زينة العبادة

في النفس حاجةٌ وأي حاجة إلى تغذية الخوف من الله سبحانه وتعالى، وقد سمّاه الصالحون : زينة العبادة، وهذه كلمات في ذلك.


ما الخوف :


سُئِلَ الجنيدُ البغدادي ما الخوفُ؟ فقال : "إخراجُ الحرام من الجَوف، وتركُ العمل بـ : عسى وسوف".


وسُئِلَ مرة أخرى فقال : "تعلُّق القلب بتوقُّع العقوبة مع مجاري الأنفاس".


والخوف : استشعارُ رقابته – سبحانه - وخوفُ عقوبته، ورجاءُ ما عنده، قال تعالى : ﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾ [الحجر: 49، 50].


فضله :


في قصة مَنْ أراد الفاحشة، وكفَّ عنها خوفًا من الله - كما في حديث الغار - بيانٌ عظيمٌ لفضل الخوف من الله.


وفي الحديث القدسي : (وعزتي لا أجمعُ على عبدي خوفين وأمنين : إذا خافني في الدنيا أمنتُه يوم القيامة، وإذا أمنني في الدنيا أخفتُه في الآخرة) رواه ابنُ حبان في "الصحيح" برقم(640) وإسناده حسن.


وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : (لا يلج النارَ مَنْ بكى من خشية الله حتى يعود اللبنُ في الضرع) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" برقم(800).


الخوف يبعث على العمل :


قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ خاف أدلج، ومَنْ أدلج بلغ المنزل، ألا إنَّ سلعة الله غالية، ألا إنَّ سلعة الله الجنة) رواه الترمذي برقم (2450) وهو حديث صحيح.

أدلج : سار مِنْ أول الليل، والمعنى بادرَ إلى العمل الصالح.


الجمع بين الخوف والرجاء :


قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : (لو يعلمُ المؤمنُ ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحدٌ، ولو يعلم الكافرُ ما عند الله من الرحمة ما قنط مِنْ جنته أحدٌ) رواه مسلم (2755).


مَنْ هو الخائف :


قال إسحاقُ بن خلف الزاهدُ : "ليس الخائف مَنْ بكى وعصرَ عينيه، إنما الخائفُ مَنْ ترك الأمرَ الذي يَخافُ أنْ يُعَذَّبَ عليه".


الخوف والقلب :


قال أبو عمر الدمشقي : "الخوف سراجُ القلب، به يُبصَرُ ما في القلب من الخير والشر".


وقال بشر الحافي : "الخوف مَلَكٌ لا يسكنُ إلا في قلبٍ نقيٍ".


وقال أبو سليمان الداراني : "ما فارق الخوفُ قلباً إلا خرب".


علامة الخوف :


قال شاه بن شجاع الكرماني : "علامة الخوف : الحزنُ الدائم".


وقال يحيى بن معاذ : "لكل شيء زينة، وزينة العبادة الخوف، وعلامة الخوف قِصَرُ الأمل".


الطريق إلى الخوف :


قال سهلُ بن عبد الله التستري : "لا تجدُ الخوفَ حتى تأكلَ الحلال".


عاقبة الخوف :


قرأ حاتمُ الأصمُّ هذه الآية : ﴿ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوافقال : "إنما يُقال : لا تخفْ ولا تحزنْ للخائف الحزين".


وأخيراً فقد قيل :


طوبى لمـن قلبُهُ بالله مشتغـلُ *** يبكي النهارَ وطولَ الليل يبتهلُ


خوفُ الوعيدِ وذكرُ النارِ أحزنهُ *** فالدمعُ منه على الخدينِ مُنْهملُ