لو أنَّ رجلاً دخل حديقة لها عشرة أبواب، كلَّما دخل من بابٍ شاهد ما لَم يُشاهده في باب سابق، من رَياحين وزُهور وبساتين، أليس يتعجَّب، ويقول: سبحان الله؟!


هكذا الإسلام، إن نظرتَ فيه من أحد جوانبه يزداد عجَبُك، فلا تملك إلاَّ أن تقول: سبحان الله! فانظر إلى الجانب التعبُّدي في الإسلام تجد الرحمة بالمكلَّفين، واليسر والسَّعة، والتخفيف عن أهل الأعذار، والتنوُّع في أنواع العبادات، وملء القلب بالسَّكينة والأنس.


وإن تأمَّلتَ الجانب الاجتماعيَّ، وجدتَ أن المنهج الاجتماعيَّ يقوم على التَّرابُط والتكافل، ويدعو إلى الرحمة والتراحم، والمودَّة، والتسامح والبُعْد عن التعصُّب ودعوة الجاهلية، ودرء ما يدعو إلى التنافر أو الشَّحناء.


وإن تأمَّلتَ الجانب الاقتصاديَّ وجدت مراعاة الشريعة للطبيعة البشريَّة؛ من إباحة التملُّك والعمل والرِّبح، والدخولِ في المشاريع الاستثماريَّة "المشروعة"، والتوازن بين حقِّ الملكية بين الفرد والجماعة، فليست حقًّا مطلقًا للفرد، ولا حقًّا مطلقًا للجماعة، والحيلولة دون التضخُّم المرَضِي، والنهي عن اكتناز الأموال، والأمر بأداء الزَّكاة، والحرص على علاج الفَقْر، والنهي عن التَّواكل والسُّؤال، والجِدّ والبناء، والسعي للاستغناء عن البشر، وعزَّة النفس.


وإن تأملت الجانب التربويَّ رأيت تحقيق التوازن في شخصية المسلم؛ فهو لا يركِّز على الجانب العقلي أو الرُّوحي، أو الجسميِّ أو الانفعالي، وإنما يركِّز على جميعها، وهو منهج عمَلِي، ليس منهجًا فكريًّا محضًا لا يقبل التطبيق على أرض الواقع، وهو منهج عالَمِي، يقبل الانفتاح على العالَم، وهو منهج يجمع بين التجديد والمُحافظة، وتجد فيه مراعاة الاستطاعة، وضعْفَ البشر.


وإن تأمَّلتَ الجانب السياسيَّ وجدت مراعاة المصالح، ودرء المفاسد، والحرص على مصلحة الرعيَّة، والحرص على التَّآلُف بين الحاكم والمَحْكومين، والصبر على الحاكم الظَّالِم؛ ما لم يكن كفرًا بَواحًا، كما صحَّ بذلك الحديث، لا يسعى إلى غرس العداء، بل يدعو إلى حُسْن الظن، والأمر بالعفو والصَّفح، والحلم والصبر، والرفق بالراعي والرعيَّة.


وإن تأمَّلتَ الجانب العِلمي، رأيت البُعْد عن الخُرافات، والسَّعي للتقدم العِلمي، والحرص على البحث العلمي، والعمل على نفع البشرية.


منهج شعاره: ((ارحَمُوا مَن في الأرض يرحَمْكم من في السَّماء))، وطريقته { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }..[الأعراف: 199]، ودعوتُه: { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}..[يوسف: 108]، منهجٌ يَجمع بين الحَزْم واللِّين، ويُوازن بين الدنيا والآخرة، لا يتعارض فيه حقُّ الخالق مع حقِّ المخلوق، ولا يُناقض الفِطْرة، ولا يُخالف الطبيعة البشرية، العفو عنده خيرٌ من العقوبة، واليسر عنده أفضل من العسر.