعالج الناس وتفسر المعلومات من حولها، وتحدث غالبًا عندما نحاول أن نُبسِّط عملية تفسير هذه المعلومات، الضغوط الإجتماعية، العواطف، الحوافز الشخصية؛ والقدرة العقلية يمكن أن تكون سبباً لحدوث هذه الأخطاء.
- التحيّز المعزز أو Confirmation Bias هو أحد أنواع التحيّزات المعرفية ويتضمن تفضيل الشخص للمعلومات التي تؤكد وتتفق مع معتقداته السابقة أو الحالية؛ بمعنى أنك حتّى إن لم تجد أدلة فقد تبحث عن بعضها أو توهم نفسك بأدلة أو تفسر المعلومات بشكل خاطئ فقط لتكون في سياق يتفق مع ما تؤمن بصحته.
- تأثير الهالة هو أيضًا أحد أنواع التحيّزات المعرفية ويعني أن اطباعنا العام عن شخص ما يتأثر بطريقة شعورنا وتفكيرنا نحو شخصيته، بمعنى أن انطباعك العام سوف يؤثر على رؤيتك لصفاتة وخصائصة المختلفة. هذا الشخص لطيف، إذًا هو ذكي وهكذا.
- انحياز الإدراك المتأخر أو hindsight bias يعني أن الناس تميل لرؤية الأحداث المختلفة كشئ متوقع عمّا هي في الواقع، وبعد وقوع الحدث يعتقد الناس أنهم كانوا يعرفون نتيجة الحدث قبل وقوعه.
- في الانحياز النسبي أو Attributional Bias يتجاهل الناس عند إتخاذ قرار ما بعض الإحتمالات ويتركز انتباههم على احتمالات وخيارات معيّنة.
- عقلك يحب أن يلعب لعبة اللوم
عندما يحدث شئ سئ، فمن الطبيعي أن نبحث عن أسباب ضمنية لنلقي باللوم عليها والمشكلة هي أننا في الغالب نلقي باللوم على الشخص أو الحدث أو الشئ الخاطئ وبالتالي نشوه الواقع باستمرار في سبيل حماية احترامنا وتقديرنا لذاتنا.
تخيل أنك فشلت للتو في اختبار ما أجريته، من أو ما المسؤول عن فشلك؟ إذا كنت مثل أغلب الناس، فمن المرجح أن تقوم بتعليل فشلك في الاختبار من خلال إلقاء اللوم على العوامل المحيطة بك مثل أن درجة حرارة الغرفة كانت مرتفعة جدًا ولم تستطع التركيز بشكل جيد أو تلقي اللوم على الأستاذ لأنك لم تدرس هذه المواضيع من قبل أو أن الأسئلة كانت صعبة. في علم النفس هذا ما يعرف بتحيّز الفاعل والمراقب Actor -Observer Bias.
عندما يتعلق الأمر بسلوكنا الشخصي فنحن سريعين جدًا في إلقاء اللوم على القوى والعوامل الخارجية عوضًا عن اختياراتنا وخصائصنا الشخصية.
لنرى إذًا ما الذي سيحدث لو أن زميلًا لنا فشل في نفس الإختبار؟ بينما نضع جُلّ تركيزنا على العوامل الخارجية عندما يتعلق الأمر بتعليل او تفسير المواقف السلبية في حياتنا الشخصية، نجد أننا نقع فريسة للعكس عندما نبحث عن أسباب سلوك الأخرين. عندما تفشل في الإختبار فهذا على الأرجح بسبب أن الأستاذ لم يقدم لك القدر الكافي من التحضير قبل الامتحان بينما عندما يفشل زميلك في نفس الإختبار فهذا على الأرجح لأنه لم يذاكر جيدًا أو لأنه كسول أو ربما لأنه ببساطة غبي وهذا ما يعرف بخطأ الإسناد، حيث نقوم باستنتاج أسباب خاطئة للأحداث والسلوكيات. وعندما يحدث لنا شيئًا عظيمًا فنحن نقع ضحايا لما يعرف بالتحيّز لخدمة مصلحة الذات – Self-Serving Sias.
إذا حصلت على ترقية في عملك أو درجة مرتفعة في اختبار ما أو حصلت على المركز الأول في مسابقة رياضية فسوف تُسند نجاحك إلى عوامل داخلية، أنت حصلت على تلك الترقية لأنك تعمل بجد وقد أبليت بلاءً حسنًا في ذلك الإختبار لأنك ذكي وذاكرت جيداً وأحرزت المركز الاول لأنك تتمرن بإستمرار ولأنك أكثر مهارة من اللاعبين الأخريين. إذًا، لماذا ننساق وراء لعبة اللوم تلك؟ يعتقد الباحثون أن الكثير من تحيّزاتنا النسبية تعمل بحيث تحمي احترامنا وتقديرنا لذاتنا وحراستنا من الخوف من الفشل.
وفقًا لطريقة التفكير تلك، الأشياء السيئة تحدث للأشخاص الأخرين لأنهم يفعلون أشياءً لن تقوم أبداً بفعلها، أمّا الأشياء السيئة فتحدث لك بسبب عوامل خارجة عن إرادتك أو سيطرتك ونجاحك هو نتيجة حتمية لميزاتك وخصائصك ومهاراتك وجهدك والعديد من العوامل الداخلية الأخرى.
- التحيّز لخدمة مصلحة الذات – Self-Serving Sias يعني ميل الأشخاص لتقبل الفضل على النجاح بينما تلوم العوامل الخارجية عند الفشل.
- تحيّز الفاعل والمراقب Actor -Observer Bias يعني أن الشخص يميل لإسناد تصرفاته خاصة الخاطئة منها لأسباب خارجية بينما يُسند تصرفات وسلوكيات غيره لأسباب داخلية. يمعنى أن الشخص يقوم بإسنادات مختلفة للتصرفات والسلوكيات وفق ما إذا كان هو الفاعل أو المراقب للفعل.
- عقلك يُفوّت تغييرات كبيرة تحدث أمامك
هناك ببساطة الكثير من الأمور والأحداث التي تجري في العالم من حولنا في أي لحظة والتي لا يمكن لدماغنا بأن يلاحظها جميعاً وبالتالي يعمل دماغنا على تجاهل العديد من المعلومات والتركيز على ما يهمنا فقط. وكنتيجة لذلك يمكننا في بعض الأحيان أن نفوت تغييرات كبيرة تحدث أمام أعيننا دون أن ندركها.
هل تعتقد أنه يمكن أن تلاحظ إذا تم استبدال الشخص الذي تتحدث إليه في منتصف المحادثة؟ لقد وجد الباحثون أنه عند استبدال اشخاص أثناء إجراء محادثات مع أشخاص آخرين بعد مقاطعتهم لفترة وجيزة أن معظم الناس لم تلاحظ ذلك التغيير.
عمى التغيير أو Change Blindness يشير إلى الفشل في إدراك التغييرات التي تحدث في الأحداث البصرية أو المرئية.
إذًا لماذا نحن عرضة لتفويت وعدم ملاحظة تلك التغيرات الهامة في العالم من حولنا؟ يقترح الباحثون أن عوامل مختلفة ومتعددة يمكنها أن تلعب دوراً في هذه الظاهرة.
أولاً، علينا أن نتعامل مع الموارد المحدودة المتاحة لنا. إذا كنا منشغلين في التركيز على شئ واحد، فنحن ببساطة علينا أن نتناغم مع كم هائل من المعلومات الأخرى التي لا يمكن لأدمغتنا أن تتعامل معها في نفس الوقت.
توقعاتنا تلعب دورًا هامًا أيضًا في هذه الظاهرة المدهشة. هل كنت تتوقع أن يتم استبدال الشخص الذي كنت تتحدث معه فجأة؟ بالطبع لا. ولهذا السبب أدمغتنا ببساطة ليست مُهيئة لملاحظة مثل ذلك التغيّر.
ذاكرتك ليست جيدة كما تظن
بينما نعتقد في الغالب أن ذاكرتنا تعمل مثل كاميرا الفيديو، تحفظ وتسجل الأحداث بدقة كما تحدث تماماً؛ نجد في الواقع أن ذاكرتنا أكثر هشاشة من ذلك بكثير، كما انها ليست بتلك الدقة وعُرضة للعديد من المؤثرات لدرجة كبيرة يصعب علينا تخيلها. على سبيل المثال، وجد الباحثون أنه من السهل حثّ ذكريات خاطئة في ذاكرتك لأحداث لم تحدث مطلقًا، وفي دراسة وجد الباحثون أن مشاهدة فيديو لأشخاص أخرين يقومون بفعل ما، يقود المشاركين في الدراسة إلى الاعتقاد بأنهم قاموا بأداء نفس الفعل من قبل بأنفسهم بالرغم من أن هذا لم يحدث في الواقع.
ذاكرتك قد تكون جيدة ولكن من الجيد أن تتذكر أنها ليست مثالية وبالتأكيد لا يمكن الاعتماد عليها دائمًا بشكل مطلق.
نحن أيضاً نميل لنسيان كم هائل من المعلومات بدءً من التفاصيل التافهة التي نتعرض لها كل يوم، وصولًا إلى المعلومات المهمة التي نحتاجها. وتقترح خبيرة الذاكرة Elizabeth Loftus أن هناك أسبابًا رئيسية وراء مشكلة فشل الذاكرة تلك أو النسيان. الفشل في استرجاع المعلومات من الذاكرة أو أن تقع ضحية للذكريات المتنافسة أو أن تفشل في حفظ المعلومات في ذاكرتك والنسيان المقصود للذكريات الآليمة يقع ضمن بعض الأسباب الضمنية المحتملة للنسيان.
وأخيرًا …
أدمغتنا قادرة على القيام بأمور مدهشة واستثنائية بدءًا من تذكر محادثة أجريتها مع شخص مقرب منذ عدة سنوات، ووصولًا لحلّ المشاكل الرياضية المعقدة. ولكن كما رأينا سويًا فهي ليست مثالية. إذًا ما الذي يمكننا فعله؟ في الواقع لا يوجد طريقة ما لتفادي تلك المشكلات المحتملة لأنها جزء من طبيعة الإنسان، ولكن أن تكون ملمًا بها ومدركًا لهذه الدوافع وأوجه النقص الإدراكية وحيل الذاكرة التي تحيق بعقلك، فهذا كفيل بأن يساعدك على تصحيح الكثير من المسارات في حياتك.