بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى في سورة المائدة :
( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يابني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ( 72 ) لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم ( 73 ) أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ( 74 ) ) صدق الله العظيم



خواطر العبد النورانى حول آية لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم

لماذا كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح عيسى بن مريم. من المعروف بأن الكفر هو الانكار والستر فالذين قالوا بألوهية عيسى بن مريم قاموا بتحديد وحصر الاله في هيكل عيسى بن مريم وبالتالى حددوه بالجسمانية ومن هنا جاء سترهم لله في بنيان عيس بن مريم وجسمانيته ومن ثم كفرهم . فلو كانوا اطلقوه في عيسى وفى أنفسهم وفى السموات والارض وجميع كونه ما كفروا البتة.
فلو نظرنا في كلامهم عن الناسوت واللاهوت لعلمنا أنهم أدعوا ظلما وعدوانا بأن لاهوت الله أى كينونيته حلت فى ناسوت عيس بن مريم أى جسمانيته . فلوا رجعوا إلى أنفسهم وسألوا عقولهم المغيبة عن الحق من أين أتى ناسوت عيس بن مريم وجميع ناسوتات البشر هل هى شىء منفصل عن الله وقائم بذاته أم أنها في الاصل قائمة بروح الله وقيوميته. وهل عندما حل لاهوت الله كما يدعون في ناسوت عيسى فمن كان يدبر أمر السموات والارض وبقيه الخلق وقتها . ولما أراد الله سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا بأن يكفر خطيئة البشر كما يقولون لماذا وقع إختياره على ابنه المزعوم عيسى ليتم صلبه وذبحه ألم يكن الله في مفهومهم قادر على الغفران بدون إراقة دم ابنه كما يدعون . وهل هذا الكلام يؤيد صفة العدل الالهى في الكون . ولما تم لهم ما أرادوه من من بدعة تكفير الخطية الاصلية عن بنى البشر. لماذا إذا جاء به فى وقت مبكر من الزمان وهو يعلم بأن الزمن مازال فيه بقية فخطيئة الاولين كُفرت بدم المسيح كما يدعون فمن سيقوم الله بذبحه مرة أخرى ليكفرخطايا الامم اللاحقة التى أتت بعد عملية الصلب الاولى. أم أن عملية التكفير عمت السابقين واللاحقين من البشر وهل هناك تمييز بين البشر في تكفير الخطيئة . بمعنى أن الرب كفر عن أتباع يسوع فقط وترك بقية البشر من مسلمين ويهود وغيرهم من الدينات الاخرى بذنوبهم دون تكفير أم ماذا . ومن الغباء الفكرى والعقائدى لديهم بأن عملية الصلب لتكفير خطيئة البشر عارية تماما من الصحة والصدق لما فيها من سخافات فكرية ورزائل عقائدية فلوا أن الله سبحانه وتعالى حل فى ناسوت عيسى كما يدعون لماذا إذا أحس بالالم وهو على خشبة الصليب وقت الصلب وعندهم مايثبت ذلك مايسمونه بأسبوع الالام فهذا شىء في غاية الغرابة العقلية إذا كيف لله المتجسد في صوره بأن يحس بألم الصلب والتعذيب . فلو قالوا بأن عيسى الذى أحس بالالم إذا نقول بأن الرب تركه وقت الشدة وهرب وفي كلتا الحالتين إستخفاف بالعقول ضئيلة الفهم . ولماذا إذا بعد صلبه يحييه مرة أخرى ليصعد إلى السماء وكأن شىء لم يحدث فيما يسمونه بالقيامة والصعود .
وهذا أيضا يتنافى مع حكمة الله وتقديره في الخلق لما في موضوع الصلب والاماته والاحياء مرة آخرى والصعود إلى السماء من بلاهة وجنون في الفعل نفسه . ومن كل ماسبق نستنتج بأن هذة العقول ضربها سوس البله والجنون والبعد الحق ظلما وعدوانا . فالله سبحانه وتعالى قادر على فعل كل شىء بدون ألاستعانة بمخلوق . ومن دلائل كفرهم القوية بأنهم إذا ذُكر الله لديهم حضرت في مخيلتهم فورا صورة المسيح وإذا صلوا كذلك وإذا دعوا الله كذلك . فأين الله الذى ليس كمثله شىء وهو السميع البصير فى مفهومهم لن تجد ذلك في عقيدتهم أبدا . ومن ثم نصل بأن الله في نظرهم وفكرهم وعقائدهم مازال هو المسيح بن مريم الصورة المرسومة فى مخيلتهم وهم بذلك لايعلمون بأن بمجرد تخيل هذة الصورة تحقق لديهم الكفر فورا . فسبحان الله وتعالى علوا كبيرا في أن تدركه الاوهام أو تتخيلة العقول او تصل إلى معرفته الظنون او تصفه الكلمات او يُدرك بالاسباب. هو البعيد القريب بلا مسافة هو الظاهر الباطن فلاتحويه المظاهر هو الاول والاخر فلم يلد ولم يولد هو الازل الابد الصمد في ذلك هو الاحد فلاعيسى ولا مريم ولا خلق
هو العزيز فلم يجاوره ولايجاريه أحد من خلقه لم يكن له كفؤا أحد فليس له داخل ولا خارج عنه الكل في قبضته. إرادته ومشيئته السارية والنافذة في الخلق له ما يشاء ولم يظهر في صفحات الوجود الخلقى المتوهم إلا ما أراده هوفسبحانه وتعالى علوا كبيرا عما يقولون واشهد أن لاإله إلا الله وأن سيدنا ونبينا محمد رسول الله ذلك العبد الاوحد المتمكن من عبوديته المتحقق من حقيقته وصل إلى الله بالله إلى أعلى مقامات المعرفة ولم يحيد طرفة عين عن عبوديته فقضى نحبه الدنيوى بعبودية مثالية مطلقة لله لم يدانيه فيها آحد من خلق الله. لامن قبل ولا من بعد وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لايزيغ عنها إلا زائع . خاطب كل الخلق صل الله عليه وسلم بكلام الله ففهم من فهم كما اراد له الله الفهم كل على حسب صدقه وحبه وقربه من الله . سابق النبين والمرسلين في مقاماتهم فكان الاول في كل مقام متقدما سابقا .والاخر في كل مقام خاتما ومعتمدا فالله واحد أحد في الوهيته وذلك العبد المحمدى واحد آحد فى عبوديته والخلق بينهم مرحوم اللهم أرحمنا فإنك بنا راحم وعلينا قادر وصل وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللهم إنى أستغفرك وأتوب إليك من كل ذنب اعلمه او لاأعلمه فليس لي سواك غفار . وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم