النتائج 1 إلى 1 من 1
الموضوع: الاستقامة خير من الف كرامة
- 19-04-2015, 07:46 AM #1
الاستقامة خير من الف كرامة
بشرى الاستقـــامة
أما بشرى الإستقامة فحدث ولا حرج على الفضل والكرامة فالإستقامة بشراها فوق كل حدٍّ أو علامة وأنا إن شاء الله سأدخل بكم على هذه البشرى من مدخل مختلف عما تعودتم عليه من تناول الشرَّاح للآية: فأسألكم يطوف بخيال أحدنا كثيراً فى مثل أيام الفضل من رمضان أو فى مواسم العفو أو أو قات الكرامة أو فى القيام أو أثناء التلاوة أين هو من أوامر الله أو تعاليم نبى الله؟ ما الدليل الذى يعلم به الإنسان أن الله اجتباه وحبَّاه ورقَّاه وأدناه؟ {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ}ماذا يقولون لهم؟{أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ}فأول دليل أن يرزقه الله الاستقامة فى الأقوال والأعمال والأحوال وفى كل الأوقات وكل الآنات فهؤلاء الذين استقاموا وتنزلت لهم البشرى بالكرامة هم المؤهلون للمنح الذاتيَّة والنفحات الربانيَّة التى جهَّزها الله لأهل الخصوصيَّة فالإستقامة هى البشرى وهذا هو المدخل الذى أريد أن أدخلكم منه للآية وهى علامة للعطية والكرامة كالرؤيا الصادقة مثلاً وإذا لم يرزق العبد الرؤيا فيكفى أن يرى أن الله أعانه ورزقه الاستقامة وحفظ عليه أحواله وأقواله وجعله يمشى كما يقول الله{وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ}فالنبى هو الصراط المستقيم لأن الاستقامة أعلى مقام وأعلى تكريم من الله للصالحين أبداً فالله لم يقل فاستمعوا له) بل قال {فَاتَّبِعُوهُ}فالنبى على منهج الاستقامة فهى المنهج العظيم الذى يؤهل لكرم الرءوف الرحيم وإكرامات الرب الكريم وقد يكرم أحدهم فيسمع تسبيح الكائنات (وان من شئ الايُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}وهناك من يفقهه فيعَلِّمه الله لغات الأشياء حتى لغة الجمادات ويسمع نطقها بألفاظ فصيحات وفى ذلك يقول أحد الصالحين :
نغمات تسبيح الكيان مدامى يصغى لها قلبى يزيد هيامى
قلبى لدى التسبيح يصغى واجداً وجد المؤله من فصيح كلامى
فيسمع تسبيح الكائنات أو الحقائق أو الملائكة وقد يكرمه الله بإكرامات القلب فيكون هذا القلب له إطلالة علوية على الأحوال الربانية وقد يكرمه الله بالإلهام وقد يكرمه الله بالسكينة تتنزل عليه على الدوام وقد يكرمه الله بالطمأنينة لذكر الله وقد يكرمه الله فيفتح له كنوز الحكمة فى قلبه وقد يكرمه الله فيُفرغ له من أسراره التى لا يُطلع عليها إلا خواص عباده وقد يكرمه الله فيجعل فى قلبه وسعة حقيَّة كما روى فى الأثر عنه عز وجل{إِنَّ السَّمواتِ والأَرْضَ ضَعُفْنَ عَنْ أَنْ يَسَعْنَني وَوَسِعَنِي قَلْبُ عَبْدِي المُؤْمِنِ الوَادِعِ اللَّيِّنِ}[1] إذاً قلب العبد المؤمن أوسع من السموات والأراضين ومن فيهن بما فيه من ألطاف إلهية خفية وعلوم ربانية وأسرار ذاتية وقال ابن الوردى العباسى فى المقارنة بين أحوال الصادقين المستقيمين الأولياء وغيرهم من أهل الدعوى الأدعياء فقال:
ذهبَ الصدقُ وإخلاصُ العملْ ما بقيْ إلا رياءٌ وكسلْ
غرَّكَ التقصيرُ مِنْ ثوبي فإنْ قُصِّرَ الثوبُ فقدْ طالَ الأملْ
إنْ تأملتَ فزيِّي منهمُ غيرَ أَنَّ القلبَ مغناهُ طللْ
رفَعَ الكَلَّ عنِ الكُلِّ وقال ربى الله تحامى كُلَّ كَلّْ
ذَلَّ للـهِ فعزَّتْ نفسُهُ كلُّ مَنْ عزَّ بغيرِ اللـهِ ذَلْ
فَهْوَ إنْ يعلُ فباللـهِ علا وَهْوَ إنْ ينزلْ فبالحقِّ نَزَلْ
كسرَ النفسَ فصمَّتْ واتقى زخرف الدنيا وخيلاً وخَوَلْ
بَذَلَ الروحَ ولولا عزُّ ما رامَ ما هانَ عليه ما بذلْ
عرفَ المربوبَ بالربِّ فلم يخشَ إلا ربَّه عزَّ وجلْ
ليتني في جسم هذا شعرةٌ صَغُرت أو طعنةٌ فيما انتعلْ
بل مرامي لحظةٌ أو لفظةٌ مِنْ وليِّ اللـهِ مِنْ قبلِ الأجلْ
هؤلاءِ القومُ يا قومُ مَضَوا ما تبقى منهمُ إلا الأقلْ
فإلى اللـهِ تعالى أشتكي ما بقلبي مِنْ فتورٍ وخبلْ
لو تقنَّعتُ أتى رزقي على رغمِهِ لكنْ خُلقنا مِنْ عجلْ
كم رياءٍ كم مراءٍ كم خطا كم عدوٍّ كم حسودٍ لا يملْ
ليس يخلو المرءُ عن ضدٍّ ولو حاولَ العزلةَ في رأسِ جبلْ
لا أرى الدنيا وإنْ طابتْ لمن ذاقَها إلا كسمٍّ في عَسَلْ
أين كسرى وهِرَقْلٌ أين مَنْ ملك الأرضَ وولَّى وعزلْ
أينَ مَنْ شادوا وسادوا وبَنَوا هَلَكَ الكلُّ وَلَمْ تغنِ القللْ
لو سألتَ الأرضَ عنهمْ أخبرت صرْتُ قفراً فاسْتَقِمْ وارْتَحِل