سؤالنا عن صيام مرض السكر واضعاً النقاط على الحروف قائلاً : مع تزايد أعداد مرضى السكر سنوياً فى مصر يتردد السؤال السنوى بقوة: ما حكم صيام رمضان عند مريض السكر؟
وقبل توضيح الرأى العلمى فى هذا الشأن أود أن أذكر بعض الحقائق الدينية والعلمية حول الصيام:
1 / بنص القرآن الكريم.. لا يجوز للمريض أن يصوم إذا كان من شأن الصوم أن يزيد من شدة المرض أو يسبب مضاعفات لهذا المريض.
2 / مرض السكر تحديداً من الأمراض التى تتميز بالضرر المتراكم على شرايين الدم عند حدوث أى ارتفاع فى مستوى السكر بالدم مهما كانت درجته ومدته، وهذا الضرر للأسف لا يحدث أعراضاً يشكو منها المريض، ولكن بمرور الوقت يترجم إلى مضاعفات خطيرة على مستوى كل شرايين الجسم. وكذلك الحال عند انخفاض مستوى السكر بالدم الذى بتكراره قد يؤدى إلى تلف فى أنسجة المخ، وقصور فى الوظائف المتعلقة بالتركيز والمعرفة والتذكر.
3 / على مريض السكر أن يتذكر دوماً أن صحته هبة غالية من الخالق سبحانه وتعالى وأنه مسؤول أمامه سبحانه عن أى إهمال لهذه الهبة. كما يجب أن يتذكر أن الله سبحانه وتعالى قد فرض الصيام لحكمة عظيمة وليس من أجل تعذيب الإنسان أو إلحاق الضرر به.
نعود بعد ذلك إلى موقف مريض السكر من صيام رمضان:
1 / مرضى السكر من النوع الأول المعتمد على الأنسولين لا صيام لهم على الإطلاق، حيث إنهم يحتاجون إلى أكثر من ثلاث جرعات من الأنسولين يومياً مما يستحيل معه المحافظة على مستوى السكر بالدم عند الصيام.
2 / مرضى السكر من النوع الثانى الذى يعتمد فى علاجه على استخدام الأنسولين أكثر من مرتين يومياً، وكذلك السيدات الحوامل المصابات بالسكر، يمنع عنهم الصيام حتى يتم تعديل موقفهم الطبى حسب الحالة، وكذلك الحال فى وجود مضاعفات خطيرة فى الكلى والعين والقلب.
3 / مرضى السكر من النوع الثانى والذى يعتمد على الأنسولين مرة أو مرتين يومياً، يمكنهم الصيام شريطة أن يكون مستوى السكر بالدم قبيل رمضان فى المستوى المطلوب، وفى هذه الحالة يجب على الطبيب المعالج اختيار نوع الأنسولين المناسب، بالجرعة المناسبة، والتوقيت المناسب مع ضرورة متابعة مستوى السكر فى المنزل على مدى ساعة لتجنب أى ارتفاع أو انخفاض غير مناسب.
4 / مرضى السكر المعتمدون على أقراص علاج السكر بالفم يمكنهم الصيام بشرط أن يكون مستوى السكر مناسباً قبل رمضان ومع اختيار الأقراص التى تتناسب مع ظروف الصيام ويمكنهم الاستفادة من الأجيال الجديدة من الأقراص التى تفيد فى هذا الشأن.
5 / مرضى ما قبل السكر، أى أولئك المعرضون للإصابة بمرض السكر ، خاصة الذين يعانون من زيادة الوزن، يستفيدون من صيام رمضان وغير رمضان.
وتبقى كلمة أخيرة وهى أن الصوم الذى ترجى فائدته إن شاء الله هو ذلك الصوم الذى كان يقوم به المسلمون الأوائل والذين كانوا يسترشدون بالنصيحة النبوية الغالية بألا نأكل إلا إذا أحسسنا بالجوع، وإذا أكلنا فلا يجب أن نصل إلى حالة الشبع. كما يجب أن نتذكر أن الإسلام ينهى عن الإسراف وأن المظاهر الفاطمية التى اعتدنا عليها فى موائد رمضان العامرة بالعديد من الأصناف التى تشكل عبئاً حقيقياً على الجهاز الهضمى كلها تتنافى تماماً مع الحكمة الإلهية من صوم رمضان التى لخصها القرآن الكريم فى كلمتين (لعلكم تتقون).