فضل البر :
أيها الحبيب الكريم .. يكفـى أن تعلم أن الله جل وعـلا قد قـرن بر الوالدين والإحسان إليهما بتوحيده قال تعالى : وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا  [ الإسراء : 23 ]
وقال تعالى :  وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا 
وقال تعالى:  وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا  [ البقرة : 83 ]
قال ابن عباس ثلاث آيات نزلت مقرونة بثلاثة لا يقبل الله واحدة بدون قرينتها .
أما الأولى فهى قوله تعالى :  أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ  [ محمد : 33 ]
فمن أطاع الله ولم يطع الرسول فلم يقبل منه .
وأما الثانية فهى قول الله : وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ 
[ البقرة : 43 ]
فمن أقام الصـلاة وضيع الزكاة لم يقبل منه .
وأما الثالثة فهى قول الله تعالى :  أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ 
[ لقمان : 14 ]
فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه .
حياة البر ما أروعها من حياة ، إنها حياة السعادة والطمأنينة ، إنها حياة الأمن والأمان يالها من لذة !! فيها ستشعر بانشراح الصدر ، ستشعر بالسعادة فى كل الخطا ، بل سيوسع الله عليك رزقك ، بل سيبارك الله لك فى عمرك ، فى حياة بر الوالدين .
البِرُّ سبب دخول الجنة :
تدبر معى كلام النبى صلى الله عليه وسلم كما فى الحديث الذى رواه مسلم من حديث أبى هريرة ، قال الحبيب صلى الله عليه وسلم : (( رغم أنفه ، رغم أنفه ، رغم أنفه )) قيل من يا رسول الله ؟ قال المصطفى : (( من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخل الجنة ))
الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : رغم أنفه ثلاثاً : أى ذل وهوان وتعرض للخيبة و الخزلان من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كلاهما ولا يكونا سبباً فى دخوله الجنة .
إياك أن تضيع هذا الخير ، يا من منَّ الله عليك به الآن .
بر الوالدين من أعظم القربات إلى رب الأرض والسموات .
اسمع كلام سيد المرسلين ، ففـى الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : سألت النـبى صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله : أى العمل أحب إلى الله تعالى ؟ قال : (( الصـلاة على وقتهـا )) قال : ثم أى ؟ قال : (( ثم بــر الوالدين )) قال : ثم أى ؟ قال : (( الجهاد فى سبيل الله ))
وفى الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر قال رجل للنبى صلى الله عليه وسلم :
أُجاهد ؟ قال: (( لك أبوان ؟ )) قال : نعم . قال : (( ففيهما فجاهد ))
وفى رواية مسلم أن رجـلاً جاء للنبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله جئت أبيايعك على الهجرة والجهاد فقال له المصطفى : (( هل من والديك أحدٌ حى )) قال : نعم بل كلاهما . قال : (( فتبتغى الأجـر من الله ؟ )) قال : نعم .
قال : (( فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما ))( ).
بر الوالدين سبب تفريج الكروبات :
ففى الصحيحين من حديث ابن عمر أن النـبى صلى الله عليه وسلم قال : (( بينما ثلاثة نفر ، يتماشون أخذهم المطر ، فمـالوا إلى غارٍ فى الجبل ، فانحـطت على فم غارهم صخرة من الجبـل ، فأطبقت عليهم فقـال بعضهم لبعض : انظروا أعمالاً عملتموها لله صالحة فادعوا الله بها لعله يفرجها : فقال أحدهم : اللهم إنه كان لى والدان شيخان كبيران ، ولى صبية صغار كنت أرعى عليهم ، فإذا رُحتُ عليهم فحلبت ، بدأت بوالـداى أسقيهما قبـل ولدى ،وإنه نأى بى الشـجر فما أتيت حتى أمسيت ، فوجدتهمـا قد ناما ، فحلبت كما كنت أحلب فجئت بالحلاب فقمت عند رؤسهما ، أكره أن أوقظهما من نومهما ، وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما ، والصبية يتضاغـون عند قدمى ، فلم يزل ذلك دأبى ودأبهم حتى طلع الفجر ، فإن كنت تعلم أنى فعلت ذلك ابتغـاء وجهك فافرج لنا فرجة نرى منها السماء ،ففرج الله لهم فرجة حتى يرون منها السماء .. ))
إلى آخر الحديث .
انظر جيداً فى معنى هذا الحديث لما تقرب الرجل إلى الله عز وجـل ببر والديه استجاب الله دعـاءه، فعليك ببر الوالدين بإخـلاص تكن مستجاب الدعوة .

أيها الأحبة الكرام :

معلوم أن بر الأم مقدم على بر الأب ففى الصحيحين من حديث أبى هريرة جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (( مَنْ أحق الناس بحسن صحابتى ؟ قال : (( أمك )) قال : ثم من ؟ قال : (( أمك )) قال ثم من ؟ قال : (( أمك )) . قال ثم من ؟ قال : (( أبوك ))
وقد يتحسر الآن أباؤنا وأحبابنا ممن حرموا من نعمة الوالدين لذا أسوق إليهم حديثاً ربما وجدوا فيه العزاء :عن أبى أسيد مالك بن ربيعة الساعدى رضي الله عنه قال : بينا نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بنى سلمة فقال : يا رسول الله هل بقى علىَّ من بر أبوى شىء أبرهما بعد موتهما . فقال: (( نعم الصلاة عليهما )) أى الدعاء لهما ، والترحم عليهما، والاستغفار لهما-وانفاذ عهدهما من بعدهما ، وصلة الرحم التى لا توصل إلا بهما ، وإكرام صديقهما ))
فيجب علينا أن ندعو لأبائنـا ونستغفر لهما ونحـج عنهما ونتضرع لله بالدعـاء لهما فنقول ربى ارحمهما كما ربيانى صغـيرا ، فلقد كان السلف رضـوان الله عليهم إذا ماتت أم أحدهما بكى وقال : ولم لا وقد أغلق اليوم علىَّ باب من أبواب الجنة .