الصحبة الفاسدة يجب إصلاحها ..أو الإعراض عنها


يقول الله تبارك وتعالى: "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ

أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا" (الكهف - 28) في الشق الثاني من هذه الآية يأمر الله المسلمين بألا يطيعوا الغافلين عن ذكر الله

والذين يتبعون أهواءهم، وغير المنضبطين بأوامره في حياتهم أن هذه هي الصحبة الفاسدة الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، فيجب على

الصحبة الصالحة أن تأخذ بأيديهم إلى الطريق المستقيم بكل وسائل الدعوة الحكيمة أو تتجنبهم وذلك أضعف الإيمان.



فما صفات الصحبة الفاسدة ؟ ومن هم ؟ وكيفية التعامل معهم؟


هذا ما سوف نتناوله في هذه الخاطرة التربوية الدعوية.


- ما الصحبة الفاسدة وما صفاتها؟ والتي يجب إصلاحها أو تجنبها؟:


هم على سبيل المثال ما يلي:


1- الغافلون: عن الصلاة والذكر، الذين ألهتهم الحياة الدنيا ونسوا يوم الحساب في الآخرة وران على قلوبهم ما كانوا يكسبون أصل ذلك قول الله تبارك

وتعالى: "وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا" (الكهف: 28) وقوله عز وجل :



يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ" (الروم: 7) ووصف رسول الله صلى الله عليه وسلم الغافل بأنه "الكيس من دان نفسه

وعمل لما بعد الموت والغافل من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني" (مسلم).



2- اللاهون في زينة الحياة الدنيا: وفي هذا المقام يحذر الله سبحانه وتعالى منهم فقال سبحانه وتعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ

عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ" (المنافقون: 9)، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم :



يأتي على الناس زمان همتهم بطونهم، وشرفهم متاعهم وقبلتهم نساؤهم، ودينهم دراهمهم ودنانيرهم، أولئك شر الخلق لا خلاق لهم عند الله" (رواه

الديلمي).



3- المسرفون والمبذرون: لأنهم من إخوان الشياطين وأن مردهم إلى النار، ودليل ذلك من القرآن الكريم قول الله تبارك وتعالى:


وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ" (الأعراف: 31)، وقوله عز وجل: "وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ

الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا" (الإسراء: 26-27) وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ بسعد وهو يتوضأ فقال: "ما هذا السرف يا سعد؟، فقال: أفي

الوضوء سرف؟ قال: نعم وإن كنت على نهر جار" (رواه أحمد).



4- المترفون المتنعمون والمنشغلون والأعمال بملذات وشهوات الدنيا عن العبادات الصالحات، ودليل من القرآن الكريم قول الله تبارك وتعالى: "وَإِذَا

أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا" (الإسراء: 16) ولقد حذرنا رسول اله صلى الله عليه وسلم من هذه

الفئة الفاسقة المدللة المنعمة فقال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن: "إياك والتنعم فإن عباد الله ليسوا بالمنعمين" (رواه الإمام أحمد)

وعن حذيفة قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج وأن نجلس عليه"

(رواه البخاري).



5- الطغاة المستبدون: الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق والذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجًا، والذين يحاربون ويؤذون الله

ورسوله بكل الوسائل، والذين يشوهون صورة الإسلام ويوالون أعداءه،




6- المتكبرون والمختالون: ويقصد بهذه الفئة الذين يتعالون على الناس والمعجبون والمختالون الفخورون بأنفسهم، ولقد ذمَّ الله سبحانه وتعالى هؤلاء

فقال: "وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ" (لقمان: 18)، وقال عز وجل : "إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ

مُخْتَالًا فَخُورًا" (النساء: 36) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر كبه الله على وجهه في النار"

(أحمد)، ويحذر الرسول صلى الله عليه وسلم من الكبر والخيلة فقال:



إياك والخيلة ولا تلام على كفاف" (ابن ماجة)، ومن أمثلة هذه الفئة: الذين يزكون أنفسهم ويتعالون على الناس، والذين يختالون في مشيتهم مستكبرين

يحتكرون الآخرين من خلق الله.



7- السفهاء في الفكر والرأي والأخلاق والسلوك: أي الذي يتصرف في أموره بخلاف مقتضى الشرع والعقل، وأصل تجنبه قول الله سبحانه وتعالى:

"أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ" (البقرة: 13)، وقوله عز وجل: "وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا

وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا" (النساء: 5)، وقوله تبارك وتعالى:



وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ" (البقرة: 130)، ويقول الرسول صلى الله عليه

وسلم "إنه سيأتي على الناس سنون خداعة، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين، وينطق فيها

الرويبضة، قيل: وما الرويبضة؟ قال السفيه يتكلم في أمر العامة" (رواه الإمام أحمد).



8- العاقون للوالدين والقاطعون لأرحامهم: ويقصد بهذه الفئة الذين يسيء إلى والديه وعدم الإحسان إليهما وبرهما، وكذلك القاطع لرحمه ولذوي

القربى، فهؤلاء ملعونون من الله سبحانه وتعالى، ودليل ذلك قوله تبارك وتعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ
أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا" (الإسراء: 23) ولقد ورد في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ألا أنبئكم بأكبر الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين " (أبو داود والترمذي) ولقد نهى الله عن تقطيع الأواصل مع الأرحام تقال: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ

تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ" (محمد: 22).




9- المقتدون بغير المؤمنين: فيما يخالف شرع الله عقيدة وخلقًا وسلوكًا ومظهرًا، ويعتقدون أن ذلك من التحضر والمدنية والتقدمية، ومنهم على سبيل

المثال: الملحدون والمتحررون والمتشبهون بالنساء من الرجال والمتشبهون بالرجال من النساء ودليل ذلك من القرآن الكريم قول الله تبارك وتعالى:

"أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" (التحريم:

6) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لتتبعن سنن من قبلكم شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع، حتى إذا دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه" قالوا: اليهود

والنصارى، قال: ومَن غيرهم" ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين الرجال بالنساء" (البخاري)؛

لذلك يجب تجنب هذه الفئة حتى لا تضيع الهوية الإسلامية، والالتزام بمصاحبة المؤمنين.



10- الخائضون فيما يخالف شرع الله والعقل: ويقصد بهم الذين يضيعون وقتهم في الحديث فيما يغضب الله ورسوله أو يلهون ويلعبون الذين عليهم

سخط الله ولقد ران على قلوبهم من الران بما كانوا يكذبون، ودليل ذلك من القرآن الكريم قول الله تبارك وتعالى: "وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا

فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ" (الأنعام: 68)، وقوله عز وجل: "فَلَا

تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ" (النساء: 140) وقال سبحانه جل شأنه: "وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آَيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ

مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ" (الجاثية: 7-8) والد ليل من السنة المطهرة قول الرسول صلى الله عليه وسلم : "من كان يؤمن بالله

واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت"(البخاري) لذلك يجب تجنب الجلوس مع هؤلاء أو المشاركة معهم في أي حديث حتى يرجعوا إلى الطريق

المستقيم.